العودة   شبكــة أنصــار آل محمــد > قســم إسلامنا تاريخٌ ومنهاج > بيت موسوعة طالب العلم

بيت موسوعة طالب العلم كـل مايخص طالب العلم ومنها الفتــاوى

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-07-11, 08:36 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
الشـــامـــــخ
اللقب:
المـديـــر العـــام
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية الشـــامـــــخ


البيانات
التسجيل: Oct 2010
العضوية: 14
المشاركات: 10,332 [+]
الجنس: ذكر
المذهب: سني
بمعدل : 1.96 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 10
نقاط التقييم: 949
الشـــامـــــخ مبدعالشـــامـــــخ مبدعالشـــامـــــخ مبدعالشـــامـــــخ مبدعالشـــامـــــخ مبدعالشـــامـــــخ مبدعالشـــامـــــخ مبدعالشـــامـــــخ مبدع

الإتصالات
الحالة:
الشـــامـــــخ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : بيت موسوعة طالب العلم


إنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، ومِنْ َسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ له، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلي الله عليه وعلى آله وسلم.
أَمَّا بَعْدُ:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم, وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار.
أَمَّا بَعْدُ:
فإنّ مبنى دينِ الإسلام العظيم على أصلين:
-ألّا يُعبدَ إلا الله.
-وألّا يُعبدَ اللهُ إلّا بما شَرَعَ.
فالأول: تجريدُ التوحيد للعزيز المجيد.
والثاني: تجريد المتابعة للمعصوم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولا يُقبل عملٌ حتى يتحقق فيه هذان الأصلان، ويتوفر فيه هذا الشرطان: «ألا يُعبد إلا الله، وألا يُعبد اللهُ إلا بما شَرَع»، تجريدُ التوحيدِ لله العزيز المجيد، وتجريد المتابعةِ للمعصوم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال تعالى:{فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [الكهف : 110].
قال الإمام ابن كثير رحمه الله: «{فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ} أي: ثوابَهُ وجزاءه الصالح، {فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا}، والعمل الصالح ما كان موافقًا لشرع الله, {وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} وهو الذي يُراد به وجهُ اللهِ وحدَه لا شريك له، وهذان ركنا العمل المُتَقَبَّل، لا بد أنْ يكون خالصًا لله، صوابًا على شريعةِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
ركنا العمل المُتَقَبَّل، والأصلانِ والشّرطانِ اللذان ينبغي أنْ يتوفرا في العمل حتى يكون هذا العمل مقبولًا عند الله تبارك وتعالى: أنْ يكون خالصًا, وأنْ يكون صوابًا، فأمَّا الخالصُ فأنْ يكون لله، وأمَّا الصّوابُ فأنْ يكون على شريعة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا} فهذا هو العملُ الصّواب، {وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} هذا هو العملُ الخالص للهِ ربِّ العالمـــين.
فَجَمَعَ اللهُ تبارك وتعالى في هذه الآية الكريمة شَرْطَي قبولِ العمل وهما: الإخلاصُ والمتابعة.
فأمَّا الأصل الأول وهو الإخلاص - إخلاص العمل لله تبارك وتعالى -:
فقد تَقَرَّرَ في الشريعةِ أنَّ الله تعالى لا يقبل مِنْ العمل إلّا ما كان خالصًا وأُرِيدَ به وجهُهُ.
لا يقبل الله رب العالمـــين من العمل إلّا ما كان خالصًا وأُرِيدَ به وجهه، والأدلة على ذلك من الكتاب والسُّنَّة كثيرةٌ جدًّا:
فَمِنَ الكتاب: قولُهُ تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة : 5]، وكذلك قولُهُ تعالى:{لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ} [الحج : 37].
وَمِنَ السُّنَّةِ: قولُ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّات, وَإنّما لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى, فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ, وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ». وهذا حديث متفق عليه.
وكذلك قولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ: «بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالتَّمْكِينِ فِي الْبِلاَدِ, وَالنَّصْرِ وَالرِّفْعَةِ فِي الدِّينِ, وَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ بِعَمَلِ الآخِرَةِ لِلدُّنْيَا فَلَيْسَ لَهُ فِي الآخِرَةِ نَصِيبٌ», وهذا حديث صحيح أخرجه الإمام أحمد وابن حبان والحاكم في المستدرك - «وَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ بِعَمَلِ الآخِرَةِ لِلدُّنْيَا فَلَيْسَ لَهُ فِي الآخِرَةِ نَصِيبٌ» -.
وقولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ, فَمَنْ عَمِلَ لِي عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ وَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ». وهذا حديث صحيح أخرجه ابن ماجه في سُنَنِهِ.
وعن أبي أُمَامَةَ [خطبة مفرغة] الاحتفال بالمولد النبوي قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلاً غَزَا - مجاهدًا في سبيل الله - يَلْتَمِسُ الأَجْرَ وَالذِّكْرَ مَا لَهُ؟ فَقَالَ النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ شَيْءَ لَهُ». فَأَعَادَهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في كل مرة - «لاَ شَيْءَ لَهُ». ثُمَّ قَالَ النّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلاَّ مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ». وهذا الحديث أخرجه النسائي بإسناد جيد.
فهذه الآيات الكريمات, وهذه الأحاديث الشريفة قاضيةٌ بأنَّ العملَ لا يُقبل حتى يكون خالصًا لله.
وأمّا الأصل الثاني وهو تجريدُ متابعةِ المعصومِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ:
فقد دلّت الآياتُ والأحاديثُ على وجوبِ طاعةِ رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومتابعتِهِ، قال تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر : 7].
وقال سبحانه:{مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ} [النساء : 80].
وقال تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور : 63].
وقال سبحانه:{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} [النساء : 65].
وقال ربُّنَا جَلَّتْ قدرتُهُ:{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [آل عمران : 31].
فهذه الآيات دَالَّةٌ على وجوبِ طاعةِ سيدِ الكائناتِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ.
وأمّا الأحاديثُ فكثيرةٌ جدًّا منها:
حديث البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [خطبة مفرغة] الاحتفال بالمولد النبوي قَالَ : قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، إِلاَّ مَنْ أَبَى» - «أَبَى» يعني: امتنع ورفض - . قيل وَمَنْ يَأْبَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى».
ومنها: حديثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - الذي أخرجه الشيخان - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ منه فَهُوَ رَدٌّ». يعني: فهو مردود عليه، يعني: من أحدثَ في الإسلامِ ما ليس من الإسلام في شيء، ولم يشهد له أصلٌ من أصولِ دينِ اللهِ فهو مردودٌ ولا يُلْتَفَتُ إليه، وفي روايةٍ لمسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» يعني: فهو مردودٌ عليه، وفي هذا دلالةٌ قاطعةٌ على أنَّ العملَ إذا لم يكن صوابًا مُوافقًا لشريعَةِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنَّه لا يُقْبَلُ.
فعندنا أصلان من أَجْلِ أنْ يَتَقَبَّلَ اللهُ تبارك وتعالى العمل, وهذان الأصلان الشرطان: أنْ يكون العملُ خالصًا لوجْهِ الله تبارك وتعالى, وأنْ يكون على ما جاءَ به النّبيُّ الأكرمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
المتابعةُ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كيف تتحقق؟
كيف تتحقق موافقةُ الشريعة ومتابعةُ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ؟
والجواب: أنَّ المتابعةَ لا تتحققُ إلا بستَةِ أوصاف، المتابعةُ لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تتحقق إلا بستة أوصاف، فهذه العبادة التي تكون خالصةً لله تبارك وتعالى تستوفي الشرطَ الأول لا تُقبل عند الله تبارك وتعالى حتى تكون على قَدَمَي رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ، وتكون هذه العبادة موافقةً للشريعةِ التي جاء بها النّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ في: سببِها، وجنسِها، وقدرِها، وكيفِيَّتِها، وزمانِهَا، ومكانِها، فهذه ستةُ أوصاف، لا بدّ أنْ تتوفر وأنْ تتحقق, وأنْ يتصف بها العملُ الصالحُ الخالصُ لله تبارك وتعالى؛ حتى يكون هذا العملُ متوفرًا فيه شرطُ المتابعةِ لرسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ.
الأولُ من هذه الأوصاف: أنْ تكونَ العبادةُ موافقةً للشريعةِ في سببِها:
فأيُّ إنسانٍ يَتَعَبَّدُ لله تبارك وتعالى بعبادةٍ مبنيةٍ على سببٍ لم يَثبُت بالشرعِ فهو عبادةٌ مردودةٌ ليس عليها أمرُ اللهِ ورسولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ومثال ذلك - يعني: في اختلالِ هذا الوصفِ - وهو السبب - الذي لأجلِهِ تكونُ العبادةُ عبادةً, وتكونُ على قدمِ رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مثال ذلك في اختلال هذا الوصف: الاحتفالُ بمولدِ النّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الثاني من الأوصاف: أن تكونَ العبادةُ موافقةً للشريعةِ في جنسِها:
مثل: أنْ يُضحّي المسلم بفرس مثلًا، فإنه لو ضَحَّى بفرسٍ كان مخالفًا لجنس ما يُضحّى به وهو بهيمة الأنعام، وحينئذ لا يُقبل منه هذا ولا يكونُ عبادةً على النحوِ الذي أراد.
وأما الثالثُ: فأنْ تكونَ العبادةُ موافقةً للشريعةِ في قَدْرِها:
فلو أنَّ إنسانًا صَلَّى الظهر سِتًّا، أو المغرب أربعًا، فإنَّه لا يكونُ قد أتى بما يوافق شريعةَ النّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ، ويكونُ هذا العملُ مردودًا غيرَ مقبولٍ؛ لأنَّ النّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ لم يأتِ بهذا.
وأما الوصف الرابع: فأن تكونَ العبادةُ موافقةً للشريعةِ في كيفِيَّتِها:
فلو أنَّ إنسانًا فَعَلَ العبادة بجنسِها وسببِها وقدرِها لكنه خالفَ الشَّرْعَ في كيفِيَّتِها فإنَّ ذلك لا يصح، كرجلٍ أَحْدَثَ حدثًا أصغر، وتوضأ لكنه غَسَلَ رجليه, ثم مسحَ رأسَهُ, ثم غسلَ يديه، ثم غسلَ وجهَه، فهذا لا يصح وُضُوؤُهُ؛ لاختلالِ شرطِ الترتيبِ فيه، وهذا خالفَ الشرعَ في الكيفية.
ومثاله أيضًا أنْ يقوم مُصَلِّيًا، فَيُقَدِّمَ السجودَ على الركوعِ، أو يقرأ التشهدَ بَدَلَ الفاتحة، ويأتي بالفاتحةِ بَدَلَ التشهد، فهذا خالفَ العبادةَ في كيفيتها التي جاء بها النّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والخامس من الأوصاف: أنْ تكونَ العبادةُ موافقةً للشريعةِ في الزمان:
فلو أنَّ إنسانًا صامَ الشهرَ الواجبَ صومُهُ في شعبان، أو شوال، أو ذَهَبَ للحجِّ في رمضان، أو صَلَّى الظهر قبل الزوال، فخالف في الزمان, فإنَّ هذا العمل لا يكون مقبولًا عند ربِّنَا تبارك وتعالى.
وكذلك أنْ تكونَ العبادةُ موافقةً للشريعةِ في مكانها:
فلو أنَّ إنسانًا وقفَ يومَ عرفة بمزدلفة، لم يصح وقوفُه؛ لعدمِ موافقةِ العبادةِ للشرعِ في مكانها.
فهذه ستةُ أوصاف: السَّبب والجنس والكمّ والكيف والزَّمان والمكان.
إذا اختل شرطٌ من هذا الشروط في العبادةِ التي يَتَقَرَّبُ بها العبدُ إلى الله تبارك وتعالى لم تكن العبادةُ مقبولةً عند الله تبارك وتعالى، فلا بد من أَجْلِ أنْ تُحققَ المتابعةَ للمعصومِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ أنْ تأتيَ بهذه الأوصاف على النّحو الذي جاء به نبيُّنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ.
فهذا كلُّه أصل المتابعة، وأما الأصل الأول: فهو تجريدُ التوحيدِ لله العزيز المجيد بإخلاص العلم لله ربِّ العالمـــين, وأنْ تأتيَ بالعمل خالصًا لله ربِّ العالمـــين لا رياءَ فيه ولا سُمْعَة، ولا اختلالَ فيه لشرطِ الإخلاص بحالٍ من الأحوال، أنْ يكون العمل خالصًا, وأنْ يكون صوابًا، الخالصُ لله, والصوابُ على شريعةِ رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
إذا كان العملُ خالصًا لله تبارك وتعالى وتوفرت فيه شروطُ المتابعة كان مُسْتَكْمِلًا لشَرْطَي قَبُولِهِ، فيكون مقبولًا عند الله تبارك وتعالى.
العمل الذي لم يَشْرَعْهُ اللهُ تبارك وتعالى لا يؤثرُ في النفس بالتزكية والتطهير؛ لِخُلُوِّهِ مِنْ مادة التطهير والتزكية التي يُوجِدُها اللهُ ربُّ العالمـــين في الأعمال التي يَشْرَعُها ويَأذنُ بفعلها.
الشرعُ الذي جاء به النّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ ما فيه ممّا أمر اللهُ ربُّ العالمـــين به أمرَ إيجابٍ أو أمر استحباب، ما نهى اللهُ ربُّ العالمـــين عنه أمرًا لازمًا واجبًا فكان حرامًا، أو غير لازمٍ فكان مكروهًا، هذه الشريعة بأوامرِها ونواهيها وما جاء به محمدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ, إذا أخذ بها الإنسانُ كانت سببًا في تزكيته، وفي طهارة قلبه واستقامة حياته، ونَفْي القلق والوساوسِ عن ذهنِهِ وعن قلبِهِ وعن ضميرِهِ، واستقامت قدماه على الصراطِ المستقيمِ، لماذا؟ لأنَّ ما شَرَعَهُ اللهُ ربُّ العالمـــين من أوامرِ العبادات فيه مادةُ التطهير ومادةُ التزكية، وأما العبادات التي يخترعها العبادُ، فإنها تخلو من مادة التطهير ومن مادة التزكية.
انظر مثلًا إلى مادةِ التغذية, كيف أَوجَدَها اللهُ ربُّ العالمـــين في الحبوبِ والثّمارِ واللحومِ، فكان في أكلِ هذه الأنواعِ غذاءٌ للجسمِ ينمو عليها ويحتفظُ بقُوَاه، لو أنَّ إنسانًا أَهْمَلَ هذه المادة التي جعلها اللهُ ربُّ العالمـــين سببًا لتغذية الجسم وذهب يأكل الحطب ويأكل التبن ويأكل الخشب ويأكل العظام ويأكل البرسيم، لو أنَّه فعل ذلك فإنَّه يكون مؤدِّيًا بجَسَدِهِ إلى الهلاك؛ لأنَّ هذا الذي أَتَى به لم يَجْعَلْهُ اللهُ تبارك وتعالى سببًا لتغذيةِ الأبدانِ، وهو حَادَ عمَّا جَعَلَهُ اللهُ ربُّ العالمـــين سببًا لتغذيةِ جَسَدِهِ، وحينئذٍ لابدَّ أنْ يَعْطَبَ هذا الجسدُ ولا بد أن يَهْلِكَ عليه.
العملُ بالبدعةِ كالتغذية بالتراب والحطب والخشب والتبن، العملُ بالبدعةِ عملٌ بمادةٍ تخلُو من التطهيرِ والتزكيةِ ومِنْ سببِ ذلك، العملُ بالبدعةِ يساوي أنْ يغذيَ الإنسانُ بَدَنَهُ بالتبن مثلًا، بالحطب, بالتراب، فالعملُ بالبدعةِ كالتغذية بالتراب والحطب والخشب، فإذا كان آكلُ هذه المواد لا يتغذى فكذلك العاملُ بالبدعة لا تَطْهُرُ رُوحُهُ ولا تزكو نفسُهُ حتمًا؛ لأنَّ اللهَ تبارك وتعالى لم يجعل في البدعة التي يخترعُها الناس, لم يجعل اللهُ ربُّ العالمـــين فيما لم يُنْزِلِ اللهُ تبارك وتعالى به سلطانا لم يجعل اللهُ ربُّ العالمـــين في ذلك سببًا للتزكيةِ ولا سببًا للتطهير، فمن أتى بذلك محاولًا أن يزكي نفسَهُ وأنْ يطهرَها فإنها لا يزيدُها إلا خسارًا ولا يزيدُها إلا هلاكًا ودمارًا.
كلُّ عمل يُراد به التَّقَرُّبُ إلى اللهِ تبارك وتعالى للحصولِ على الكمالِ والسعادة بعد النجاةِ من الشقاءِ والخُسران ينبغي أنْ يكونَ خالصًا لله تعالى، وأنْ يكون مشروعًا موافقًا لما جاء به النّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ في جنسِهِ وسبَبِهِ وكَمِّهِ وكَيفِهِ وزَمَنِهِ ومَكَانِهِ, فإنْ فعلتَ ذلك طهُرت رُوحك، وزَكَتْ نفسُك، واستقامت حياتُك، واتسع سبيلُك الذي يُفْضِي بك إلى رِضوان الله في جَنَّةِ الخُلد، نسألُ اللهَ أنْ يجمعنا جميعًا فيها في الفردوسِ الأعلى مع النّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الأصلُ في العباداتِ الحظرُ والمنع، فلا يُشْرَعُ من العباداتِ إلا ما شَرَعَهُ اللهُ ورسولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والأصلُ في غيرِ العباداتِ الإباحةُ, فلا يَحْرُمُ في غيرِ العباداتِ إلا ما حَرَّمَهُ اللهُ ورسولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
هذه قاعدةٌ مهمةٌ جدًّا.
الأصلُ في العباداتِ الحظرُ والمنع حتى يأتيَ النصُّ والدَّليل، فلا عبادةَ إلا بنص وهو معنى أن العبادات تَوقِيفِيَّة، يعني يُتَوَقَّفُ بها عند حدودِ ما أنْزَلَ اللهُ ربُّ العالمـــين على نبيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأمَّا الأصلُ في غير العبادات فعلى الإباحة وعدمِ المنع حتى يأتيَ الدّليلُ الحاظر المانع.
الأصل في العبادات الحظرُ والمنع، والأصل في غير العبادات الحِلُّ والإباحة حتى يأتيَ الدليلُ الحاظرُ المانع، قال تعالى:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ} [الشورى : 21]، وغيرُ هذه الآيات، وكذلك قولُ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» وهذا متفق على صحته.
العلماءُ مُجْمِعُونَ على أنَّ العبادةَ: ما أَمَرَ اللهُ ربُّ العالمـــين به في كتابِهِ أو على لسانِ رسولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَ إيجابٍ أو أَمْرَ استحباب، فالعبادة: ما أَمَرَ به الشَّرعُ أَمْرَ إيجابٍ أو أَمْرَ استحباب.
فالأصلُ في العبادات المنع والحظر إلا بدليلٍ ونص - لا تنسها, ولتكن منك دائمًا على ذُكْر -، وأمّا غيرُ العباداتِ فالأصلُ فيها الإباحة إلا بنصٍ ودليل.
قال تعالى:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} [البقرة : 29] أي: تنتفعون بتلك المخلوقاتِ بجميعِ ألوانِ الانتفاعاتِ إلّا ما نصَّ النصُّ على المنعِ منه.
وقال تعالى:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف : 32]، فأنكرَ اللهُ تعالى على من حَرَّمَ ما خَلَقَ اللهُ لعبادِهِ من المآكل والمشارب والملابس ونحوِها حتى يأتي الحاظرُ, وحتى يأتي الدليلُ والنص، وأمَّا العبادات فعلى الضِّدِّ والعكس، الأصل فيها المنع، لا عبادةَ إلا بِنَصٍ، ولا عبادةَ إلا بدَليل، فكلُّ واجبٍ أَوْجَبَهُ اللهُ ورسولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو مستحبٌ فهو عبادةٌ يُعبَدُ اللهُ بها وحدَه، فمَنْ أَوجَبَ أو استحبَّ شيئًا لم يدَّلَ عليه الكتابُ والسُّنَّة فقد ابتدع، ابتدع دينًا لم يأذن به الله، ولم يُنْزِلِ اللهُ تبارك وتعالى به سلطانًا؛ لأنَّ العبادةَ لا تكونُ إلا بنصٍ ودليل، فمهما أَتَى الإنسانُ بشيءٍ جعلَهُ عبادةً يتقربُ بذلك إلى اللهِ تبارك وتعالى فقد اخترعَ دينًا لم يأذن به الله، ولم ينزِّل به اللهُ تبارك وتعالى على النّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُلطانًا ولا حُجَّةً، وحينئذٍ يكونُ مردودًا على صاحبِهِ كما أخبرَ النّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» وهذا متفق على صحته.
البدعُ التي تقعُ في العبادات على قسمين:
إمَّا أنْ يبتدع عبادةً لم يَشْرَعِ اللهُ ورسولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جنسَها أصلًا، يعني: يأتي بعبادة لم يَشْرَع الشَّارعُ جنسَها، وإنما اخترعها، أَتَى بها من كِيسِهِ هو! اخترعها اختراعًا وأَلَّفَها تأليفًا، مثلُ الرهبانية مثلًا، مثلُ التقبيح والتحسين العقلِيَّين، هذا ليس له أصلٌ في الشرع مطلقًا، ولذلك يُقال لِمَا كان كذلك: «هذه بدعةٌ أصلية»، فهذا هو الصِّنف الأول من أصناف الابتداع في العبادات: أنْ يبتدع المبتدعُ بدعةً لم يَشْرَعِ اللهُ ورسولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جنسَها أصلًا.
وإمَّا أنْ يبتدعها - وهذا هو الصِّنف الثاني - على وجه يُغَيِّرُ ما شَرَعَهَا اللهُ ربُّ العالمـــين ورسولُهُ، يكونُ أصلُ العبادةِ مشروعًا ولكن يُغَيِّرُ في شيءٍ من أوصافِها السِّتَةِ التي مَرَّ ذكرُها، يكونُ هذا العمل مشروعًا ولكن يُغَيِّرُ في وَصْفِهِ فلا يكونُ على ما جاءَ به النّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
مثالُ الأول - البدعة الأصلية التي ليس لها أصل في الشريعة -:
ما أحدثه الناسُ في هذا الشهرِ من بدعةِ الميلاد، في الاحتفال بعيد ميلاد النّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهذه لم ترد أصلًا لا في القرآن, ولا في السُّنَّة, ولا في عمل الصحابة, ولا في عمل التابعين, ولا في عمل تابعي التابعين، كل القرون المفضلة مضت وليس فيها عيدُ ميلادٍ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لكن حدثت في القرن الرابع من الهجرة, أحدثها الروافضُ العُبَيدِيُّون الذين انتمَوا زُورًا وإفكًا وبهتانًا إلى فاطمةَ الزهراء فَتَسَمَّوا بـ(الفاطميين)، فهؤلاء هم الذين أدخلوا هذا الأمرَ أولَ ما أُدْخِلَ على دين اللهِ ربِّ العالمـــين، وتتابع الناسُ عليها لأنها كُسِيت بما يَدُلُّ على العاطفة وعلى التقدمِ على هذا الأمر, وهو: محبةُ رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهل هنالك مسلمٌ لا يحبُّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ؟!
والحقيقةُ أنَّ محبةَ الرَّسولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ علامتُها التأدبُ مع رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وألّا يُجرى في شريعتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, ولا يُدخل في شريعة النّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما ليس منها.
فنقولُ مثلًا: الاحتفال بعيد ميلاد النّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ هل كان الرّسولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمُ أنَّه مما يُقَرِّبُ إلى الله أو لا؟
الاحتفال بعيد ميلاد الرسولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تسأل: هل كان النّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمُ أنَّ هذا الاحتفال يُقَرِّبُ إلى الله أو لا يعلم؟
إنْ قالوا لا يعلم, فأمرٌ عظيم؛ لأنهم عَلِمُوا ما لم يَعْلَمْهُ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن قالوا يعلم، قلنا: إذن؛ تَرَكَها وهو يعلمُ أنها مشروعة دون أنْ يُبَلِّغَ رسالةَ ربِّه؟! فإن لم يفعل فما بَلَّغَ رسالةَ ربِّه!
يعني أنت تسأل تقول: عيد المولد، عيد ميلادُ الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ هل كان النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ يَعْلَمُهُ أو لا يَعْلَمُهُ؟
إن قالوا: كان النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يعلمه، نقول: اهتديتم إلى ما لم يهتدِ إليه رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ وهو الناطق بالوحي؟!
وإنْ قالوا: كان يعلم.
كان يعلم وكتم؟!
هل هنالك مسلمٌ يتَّهمُ النّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمثل هذا الاتهام؟!
فأنتم إنْ قلتم ذلك تقدحون في رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ، فأين هو صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من هذا المُبْتَدَع - وهو الاحتفال بعيد ميلاد الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟!
هذا جميعُه إذا لم تشتمل هذه البدعة على أمورٍ أخرى مُحرَّمة، فكيف إذا اشتملت على محرماتٍ أخرى لا تُحصى؟!!
حينئذٍ تزداد نُكرًا، مثل الاختلاط بين الرِّجال والنِّساء، والأذكار المحرَّفة التي يقع فيها الرَّقصُ والتصفيقُ وأعمالٌ تشبه الجنون، ويقولون إنهم يجتمعون ثم يَفِزُّونَ فَزَّةَ رجلٍ واحد لماذا؟! قالوا لأنَّ الرَّسولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد حَضَر!!
ويأتون بأشعارٍ وحكايات فيها مخالفاتٌ صارخةٌ للعقيدةِ الصحيحةِ، فهذه بدعةٌ لم يَشْرَعِ اللهُ ورسولُه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جنسَها أصلًا، وتسمى: «بدعةٌ أصلية»، تسمى هذه: «بدعة أصلية».
وأمَّا ما ابتُدِعَ على وجهٍ يُغَيِّرُ ما شَرَعَ اللهُ ورسولُهُ فمثل الأذكار التي تقال, فيُزاد فيها أو يُنقَص منها تَعَبُّدًا للهِ تبارك وتعالى بذلك، هذا أصل مشروع، لكن وصفَهُ أو عددَهُ غيرُ مشروع، وهذه هي: «البدعة الإضافية».
النّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ أَمَرَ أنَّه إذا سمعتَ المؤذنَ فقلت مثلما يقول ثم صليت عليهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ - فإنك على رجاءِ تحقيقِ الشفاعة يوم القيامة، هذه الصلاة التي حضَّ عليها رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الصلاة والسلام عليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعقبِ الأذان، هي للمؤذن أم للسامع المُرَدِّد؟
العلماءُ يقولون: هذه للسَّامعِ المُرَدِّد.
المؤذِّن يأتي بالصلاةِ على النّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جهرًا بعد أن يفرُغَ من الإتيان بألفاظ الأذان يأتي بها جهرًا كما كان يأتي بألفاظ الأذان!!
فإذا كلمتَهُ وقلتَ له: هذا لا يُشرعُ في دينِ اللهِ تبارك وتعالى، يقول لك: أنت تكره النّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!
لماذا؟ لأنك تقولُ إنَّ الصلاةَ على النّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرام!!
هذا أصلُه مشروع، والصلاةُ على النّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ مِنْ أعظمِ القُرُبَاتِ, ومِنْ أَجَلِّ الطاعاتِ إلى ربِّ الأرضِ والسماواتِ الصلاة والسلام على سيدِ الكائنات صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكن لا بد أنْ تكونَ منضبطةً بتلك الأُطُر، موصوفةً بتلك الأوصاف التي مرّ ذكرُها، فإذا ما غَيَّرَ الإنسانُ ذلك فإنه يكون مبتدعًا بدعةً إضافية، فَغَيَّرَ في الوصف أو في الكمية أو في الكيفية أو في الزمان أو في المكان أو في الجنس.
العاداتُ كلُُّها كالمآكلِ والمشاربِ والثيابِ والأعمالِ العادية والمعاملات والصنائع الأصلُ فيها الإباحة والإطلاق, فمَنْ حَرَّمَ شيئًا منها لم يُحَرِّمْهُ اللهُ ولا رسولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو مبتدع، كما حَرَّمَ المشركون بعضَ الأنعامِ التي أباحها اللهُ ورسولُهُ، وكمن يريدُ - بِجَهْلِهِ - أنْ يُحَرِّمَ بعضَ أنواعِ اللباس - أي: الثياب - أو الصنائع والمخترعات الحادثة بغيرِ دليلٍ شرعي ويُحَرِّمُهَا.
يعني يقولُ لك - مثلًا -: إنَّ وضع مثل هذه - يعني: نَظَّارَةَ العين - هكذا بدعة، هي بدعة بالمعنى اللغوي؛ لأن ذلك لم يكن على عهدِ رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ.
وعندما أرادوا أن يُدخلوا في الحرمِ قديمًا مكبرات الصوت اعترضَ بعضُ الشيوخ وقال هذه بدعة، وهذا لم يكن على عهد النّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, ولا على عهد السلف الصالحين، وكان يضع على عينيه نَظَّارَةً فقال له من كان يجادله: ما تقول في هذه، هل هذه بدعة؟ قال: لا, هذه تقرب لي المناظر والمَرَائِيَ. قال: وهذه إنما تقرب إلى السامع الصوت، فأيُّ فرق؟!
فالأصل في مثل هذه الأشياء إنما هو الحِل، لا حظْرَ في تلك الأشياءِ إلا بدليلٍ ونص.
يعني يقول لك: إنَّ ركوبَ القطار أو الطائرة بدعة، فحذارِ ثم حذارِ أنْ تبتدع، فإنَّ النّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يصنع ذلك!!
هذا تركٌ عدمي - يعني: - لم يكن ذلك موجودًا على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَرَكُهُ مع قيام المقتضي له وانتفاء المانع من فعله حتى يكون التَّرْكُ سُنَّة، فأمثال هذه الأشياء الأصلُ فيها الحِلُّ والإباحة حتى يأتيَ الدليلُ الحاظرُ المانعُ من مثلِ ذلك.
المُحَرَّمُ من هذه الأشياء هو الخبيثُ والضار، وقد فُصِّلَت تلك الأمورُ في الكتاب والسُّنَّةِ, - يعني: - الخبائث والأمور التي تضر فُصِّلَت في كتاب الله وفي سُنَّةِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ، ومَنْ تتبعَ المحرمات وجدها تشتملُ على أنواعِ المفاسد، وجدها تشتمل على المفاسدِ المتنوعة، المحرمات لو تتبعتها فسوف تجدُ أنها تنطوي وتتضمن وتشتمل على كثيرٍ جدًّا من المفاسد تتنوع وتختلف.



كلمات البحث

شبكــة أنصــار آل محمــد ,شبكــة أنصــار ,آل محمــد ,منتدى أنصــار





Fo'fm ltvymD hghpjthg fhgl,g] hgkf,d - hgado lpl] sud] vsghk pt/i hggi










توقيع : الشـــامـــــخ

يسرنا متابعتكم وتواصلكم عبر الحسابات التالية

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة- نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة-نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


التعديل الأخير تم بواسطة الشـــامـــــخ ; 29-03-18 الساعة 09:16 PM
عرض البوم صور الشـــامـــــخ   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(مشاهدة الكل عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 1 :
الشـــامـــــخ

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Bookmark and Share


الساعة الآن 11:06 AM

أقسام المنتدى

قســم إسلامنا تاريخٌ ومنهاج | بيت الكتاب والسنة | قســم موسوعة الصوتيات والمرئيات والبرامج | بيت الشكـاوي والإقتراحــات | بيت الآل والأصحاب من منظور أهل السنة والجماعة | قســم الموسوعـة الحواريـة | بيت الحــوار العقـائــدي | بيت الطـب البـديـل وطـب العـائلـة | بيت الأسـرة السعيــدة | قســم الدعم الخاص لقناة وصــال | بيت شبهات وردود | بيت التـاريـخ الإسلامي | بيت المهتدون إلى الإسلام ومنهج الحق | قســم موسوعة الأسرة المسلمـــة | وحــدة الرصــد والمتـابعــة | بيت الصوتيـات والمرئيـات العــام | بيت الصــــور | بيت الأرشيــف والمواضيــع المكــررة | بيت الترحيب بالأعضاء الجدد والمناسبات | بيت الجـوال والحـاسـب والبـرامـج المعـربـة | بيت المكتبـة الإسلاميـة | بيت الأحبـة فــي اللــه الطاقــم الإشـرافــي | بيت موسوعة طالب العلم | قســم الموسوعة الثقافية | البيــت العـــام | قســم دليل وتوثيق | بيت وثائق وبراهين | بيت القصـص والعبـــــــر | بيت الإدارة | بيت الصوتيـات والمرئيـات الخــاص | بيت المعتقد الإسماعيلي الباطني | بيت مختارات من غرف البالتوك لأهل السنة والجماعة | بيت الأحبـة فــي اللــه المراقبيـــــــن | بيت أهل السنه في إيران وفضح النشاط الصفوي | بيت المحــذوفــات | بيت ســؤال وجــواب | بيت أحداث العالم الإسلامي والحوار السياسـي | بيت فـرق وأديـان | باب علــم الحــديـث وشرحــه | بيت الحـــوار الحــــــــّر | وصــال للتواصل | بيت الشعـــر وأصنافـــه | باب أبـداعـات أعضـاء أنصـار الشعـريـة | باب المطبــخ | بيت الداعيـــات | بيت لمســــــــــــات | بيت الفـلاش وعـالـم التصميــم | قســم التـواصـي والتـواصـل | قســم الطــاقــــــــم الإداري | العضويات | بـاب الحــــج | بيـت المــواســم | بـاب التعليمـي | أخبــار قناة وصــال المعتمدة | بيت فـريـق الإنتـاج الإعـلامـي | بيت الـلـغـة العــربـيـة | مطبخ عمل شامل يخص سورية الحبيبة | باب تصاميم من إبداع أعضاء أنصـار آل محمد | بـاب البـرودكــاسـت | بيت تفسير وتعبير الرؤى والأحلام | ســؤال وجــواب بمــا يخــص شبهات الحديث وأهله | كلية اللغة العربية | باب نصح الإسماعيلية | باب غرفـة أبنـاء عائشـة أنصـار آل محمـد | بـيــت المـؤسـســيـــن | بـاب السيـرة النبـويـة | بـاب شهـــر رمضــان | تـراجــم علمـائـنـا |



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
This Forum used Arshfny Mod by islam servant