بيت الـلـغـة العــربـيـة هنا لغة العقيدة، وسياج الشريعة، وهوية كل مسلم |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
27-12-15, 10:08 PM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
بيت الـلـغـة العــربـيـة
المؤلف : هو أحمد حسن الزيات (1905 – 1968م ) أديب ناثر .ولد بقرية كفر دميرة القديم بطلخا من أعمال محافظة الدقهلية في مصر , وتلقى مبادئ تعليمه الأولى في طلخا , ثم رحل إلى القاهرة , والتحق بالجامع الأزهر وتلقى فيه علوم العربية والدين , وكان يتابع دروسا خاصة في اللغة الفرنسية مكنته بعد سنوات من الالتحاق بمدرسة الحقوق الفرنسية في القاهرة . وبدأ يشتغل بتدريس الأدب العربي وعلوم التربية في بعض المدارس الأهلية , ودرس الأدب العربي في المدرسة الأمريكية بالقاهرة , ثم دار المعلمين ببغداد . وأصدر مجلة (الرسالة) , ثم إلى جانبها ( الرواية ) وانتخب عضوا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة , وعين في المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الإجتماعية بالقاهرة , وعضوا بالمجمع العلمي العربي بدمشق , ونال جائزة الدولة التقديرية , وانقطع إلى تحرير مجلة الأزهر وتوفي بالقاهرة صباح الأربعاء في 16 ربيع الأول 1388هـ 12 حزيران 1968م وحمل إلى قريته ودفن فيها . من آثاره : العراق كما عرفته , تاريخ الأدب العربي , وحي الرسالة في أربعة أجزاء , في أصول الأدب , في ضوء الرسالة , دفاع عن البلاغة .(1) الكتاب : دفاع عن البلاغة , صدر لأول مرة في عام 1945م , وطبع مرة ثانية في عام 1967م عن دار الكتب , بتقديم الدكتورة : نعمات أحمد فؤاد . ناقش المؤلف فيه عدة مواضيع : 1- أسباب التنكر للبلاغة 2- البلاغة بين الطبع والصنعة وبين القواعد والذوق 3- حد البلاغة 4- آلة البلاغة 5- الذوق 6- الأسلوب 7- هل هناك مذهب جديد . يقع الكتاب في 178 صفحة من القطع الصغير . (1) معجم المؤلفين , عمر رضا كحالة , مؤسسة الرسالة , ج1 , ص121 , ترجمة رقم : (919) ————————–——————-
olsR ,Hvfu,k thz]m lk ;jhf (]thu uk hgfghym ) gHpl] psk hg.dhj gHpl] hgfghym hg.dhj olsR thz]m ,Hvfu,k
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27-12-15, 10:09 PM | المشاركة رقم: 2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
تألق
المنتدى :
بيت الـلـغـة العــربـيـة
1- فمتى بريء المجتمع من أمراض الضعة فجنح للقوة وطمح للكمال ظهرت الأصالة في فكره , والمتانة في خلقه , والسلامة في ذوقه , وحينئذٍ يتكون الرأي الأدبي العام , وهو وحده الذي يراقب ويحاسب , ويؤيد ويعارض, فلا تجوز عليه دعوى , ولا ينفق فيه زيف , ولا يظفر به مئوف . ص23 (ينفق : يروج , المئوف : ما آصابته آفة ) 2-البلاغة كسائر الفنون طبيعة موهوبة لا صناعة مكسوبة . فمن حاول أن ينالها بإعداد الآلة وإدمان المزاولة وطول العلاج وهو لا يجد أصلها في فطرته , أضاع جهده ووقته فيما لا رجع منه ولا طائل فيه . ص25 3-الناس كلهم يتكلمون ولكنهم ليسوا جميعا خطباء . والمتعلمون كلهم يكتبون ولكن لا يستطيعون أن يكونوا كلهم بلغاء . والرسم مادة مقررة في مدارس الدنيا ولكنها لا تخرج في كل حقبة غير رفائيل واحد . والموسيقيون ألوف في كل أمة ولكن الذين يستطيعون أن يؤلفوا رواية غنائية نفر قليل . ص26 4-وقد يخدع المرء عن طبعه فيظن نفسه كاتبا وهو معلم أو فيسلوفا وهو صوفي , أو مؤرخا وهو صحفي , أو شاعرا وهو عروضي , أو ناقدا وهو هجاء , أو قصصيا وهو حكّاء , أو وصافا وهو محلل . ص27 5-علم البيان هو الجزء النظري من فن الإقناع , والبلاغة هي الجزء العملي منه : هو ينهج الطرق وهي تسلكها , وهو يعين الوسائل وهي تملكها , وهو يرشد إلى الينبوع وهي تغترف منه . ص29 6-البلاغة التي أعنيها وأدفع عنها هي البلاغة التي تحدى بها القرآن أمراء القول في عهد كان الأدب فيه صورة الحياة وترجمة الشعور وعبارة العقل . هي البلاغة التي لا تفصل بين العقل والذوق , ولا بين الفكرة والكلمة , ولا بين المضمون والشكل , إذ الكلام كائن حي , روحه المعنى وجسمه اللفظ , فإذا فصلت بينهما أصبح الروح نفسا لا يتمثل , والجسم جمادا لا يحس . ص31 7-إن البلاغة بمعناها الشامل الكامل ملكة يؤثر بها صاحبها في عقول الناس وقلوبهم من طريق الكتابة أو الكلام . فالتأثير في العقول عمل الموهبة المعلمة المفسرة , والتأثير في القلوب عمل الموهبة الجاذبة المؤثرة , ومن هاتين الموهبتين تنشأ موهبة الإقناع على أكمل صورة . ص34 8-والبلوغ إلى قرارة النفوس من أخص صفات البليغ في كل ما يكتب . فلو أن كاتبا وقع على طائفة من الحقائق , أو حصل على مجموعة من الوثائق , ثم حققها ونسقها وأداها في أجمل لفظ وأجود صياغة , ولكنه لم يبلغ بها كنه القلوب كان حريا أن يُنعت بما شاء من النعوت إلا البلاغة . ص38 9-الوظيفة الأولى للبلاغة هي الإقناع من طريق التأثير , والإمتاع عن طريق التشويق , ولذلك كان اتجاهها إلى تحريك النفس أكثر , وعنايتها بتجويد الأسلوب أشد . ص39 10-وليس أدل على أن الشأن الأول في البلاغة إنما هو لرونق اللفظ وبراعة التركيب , من أن المعنى المبذول أو المرذول أو التافه قد يتسم بالجمال ويظفر بالخلود إذا جاد سبكه وحسن معرضه . ولا بأس أن أقدم لك مثلا من آلاف الأمثلة بلغ معناه الغاية في السوقية والفحش , ومع ذلك تحب أن تسمعه وتحفظه وتعيده لأنه بلغ من سر الصناعة غاية تظلع دونها أكثر الأقلام . قال أبو العيناء الأعمى لابن ثوابة : بلغني ما خاطبت به أبا الصقر . وما منعهُ من استقصاء الجواب إلا أنه لم ير عرضا فيمضغهُ , ولا مجدا فيهدمه .! فقال له ابن ثوابة : ما أنت والكلام يا مُكَدِّي * ؟ فقال أبو العيناء : لا يُنكَرُ على ابن ثمانين سنة قد ذهب بصره , وجفاء سلطانه , أن يعوّل على إخوانه … ثم رماه بمعنى فاحش مكشوف . فقال ابن ثوابة : الساعةَ آمرُ أحد غلماني بك . فقال أبو العيناء: أيهما ؟ الذي إذا خلوتَ ركب ؟ أم الذي إذا ركبتَ خلا ؟!. فانظر في هذه الجملة الأخيرة ترهُ رمى ابن ثوابة في نفسه وفي زوجه , وهما معنيان سوقيان يترددان كل ساعة على ألسنة السبابين من أوشاب العامة , وإنك مع ذلك تقف من هذه الجملة موقف المشدوه المعجب , تحرك بها لسانك , وتعُمِل فيها فكرك , وتعرضها على مقاييس البلاغة وشروطها فتطول على كل قياس وتزيد على كل شرط . تأمل هذا الإيجاز البارع بحذف متعلق الفعلين : ( خلا وركب ) وفيها جوهر المعنى وإصابة الغرض , تجد سر البلاغة كله فيه , لأن هذا الحذف مع وضوح المعنى قد نزّه الكلام عن صراحة الفحش , وصان المتكلم عن ذكر القبيح . فلو أنه قال خلوت بكذا وخلا بكذا , وركبت كذا وركب كذا , لانحط الكلام عن مقام البلاغة وصار بهذر العامة أشبه . وكان بحسب البليغ هذه الإيجاز المشرق , ولكنه ضم إليه من أنواع البديع ( العكس ) و(أسلوب الحكيم) فعكس الفعلين , واستعملهما في معنيين مختلفين , وكل ذلك في غير تكلف ولا تعسف ولا غموض . فأنت ترى أن الصياغة وحدها هي التي سمت بهذه المعاني الخسيسة إلى أفق البلاغة فتداولتها الألسن , وتناقلتها الكتب وليس حال المعنى في ذلك حال اللفظ , فإن اللفظ في ذاته كالموسيقى يخلب الأذن ويلذ الشعور وإن لم يترجم , أما المعنى فكالكهرباء إذا لم يكن لفظه جيد التوصيل انقطع تياره فلا يعرب ولا يطرب . أقرأ قول القائل : لما أطعناكم في سخط خالقنا لا شك سل علينا سيف نقمته ثم وزان معناه الشريف ونسجهُ السخيف , بما رويت لك من كلام أبي العيناء , فلا يسعك إلا أن تقول كما أقول : إن القذر يوضع في آنية من فضة فيُقبل ويُحمل , وإن المسك يو ضع في نافجة * الطين فيُرفض ويُهمل . ص40-42 *المكدي : من يسأل الناس . * النافجة : وعاء المسك 11-آفة الفن الكتابي أن يتعاطاه من لم يتهيأ له بطبعه ولم يستعن عليه بأداته . وأكثر المزاولين اليوم لصناعة القلم متطفلون عليها , أغراهم بها رخص المداد وسهولة النشر وإغضاء النقد , فأقبلوا يتملقون الشهرة , أو يزجّون الفراغ , أو يطلبون من ورائها العيش , وكل جهازهم لها ثقافة ضحلة وقريحة مخلة ومحاكاة رقيعة . من هنا شاع المبتذل وندر الحر , ونفق الرخيص وكسد الغالي , وكثر الكتاب وقلت الكتابة . وإدعاء الكتابة داءٌ لا ينتشر إلا حين تضعفُ السلائق وتفسد الأذواق وتطغى العامية , فيصبح التفيهق علما , والشعوذة فناً , والثرثرة بلاغة , واللحن تجديدا , والركاكة رقة . ص43 12-آلة البلاغة هي العلم بمعناه الأعم , أو المعرفة بمدلولها الأشمل . فالكاتب إذا كان ناقص العلم أو قليل الإطلاع , يدركه الجفاف والنضوب فلا يكون في آخر أمره إلا سارد ألفاظ ومقطِّع جمل . ذلك أن معارف الكاتب هي منابع إنتاجه . وألوان المعرفة له كآلة التصوير للمصور يجب أن تكون كلها على اللوحة قبل أن يقبض على الريشة . والمعارف لا تستفاد إلا بمواصلة الدرس وإدمان القراءة .ص46-47 13-أقل ما يجب على طالب البلاغة درسه هو اللغة , والطبيعة , والنفس . ص 47 14-من زعم أن النحو والعروض وسائر علوم اللسان لا ينبغي حذقها لغير الأزهريين أو المتخصصين فهو هازل لا يريد أن يكون شيئا مذكورا في هذا الفن . ص47 15-لكل لغة من اللغات المتمدنة عبقرية تستكنُ في طرق الأداء وتنوع الصور وتلاؤم الألفاظ . وهذه العبقرية لا تدرك إلا بالذوق . والذوق لا يُعلم , وإنما يُكتسب بمخالطة الصفوة المختارة من رجال الأدب , ومطالعة الروائع العالمية لعباقرة الفن . وإطلاع الكاتب على الأمثلة الرفيعة من البيان الخالد يرهف ذوقه , ويوسع أفقه ,ويريه كيف تؤدى المعاني الدقيقة , وتحيا الكلمات الميتة . ص47-48 16-والأديب وحده هو الذي يجب عليه أن يشارك في كل علم ويلم بكل فن …, فإذا لم يكن واقفا على مصطلحات الفنون والعلوم , عارفا بمختلف الحدود والرسوم ,قدح ذلك في ثقافته وغض من كفايته . ص52 17-وإذا كان مدار البلاغة على مطابقة الكلام الفصيح لمقتضى الحال , فإن إدراك الفروق الدقيقة بين الحالات المختلفة للمخاطب , وصياغة الكلام على قوالب المقتضيات المناسبة للخطاب , وتصوير الأخلاق على نحو يغري بالخير أو يحذر من الشر , والقدرة على خلق الجمال في الأسلوب , أو التعبير عما يخلقه الجمال فينا من العواطف , كل أولئك يستلزم دراسة خاصة لعلم النفس وعلم الأخلاق وعلم الجمال . ص54 18-الذوق حاسة معنوية يصدر عنها انبساط النفس أو انقباضها في أثر من آثار العاطفة أو الفكر . ص55 19-إن للذوق مصدرين يستمد منهما الحكم في جميع قضاياه أحدهما العقل المتزن …, والمصدر الآخر هو العاطفة , وهي الشعور الواقع على النفس مباشرة من طريق الحواس . ص57-58 20-إن الفنان كلما دنا من الطبيعة كان أنقى وأصدق . ص59 21-إنما يقرأ متأدبو اليوم صحف الأخبار ومجلات الفكاهة وأقاصيص اللهو وملخصات العلم . وأكثر ما يقرأون صور منقولة أو مقبوسة عن أدب الغرب لا تربي في القاريء إلا ذوقا مذبذبا لا يثبت على لون ولا يستقيم على خطة . ومثل هذا الذوق الملفق المستعار لا ينظر إلى ( الأمالي ) و ( الأغاني ) و ( اللزوميات ) إلا كما ينظر إلى العمامة والقباء والجبة , فهي في حكمه أشياء قضت عليها ( الموّدة ) , وللمودة في كل يوم زي يتجدد معه الذوق ويتعدد . ص62 22-أما النقد اليوم فأكثره زورٌ وعبث . هو في أغلب الأمر رأي يصدر عن مجاملة أو جهالة , ثم ينتقل من فم إلى فم , ومن مجلس إلى مجلس , ومن بلد إلى بلد . والناس في عصر السرعة الآلية والثقافة الضحلة يأخذون الرأي من غير تمحيص ويعطونه بدون اكتراث . ص65 23-الأسلوب هو طريقة الكاتب أو الشاعر الخاصة في اختيار الألفاظ وتأليف الكلام . ص70 24-والفنان العبقري هو وحده الذي يستطيع أن يغلّب صفاته الخاصة على صفات قومه العامة فيتميز طابعه ويستقل أسلوبه . أما العاديون والمقلدون من حملة الرواسم* وحفظة التعابير فتظل أساليبهم نسخا منقولة عن الأصول العامة الموروثة لا يختلف بعضها عن بعض إلا بمقدار ما تختلف رسائل التجار وكتب الدواوين . ص71 * الرواسم : جمع روسم وهو الكليشيه . 25-إن الأسلوب هو الهندسة الروحية لملكة البلاغة , وإن البلاغة التي نعنيها هي البلاغة التي لا تفصل بين العقل والذوق , ولا بين الفكرة والكلمة , ولا بين المضمون والشكل , إذ الكلام كائن حي روحه المعنى وجسمه اللفظ , فإذا فصلت بينهما أصبح الروح نفسا لا يتمثل , والجسم جمادا لا يحس . فالفكرة والصورة في الأسلوب كلٌ لا يتجزأ , ووحدة لا تتعدد . وليس أدل على اتحدهما من أنك إذا غيرت في الصورة تغيرت الفكرة , وإذا غيرت في الفكرة تغيرت الصورة . ص74 26-فالأسلوب إذن هو طريقة خلق الفكرة وتوليدها وإبرازها في الصورة اللفظية المناسبة . وهو ذلك الجهد العظيم الذي يبذله الفنان من ذكائه ومن خياله في إيجاد الدقائق والعلائق والعبارات والصور في الأفكار والألفاظ , أو في الصلة بين الأفكار والألفاظ . ولذا الجهد جهتان : جهة موضوعية تتصل بالنظام , وهو حسن الترتيب , وصحة التقسيم , وإحكام وضع القطع في رقعة الشطرنج التي نسميها جملة أو فقرة أو فصلا أو مقالة . وجهة أخرى شكلية تتصل بالحركة , وهي خلق الكلمات والصور والتأليف بينهما على نمط يحدث الحياة والقوة والحرارة والضوء والبروز والأثر . ص76 27-نعم قال (بوفون) : إن الأسلوب من الرجل نفسه …, ولم يقل : إن الأسلوب هو الرجل نفسه …, ولم يقل : إن الأسلوب هو الرجل كما شاع ذلك على الألسنة . ولم يرد بما قال أن الأسلوب ينم عن خلق الكاتب ويكشف عن طبعه كما فهم أكثر الناس , وإنما أراد أن الأسلوب , ويعني به النظام والحركة المودعين في الأفكار , هو طابع الكاتب وإمضاؤه على الفكرة . ومعنى ذلك أن الأفكار تكون , قبل أن يفرغها الفنان في قالبه الخاص , من الأملاك العامة , فإذا عرف كيف يصوغها على الصورة اللازمة الملائمة تصبح ملكا خاصا له , تسير في الناس موسومة بوسمه , وتعيش في الحياة مقرونة باسمه . فالأسلوب وحده هو الذي يملكك الأفكار وإن كانت لغيرك . ألا ترى أن أثر الأخلاق في بقاء الأمم وفنائها معنى من المعاني المأثورة المطروقة , فلما أجاد شوقي سبك اللفظ عليه في بيته المشهور : وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت …, أصبح بهذه الصيغة من حسناته المعدودة وأبياته المروية . ص81-82 28-تجويد الأسلوب يتضمن تجويد الفكرة ويضمن خلودها . ص87 29-الأصالة في الأسلوب بناؤه على ركنين أساسين من خصوصية اللفظ وطرافة العبارة . ص95 30-الكلمة إذا تمكنت في موضعها الأصيل دلت على المعنى كله , فإذا حشرت فيه حشرا , أو قسرت عليه قسرا , دلت على بعض المعنى أو أبانت عن غيره . ص96 31-والأسلوب … خلقٌ مستمر : خلق للفكر بطرافته , وخلق للترتيب بتنسيقه وتشويقه , وخلق للأداء بألفاظه ولهجاته وصوره . وعلى قدر ما يتضح الخلق في الكتابة تتضح العظمة في الكاتب . أما القوالب الموضوعة و الرواسم المصنوعة فقد كانت فيما مضى قطعا من أعصاب الذين صاغوها , ثم قُطعت بهم وبها أسباب الحياة فضمنتهم القبور وضمنتها الكتب . فكما لا ينفعك أن تستعير أعضاءهم لجسدك , لا ينفعك أن تستعير تراكيبهم لأسلوبك . ص99 32-ومن بدائه العقل أنك تفهم لتكتب , وتكتب لتفهم , ولكن من الكتاب من ينسج قبل فرز الخيوط , ويكتب قبل درس الفكرة , فليتاث عليه الأمر . وإن منهم من يحسب أن الوضوح ينافي العمق , والبساطة تجافي الدقة , فيغرب ولا يعرب , ويجمجم ولا يترجم , ثم يسمي هذا الغموض فنا وذلك العجز رمزا . على أننا لا نقصد بالوضوح أن يسفر لك الكلام عن معناه كله لأول وهلة , إنما نقصد به الوضوح الفني الذي يتراءى خلال النقاب الشفاف والظلام المضيء والعمق الصافي , وهو بالطبع أكثر دلالة وأشرق بيانا وأروع جمالا وأطول وحيا من ذلك الوضوح الساذج الذي يعرفه الكاتب الجاهل ويطلبه القارئ الغبي . ص102 33-وأول الفروق بين اللغات السامية واللغات الآرية أن الأولى إجمالية والأخرى تفصيلية . يظهر ذلك في مثل قولك : ( قُتِلَ الإنسانُ ) فإن الفعل في هذه الجملة يدل بصيغته الملفوظة وقرينته الملحوظة على المعنى والزمن والدعاء والتعجب وحذف الفاعل , وهي معان لا تستطيع أن تعبر عنها في لغة أوربية إلا بأربع كلمات أو خمس . ص103 34-الأسلوب العربي الأصيل موسوم بالوجازة من أصل النشأة لأنه أسلوب أمة صافية الذهن دقيقة الحس سريعة الفهم تشعر بقوة وتعبر بقوة وتفهم بقوة . وقوة الروح والقلب وقوة العقل والخلق , تلازمهما قوة اللسان والقلم , أي البلاغة . ص104 35-التلاؤم كلمة جامعة لكل وصف لا بد منه في اللفظ ليكون الكلام خفيفا على اللسان , مقبولا في الأذن , موافقا لحركات النفس , مطابقا لطبيعة الفكرة أو الصورة أو العاطفة التي يعبر عنها الكاتب أو الشاعر . ص122 36-وقد تكون عواطف النفس فائرة تجيش بالألم أو تضطرم باللذة , وحينئذ تكون الفقر القصيرة أنسب الصور للتعبير عنها , كما ترى في السور المكية من كتاب الله , فإنها لاشتمالها على أصول الدين تتصل بالعاطفة , فجاء لذلك أسلوبها قصير الآي كثير السجع رائع التشبيه قوي المجاز . وقد تكون المعاني رزينة بطبيعة موضوعها لتوخيها الإفادة أو الإقناع أو الشرح , فتقتضي الأسلوب المرسل أو المفصل كما ترى في السور المدنية من القرآن الكريم , فإنها لاشتمالها على أصول الأحكام تتجه إلى العقل فنزل أسلوبها هادئ البيان طويل الجمل مفصل الآيات واضح الغرض . ص125 37-فكلما قويت الروحية في المرء قويت الفكرة , وكلما بلغت الإنسانية فيه بلغ البيان . ص133 38-والواقع أن قوي الرجولة بليغ الكلام ما في ذلك شك . كأنما قوة الحيوية في الرجل تستلزم قوة الشاعرية فيه . ومتى أشرق المعنى في الذهن النفاذ , وتمثل الخيال في الخاطر المجلو , أوجبت الطبيعة بروزهما في المعرض الرائع من وثاقة التركيب وأناقة اللفظ وبراعة الإيجاز . ص134 39-إن البلاغة تلازم القوة حتى في الأوزاع والهمج . فالرجل العامي القوى الروح الكبير النفس الصارم الإرادة تجده قويم الفكرة , بليغ الجملة , قوي الجدل , ومثل هذا في المدينة أو في القرية يكون دائما في موضع المشورة في الأزمة , ومقطع الحكم في النزاع . ص135 40-فلما قتل الترف الرجولة , وأذل العجز النفوس , زهقت روح الفن وذهبت بلاغة الأسلوب , وأصبح أدب الأديب سخفا وزيفا وثرثرة . ص136 41-لماذا يقوى الأدب في الثورات والحروب ؟ لأنها أثرٌ ليقظة الشعور ومظهر لحياة الرجولة ! لماذا قل الأدب ُ في العبيد وضعف في النساء ؟ لأن الروح الشاعرة ماتت في إرادة العبد , والنفس المريدة فنيت في شعور المرأة ! ص136 42-إنما عنيت بالأدب القوي ما صدر عن قوة الروح وصدق الشعور وسمو الإلهام وألمعية الذهن فدق معناه وصدق لفظه واتسق أسلوبه , وبالأدب الضعيف ما انقطع فيه وحي الذات عن آلة الفن , واحتجبت فيه صور الحياة عن مرآة الذهن , فهو تقليد قرد , أو ترديد صدى , أو شعوذة مهرج ! ص 137 43-إن الأدب البليغ كامن في البطل على أي صورة كان . فهو إن انتجه برّز فيه , وإن لم ينتجه شجع عليه . لذلك ازدهر الأدب في ظلال أغسطس وبركليس والرشيد وسيف الدولة . وما دام كبراؤنا لم يخلقهم الله من الأبطال ولا من عباقرة الرجال فهيهات أن ينتجوا الأدب أو يفهموه أو يحبوه أو يعضدوه أو يقدموا أهله . وسيضل هذا النور الضئيل من الأدب القوى الحر محصورا في ظلام العمى والجهل حتى تقوى الأمة فينتشر و وينبغ فيها القادة فيزدهر . وسيعيش رجاله القلال المخلصون معتكفين في المكاتب اعتكاف النساك في الصوامع , يمثلونه على بصر الطبيعة , وينشدونه على سمع الزمن , حتى تقوى دولة الحق والجمال فيجلسوا في الصدر ويمشوا في المقدمة ! ص138 44-المذهب الكتابي أو الشعري إما أن يكون مرحلة تطور لمذهب يتقدم به مبتدعوه, وإما أن يكون ردة فعل لمذهب يغلو فيه متبعوه . ص139 45-ما الذي جعل الرمزية مذهبا مستقلا له أتباعه وأشياعه ما دامت مبادئها العامة ومحاسنها الخاصة مكفولة للفن بقواعد الفن , ومقررة في البلاغة بأصول البلاغة ؟ أمران على ما أظن : الأمر الأول نوع من الصوفية قد اعترى بعض النفوس اللطيفة فاستشعروا السمو على الناس بذكاء القلب وسلامة الذوق وصفاء الحس فتصوروا في الفراغ شيئا , وتوهموا في الظلام نورا , ثم عبروا عن أشياء لا تدرك , بكلمات لا تفهم . والأمر الآخر نوع من الحذلقة والإغراب يصيب بعض النفوس الماجنة فيجدون لذتهم وفكاهتم في أن يغربوا على عقول السذج بهذه الألفاظ الفارغة والجمل الجوف , وأن يروهم يحملقون في الفواصل وفي الأبيات كما يحملق الطفل في الغرفة المظلمة أو في البئر المعطلة . وسواء أكان منشأ الرمزية عندنا هذا الأمر أو ذاك فقد اقتبسوا حين أصبح ضربا من المعاياة يجوز أن يُقصد بها أي شيء ما عدا الإفهام والإبانة . ص173 تم ولله الحمد ,,,
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
19-02-18, 07:10 AM | المشاركة رقم: 3 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
تألق
المنتدى :
بيت الـلـغـة العــربـيـة
قال "من صنع إليه معروفا فقال: جزاك الله خيرا، فقد أبلغ في الثناء" سنن الترمذي حكم الحديث: صحيح فجزاكم الله خيراً ونفع الله بكم وبما قدمتم وجعله في موازين حسناتكم
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 1 : | |
ALSHAMIKH |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|