تشتد الحاجة في هذه الأيام إلى تذكير الناس بسير سلفنا الصالح, ونشر قصصهم وأخبارهم الصحيحة, وابتعاث العبر من ماضيهم الزاهر لنسترشد بها في حاضرنا اليوم:
استرشد الغرب بالماضي فأرشده * ونحن كان لنا ماضٍ نسيناهُ
ولاسيما ماضي الخلفاء الراشدين – رضوان الله عليهم - لأنهم قدوتنا بعد الرسول صلى الله عليه وسلم كما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة).
ولكون هؤلاء الخلفاء – - هم اللذين بنوا مجد هذه الأمة وتاريخها:
وقد رضيتُ علياً قــدوةً عـلماً * وما رضيتُ بقتل الشيخ في الدارِ
كل الصحابة ساداتي ومعتقدي * فهل عليَّ بـهذا القـول من عـارِ
وسيرة الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حافلة بالمناقب والفضائل والفتوحات الإسلامية, فهو ثاني الخلفاء, وأول من لقب بأمير المؤمنين, وأول من أرخ التاريخ, وله دور كبير في جمع القرآن الكريم , وقد قال علي : (إذا ذكر الصالحون فحيهلاً بعمر بن الخطاب؛ وقال أيضاً: يا أبا حفص والله طالما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "دخلت انا وأبي بكر وعمر, وخرجت أنا وأبي بكر وعمر, وجئت أنا وأبي بكر وعمر" فأسأل الله أن يحشرك مع صاحبيك).
ولقد اعتاد بعض الواعظين في القديم والحديث عند ذكر سيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن يذكروا رجلاً في يده عصاً غليظة وهي "الدرة" يطوف بها بين المجامع, ولا يكاد يدرك خطئاً من أحد إلا وكانت الدرة أسبق إليه من أي تفاهم مسبق , وينسون أن عمر كان رقيق القلب وكثير البكاء وقد مات وفي خديه خطان أسودان من البكاء.
وبالغ بعض الكتاب في سرد القصص عن عمر ودرته, أو عن شخصيته الذاتية، والمعروفة بالشجاعة في الجاهلية والإسلام؛ حتى خرجت عن الحد المألوف؛ إلى حد الخفة والعياذ بالله, وما هكذا كان عمر وإنما استهوت العامة هذه القصص فكثر ذكرها؛ والبس الحق منها بالباطل, ورسمت في الأذهان صورة عن أمير المؤمنين لو عرضت عليه في حياته لأنكرها, وهذا ما أخشى أن يقع فيه بعض من يدعوا لتجسيد سيرته درامياً:
فمن يباري أبا حفص وسيرته * أو من يحاول للفاروق تشبيها
كذاك أخلاقه كانت وما عهدت * بعد النبوة أخلاق تحاكيها
وسأذكر بعض النماذج من تلك القصص التي انتشرت من خلال بعض الكتب والخطب عن سيرة الفاروق للتنبيه عليها:
القصة الأولى
أن عمر روئ في المنام فقيل له: ما صنع الله بك فقال: جاء الملكين ليسألاني فمسكتهما وقلت لهما من ربكما.
القصة الثانية
أن عمر إذا تذكر أمرين بكى لأحدهما وضحك للآخر , إذا تذكر إنه كان يدفن ابنته وهي على قيد الحياة بكى , وإذا تذكر إنه كان يعبد صنما من التمر فإذا جاع أكله ضحك.
القصة الثالثة
أن حلاقا كان يقص شعر عمر فتنحنح فأحدث الحلاق وقيل أغمي عليه فأمر له عمر بأربعين درهما.
القصة الرابعة
ذكر أن أهل مصر كانت لهم عادة قديمة وهي ألا يجري النيل في السنة حتى يلقوا فيه جارية بكراً عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون, وقد كتب والي مصر عمرو بن العاص إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في الأمر فرد عليه أمير المؤمنين إني قد بعثت إليك بورقة مع كتابي هذا فألقها في النيل؛ وفي الورقة كتاب عمر يخاطب به النيل ويقول فيه: "من عمر بن الخطاب إلى نيل مصر أما بعد: فإن كنت تجري من قبلك فلا تجري، وإن كنت تجري من قبل الله فنسأل الله أن يجريك, فجرى وزاد ستة عشر ذراعا دفعة واحده.
القصة الخامسة
أن عمر سأل رجلا فقال: له ما أسمك فقال الرجل: جمرة فقال له: ابن من فقال الرجل: ابن شهاب فقال له: ممن فقال: من الحرقة وهكذا يجيب بما فيه معنى النار ومرادفاتها فقال له عمر: أدرك أهل بيتك فقد احترقوا فلما رجع اليهم فإذاهم قد احترقوا.
فسيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب مليئة بالقصص الثابتة عنه في كتب التفاسير ودواوين السنة النبوية وكتب التاريخ .. وقد جعل منه الإسلام إماما وقدوة لهذه الأمة, وهذا دليل على عظمة الإسلام ومدى تأثيره في النفوس.
فأوصي بقراءة سير السلف الصالح أمثال أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وخالد وسعد وابن المبارك والإمام البخاري وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وصلاح الدين وغيرهم ممن أشرق بهم التاريخ الإسلامي.
يا رب فابعث لنا من مثلهم نفرا * يشيدون لنا مجدا أضعناه
فلنعد إلى تاريخنا وماضينا المشرق لنستمد منه العزة والقوة ؛ ولنعد كذلك بعزيمة قوية لقراءة مصادر التلقي وهي الكتاب والسنة ولنترك إضاعة الوقت فيما ليس فيه فائدة للإسلام والمسلمين .
جزاك الله خيرا ونوّر بصيرتك ودفع عن وجهك النار
جميل جداً ان يتّضح الحق , وفعلاً موجودة هذه القصص التي تُروى
عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب .. وحتى عن غيره . بينما هي لم ينزل الله بها من سلطان
وظني انها إما ردّة فعل من البسطاء او انها حِيكتْ مثل ما حيك غيرها لاغراض المكر والخديعة .
لك تقديري وشكري وبارك الله فيك ولك واسأله جلّ وعلا ان يوفقك ويغفر لك ولوالديك .
جزاك الله خيرا ونوّر بصيرتك ودفع عن وجهك النار
جميل جداً ان يتّضح الحق , وفعلاً موجودة هذه القصص التي تُروى
عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب .. وحتى عن غيره . بينما هي لم ينزل الله بها من سلطان
وظني انها إما ردّة فعل من البسطاء او انها حِيكتْ مثل ما حيك غيرها لاغراض المكر والخديعة .
لك تقديري وشكري وبارك الله فيك ولك واسأله جلّ وعلا ان يوفقك ويغفر لك ولوالديك .
شكر الله لك وبارك بك أخي الحبيب أبا معاذ
في الحقيقة مشاركتك بعثتني لقراءة المقال من جديد وهي من لفتت أنتباهي إلى عدم عزو المقال والجهد إلى صاحبه
فأسأل الله تعالى أن يغفر لي ذلك وأن يجزيك خير الجزاء ...
المقال للشيخ :خالد بن محمد الأنصاري
رقـم الفتوى : 114619 عنوان الفتوى : هل وأد عمر بن الخطاب ابنة له في الجاهلية تاريخ الفتوى : 12 ذو القعدة 1429 / 11-11-2008 السؤال
سؤالي هل ورد أن سيدنا عمر بن الخطاب وئد ابنته فى الجاهلية كما يقولون وما هو الدليل؟ وجزاكم الله عنا كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد كان بعض العرب في الجاهلية يئدون البنات وقد أخبر القرآن الكريم بذلك عنهم، فقال تعالى: قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلاَدَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللّهُ افْتِرَاء عَلَى اللّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ {الأنعام:140}، ، وقال تعالى: وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ {التكوير:9}.
ولكن الرواية عن وأد عمر - - لبعض بناته باطلة لا تصح لأن من المعلوم أن أول امرأة تزوجها عمر - - هي زينب بنت مظعون أخت عثمان و قدامة فولدت له حفصة وعبد الله وعبد الرحمن الأكبر كما جاء في البداية والنهاية لابن كثير : قال الواقدي وابن الكلبي وغيرهما تزوج عمر في الجاهلية زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون فولدت له عبد الله وعبد الرحمن الأكبلر وحفصة .
وكان ميلاد حفصة قبل البعثة بخمس سنين كما جاء في المستدرك وغيره عن عمر قال : ولدت حفصة وقريش تبني البيت قبل مبعث النبي بخمس سنين ،
ولهذا فهي أكبر بنات عمر ولم يئدها ، فلماذا يئد من هي أصغر منها؟ ولماذا انقطعت أخبار من وئدت فلم يذكرها أحد من أقاربها ولم نجد لها ذكرا في أبنائه؟
فقد سموا لنا جميعا وسمي لنا من تزوجهن عمر في الجاهلية والإسلام ، ولم نقف فيما اطلعنا عليه من المراجع على شيء يوثق به في هذا الأمر ، ولو كان عمر - - ممن فعل ذلك في جاهليته لما كان عليه فيه مطعن ولا مغمز في الإسلام ، إذ الإسلام يجب ما قبله وقد كانوا في الجاهلية مشركين يعبدون الأصنام ، ولا ذنب أعظم من الكفر وعبادة الأصنام ، فالظاهر أن هذه الرواية باطلة .
والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى
هل وأد عمر ابنته في الجاهلية؟
الجواب
( لا )
الان وبعد قراءة الكلام المرفق وجب علي وعليكم ان نرد على كل من قال أن عمر بن الخطاب قد وأد ابنته في الجاهلية
اخواني الكرام
لقد شاع على ألسنة الكثير من الخطباء والوعَّاظ أنّ عمر بن الخطاب كان قد وأد ابنته في الجاهلية، ولطالما سمعنا هذه القصة على المنابر وفي المحاضرات والمواعظ، وخلاصة القصة: "أنه كان جالساً مع بعض أصحابه، إذ ضحك قليلاً، ثم بكى، فسأله مَن حضر، فقال: كنا في الجاهلية نصنع صنماً من العجوة، فنعبده، ثم نأكله، وهذا سبب ضحكي، أما بكائي، فلأنه كانت لي ابنة، فأردت وأدها، فأخذتها معي، وحفرت لها حفرة، فصارت تنفض عن لحيتي، فدفنتها حية". والعجيب أنّك تجد المرء من العوام لا يفقه من الإسلام شيئا ولا يحفظ من شرائعه أمرًا إلاّ قصة وأد عمر لابنته!!
والحقيقة المذهلة التي يتحمّل مسؤوليتها الخطباء والوعاظ أنّ هذه القصة باطلة وموضوعة وملفقة على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، والعجيب أنّه لا ذكر لها في كتب السنة والحديث أو كتب الآثار والتاريخ، ولا يعرف من مصادرها إلا ما يكذبه الرافضة الحاقدون من غير دليل ولا حجة.
والأصل أنه لا يُثْبَت مثل ذلك إلاّ بإسناد ثابت ، وليس لدينا إسناد ثابت بأن عمر فعل ذلك فعلاً.
وممّا يؤكد زيفها ووضعها:
١- أنّه من المعلوم أن أول امرأة تزوجها عمر - - هي زينب بنت مظعون أخت عثمان و قدامة فولدت له حفصة وعبد الله وعبد الرحمن الأكبر كما جاء في البداية والنهاية لابن كثير: قال الواقدي وابن الكلبي وغيرهما تزوج عمر في الجاهلية زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون فولدت له عبد الله وعبد الرحمن الأكبر وحفصة . وكان ميلاد حفصة قبل البعثة بخمس سنين كما جاء في المستدرك وغيره عن عمر قال: ولدت حفصة وقريش تبني البيت قبل مبعث النبي بخمس سنين، ولهذا فهي أكبر بنات عمر فلماذا لم يقم عمر بن الخطاب بوأد ابنته حفصة ا وهي إبنته الكبري والتي تكنى بها أبا حفص؟، ولماذا يئد من هي أصغر منها؟ ولماذا انقطعت أخبار من وئدت فلم يذكرها أحد من أقاربها ولم نجد لها ذكرا في أبنائه؟ فقد سموا لنا جميعا وسمي لنا من تزوجهن عمر في الجاهلية والإسلام، ولم نقف فيما اطلعنا عليه من المراجع على شيء يوثق به في هذا الأمر. (انظر ترجمة أم المؤمنين حفصة ا في "الإصاب" للحافظ ابن حجر (7/582
٢- لم يعرف في بني عدي الذين ينتسب إليهم الفاروق وأد البنات بدليل أن أخته فاطمة بقيت حية حتى تزوجت سعيد بن زيد ابن عم عمر بن الخطاب
٣- بعد بحث في كتب الأحاديث و التخريج لم اجد له اثر الا في كتب الرافضة وعدم ورودها في كتب السنة والحديث أو كتب الآثار والتاريخ دليل قاطع على بطلانها.
وأخيراً فإن مسألة الطعن في الصحابة عن طريق القصص التي ظاهرها " البراءة " كثيرة جدًا. لذا ينبغي على المرء أن يتثبت وأن يعرف من أين يأخذ العلم. وهذه القصة من اختلاق الروافض ، والمتهم باختلاقه هو الرافضي الخبيث نعمة الله الجزائري صاحب الأنوار النعمانية ، وللتغطية يستعمل مصطلح "روي عنه".