الحمد لله على نعمائه , والشُكر له على فضله وامتنانِه ..
مواقعُ جوده علينا تترى , وما نعمة أعظمُ من أنّه ربنا , وأنا عبيده , مفتقرون إليه صبحًا وأمسى .
أكرمنا بالإسلامِ , وهدانا للعلمِ والإيمان , وأرسل رسوله , وأنزل كتابه , فكان رحمةً للعالمين .
وبعد ..
تميّزتِ النساء عن شقائقهنّ بحبّ الزينة , والاهتمام بالمظهر والهندام , بقدرٍ أعلى مما هو عند الرجال – لحكمةٍ بالغة-, وقد وصفن في القرآن بالنشوء في الحلية
فاللباس , والعطور , والخلخال , والسوار , والخواتم , والأقراط , والمساحيق .. عناصرٌ لا تخلو منها خزانة امرأة .
اعلمي أخيتي أن هذه الأشـياء تزيدكِ كمالًا , وليس في فقدها كمالٌ قط , بل النقص كل النقص , ولا يمنعكِ منها علم , ولا فقه , ولا حديثَ , ولا نظر .. إلا ما سقمَ من الفهم والنظر !
يحزنني أن أرى بعض أخواتنا ممن منّ الله عليهنّ بالهداية , والاشتغال بأجل علمِ , وأعز ظفر .. قد تجردت من حاجاتها الأنثوية الطبيعية , والتي تصبو إليها كل امرأة , ولا يلومها عليها عاقل .
.. ثيابٌ خلقة , ورأسٌ أشعث , ووجهٌ أشهب ,... ولولا الحياءُ لزدت وصفًا! وليس هذا من قلةٍ ذاتٍ اليد , ولكن من قلّة الفهمِ لما يجب , ولِما يُذم من الورع ! هذا حشفٌ , وسوء كيله جبينٌ مقطب بظنّ الوقار منها , ويقين الجـهل بمعناه .. فلِمَ كل هذا , وأي شرعٍ يدعوكِ لهذا !
لا يمكن أن يفهم ذو لبٍ مما سبق دعوة إلى المبالغة في الاهتمام بالمنظر , فتضيع الأوقات أما المرآة , والسعي في الأسواق , ووضع المكياج , وتحقيق التناسب بين القرط والخلخال ! كلا .. بل هي دعوة إلى الأخذِ بما فُطرت عليه النساء من التزين والتجمل ولكن في حالِة وسطٍ بين طرفي المبالغة , والتقشف .. دونَ تقحم للمُحرمات , واقتراف للكبائر .
وأقول لكم ببالغِ الأســى : تنفُر كثير من الفتياتِ عن نهج الاستقامة والهداية بسبب إحداهُن ممن غالت , وأجحفت في حقّ نفسها وغيرها وما عدلت ... فهي [ تظن المزاح محرما , والتبسم خارمٌ للمروءة , والزينة مشغلة عن المهمات , والخلطة بالناسِ ضياع , والحديث في غير العلمِ والعلماء تفاهة ] .. كلا والله بل فكرها في فاقة !
.
[ الله جميلٌ يحب الجمال ] رواه مسلم .. وتلمّست أمنا الطاهرة عائشة - ا- عقدًا كان قد سقط منها , وكان الإمام مالك – رحمه الله – يلبس الثياب العدنية الجياد , والطيالس الفاخرة , وعوتب في هذا فقال : " أوقر به حديث رسول الله "
ألَا لا توغلِن في الأمرِ , ولا تصدُن عباد الله عن الحق , وقد أراد الله بنا يُسرًا .. وفي الشريعةِ ما يدعو للتزين , وإشباع لتلك الفطرة , وضبطها فكان ما حل فيها أكثر مما حُرم ..
تفقدي خزانتكِ ..
تفقدي أدراجك ..
وتحسسي مرآتكِ ..
جددي , ابحثي عن الأجمل , والأنسب , والأليق , .. في غيرِ سخطٍ من الله , ولا تمايع لهوية مسلمة .
ولا شيء يعلو على جمال الباطن , جمال الروح , وزينة القلب .. فأكملي تلك المناقِب الجياد بازديانِ الظاهر , وإحسان للناظر .
صحيح يا أخية بعض النساء ممن اشتغلت بالعلم أو الدعوة نسيت أنها أنثى وأضحت ليلها ونهارها في كد وتعب بحجة الدعوة
حسنا أين فطرتك {أومن ينشأ في الحلية...}
حتى أني مرة قلت لبعضهن ألا تخشين أن تظهر لك لحية!
لكن بحمد الله هؤلاء قلة
جزيتِ خيرا
عن حذيفة رضى الله عنه، أنه أخذ حجرين، فوضع أحدهما على الآخر، ثم قال لأصحابه:
هل ترون ما بين هذين الحجرين من النور؟
قالوا: يا أبا عبد الله، ما نرى بينهما من النور إلا قليلا.
قال: والذي نفسي بيده، لتظهرن البدع حتى لا يُــرى من الحق إلا قدر ما بين هذين الحجرين من النور،والله، لتفشون البدع حتى إذا ترك منها شيء،
قالوا: تُركت السنة !.
.
[البدع لابن وضاح ١٢٤]