وليحذر طالب العلم من العوائق، والصوارف، لا سيما ما يتعلق بآفات القلب، كالعجب، بعض الطلاب يهبه الله -جل وعلا- حافظة، أو فهم بحيث يفهم قبل زملائه، وزملاؤه يطلبون من الشيخ الإعادة، وهو لا يحتاج إلى ذلك، ثم يتلفت، ويتبسم معجباً بنفسه، ومزدرياً لإخوانه.
والعجب فاحذره إن العجب مجترفٌ*** أعمال صاحبه في سيله العرم
كذلك الكبر، الكبر من أعظم الصوارف عن تحصيل العلم الشرعي.
وهاهنا طرفة: عبيد الله السقاف، مفتي حضرموت توفي قبل نصف قرن، يقول في رسالة له في العلم والتعليم: قرأت في بعض الكتب ممن يلمز شيخ الإسلام ابن تيمية بالكبر -وحاشاه من ذلك- يقول هذه عصبيات، ليس عصبية؛ لأن الرجل -عبيد الله السقاف- ما هو من المغرمين بشيخ الإسلام، أو المعجبين به إعجاباً تاماً، إنما هو يرجى له خير كبير، لكن في عنده شيء من المخالفة لما يقرره شيخ الإسلام، ورحمة الله على الجميع، لكن يقول: يستحيل أن يجتمع مثل هذا العلم، وأن يكون القرآن على طرف لسانه، وأسلة بنانه، وهو عنده شيء من الكبر، والله -جل وعلا- يقول: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ}[(146) سورة الأعراف]، فلا يتعلم العلم مستحيي، ولا مستكبر، يبدأ بالعلم الأهم فالمهم.
وبالمهم المهم ابدأ لتدركه *** وقدم النص والآراء فاتهم
لا بد أن تبدأ بالمهم، والأهم ثم الذي يليه.
وبالمناسبة هناك قصيدة في الوصية بالعلم وطلبه، والوصية بكتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، وهي مغفولٌ عنها لا أرى لها ذكر، أو كبير ذكر بين طلاب العلم، وهي للشيخ حافظ ابن أحمد الحكمي -رحمة الله عليه- أسماها "القصيدة الميمية في الوصايا والآداب العلمية" وهذا من أبدع ما نظم في هذا الباب، فعلى طالب العلم أن يعنى بها.