بسم الله الرحمن الرحيم... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثيراً ما دندن الرافضة حول هذه الشبهة علهم يجدوا مثلباً على أهل السنة والجماعة بعد أن ابتلاهم الله بالمتعة التي قد يتحاشى الكثير منهم الخوض بها خوفاً من طرق باب الرذيلة عن طريقها ...
أولاً : دفع الشبهة عن أبي حنيفة رحمه الله . فكما قررت مسبقاً .. نسأل الرافضي الأحمق المتعالم سؤالاً واحداً : هل معنى قول أبي حنيفة رضي الله عنه : " لا حد عليه " أي : لا عقوبة عليه ؟! فلا يتأتى مطلقاً من قول أبي حنيفة رحمه الله أنه : لا حد عليه ، بمعنى .. أنه معفى من العقوبة أو ما شابه ، فما الأمر إذاً ؟! يجب أن نفرق أولا بين من وطأ محرماً بعقد زواج ، ومن وطأ بغير عقد . أولاً : من وطأ بعقد :وقول الرافضي الجاهل الأحمق كله مختص بهذه المسألة . أبو حنيفة رحمه الله يرى أن من وطيء ذات محرم كأمه مثلاً أو أخت بعقد زواج فليس عليه حد . والسؤال ها هنا : هل معنى ليس عليه حد ، أنه ليس عليه عقوبة ؟ الجواب : بالطبع لا ، فالتعزير واجب فيه على قول أبي حنيفة جاء في ( الفقه على المذاهب الأربعة / العقد على المحارم ) : [ الإمام أبو حنفية - قال : لا يجب عليه إقامة الحد وإن قال : علمت أنها علي حرام لكن يجب عليه بذلك المهر ويلحق به الولد ويعاقب عقوبة هي أشد ما يكون من أنواع التعزير ] إذاً فالإمام أبو حنيفة لا يرى إعفاء مرتكب هذا الذنب من العقوبة ، بل يرى أن عليه العقوبة البليغة ، وقد تصل هذه العقوبة إلى القتل ! فأين من هذا أيها الجاهل الأحمق الغبي كذبك على الإمام وقولك إنه : صرح بنكاح البنت والأم والأخت !!! ونضع علامات التعجب ولا أعجب من سفه الرافضة وسخفهم .
وأما المالكية والشافعية والحنابلة وأبو يوسف والإمام محمد من الحنفية - فقالوا : إذا عقد رجل على امرأة لا يحل له نكاحها بأن كانت من ذوي محارمه كأمه وأخته مثلا أو محرمة من نسب أو رضاع ثم وطأها في هذا القعد وهو عالم بالتحريم فإنه يجب عليه إقامة الحد .
دعونا من غباء الرافضة الآن ولنأت لسؤال منطقي : لماذا خالف الإمام أبو حنيفة رحمه الله قول الجمهور في أن على مرتكب هذا الذنب الحد ؟! الجواب : هو اختلافهم هل هذا العقد يوجب شبهة أم لا . فلا تنسوا إخوتي وأخواتي أن هذا الرجل الذي وطأ محرماً له قد وطأها بعقد زواج ، والعقد قد يكون فيه شبهة لأنه بشهود ، فكيف يجتمع هؤلاء على تلك الجريمة بغير شبهة ؟! فرأى أبو حنيفة رحمه الله أن في العقد شبهة تسقط الحد ، ورأى الجمهور أن ليس فيه شبهة . وتفصيل هذا الأمر في كتب الفقه فليُرجع إليها فليس هذا محل كلامنا الآن . السؤال التالي : ما القول الراجح في مسألة من وطأ بغير عقد ؟. يرى الإمام أبو حنيفة أن من وطأ ذات محرم له بغير عقد فحده حد الزاني ، وهو الرجم للمحصن والجلد والتغريب عاماً لغير المحصن .
ثانياً : بيان الراجح في المسألة . القول الراجح في المسألة - والله أعلم - أن : [من وطأ ذات محرم له فإنه يُقتل مطلقاً ، سواء كان بعقد أو بغير عقد ، محصناً كان أم غير محصن ] . وهو قول الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه ، وقول إسحاق وأبي أيوب وابن أبي خيثمة ، وقول جماعة من السلف والخلف سيأتي ذكرهم إن شاء الله.
وأدلتهم على ما يلي : الدليل الأول : عن البراء بن عازب – رضي الله عنه – أنه قال : لقيت خالي – وفي بعض الروايات : عمي – ومعه راية ، فقلت له ؟ . فقال : " بعثني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى رجل تزوج امرأة أبيه أن أقتله أو أضرب عنقه " الدليل الثاني : عن معاوية بن قرة ، عن أبيه ، عن جده أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بعثه إلى رجلٍ أعرس بامرأة أبيه ، فضرب عنقه ، وخَمَّسَ ماله.
الدليل الثالث : عن المغيرة بن شعبةَ – رضي الله عنه – قال : قال سعد بن عبادة : لو رأيت رجلاً مع امرأة أبيه لضربته بالسيف غير مصفح ؛ فبلغ ذلك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال : " أتعجبون من غيرة سعد ! فو الله لأنا أغير منه ، والله أغير مني ، ومن أجل غيرةِ الله : حرَّم الفواحش ما ظهر منها و ما بطن ، ولا شخصَ أغير من الله ، ولا شخصَ أحبُّ إليه العذر من أجل ذلك وعد الجنة " .
الدليل الرابع : أنَّ هذا القول هو اختيار جماعةٍ من الصحابة لم يعلم لهم مخالف ؛ فهو قول : 1 – ابن عباس ، فقد جاء عنه أنه قال : اقتلوا كل من أتى ذات محرم. 2 ، 3 – وعبد الله بن مطرف ، وأبو بردة ؛ فقد جاء عنهما أنهما حكما في رجل زنا بانته بقتله... وجه الاستدلال به من جهتين : الأولى : أنَّ ابن عباس – رضي الله عنهما – وهو ترجمان القرآن لا يقول هذا الحكم العام إلا بتوقيف من النبي – صلى الله عليه وسلم – . الثاني : أن هؤلاء الصحابة لا يعلم لهم مخالف من الصحابة .
الدليل الخامس : أنَّ هذا القول هو اختيار جماعة من التابعين والسلف من أهل العلم والتحقيق : 1 – فعن سعيد بن المسيب أنه قال فيمن زنا بذات محرم : يرجم على كل حال . 2 – وعن جابر بن زيد – وهو أبو الشعثاء ؛ كما بين ذلك ابن حجر في الفتح – فيمن أتى ذات محرم منه . قال : ضربة عنقه . 3 – وقال إسحاق بن راهويه : من وقع على ذات محرم قُتِلَ . 4 – قال الإمام أحمد – كما في مسائل ابنه صالح وإسماعيل بن محمد – : يقتل ويؤخذ ماله إلى بيت المال . وقال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع ( 14 / 246 ) : وهي الصحيحة – أي عن الإمام أحمد – . 5 – وبوَّب أبو داود في سننه على حديث البراء : بابٌ في الرجل يزني بحريمه . 6 – قال الترمذي في سننه ( ح 1462 ) : والعمل على هذا عند أصحابنا ، قالوا : من أتى ذات محرم – وهو يعلم – فعليه القتل . 7 – وبوَّب النسائي في سننه الكبرى على حديث البراء : باب عقوبة من أتى بذات محرم . 8 – وسئل شيخ الإسلام – رحمه الله – كما في الفتاوى ( 34 / 177 ) عمن زنا بأخته ؟ فأجاب : وأما من زنى بأخته مع علمه بتحريم ذلك وجب قتله . 9 – وابن القيم اختار هذا القول في زاد المعاد ( 5 / 14 ) ، وروضة المحبين ( ص 374 ) . 10 – وهو ما جزم به ( ناظم المفردات ) من أنَّ حدَّه الرجم مطلقاً ؛ كما نقل ذلك المرداوي في الإنصاف ( 26 / 274 ) . 11 – وهو اختيار الشيخ ابن عثيمين كما في الشرح الممتع ( 14 / 246 ) . 12 – وهو ما رجحه الشيخ بكر أبو زيد – حفظه الله – في كتابه الحدود والتعزيرات عند ابن القيم ( ص 148 ) .
الدليل السادس : أنَّ هذا القول هو محض القياس الصحيح ، حيث إنَّ : المقيس عليه ( الأصل ) هو : نكاح امرأة الأب . المقيس ( الفرع ) هو : إتيان ذوات المحارم . الجامع بينهما ( العلة ) هو : أنَّ هؤلاء كلهن من ذوات المحارم . الحكم هو : القتل لكل من أتى ذات محرمٍ منه ، محصناً كان أم غير محصن ، بعقد أو بغير عقد .
الدليل السابع : أنَّ العقوبة على قدر الجُرْم ؛ فعندما غَلُظَ الزنا في هذه المسألة لكونه في ذات محرم = زادت العقوبة عليه ، ويدل على تغليظ هذه الجريمة الشنعاء : أ – ما ورد في حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – أنَّ النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : " لا يدخل الجنة من أتى ذات محرم " . ب – أنَّ الزنا معدودٌ في الكبائر ، ومعلومٌ أن المعصية تتغلظ بالمكان والزمان ؛ فكيف إذا كانت هذه المعصية – في الأصل – من الكبائر = لا شك أنها تكون من أعظم الموبقات إذا انظم إليها كون المزني بها من ذوات المحارم ، قال الهيثمي في الزواجر عن الكبائر ( 2 / 226 ) : وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ الزِّنَا لَهُ مَرَاتِبُ : فَهُوَ بِأَجْنَبِيَّةٍ لَا زَوْجَ لَهَا عَظِيمٌ , وَأَعْظَمُ مِنْهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ لَهَا زَوْجٌ , وَأَعْظَمُ مِنْهُ بِمَحْرَمٍ , وَزِنَا الثَّيِّبِ أَقْبَحُ مِنْ الْبِكْرِ بِدَلِيلِ اخْتِلَافِ حَدَّيْهِمَا , وَزِنَا الشَّيْخِ لِكَمَالِ عَقْلِهِ أَقْبَحُ مِنْ زِنَا الشَّابِّ , وَالْحُرِّ وَالْعَالِمِ لِكَمَالِهِمَا أَقْبَحُ مِنْ الْقِنِّ وَالْجَاهِلِ..