الشبهة:
في الصحيحين من جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ يُحَدِّثُ:" أَنَّ رَسُولَ اللّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَنْقُلُ مَعَهُمُ الْحِجَارَةَ لِلْكَعْبَةِ، وَعَلَيْهِ إِزَارُهُ. فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ، عَمَّهُ: يَا ابْنَ أَخِي! لَوْ حَلَلْتَ إِزَارَكَ، فَجَعَلْتَهُ عَلَى مَنْكِبِكَ، دُونَ الْحِجَارَة.قَالَ: فَحَلَّهُ، فَجَعَلَهُ عَلَى مَنْكِبِهِ، فَسَقَطَ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ.قَالَ فَمَا رُؤيَ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ عُرْيَاناً" .
وبدأ أهل البدع يشنعون كيف تعرى النبي – – فهذا كذب على النبي – – كما يزعمون والرد على هؤلاء يكون بما يأتي :
الجواب :
أولا : هذا الحديث صحيح الإسناد لا غبار عليه فقد أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (364) كتاب الصلاة – باب كراهية التعري في الصلاة وغيرها .
فهذا الحديث قبل بعثة النبي – – وقال الزهري – رحمه الله - :" لما بنت قريش الكعبة لم يبلغ النبي عليه الصلاة والسلام الحلم .
ثانياً : التعري عند أهل العلم يجوز إن كان لمصلحة شرعية راجحة ، كجواز التعري أثناء العلاج بل لا خلاف على جواز أن ينظر الطبيب إلى موضع المرض من المرأة عند الحاجة ضمن ضوابط شرعية مع تقوى الله وصلاح النية ، والضرورات تقدر بقدرها ، فتعري النبي – صلى الله عليه وسلم – كان قبل البعثة أولا وثانياً كان لمصلحة لكي يضع ثوبه على عاتقه لكي يتقوى بها على حمل الحجارة وعلى قربة يتقرب بها لله جل وعلا وهي بناء الكعبة .
كما حدث لنبي الله موسى لما اتهمه قومه برجولته فبرأه الله مما قالوا وهذا كما أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة – - قال: كَانَو بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى سوأة بَعْضٍ وَكَانَ مُوسَى يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلا أَنَّهُ آدَرُ(أي ذو فتق) قال: فَذَهَبَ مَرَّةً يَغْتَسِلُ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ! فَجَمعَ مُوسَى فِي إِثْرِهِ يَقُول:ُ ثَوْبِي حَجَرُ! ثَوْبِي حَجَرُ!حَتَّى نَظَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى سوأة مُوسَى فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ فقام الحجر بعد حتىنظرإليه فأخذ مُوسَى فطفق ثَوْبَهُ بِالْحَجَرِضرباً؟ فوالله إِنَّ بِالْحَجَرَِنَدَباً سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ (1) .
وقد ثبت هذا الحديث عند الرافضة و رواه إمامهم ووصيهم السادس المعصوم كما يزعمون ، وقد أخرجه مفسرو الشيعة في تفاسيرهم أيضا .
- ففي تفسير القمي عن أبي بصير، عن أبي عبدالله(ع):" أن بني اسرئيل كانوا يقولون ليس لموسى ما للرجال وكان موسى إذا أراد الإغتسال ذهب إلى موضع لايراه فيه أحد من الناس فكان يوماً يغتسل على شط نهر وقد وضع ثيابه على صخرة فأمرالله الصخرة فتباعدت عنه حتى نظر بنو اسرائيل إليه فعلموا أنه ليس كما قالوا أنزل الله : " يَـأَيُّـهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ ءَاذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُواْ وَكَانَ عِندَاللهِ وَجِيهًا " [ الأحزاب/69 ] (2) .
ثم أن مفسرهم الطبرسي في مجمع البيان أثبت هذا الحديث فقال :" أن موسى عليه السلام كان حيياً ستيراً يغتسل وحده فقال ما يتستر منّا إلا لعيب بجلده أما برص وأما أدرة فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه علىحجر فمر الحجر بثوبه فطلبه موسى فرآه بنو اسرئيل عرياناً كأحسن الرجال خلقا فبرأه الله مما قالوا " (3) .
قال رئيس علمائهم نعمة الله الجزائري في قصصه(ص 250) : " قال جماعة من أهل الحديث لا استبعاد فيه بعد ورود الخبر الصحيح وإن رؤيتهم له على ذلك الوضع لم يتعمده موسى ولم يعلم إن أحد ينظر إليه أم لا وأن مشيه عرياناً لتحصيل ثيابه مضافاً إلى تبعيده عما نسبوه إليه ، ليس من المنفرات ".
ثالثاً : ونقول نحن كذلك أهل السنة والجماعة كما قال : لا استبعاد فيه بعد ورود الخبر الصحيح وإن رؤيته له على ذلك الوضع لم يتعمده النبي – - فليس ذلك من المنفرات .
رابعاً : ليس في الحديث أنه تعرى أمام الناس – صلوات ربي وسلامه عليه – فالتعري أمام الناس متعمداً من خوارم المروءة ، فأين الدليل أن النبي – – مشى أمام الناس عارياً لا لشيء وإنما من أجل التعري فقط وأن الكل ينظر إليه !! .
فليس في هذا الحديث أن النبي - - مشى وتعرى أمام الناس ، وهذا القول له شاهد عند الطبراني في كما ذكر ذلك الحافظ في " الفتح " : " لما بنت قريش الكعبة انفردت رجلين رجلين ينقلون الحجارة ، فكنت أنا وابن أخي ، جعلنا نأخذ أزرنا فنضعها على مناكبنا ونجعل عليها الحجارة ، فإذا دنونا من الناس لبسنا أزرنا ، فبينما هو أمامي إذ صرع فسعيت وهو شاخص ببصره إلى السماء قال فقلت لابن أخي : ما شأنك ؟ قال : نهيت أن أمشي عريانا قال فكتمته حتى أظهر الله نبوته " .
خامساً : على افتراض أن التعري لمصلحة ظهرت لمن تعرى أنه ذنب ، ولكنه ليس من الكبائر ، وعقيدتنا أن الأنبياء معصومون من كبائر الذنوب ومن خوارم المروءة ، لذلك حينما تعرى أمام عمه فقط لم يقر على ذلك وأغشي عليه وما رؤي عريانا بعد ذلك .
سادساً : نقول للرافضة ما شأنكم وشأن كشف العورات ؟؟ فدينكم دين جنس ودعوة للتعري والفاحشة وهذه حقيقة وسأذكر بعض الأمور التي تؤكد هذا الادعاء :
1 - يتهمون النبي بأنه كان ينظر إلى عورات النساء ويخون المؤمنين ، وينظر إلى امرأة رجل مسلم وهي تغتسل عريانة !!!
ففي بحار الأنوار (22/217) : " قال الرضا : إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قصد دار زيد بن حارثة في أمر أراده فرأى امرأته تغتسل فقال لها : " سبحان الذي خلقك " .
2 - يروون عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال : " كان رسول الله – – لا ينام حتى يضع وجهه بين ثديي فاطمة " وفاطمة امرأة كبيرة بالغة فكيف يضع النبي – – وجهه بين ثدييها – ا - .
3 - يزعمون أن إمامهم المعصوم الثاني عشر الغائب لما يظهر أنه سيكون عارياً بدون ثياب !! وهذا ما رواه الشيخ الطوسي والنعماني عن الإمام الرضا : " أن من علامات ظهور المهدي أنه سيظهر عارياً أمام قرص الشمس " حق اليقين (ص 347) .
4 - الرافضة عندهم الدبر ليس من العورة وهذا ما رواه الكليني في الكافي ( 6/512) عن أبي الحسن قال : " العورة عورتان القبل والدبر ، فأما الدبر مستور بالإليتين فإذا سترت القضيب والبيضتين فقد سترت العورة " .
5 - جواز النظر إلى العورات من غير المسلمين فعن جعفر الصادق قال : " النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثل نظرك إلى عورة الحمار " الكافي (6/512) .
6 - يزعمون أن إمامهم المعصوم الخامس محمد الباقر كان يدخل الحمام ويكشف عورته أمام الناس ، فعن عبيد الله الدابقي قال : " دخلت حماما بالمدينة ... فقلت : لمن هذا الحمام ؟ فقال لأبي جعفر محمد بن علي فقلت : كان يدخله ؟ قال : نعم فقلت : كيف كان يصنع ؟ قال كان يدخل يبدأ فيطلي عانته وما يليها ثم يلف على طرف إحليله ويدعوني فأطلي سائر بدنه ، فقلت له يوماً من الأيام : الذي تكره أن أراه قد رأيته " - يقصد عورته المغلظة - .( الكافي 6/508) .
عن حذيفة رضى الله عنه، أنه أخذ حجرين، فوضع أحدهما على الآخر، ثم قال لأصحابه:
هل ترون ما بين هذين الحجرين من النور؟
قالوا: يا أبا عبد الله، ما نرى بينهما من النور إلا قليلا.
قال: والذي نفسي بيده، لتظهرن البدع حتى لا يُــرى من الحق إلا قدر ما بين هذين الحجرين من النور،والله، لتفشون البدع حتى إذا ترك منها شيء،
قالوا: تُركت السنة !.
.
[البدع لابن وضاح ١٢٤]