بيت موسوعة طالب العلم كـل مايخص طالب العلم ومنها الفتــاوى |
![]() |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضلَّ له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحقِّ ليُظهره على الدِّين كلِّه، فبلَّغ الرسالةَ وأدَّى الأمانةَ، ونصحَ الأمَّةَ، اللَّهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومَن سلك سبيلَه واهتدى بهديه إلى يوم الدِّين. أما بعد: فالسلام عليكم أيها الإخوة المسلمون المستمعون في أمريكا ورحمة الله وبركاته، وأسأل الله عز وجل لي ولكم العونَ والتسديدَ، وأن يوفِّقنا جميعاً لِمَا يُرضيه. وحديثي معكم في الموضوع الذي رغبتم الحديثَ فيه؛ وهو أثرُ العبادات في حياة المسلم، فأقول: العبادةُ اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما يُحبُّه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، وهذا هو أحسن ما قيل في تعريف العبادة، وللعبادة أهميةٌ عُظمى؛ وذلك أنَّ الله عز وجل خلق الخَلقَ وأرسل الرسلَ وأنزلَ الكتبَ للأمر بعبادته والنهي عن عبادة غيره، فقال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾، أي: خلقهم الله لأمرهم بعبادته ونهيهم عن معصيته، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ﴾، وقال سبحانه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾. والعبادة أنواعٌ كثيرة؛ منها الخوف والرجاء والتوكل والرغبة والرهبة والإنابة والاستعانة والاستغاثة والذبح والنذر وغير ذلك من أنواع العبادة. ومن العبادات؛ أركان الإسلام وهي التي اشتمل عليها حديث جبريل المشهور، حيث سأل النَبِيَّ ![]() ![]() وجاءت في حديث عبد الله بن عمر ![]() ثمَّ إنَّ العبادة لا بدَّ في قبولها من شرطين؛ أحدهما: إخلاص العمل لله، والثاني: تجريد المتابعة لرسول الله ![]() ![]() ![]() ![]() والحاصلُ أنَّ مقتضى أشهد أن لا إله إلاَّ الله إخلاص العمل لله، ومقتضى أشهد أنَّ محمداً رسول الله تجريد المتابعة لرسول الله ![]() ![]() ![]() ![]() وقال عليه الصلاة والسلام: «فإنَّه مَن يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسُنَّتِي وسُنَّة الخلفاء المهديين الراشدين تَمسَّكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإيّاكم ومحدثات الأمور، فإنَّ كلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة» رواه أبو داود (4607)، والترمذي (2676) من حديث العرباض ابن سارية، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح». وقد بَيَّن عليه الصلاة والسلام في حديث الثلاث وسبعين فرقة الذين يَدخل منهم النار اثنتان وسبعون فرقة، وفرقةٌ واحدة تنجو، بَيَّن عليه الصلاة والسلام أنَّ هذه الفرقة الناجية هم الذين كانوا على ما كان عليه رسول الله ![]() وقال الإمام مالك بن أنس رحمة الله عليه: «لن يصلح آخر هذه الأمّة إلاَّ بما صلح به أوّلها»، وقال رحمه الله: «مَن ابتدع في الإسلام بدعةً يراها حسنة فقد زعم أنَّ محمداً خان الرسالة؛ لأنَّ الله يقول: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ فما لَم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً». الاعتصام للشاطبي (1/28). ولا يكفي أن يقول الإنسانُ أنا أعمل بهذا العمل وإن لَم يأتِ عن النَّبِيِّ ![]() ومِمَّا يوضح ذلك أيضاً أنَّ عبد الله بن مسعود ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() وأمّا الآثار المترتبة على العبادات فمنها؛ انشراحُ الصدر، وراحةُ البال، وسَعةُ الرزق، وسلامةُ الإنسان وارتياحُه واطمئنانُه. وقد جاء في القرآن آياتٌ كثيرة، وفي السنة النبوية أحاديث عديدة، تدلّ على تلك الآثار، وعلى أنَّ تقوى الله عز وجل والأعمال الصالحة يترتب عليها سعادة الدنيا وسعادة الآخرة. قال الله عز وجل: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ﴾ فإنَّ هذه الآيةَ الكريمة اشتملت على ذِكر العبادة، وعلى ذِكر الأثر المترتب عليها في حياة المسلم، وهي أنَّ من اتقى الله عز وجل وآمن به فإنَّ الله تعالى يُثيبُه ويعطيه في الحياة الدنيا من الرزق، ويفتح عليه من بركات السماء والأرض وذلك بإنزال الأمطار، وإخراج النبات والكنوز من الأرض. وقال عز وجل في أهل الكتاب: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم﴾ فإنَّ هذه الآية الكريمة، هي مثل تلك الآية السابقة، ﴿لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم﴾ يعني من الأرزاق التي يُنْزِلُها الله عز وجل إليهم من السماء بسبب المطر، وكذلك مِن تحت أرجلهم مِمَّا ينبته الله عز وجل في الأرض من النبات والزروع، وكذلك مِمَّا يخرجه الله عز وجل من الكنوز، وما ذكره الله في هاتين الآيتين عن أهل القرى، وأهل الكتاب، هو من الثواب الدنيوي على الإيمان والتقوى، وأمّا الثواب الأخروي للمؤمنين المتقين فقد ذكره الله تعالى في قوله: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيم﴾. وقال عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا﴾ وهذه عبادة، ثم ذكر الأثر المترتب على ذلك بقوله: ﴿يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾، فإنَّ إصلاحَ الأعمال، ومغفرةَ الذنوب في الآخرة، من الآثار المترتبة على العبادة، فقد اشتملت هذه الآية الكريمة، على ذكر آثار تترتب على العبادة في الدنيا وفي الآخرة، ففي الدنيا إصلاح الأعمال والتوفيق والسداد، وأن يكون الإنسان يسير إلى الله عز وجل على بصيرة، وفي الآخرة مغفرة الذنوب، وتكفير السيِّئات. وقال الله عز وجل: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ﴾ فهذه الآية الكريمة فيها أنَّ تقوى الله عز وجل وهي عبادتُه وطاعته بامتثال أوامره واجتناب نواهيه يترتب عليها الإخراج من المآزق ومن الشدائد، وكذلك يرزق الله عز وجل مَن أطاعه واتقاه من حيث لا يحتسب. وقال تعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ فإنَّ من الآثار المترتبة على تقوى الله عز وجل أن ييسِّر له الأمور، وأن يهيِّئ له سبل الخير، وأن يفتح الطرقَ التي توصله إلى سعادة الدنيا وسعادة الآخرة. وقال عز وجل: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا﴾ وهذا من الثواب الأخروي المترتب على تقوى الله سبحانه وتعالى. وقال عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم﴾ فهذه الآية الكريمة تدل على أنَّ مَن اتقى الله عز وجل، وعمل بطاعته وطاعة رسوله ![]() وقال تعالى فيما حكاه عن نوح وقومه: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا﴾ فإنَّ هذه الأمور من الآثار المترتبة على العبادة، فالعبادة هنا هي الاستغفار والآثار المترتبة عليها في هذه الآية هي أنه يرسل السماء عليهم مدراراً، ويُمددهم بالأموال والبنين، ويجعل لهم جنات ويجعل لهم أنهاراً. ومثل هذه الآية ما ذكره الله عن هود وقومه في قوله: ﴿وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ﴾. ومثلها أيضاً ما ذكره الله عن نبينا محمد ![]() وقال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ ففي هذه الآية الكريمة أنَّ الإيمان والعمل الصالح يترتب عليهما أن يحي الإنسان حياة طيبة سعيدة، معمورة بتقوى الله وطاعته وطاعة رسوله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، مع ما يحصله من الثواب الجزيل في الآخرة. ومِمَّا جاء في السنة المطهرة في بيان ما يترتب على العبادات من الآثار الطيبة في حياة المسلم ما جاء في وصية النَبِيِّ الكريم ![]() ![]() فإنَّ قوله: «يحفظك» هذا جزاء، وهو من الآثار المترتبة على العمل الصالح، وهو جزاء من جنس العمل، وقوله: «احفظ الله تجده تجاهك» أي: أنَّك تجد الله عز وجل أمامك فيحوطك ويرعاك، ويحفظك من كلِّ سوء، وقوله عليه الصلاة والسلام: «تعرَّف إليه في الرخاء يعرِفْك في الشدَّة» أي: أنَّك إذا لزمت طاعةَ الله وطاعة رسوله ![]() ومِمَّا يوضح أنَّ مَن تَعرَّف إلى الله عز وجل في الرخاء عرَفَه الله تعالى في الشدَّة ما جاء في قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار، فانحدرت عليهم صخرةٌ، وسدَّت بابَ الغار فلم يستطيعوا أن يخرجوا، فصاروا في قبرٍ وهم أحياء فتذاكروا فيما بينهم، فرأوا أنَّ السببَ الذي يخلصهم الله عز وجل به مما هم فيه من الشدة، أن يبحثوا عن أعمال صالحة عملوها لله عز وجل في حال الرخاء، فيتوسلوا بها إلى الله عز وجل في هذه الشدَّةِ التي وقعوا فيها؛ فتوَسَّلَ أحدُهم إلى الله عز وجل بِبِرِّه لوالديه، وتوسَّلَ الثاني بتَركه الزنى مع قُدرَتِه عليه، وتوسَّل الثالثُ بحفظ حق أجيره وتنميته له لَمَّا ذهب قبل أخذه، فكلُّ واحد منهم توسَّل إلى الله عز وجل بعمل صالح عمله لله عز وجل في حال رخائه، فأزاح الله تعالى تلك الصخرة، وخرجوا يمشون. وقصة هؤلاء الثلاثة جاءت في صحيح البخاري (2215)، ومسلم (2743) من حديث عبد الله بن عمر ![]() ثم إنَّ من العبادات الصلاة والزكاة والصيام والحج، وكلُّ واحدة منها لها آثار طيبة في حياة المسلم. فالصلاةُ هي عمود الإسلام، وهي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهي صلةٌ وثيقةٌ بين العبد وبين ربِّه، فإذا حافظ الإنسانُ على الصلوات في المساجد جماعة مع المسلمين فإنَّه تقوى صلته بالله عز وجل، لأنَّه يكون على صلة بالله دائماً وأبداً في اليوم والليلة، يصلي لله خمس مرات صلوات مفروضة، وكذا ما يأتي به من النوافل فإنَّ الله سبحانه وتعالي يثيبه على ذلك كلِّه، فيبعده عن الفحشاء والمنكر؛ لأنَّه إذا همَّ بمعصية وهمَّ بأمر منكر، تذكَّر لماذا يصلي؟ ولماذا يلازم الصلاة؟ إنَّه يفعل ذلك رغبة فيما عند الله من الثواب وخوفاً مما عنده من العقاب، فإنَّ صلاته تنهاه عن الفحشاء والمنكر، فيكون بعيداً عن الفحشاء وبعيداً عن المنكر، قال الله عز وجل: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ﴾. ثم إنَّ الزكاةَ آثارُها عظيمة؛ فهي تطَهِّر النفسَ من الشُّح والبخل، وتطهر المال، وتكون سبباً في نمائه وكثرته، ويحصل بها ما يسمى في هذا الزمان (بالتكافل الاجتماعي) وهو أنَّ الأغنياءَ عندما يخرجون زكاة أموالهم ويعطونها للفقراء، فإنَّ الفقراء تنسد بذلك حاجاتهم ويحصل لهم القوت بسبب هذا الحق الذي فرضه الله عز وجل في أموال الأغنياء، وقد جاء في حديث معاذ بن جبل المتفق على صحته قوله ![]() ومن الآثار الحسنة المترتبة على الصدقة والإحسان إلى المساكين ما جاء في صحيح مسلم (2984) من حديث أبي هريرة ![]() ![]() وأمّا الصيامُ فإنَّ آثارَه عظيمةٌ، ونتائجَه كبيرةٌ، وذلك أنَّ في الصيام جُنَّةً، كما قال رسول الله ![]() ![]() ![]() والحاصل أنَّ هذا توجيهٌ نبويٌّ كريم من الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم للشباب أن يقدموا على الزواج إذا تمكنوا من ذلك وقدروا عليه، وإذا لم يستطيعوا فإنَّهم يكبحون جماح نفوسهم بالصيام. وفي صيام الأغنياء إحساسهم بألم الجوع، فيتذكرون نعمةَ الله عليهم بالغنى فيشكرون الله عز وجل ويشعرون بأنَّ لهم إخواناً يتألَّمون من الجوع من غير صيام؛ لأنَّهم لا يجدون ما يسُدُّ رَمَقَهم فيكون ذلك حافزاً لهم على الإحسان إلى المساكين والبذل للمُعوزين والمحتاجين. وأمّا الحجُّ فإنَّه عبادة عظيمة، افترضها الله عزَّ وجلَّ على عباده في العمر مرة واحدة، وهي تشتمل على أمور تتعلَّق بالمال، وأمور تتعلَّق بالبدن، ولها آثارٌ طيبة، ونتائج حميدة في حياة الإنسان، وقد جاء عن النَبِيِّ الكريم عليه الصلاة والسلام: «العمرةُ إلى العمرة كفارةٌ لِمَا بينهما، والحجُّ المبرورُ ليس له جزاء إلاَّ الجنّة» رواه البخاري (1773)، ومسلم (1349) عن أبي هريرة ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ثمّ أيضاً يترتب على أداء الحجّ والعمرة أنَّه يتقرَّب إلى الله عز وجل بعبادات لا وجود لها إلاَّ في ذلك المكان، مثل الطواف، فإنَّ الطوافَ عبادةٌ جعلها الله من خصائص بيته العتيق، فإذا وصل إلى مكة طاف بالبيت العتيق، وتقرَّب إلى الله عز وجل بعبادة لو لم يصل إلى مكة لما تقرّب إليه بها؛ لأنَّه لا وجود لها إلاَّ حول الكعبة المشرّفة، ويستذكر بذلك ويستشعر أنَّ أيَّ طواف يكون في أي مكان من الأرض ليس مِمَّا شرعه الله عز وجل، فلا يجوز لأحد أن يطوفَ بضريح من الأضرحة، أو بأيِّ بقعة من الأرض سوى الكعبة المشرّفة. ومن ذلك تقبيل واستلام الحجر الأسود، واستلام الركن اليماني، فإنَّ الله عز وجل لَم يشرع للمسلمين أن يتقربوا إليه بتقبيل حجارة أو استلامها إلاَّ في هذين الموضعين، ولهذا لَمَّا جاء عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه إلى الحجر الأسود وقبَّلَه قال: «إنِّي أعلم أنَّك حجرٌ لا تَضرُّ ولا تنفع، ولولا أنِّي رأيتُ رسولَ الله ![]() ومن الآثار المترتبة على الحجّ والعمرة أنَّ المُحرِمَ عندما يتَجَرَّد من ثيابه ويلبس إزاراً ورداءً يستوي فيه الغنِيُّ والفقير، يتذكر بهذا اللباس لباسَ الأكفان عند الموت، فيستعد له بالأعمال الصالحة التي هي خير زاد كما قال تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾. ومن ذلك أيضاً أنّ في اجتماع الحجّاج في عرفة تذكيراً باجتماع الناس في الموقف يوم القيامة فيكون ذلك حافزاً للاستعداد لذلك اليوم بالأعمال الصالحة. وفي الحجّ يلتقي المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها، فيتعارفون، ويتناصحون، ويعرف بعضُهم أحوالَ بعض، فيتشاركون في الأفراح والمسرَّات، كما يشارك بعضهم بعضاً في آلامه، ويرشده إلى ما ينبغي له فعله، ويتعاونون جميعاً على البر والتقوى كما أمرهم الله سبحانه بذلك. والحاصل أنّ هذه العبادات العظيمة التي شرعها الله عز وجل، وبنَى عليها دينَه الحنيف، تترتب عليها آثار طيبة في حياة المسلم الدنيوية، وآثار عظيمة في حياته الأخروية. وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا جَميعاً لما يرضيه، وأن يجعلنا مِمَّن يستمع القولَ فيتبع أحسنه، وأن يجعلنا هداةً مهتدين، إنَّه سبحانه جوادٌ كريم، وصلَّى الله وسلم وبارك وأنعم على خير أنبيائه ورسله نبيِّنا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه، ومَن سلك سبيلَه واهتدى بهداه، والحمد لله ربّ العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ------------------- محاضرة ألقاها عبر الهاتف عبد المحسن بن حمد العباد البدر في جمعية إسلامية في أمريك (مطبوع ضمن مجموع كتب ورسائل عبد المحسن بن حمد العباد البدر نشر دار التوحيد بالرياض عام 1428هـ) المصدر
Hev hgufh]hj td pdhm hglsgl التعديل الأخير تم بواسطة الشـــامـــــخ ; 20-04-18 الساعة 12:40 AM |
||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
المشاركة رقم: 2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
دعوة الاسلام
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
![]()
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
![]() |
|
ALSHAMIKH, الشـــامـــــخ |
|
|