البيــت العـــام للمواضيع التي ليس لها قسم محدد |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
25-02-12, 07:05 AM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
البيــت العـــام
بسم الله الرحمن الرحيم لكل امة من الأمم ميزة وخصلة تتميز بها عن سائر الأمم ، ومن أعظم ما تميزت به أمة العرب هو اختصاصهم وعنايتهم بمعرفة الأنساب قبل ظهور الإسلام ، ولما جاء الإسلام أقر الاهتمام بحفظ النسب بشرط عدم التعصب المذموم للنسب مع ترك مبادئ الإسلام . ولا شك أن العرب أهل حضارة ، بل حضارتهم أقدم الحضارات من بين الأمم ، وكان لعلم النسب أهمية كبيرة في حياتهم من بين المعارف العديدة التي تميزت بها أمة العرب ، وهو أمر يتناسب مع طبيعة حياتهم الاجتماعية ، حيث أن القبيلة أو العشيرة كانت تمثل الوحدة السياسية والاجتماعية عند العرب . إذ لم يكن العرب آنذاك تحت ظل حكومة واحدة أو ملك واحد ، فكانت كل قبيلة تحكم نفسها بنفسها ، ولكل قبيلة شيخها ، ومن المحال أن يكون شيخاً على أي قبيلة ما لم يعرف بأصالة نسبه وعراقته . وكان الاهتمام بالنسب قبل الإسلام وأكثر المعلومات التي تتعلق بهذا العلم الشريف كانت شفهية تتناقلها الأجيال من جيل إلى جيل ، حيث أن أغلب العرب كانوا أميين لا يعرفون القراءة والكتابة ، وكانت غالب هذه المعلومات تتعلق بأنساب قريش وبعض مناطق الجزيرة العربية . ولما جاء الإسلام استمر الاهتمام بالنسب والاعتزاز به ، وقد أنكر الإسلام التعصب القبلي من خلال تأكيد القران العظيم وسنة النبي ، وهذا الإنكار على التعصب القبلي لا يعني عدم اهتمام الإسلام بالنسب أبدًا ، على العكس فأننا نجد أن القران حث على هذه القضية وأكد على صلة الأرحام في أكثر من آية ، وكذلك نجد في السنة المطهرة اهتمامها البالغ في حفظ النسب والتأكيد على صلة الأرحام ، وإنما أنكر الإسلام التعصب القبلي والمفاخرة بالأنساب ، لان البعض جعل النسب هو الميزان الذي يزن به الإنسان تاركاً ميزان التقوى والدين ، وهذا لا شك أن الإسلام قد ذمه ، وأن الميزان الحقيقي لكل إنسان هو تقوى الله تعالى ، قال الله تعالى ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) . وعن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال : لا فضل لعربي على عجمي ، ولا لعجمي على عربي ، ولا أسود على أحمر ، ولا أحمر على أسود إلاّ بالتقوى . إن الفخر بالآباء أو القبيلة أو بالعصبية الجاهلية مع غمز الآخرين والطعن فيها، وأنهم لا يساوونه في النسب مرض فتاك قاتل، يخبث النفس، ويشعل العداوة، ويفرق الجماعة، ويوجد البغضاء والعداوة بين أفراد المجتمع الواحد، وقد يؤدي إلى تمزيق المجتمع وجعله أحزابا وطوائف. لقد اشتد النبي في محاربة هذا الداء العضال، ونهى أمته عن الوقوع فيه وحذرهم منه ، وبين لهم حقيقة أمرهم ليكونوا على بصيرة من ذلك. أخرج الترمذي بإسناد حسن عن أبي هريرة عن النبي قال: (( لينتهن أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا ، إنما هم فحم جهنم ، أو ليكونن أهون على الله من الجعل الذي يدهده الخرء بأنفه ( الجعل :حشرة من شأنه جمع النجاسات بدحرجتها بأنفه ) ، إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية – أي كبرها ونخوتها – إنما هو مؤمن تقي، وفاجر شقي، الناس كلهم بنو آدم، وآدم خلق من تراب )) إنه تحذير نبوي كريم من آثار الجاهلية التي جاء الإسلام ليحطمها ، ويقيم عليها البناء الشامخ القوي . إنها أخوة الإسلام التي لا ترقى إليها العصبية، ولا تؤثر فيها الجاهلية. حتى ترسخت هذه العقيدة في عقول المسلمين العرب ، فصاروا لا يفضلون الناس بعضهم على بعض على أساس النسب وإنما جعلوا تقوى الله تعالى والالتزام بدينه هو الميزان الحقيقي بين الناس ، حتى قال احدهم : فلا تحسب الأنساب تنجيك من لظى و لو كنت من قيس و عبدمدان أبو لهب في النار و هو إبن هاشم وسلمان في الفردوس من خرسان وقال الآخر : أبي الإسلام لا أبا لي سواه وان افتخروا بقيس أو تميمِ وهذا سلمان الفارسي – – لما سئل عن نسبه قال: أنا ابن الإسلام. ولما بلغ عمر مقولته هذه بكى، وقال: أنا ابن الإسلام . اذًا حارب الإسلام التعصب القبلي وشجع على صلة الأرحام والمحافظة على النسب والاهتمام به وفيه صيانة وحفظ أعراض الناس . ولولا اهتمام الإسلام بالمحافظة على النسب لضاعت حقوق الميراث والمحارم والرحم ،بل بنيت عليه أمور وأحكام شرعية كالتوارث والوصية والوقف والنفقات والأضاحي والقصاص والشهادة والدية وغير ذلك . وللإمام ابن حزم رحمه الله تعالى كلام نفيس في اهتمام الإسلام للنسب وذم التعصب القبلي ، حيث يقول ( وإن كان الله تعالى قد حكم بأن الأكرم هو الأتقى، ولو أنه ابن زنجية لغية ، وأن العاصى والكافر محطوط الدرجة ، ولو أنه ابن نبيين ، فقد جعل تعارف الناس بأنسابهم غرضاً له تعالى في خلقه إيانا شعوباً وقبائل ؛ فوجب بذلك أن علم النسب علم جليل رفيع ، إذ به يكون التعارف. وقد جعل الله تعالى جزءاً منه تعلّمه لا يسع أحدا جهله، وجعل تعالى جزءاً يسيراً منه فضلاً تعلمه، يكون من جهله ناقص الدرجة في الفضل. وكلّ علم هذه صفته فهو علم فاضل، لا ينكر حقه إلا جاهل أو معاند. فأما الفرض من علم النسب، فهو أن يعلم المرء أن محمداً- - الذي بعثه الله تعالى إلى الجنّ والإنس بدين الإسلام ، هو محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي، الذي كان بمكة، ورحل منها إلى المدينة. فمن شك في محمد- - أهو قرشي، أم يماني، أم تميمي، أم أعجمي، فهو كافر، غير عارف بدينه، إلا أن يعذر بشدّة ظلمة الجهل؛ ويلزمه أن يتعلم ذلك، ويلزم من صحبه تعليمه أيضاً. ومن الفرض في علم النسب أن يعلم المرء أن الخلافة لا تجوز إلا في ولد فهر ابن مالك بن النضر بن كنانة؛ ولو وسع جهل هذا لأمكن إدعاء الخلافة لمن لا تحلّ له؛ وهذا لا يجوز أصلا. وأن يعرف الإنسان أباه وأمّه، وكلّ من يلقاه بنسب في رحم محرّمة، ليجتنب ما يحرم عليه من النكاح فيهم. وأن يعرف كل من يتصل به برحم توجب ميراثاً، أو تلزمه صلة أو نفقة أو معاقدة أو حكماً ما، فمن جهل هذا فقد أضاع فرضاً واجباً عليه، لازماً له من دينه. حدثنا أبو محمد عبد الله بن ربيع التميمىّ قال: ناأبو بكر محمد بن معاوية القرشى الهاشمى: ناأبو عبد الله الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، قال: حدثنى أبى: ناأبو ضمرة أنس بن عياض: ناعبد الملك بن عيسى الثقفي، عن عبد الله بن يزيد مولى المنبعث، عن أبي هريرة قال: قال لنا رسول الله : «تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم؛ فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأجل، مرضاة للرب». قال أبو محمد علي بن أحمد بن حزم: الحسن المذكور في هذا الحديث، الذي رواه عنه محمد بن معاوية هذا، هو الحسن الأطروش الذي أسلم الديلم على يديه. قال علي بن أحمد: وأما الذي تكون معرفته من النسب فضلاً في الجميع، وفرضا على الكفاية، نعني على من يقوم به من الناس دون سائرهم، فمعرفة أسماء أمهات المؤمنين، المفترض حقهن على جميع المسلمين، ونكاحهنّ على جميع المؤمنين حرام؛ ومعرفة أسماء أكابر الصحابة من المهاجرين والأنصار- - الذين حبّهم فرض. وقد صح عن رسول الله : «آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار!» . فهم الذين أقام الله بهم الإسلام، وأظهر الدين بسعيهم. وكذلك صح أنه- - أمر كل من ولى من أمور المسلمين شيئاً أن يستوصى بالأنصار خيراً، وأن يحسن إلى محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم. قال علي: فإن لم نعرف أنساب الأنصار، لم نعرف إلى من نحسن ولا عمن نتجاوز؛ وهذا حرام . ومعرفة من يجب له حق في الخمس من ذوي القربى؛ ومعرفة من تحرم عليهم الصدقة من آل محمد- - ممن لا حق له فى الخمس، ولا تحرم عليه الصدقة. وكلّ ما ذكرنا، فهو جزء من علم النسب. فوضح بما ذكرنا بطلان قول من قال إن علم النسب علم لا ينفع، وجهالة لا تضرّ، وصحّ أنه بخلاف ما قال؛ وأنه علم ينفع وجهل يضرّ. وقد أقدم قوم فنسبوا هذا القول إلى رسول الله . قال علىّ: وهذا باطل ببرهانين: أحدهما: أنه لا يصح من جهة النقل أصلا؛ وما كان هكذا فحرام على كل ذي دين أن ينسبه إلى النبي ؛ خوف أن يتبوأ مقعده من النار، إذ تقول عليه ما لم يقل. والثانى: أن البرهان قد قام بما ذكرناه آنفاً على أن علم النسب علم ينفع، وجهل يضرّ فى الدنيا والآخرة، ولا يحل لمسلم أن ينسب الباطل المتيقن إلى رسول الله ؛ وهذا من أكبر الكبائر. وفي الفقهاء من يفرق في أخذ الجزية وفى الاسترقاق، بين العرب [وبين] العجم، ويفرّق بين حكم نصارى بني تغلب، وبين حكم سائر أهل الكتاب فى الجزية وإضعاف الصدقة؛ فهؤلاء يتضاعف الفرض عندهم في الحاجة إلى علم النسب. وقد قص الله تعالى علينا في القرآن ولادات كثير من الأنبياء- عليهم السلام- وهذا علم نسب. وكان رسول الله- - يتكلم في النسب فقال: «نحن بنو النضر بن كنانة» وذكر أفخاذ الأنصار- - إذ فاضل بينهم. فقدم بني النجار، ثم بني عبد الأشهل، ثم بني الحارث بن الخزرج، ثمّ بنى ساعدة؛ ثمّ قال- -: «وفى كلّ دور الأنصار خير» . وذكر بنى تميم، وبني عامر بن صعصعة وغطفان. وأخبر- - أن مزينة، وجهينة، وأسلم، وغفارا، خير منهم يوم القيامة. وذكر بنى تميم وشدّتهم على الدّجّال . وأخبر- - أن بني العنبر بن عمرو بن تميم من ولد إسماعيل. ونسب الحبشة إلى أرفدة. ونادى قريشا بطناً بطناً، إذ أنزل الله عليه: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ «4» ، وكلّ هذا علم نسب... انتهى كلامه رحمه الله تعالى ) . ثم نقول : لو لم يكن لعلم النسب أهمية في الإسلام لما كان النبي عليه الصلاة والسلام أعلم الناس بالانساب ، حيث كان في طليعة المهتمين والعارفين بعلم النسب ، وكان عليه الصلاة والسلام يقول : أنا محمد بن عبد الله .. حتى بلغ النضر بن كنانة .. ثم قال فمن قال غير ذلك فقد كذب . وكان عليه الصلاة والسلام يذكر أفخاذ الأنصار وبني ساعدة وبني تميم وبني عامر بن صعصعة وغطفان وغير ذلك . وكان عليه الصلاة والسلام ينسب بعض أصحابه ، فكان يقول مثلاً لسعد ابن مالك : أنت سعد بن مالك بن وهب بن عبد مناف بن زهرة من قال غير ذلك فعليه لعنة الله . وان مما يذكر ا نابا بكر كان عالمًا بانساب الناس بل يعد من اعلمهم بعد رسول الله ، وكذلك كان عمر وعثمان وعلي جميعاً . حتى صار لهذا العلم الشريف أهله وعلماؤه ، وكثرت فيه التصانيف والمؤلفات . ولولا ضيق المجال لذكرنا أسماء اشهر النسابين العرب ومؤلفاتهم وتصانيفهم . ثم أختم كلامي وأعطره بحديث النبي الذي حثنا على تعلم النسب لغاية أعظم ولما فيها من أثر طيب في بناء مجتمع اسلامي قوي ولما فيه أثر في نفوس المسلمين وفيه رضا الرحمن تعالى ، ورضا الرحمن فوق كل شيء ، يقول ( تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ؛ فإن صلة الرحم محبة في الأهل ، مثراة فيالمال ، منساة في الأثر ) . والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
الموضوع الأصلي: أهمية علم النسب في الاسلام وعند العرب || الكاتب: أعتز بديني || المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد
المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد Hildm ugl hgksf td hghsghl ,uk] hguvf
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 : | |
لا يوجد أعضاء |
|
|