يعرّف أهل اللغة المجاز باستعمال اللفظ في غير ما وضع له، على خلاف كبير في وجود المجاز أو عدمه، واختلاف في تعريفه كذلك، وليس هذا ما يعنينا هنا. يهمنا في هذا المقام أن المجاز بعبارة يسيرة هو أن يكون الشيء على غير حقيقته التي وضعها الله له – وأنا هنا أتوسع في معنى المجاز -. فكل من الرجل والمرأة جعل الله له حقيقة يتميز بها عن الآخر مع وجود مشتركات بينهما. فما حقيقة الرجل وحقيقة المرأة؟ وكيف يكون كلا منهما مجازا؟
الرجولة مظهر وخبر، فالمظهر معروف أما المخبر فهو كنه الرجل وقد بينها الله تعالى بقوله: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) النساء/34 فأبرز صفات الرجولة وأقواها وأشرفها وأعلاها هي القوامة. لكن ما هي القوامة؟ باختصار هي رعاية ذاك المخلوق الآخر المرأة بكل ما فيه صلاح دينها ودنياها، ومتى اختلت القوامة دخل الفساد في حياة المرأة وتخللها. وبتدبر يسير لكلمة (قوّامون) مفردها: قوّام على صيغة فعّال فهي صيغة مبالغة، وقف هنا كثيرا أيها الرجل، فلم يقل ربك: الرجال قائمون بل قوّامون، والمبالغة تعني كثرة هذا الأمر والعمق فيه والاتيان به من جميع جوانبه.
أما حين يكون الرجل مجازا فهو حينها لا يملك من الرجولة إلا مظهرها فقط أما جوهرها فزيف، بل ويغرق بعضهم في المجاز الرجولي فلا مظهر ولا مخبر!.
وكن رجلا على الأهوال جلدا /// وشيمتك السماحة والوفاء
أما المرأة فحقيقتها كما ذكر سبحانه (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) النساء/34 والبلاغة كل البلاغة أن يأتي تعالى بوصف كمال الرجولة مقرونا بوصف كمال الأنوثة. وهذا هو التكامل والانسجام. وحقيقة المرأة أيضا مظهر ومخبر لكن المظهر ليس كلأً مباحا لكل أحد بل هو كينونة خاصة لرجل خاص، يتبع ذلك مخبر أنثوي تجلله حكمة عائشية، - رضي الله عن عائشة -.
وهل يمكن أن تكون المرأة مجازا؟ نعم، بل إن مجازها أدهى من مجازية الرجل، فمجازية المرأة تتيه في ظلماتها أسرةٌ كاملة، ويتخبط فيها مجتمع بأسره، وليس ذاك من الغلو في شيء؛ فإن التاريخ والواقع يشهدان بذلك شهادة صدق لا زور. الأم مدرسة إذا أعددتها /// أعددت شعبا طيب الأعراقِ
موت الأحبة و رحيلهم يدمي و يؤلم القلوب ,
و يدمع العيون , ويضعف النفوس..
فما لذة الحياة إلا مع من نحب
ومن نرتاح لهم,أولئك
الذين نسعد إذا حضروا و نشتاق إذا رحلوا ..