قد اعتنى العلماء اللغويون والنحاة بمعنى الرجاء في قوله تعالى : (( لعله يتذكر أو يخشى )) وسنلخص الأوجه التي ذكرها هؤلاء لأن إيرادها بنصوص قد يطيل المقام .
فالرجاء يحتمل الأمور التالية :
1 - أن يكون الترجي هنا على بابه وذلك بالنسبة إلى المرسل وهو موسى وهارون أي " اذهبا على رجائكما في إيمانه وباشرا الأمر مباشرة من يرجو ويطمع أن يثمر عمله ويبذل ما في وسعه " .
ويستحيل أن يرد ذلك في حق الله تعالى إذ هو عالم بالعواقب والغيب .
وعن سيبويه (( كل ما ورد في القرآن من لعل وعسى فهو من الله واجب )) وهذا صريح في أن الترجي يستحيل بقاؤه على معناه في حق الله تعالى .
2 - إن لعل تفيد التعليل ، فهي بمنزلة " كي " ، وهذا قول الفراء حيث قال : (( كما نقول : اعمل لعلك تأخذ أجرك أي كي تأخذ أجرك )) .
3 - إن لعل استفهامية أي هل يتذكر ويخشى ، وهذا قول مردود لأنه يستحيل الاستفهام في حق الله تعالى .
ما يقول النحاة :
يقول النحاة إن " لعل " للتوقع ، وعبر عنه قوم بالترجي في الشيء المحبوب نحو " لعل الحبيب قادم " ومنه قوله تعالى : (( لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا )) ، والإشفاق في الشيء المكروه نحو (( فلعلك باخع نفسك )) أي قاتل نفسك ، والمعنى أشفق على نفسك أن تقتلها حسرة على ما فاتك من إسلام قومك ، والإشفاق لغة الخوف يقال : أشفقت عليه بمعنى خفت عليه ، وأشفقت منه بمعنى خفت منه وحذرته .
وقال الأخفش والكسائي : وتأتي " لعل " للتعليل نحو : ما يقول الرجل لصاحبه : أفرغ من عملك لعلنا نتغدى ، واعمل عملك لعلك تأخذ أجرك ، أي لتتغدى وتأخذ ، ومنه " لعله يتذكر " أي : ليتذكر ، وقال في المغني : ومن لم يثبت ذلك يحمله على الرجاء ويصرفه للمخاطبين أي : اذهبا على رجائكما .