742 / 11 - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال: حدثنا عمر ابن سهل بن إسماعيل الدينوري قال: حدثنا زيد بن إسماعيل الصائغ قال: حدثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن عبد الملك بن عمير عن خالد بن ربعي قال: إن أمير المؤمنين ع دخل مكة في بعض حوائجه فوجد أعرابيا متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول : يا صاحب البيت البيت بيتك والضيف ضيفك ولكل ضيف من ضيفه قرى فاجعل قراي منك الليلة المغفرة . فقال أمير المؤمنين ع لأصحابه : أما تسمعون كلام الأعرابي ؟ قالوا . نعم فقال : الله أكرم من أن يرد ضيفه . قال : فلما كان الليلة الثانية وجده متعلقا بذلك الركن وهو يقول يا عزيزا في عزك فلا أعز منك في عزك أعزني بعز عزك في عز لا يعلم أحد كيف هو أتوجه إليك وأتوسل إليك بحق محمد وآل محمد عليك أعطني ما لا يعطيني أحد غيرك واصرف عني ما لا يصرفه أحد غيرك. قال : فقال أمير المؤمنين ع لأصحابه : هذا والله الاسم الأكبر بالسريانية أخبرني به حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله سأله الجنة فأعطاه وسأله صرف النار وقد صرفها عنه. قال : فلما كان الليلة الثالثة وجده وهو متعلق بذلك الركن وهو يقول : يا من لا يحويه مكان ولا يخلو منه مكان بلا كيفية كان ارزق الأعرابي أربعة آلاف درهم قال : فتقدم إليه أمير المؤمنين ع فقال : يا أعرابي سألت ربك القرى فقراك وسألته الجنة فأعطاك وسألته أن يصرف عنك النار وقد صرفها عنك وفي هذه الليلة تسأله أربعة آلاف درهم ! قال الأعرابي : من أنت ؟ قال : أنا علي بن أبي طالب . قال الأعرابي : أنت والله بغيتي وبك أنزلت حاجتي . قال : سل يا أعرابي . قال أريد ألف درهم للصداق وألف درهم أقضى به ديني وألف درهم أشتري به دارا وألف درهم أتعيش منه . قال : أنصفت يا أعرابي فإذا خرجت من مكة فسل عن داري بمدينة الرسول صلى الله عليه وآله . فأقام الأعرابي بمكة أسبوعا وخرج في طلب أمير المؤمنين ع إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وآله ونادى: من يدلني على دار أمير المؤمنين علي ع؟ فقال الحسين بن علي ع من بين الصبيان : أنا أدلك على دار أمير المؤمنين وأنا ابنه الحسين بن علي . فقال الأعرابي : من أبوك ؟ قال : أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع . قال : من أمك ؟ قال : فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين . قال : من جدك ؟ قال : رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب . قال : من جدتك ؟ قال : خديجة بنت خويلد . قال : من أخوك ؟ قال : أبو محمد الحسن بن علي . قال : قد أخذت الدنيا بطرفيها امش إلى أمير المؤمنين وقل له إن الأعرابي صاحب الضمان بمكة على الباب. قال : فدخل الحسين بن علي ع فقال: يا أبه أعرابي بالباب يزعم أنه صاحب الضمان بمكة. قال: فقال: يا فاطمة عندك شيء يأكله الأعرابي ؟ قالت : اللهم لا . قال : فتلبس أمير المؤمنين ع وخرج وقال : ادعوا لي أبا عبد الله سلمان الفارسي . قال : فدخل إليه سلمان الفارسي ( رحمة الله عليه ) فقال : يا أبا عبد الله أعرض الحديقة التي غرسها رسول الله صلى الله عليه وآله لي على التجار . قال : فدخل سلمان إلى السوق وعرض الحديقة فباعها باثني عشر ألف درهم وأحضر المال وأحضر الأعرابي فأعطاه أربعة آلاف درهم وأربعين درهما نفقة . ووقع الخبر إلى سؤال المدينة فاجتمعوا ومضى رجل من الأنصار إلى فاطمة ع فأخبرها بذلك فقالت : آجرك الله في ممشاك . فجلس علي ع والدراهم مصبوبة بين يديه حتى اجتمع إليه أصحابه فقبض قبضة قبضة وجعل يعطي رجلا رجلا حتى لم يبق معه درهم واحد . فلما أتى المنزل قالت له فاطمة ع : يا بن عم بعت الحائط الذي غرسه لك والدي ؟ قال : نعم بخير منه عاجلا وآجلا. قالت : فأين الثمن ؟ قال : دفعته إلى أعين استحييت أن أذلها بذل المسألة قبل أن تسألني . قالت فاطمة : أنا جائعة وابناي جائعان ولا أشك إلا وأنك مثلنا في الجوع لم يكن لنا منه درهم ! وأخذت بطرف ثوب علي ع فقال علي : يا فاطمة خليني . فقالت : لا والله أو يحكم بيني وبينك أبي . فهبط جبرئيل ع على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد السلام يقرئك السلام ويقول: اقرأ عليا مني السلام وقل لفاطمة: ليس لك أن تضربي على يديه ولا تلمزي بثوبه. فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وآله منزل علي ع وجد فاطمة ملازمة لعلي ع فقال لها : يا بنية ما لك ملازمة لعلي؟ قالت : يا أبه باع الحائط الذي غرسته له باثني عشر ألف درهم ولم يحبس لنا منه درهما نشتري به طعاما . فقال : يا بنية إن جبرئيل يقرئني من ربي السلام ويقول : أقرئ عليا من ربه السلام وأمرني أن أقول لك : ليس لك أن تضربي على يديه . قالت فاطمة ع : فإني استغفر الله ولا أعود أبدا . قالت فاطمة ع : فخرج أبي ع في ناحية وزوجي علي في ناحية فما لبث أن أتى أبي صلى الله عليه وآله ومعه سبعة دراهم سود هجرية فقال : يا فاطمة أين ابن عمي ؟ فقلت له : خرج . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : هاك هذه الدراهم فإذا جاء ابن عمي فقولي له يبتاع لكم بها طعاما . فما لبث إلا يسيرا حتى جاء علي ع فقال : رجع ابن عمي فإني أجد رائحة طيبة ؟ قالت نعم وقد دفع إلى شيئا تبتاع لنا به طعاما . قال علي ع : هاتيه . فدفعت إليه سبعة دراهم سود هجرية فقال : بسم الله والحمد لله كثيرا طيبا وهذا من رزق الله عز وجل . ثم قال : يا حسن قم معي فأتيا السوق فإذا هما برجل واقف وهو يقول : من يقرض الملي الوفي ؟ قال : يا بني تعطيه ؟ قال : إي والله يا أبه . فأعطاه علي ع الدراهم فقال الحسن . يا أبتاه أعطيه الدراهم كلها ؟ قال : نعم يا بني إن الذي يعطي القليل قادر على أن يعطي الكثير . قال : فمضى علي ع باب رجل يستقرض منه شيئا فلقيه أعرابي ومعه ناقة فقال : يا علي اشتر مني هذه الناقة . قال : ليس معي ثمنها . قال : فإني أنظرك به إلى القبض . قال : بكم يا أعرابي ؟ قال : بمائة درهم . قال علي ع خذها يا حسن فأخذها . فمضى علي ع فلقيه أعرابي آخر المثال واحد والثياب مختلفة فقال : يا علي تبيع الناقة ؟ قال علي ع : وما تصنع بها ؟ قال : أغزو عليها أول غزوة يغزوها ابن عمك . قال : إن قبلتها فهي لك بلا ثمن . قال : معي ثمنها وبالثمن أشتريها فبكم اشتريتها ؟ قال : بمائة درهم . قال الأعرابي: فلك سبعون ومائة درهم. قال علي ع: خذ السبعين والمائة وسلم الناقة المائة للأعرابي الذي باعنا الناقة والسبعون لنا نبتاع بها شيئا. فأخذ الحسن ع الدراهم وسلم الناقة . قال علي ع : فمضيت أطلب الأعرابي الذي ابتعت منه الناقة لأعطيه ثمنها فرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله جالسا في مكان لم أره فيه قبل ذلك ولا بعده على قارعة الطريق فلما نظر النبي صلى الله عليه وآله إلي تبسم ضاحكا حتى بدت نواجذه قال علي ع : أضحك الله سنك وبشرك بيومك. فقال : يا أبا الحسن إنك تطلب الأعرابي الذي باعك الناقة لتوفيه الثمن ؟ فقلت : إي والله فداك أبي وأمي. فقال: يا أبا الحسن الذي باعك الناقة جبرئيل والذي اشتراها منك ميكائيل والناقة من نوق الجنة والدرهم من عند رب العالمين عز وجل فأنفقها في خير ولا تخف إقتارا
حلية الأبرار لهاشم البحراني (1107 هـ) الجزء2 صفحة272 الباب الثاني والثلاثون وهو من الباب الأول
1 - ابن بابويه في " أماليه " قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال: حدثنا عمر بن سهل إسماعيل الدينوري قال: حدثنا زيد بن إسماعيل الصائغ قال: حدثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن عبد الملك بن عمير عن خالد بن ربعي قال: إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام دخل مكة في بعض حوائجه فوجد أعرابيا متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول : البيت بيتك والضيف ضيفك ولكل ضيف من مضيفة قرى فاجعل قراى منك الليلة المغفرة فقال أمير المؤمنين ع لأصحابه: أما تسمعون كلام الأعرابي ؟ قالوا : نعم فقال : الله أكرم (ان يرد ضيفه. قال : فلما كانت الليلة الثانية وجده متعلقا بذلك الركن وهو يقول : يا عزيزا في عزك فلا أعز منك في عزك أعزني بعز عزك في عز لا يعلم أحد كيف هو أتوجه إليك وأتوسل إليك بحق محمد وآل محمد عليك اعطني ما لا يعطيني أحد غيرك فاصرف عنى ما لا يصرفه أحد غيرك قال : فقال أمير المؤمنين ع : هذا والله الاسم الأكبر بالسريانية اخبرني حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله سأله الجنة فأعطاه وسأله صرف النار وقد صرفها. قال: فلما كان الليلة الثالثة وجده وهو متعلق بذلك الركن وهو يقول: يا من لا يحويه مكان ولا يخلو منه مكان بلا كيف كان ارزق الأعرابي أربعة آلاف درهم. قال : فتقدم إليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع فقال: يا أعرابي سالت ربك القرى فقراك سالت الجنة فأعطاك وسالت ان يصرف عنك النار وقد صرفها عنك وفى هذه الليلة تسأله أربعة آلاف درهم قال الأعرابي : من أنت ؟ قال : انا علي بن أبي طالب قال الأعرابي : أنت والله بغيتي وبك أنزلت حاجتي قال : سل يا أعرابي قال: أريد ألف درهم للصداق والف درهم اقضي به ديني وألف درهم اشترى به دارا وألف درهم أعيش منه. قال: أنصفت يا أعرابي فإذا خرجت من مكة فسل عن داري بمدينة الرسول صلى الله عليه وآله وأقام الأعرابي بمكة أسبوعا وخرج في طلب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ونادى من يدلني على دار أمير المؤمنين ع؟ فقال الحسين بن علي بن أبي طالب ع من بين الصبيان : انا أدلك على دار أمير المؤمنين ع وانا ابنه الحسين بن علي فقال الأعرابي من أبوك؟ قال : أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع قال : من أمك؟ قال : فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ع قال: من جدك؟ قال: محمد رسول الله صلى الله عليه وآله بن عبد الله بن عبد المطلب قال : من جدتك ؟ قال: خديجة بنت خويلد قال: من أخوك ؟ قال : أبو محمد الحسن بن علي ع قال : أخذت بطرفيها امش إلى أمير المؤمنين وقل : ان الأعرابي صاحب الضمان بمكة على الباب . قال : فدخل الحسين بن علي ع فقال : يا أبت أعرابي بالباب يزعم أنه صاحب الضمان بمكة قال : فقال : يا فاطمة عندك شئ يأكله الأعرابي ؟ قالت : اللهم لا فتلبس أمير المؤمنين ع وخرج وقال : ادعوا لي أبا عبد الله سلمان الفارسي قال : فدخل إليه سلمان الفارسي فقال : يا أبا عبد الله اعرض الحديقة التي غرسها رسول الله صلى الله عليه وآله لي على التجار. قال: فدخل سلمان إلى السوق وعرض الحديقة فباعها باثني عشر ألف درهم واحضر المال واحضر الأعرابي فأعطاه أربعة آلاف درهم وأربعين درهما نفقة ووقع الخبر إلى سؤال المدينة فاجتمعوا ومضى رجل من الأنصار إلى فاطمة الزهراء ع فأخبرها بذلك فقالت آجرك الله في ممشاك فجلس علي ع والدراهم مصبوبة بين يديه حتى اجتمع إليه أصحابه فقبض قبضة قبضة وجعل يعطى رجلا رجلا حتى لم يبق درهم واحد فلما اتى المنزل قالت له فاطمة ع: يا ابن عم بعت الحائط الذي غرسه لك والدي ؟ قال : نعم بخير منه عاجلا وآجلا قالت : فأين الثمن؟ قال: دفعته إلى أعين استحييت ان أذلها بذل المسالة قبل ان تسألني قالت فاطمة : انا جائعة وابناي جائعان ولا أشك انك مثلنا في الجوع لم يكن لنا منه درهم ؟ واخذت بطرف ثوب علي ع فقال علي ع : يا فاطمة خليني قالت: لا والله أو يحكم بيني وبينك أبى. فهبط جبرئيل ع على رسول الله صلى الله عليه وآله وقال : يا محمد السلام يقرئك السلام ويقول : اقرا عليا منى السلام وقل لفاطمة : ليس لك ان تضربي على يديه ولا تلزمي بثوبه فلما اتى رسول الله صلى الله عليه وآله منزل علي ع وجد فاطمة ملازمة لعلى ع فقال لها : يا بنية مالك ملازمة لعلى ع؟ قالت: يا أبت باع الحائط الذي غرست له باثني عشر ألف درهم لم يحبس لنا منه درهما نشتري به طعاما . فقال : يا بنية ان جبرئيل يقرأني من ربى السلام ويقول : اقرا عليا من ربه السلام وأمرني ان أقول : ليس لك ان تضربي على يديه ولا تلزمي بثوبه قالت فاطمة : فانى استغفر الله ولا أعود ابدا . قالت فاطمة : فخرج أبى ع في ناحية وزوجي في ناحية فما لبث ان اتى أبى ومعه سبعة دراهم سود هجرية فقال : يا فاطمة أين ابن عمى ؟ قلت له: خرج فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : هاك هذه الدراهم فإذا جاء ابن عمى فقولي يبتاع لكم طعاما فما لبثت الا يسيرا حتى جاء علي ع فقال : رجع ابن عمى فانى أجد رائحة طيبة قلت: نعم ودفع إلى شيئا تبتاع لنا به طعاما قال علي ع : هاتيه فدفعت إليه سبعة دراهم سود هجرية فقال : بسم الله والحمد لله كثيرا طيبا وهذا من رزق الله . ثم قال : يا حسن قم معي فاتيا السوق فإذا هما برجل واقف وهو يقول : من يقرض الملي الوفي ؟ قال يا بنى نعطيه ؟ قال : أي والله يا أبت فأعطاه علي ع الدراهم فقال الحسن ع : يا أبتاه أعطيته الدراهم كلها ؟ قال : نعم يا بنى ان الذي يعطى القليل قادر على أن يعطى الكثير. قال: فمضى علي ع بباب رجل يستقرض منه شيئا فلقيه أعرابي ومعه ناقة فقال : يا علي اشتر منى هذه الناقة قال : ليس معي ثمنها قال : انى أنظرك به إلى القيظ قال : بكم يا أعرابي ؟ قال : بمائة درهم قال على : خذها يا حسن فمضى علي ع فلقيه أعرابي آخر المثال واحد والثياب مختلفة فقال : يا علي تبيع الناقة ؟ قال علي ع : وما تصنع بها ؟ قال : اغزو عليها أول غزوة يغزوها ابن عمك قال : ان قبلتها فهي لك بلا ثمن قال معي ثمنها وبالثمن اشتريها فبكم اشتريتها ؟ قال : بمائة درهم قال الأعرابي : فلك سبعون ومائة درهم قال علي ع للحسن: خذ السبعين والمائة وسلم الناقة والمائة للأعرابي الذي باعنا والسبعين لنا نبتاع بها شيئا فاخذ الحسن ع الدراهم وسلم الناقة . قال علي ع : فمضيت اطلب الأعرابي الذي ابتعت منه الناقة لأعطيه ثمنها فرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله جالسا في مكان لم أره فيه قبل ذلك ولا بعده على قارعة الطريق فلما نظر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى تبسم ضاحكا بدت نواجده قال علي ع اضحك الله سنك وبشرك ليومك فقال : يا أبا الحسن تطلب الأعرابي الذي باعك الناقة لتوفيه الثمن فقلت : أي والله فداك أبي وأمي فقال : يا أبا الحسن الذي باعك الناقة جبرئيل والذي اشتراها منك ميكائيل والناقة من نوق الجنة والدراهم من عند رب العالمين عز وجل فانفقها في خير ولا تخف اقتارا
1 - أمالي الصدوق : الهمداني عن عمر بن سهل بن إسماعيل الدينوري عن زيد بن إسماعيل الصائغ عن معاوية بن هشام عن سفيان عن عبد الملك بن عمير عن خالد بن ربعي قال : إن أمير المؤمنين ع دخل مكة في بعض حوائجه فوجد أعرابيا متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول : يا صاحب البيت ! البيت بيتك والضيف ضيفك ولكل ضيف من ضيفه قرى فاجعل قراي منك الليلة المغفرة فقال أمير المؤمنين ع لأصحابه : أما تسمعون كلام الأعرابي ؟ قالوا : نعم فقال : الله أكرم من أن يرد ضيفه فلما كانت الليلة الثانية وجده متعلقا بذلك الركن وهو يقول : يا عزيزا في عزك فلا أعز منك في عزك أعزني بعز عزك في عز لا يعلم أحد كيف هو أتوجه وأتوسل إليك بحق محمد وآل محمد عليك أعطني ما لا يعطيني أحد غيرك واصرف عني مالا يصرفه أحد غيرك قال : فقال أمير المؤمنين ع لأصحابه : هذا والله الاسم الأكبر بالسريانية أخبرني به حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله سأله الجنة فأعطاه وسأله صرف النار وقد صرفها عنه . قال : فلما كانت الليلة الثالثة وجده وهو متعلق بذلك الركن وهو يقول : يا من لا يحويه مكان ولا يخلو منه مكان بلا كيفية كان ارزق الأعرابي أربعة آلاف درهم قال : فتقدم إليه أمير المؤمنين ع فقال : يا أعرابي سألت ربك القرى فقراك وسألته الجنة فأعطاك وسألته أن يصرف عنك النار وقد صرفها عنك وفي هذه الليلة تسأله أربعة آلاف درهم ؟ قال الأعرابي : من أنت ؟ قال : أنا علي ابن أبي طالب قال الأعرابي أنت والله بغيتي وبك أنزلت حاجتي قال : سل يا أعرابي قال : أريد ألف درهم للصداق وألف درهم أقضي به ديني وألف درهم أشتري به دارا وألف درهم أتعيش منه قال : أنصفت يا أعرابي فإذا خرجت من مكة فاسأل عن داري بمدينة الرسول . فأقام الأعرابي بمكة أسبوعا وخرج في طلب أمير المؤمنين ع إلى مدينة الرسول ونادى : من يدلني على دار أمير المؤمنين علي ؟ فقال الحسين بن علي من بين الصبيان : أنا أدلك على دار أمير المؤمنين وأنا ابنه الحسين بن علي فقال الأعرابي : من أبوك ؟ قال : أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال : من أمك ؟ قال : فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين قال من جدك ؟ قال : رسول الله محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب قال : من جدتك ؟ قال : خديجة بنت خويلد قال : من أخوك قال : أبو محمد الحسن بن علي قال : لقد أخذت الدنيا بطرفيها امش إلى أمير المؤمنين وقل له : إن الأعرابي صاحب الضمان بمكة على الباب قال : فدخل الحسين بن علي ع فقال : يا أبة أعرابي بالباب يزعم أنه صاحب الضمان بمكة قال : فقال : يا فاطمة عندك شئ يأكله الأعرابي ؟ قالت : اللهم لا قال : فتلبس أمير المؤمنين ع وخرج وقال : ادعوا لي أبا عبد الله سلمان الفارسي قال : فدخل إليه سلمان الفارسي فقال : يا با عبد الله أعرض الحديقة التي غرسها رسول الله صلى الله عليه وآله لي على التجار قال : فدخل سلمان إلى السوق وعرض الحديقة فباعها باثني عشر ألف درهم وأحضر المال وأحضر الأعرابي فأعطاه أربعة آلاف درهم وأربعين درهما نفقه ووقع الخبر إلى سؤال المدينة فاجتمعوا ومضى رجل من الأنصار إلى فاطمة ع فأخبرها بذلك فقالت : آجرك الله في ممشاك فجلس علي ع والدراهم مصبوبة بين يديه حتى اجتمع إليه أصحابه فقبض قبضة قبضة وجعل يعطي رجلا رجلا حتى لم يبق معه درهم واحد . فلما أتى المنزل قالت له فاطمة ع : يا ابن عم بعت الحائط الذي غرسه لك والدي ؟ قال : نعم بخير منه عاجلا وآجلا قالت : فأين الثمن ؟ قال : دفعته إلى أعين استحييت أن أذلها بذل المسألة قبل أن تسألني قالت فاطمة : أنا جائعة و ابناي جائعان ولا أشك إلا وأنك مثلنا في الجوع لم يكن لنا منه درهم ؟ وأخذت بطرف ثوب علي ع فقال علي ع : يا فاطمة خليني فقالت : لا والله أو يحكم بيني وبينك أبي فهبط جبرئيل ع على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : يا محمد السلام يقرؤك السلام ويقول : اقرأ عليا مني السلام وقل لفاطمة : ليس لك أن تضربي على يديه فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وآله منزل علي وجد فاطمة ملازمة لعلي ع فقال لها : يا بنية مالك ملازمة لعلي ؟ قالت : يا أبة باع الحائط الذي غرسته له باثني عشر ألف درهم لم يحبس لنا منه درهما نشتري به طعاما فقال : يا بنية إن جبرئيل يقرؤني من ربي السلام ويقول : اقرأ عليا من ربه السلام وأمرني أن أقول لك : ليس لك أن تضربي على يديه قالت فاطمة ع : فإني أستغفر الله ولا أعود أبدا . قالت فاطمة ع : فخرج أبي صلى الله عليه وآله في ناحية وزوجي في ناحية فما لبث أن أتى أبي ومعه سبعة دراهم سود هجرية فقال : يا فاطمة أين ابن عمي ؟ فقلت له : خرج فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : هاك هذه الدراهم فإذا جاء ابن عمي فقولي له يبتاع لكم بها طعاما فما لبثت إلا يسيرا حتى جاء علي ع فقال : رجع ابن عمي فإني أجد رائحة طيبة ؟ قالت : نعم وقد دفع إلي شيئا تبتاع به لنا طعاما قال علي ع : هاتيه فدفعت إليه سبعة دراهم سودا هجرية فقال : بسم الله والحمد لله كثيرا طيبا وهذا من رزق الله عز وجل ثم قال : يا حسن قم معي فأتيا السوق فإذا هما برجل واقف وهو يقول : من يقرض الملي الوفي ؟ قال : يا بني نعطيه ؟ قال : إي والله يا أبة فأعطاه علي ع الدراهم فقال الحسن : يا أبتاه أعطيته الدراهم كلها ؟ قال : نعم يا بني إن الذي يعطي القليل قادر على أن يعطي الكثير . قال : فمضى علي بباب رجل يستقرض منه شيئا فلقيه أعرابي ومعه ناقة فقال : يا علي اشتر مني هذه الناقة قال : ليس معي ثمنها قال : فإني أنظرك به إلى القبض قال : بكم يا أعرابي ؟ قال : بمائة درهم قال علي : خذها يا حسن فأخذها فمضى علي ع فلقيه أعرابي آخر المثال واحد والثياب مختلفة فقال : يا علي تبيع الناقة ؟ قال علي : وما تصنع بها ؟ قال : أغزو عليها أول غزوة يغزوها ابن عمك قال : إن قبلتها فهي لك بلا ثمن قال : معي ثمنها وبالثمن أشتريها فبكم اشتريتها ؟ قال : بمائة درهم قال الأعرابي : فلك سبعون ومائة درهم قال علي ع : خذ السبعين والمائة وسلم الناقة والمائة للأعرابي الذي باعنا الناقة والسبعين لنا نبتاع بها شيئا فأخذ الحسن ع الدراهم وسلم الناقة قال علي ع : فمضيت أطلب الأعرابي الذي ابتعت منه الناقة لأعطيه ثمنها فرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله جالسا في مكان لم أره فيه قبل ذلك ولا بعده على قارعة الطريق فلما نظر النبي صلى الله عليه وآله إلي تبسم ضاحكا حتى بدت نواجده قال علي ع : أضحك الله سنك وبشرك بيومك فقال : يا أبا الحسن : إنك تطلب الأعرابي الذي باعك الناقة لتوفيه الثمن ؟ فقلت : إي والله فداك أبي وأمي فقال : يا أبا الحسن الذي باعك الناقة جبرئيل والذي اشتراها منك ميكائيل والناقة من نوق الجنة والدراهم من عند رب العالمين عز وجل فأنفقها في خير ولا تخف إقتارا.