الروس لم يقدموا على انتشال الأسد ونظامه إلا بعد موافقة إسرائيل؛ فمن المعروف أن إسرائيل لها بالروس علاقات طبيعية إذا لم تكن وطيدة، وليس في مصلحة أي من الطرفين، لا إسرائيل ولا روسيا أن تتوتر؛ وكثيرا ما يشد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو رحاله إلى موسكو للتنسيق معهم في تدخلاتهم في المنطقة العربية.. وهذا يعني بكل وضوح أن روسيا الاتحادية نسقت مع إسرائيل قبل التدخل لإنقاذ الأسد ونظامه.
إيران يربطها بروسيا علاقات وطيدة وإن توترت بعض الشيء مؤخرا؛ وحزب الله صنيعة الولي الفقيه الإيراني، ومنه يتلقى معظم تمويله، والبقية من خلال الاتجار بالمخدرات في كل أرجاء العالم.. هذه العوامل مجتمعة تنسف أسطورة أن سلاح حزب الله هو سلاح لمقاومة إسرائيل، وحماية حدود لبنان، كما يردد اللبنانيون الموالون للحزب، وكما ردد كذلك الأسطورة ذاتها الرئيس اللبناني «ميشيل عون» في القاهرة.
الإيرانيون وصنيعتهم حزب الله يروجون هذه الأسطورة أو الذريعة، لتسليح الميليشيا الشيعية في لبنان لتكون لهم بمثابة مخلب قط لحماية نفوذهم وسيطرتهم هناك،؛ أما أن يرمي الرئيس اللبناني بثقله خلف هذا الحزب، ويتبنى رسميا ميليشيات تأتمر بأمر الولي الفقيه، فلا يمكن أن يكون ذلك منطقيا، لولا أنه يعلم يقينا أن سلاح حزب الله لا يستهدف إسرائيل كما يزعم (مجعجع) الحزب «حسن نصر الله»، ولما تجرأ على هذا التصريح، الذي جعل عمليا أي تهديد ينطلق من سراديب الحزب في بيروت هو تهديد (لبناني) رسمي؛ ومعروف أن عون قبل أن يصبح رئيسا كان حليفا للحزب، ويعمل بالتنسيق معه، وهو أقرب الزعماء اللبنانيين بمعرفة حقيقة من يستهدفهم. كل هذه المؤشرات تقول ما يلي: أولا حزب الله ومن ورائه إيران، هم مع إسرائيل (سمن على عسل)، وكل طرف يخدم الطرف الثاني؛ إيران تتخذ من عداء إسرائيل ذريعة تخدم أطماعها في المنطقة؛ وتدخل إيران دعما للرئيس الأسد وعدم استبداله بآخرين، لا تضمنهم، يصب في مصلحة إسرائيل وإيران معا. ولا يخالجني شك بأن هذا الحزب، لو كان يشكل خطرا وجوديا على إسرائيل، فلديهم من الوسائل المخابراتية، والقوة العسكرية، ناهيك عن النفوذ لدى الدول العظمى، ما يجعل لبنان، وليس ميليشيا حزب الله فحسب، أثرا بعد عين. فأمن إسرائيل، وبقاؤها، أمرٌ محسوم، ليس لدى الأمريكيين فحسب، وإنما لدى كل الدول العظمى. والعرب، خاصة المغفلين منهم، لا يتعلمون من تاريخهم مع الزعماء المزورين الذين يتخذون من قضية فلسطين ذريعة لأطماعهم وتسلطهم، صدام حسين مثالا، وقبله عبدالناصر، والآن حسن نصر الله وقبل هؤلاء عدونا الفارسي البغيض، جميعهم بلا استثناء جعلوا فلسطين بمثابة قميص عثمان وأصابع نائلة لتحقيق أهدافهم، ولأن أغلب العرب لا يقرؤون، ولا يفكرون، تنطلي عليهم النصبة ذاتها مع كل زعيم نصاب، وآخرهم ولا أظنه سيكون الأخير هذا الكذاب الأشر، الإرهابي حسن نصر الله.
عن حذيفة رضى الله عنه، أنه أخذ حجرين، فوضع أحدهما على الآخر، ثم قال لأصحابه:
هل ترون ما بين هذين الحجرين من النور؟
قالوا: يا أبا عبد الله، ما نرى بينهما من النور إلا قليلا.
قال: والذي نفسي بيده، لتظهرن البدع حتى لا يُــرى من الحق إلا قدر ما بين هذين الحجرين من النور،والله، لتفشون البدع حتى إذا ترك منها شيء،
قالوا: تُركت السنة !.
.
[البدع لابن وضاح ١٢٤]