فيها عشرون مسألة: أحدها: ما فائدة البدل في الدعاء والداعي مخاطب لمن لا يحتاج إلى البيان والبدل القصد به بيان الاسم الأول الثانية: ما فائدة تعريف (الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) باللام وهلا أخبر عنه بمجرد اللفظ دونها كما قال: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) الثالثة: ما معنى (الصِّرَاطَ) ومن أي شيء اشتقاقه ولم جاء على وزن فعال ولم ذكر في أكثر المواضع في القرآن الكريم بهذا اللفظ وفي سورة الأحقاف ذكر بلفظ الطريق فقال: (يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ) الرابعة: ما الحكمة في إضافته إلى قوله تعالى: (الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) بهذا اللفظ ولم يذكرهم بخصوصهم فيقول صراط النبيين والصديقين فلم عدل إلى لفظ المبهم دون المفسر الخامسة: ما الحكمة في التعبير عنهم بلفظ الذي مع صلتها دون أن يقال المنعم عليهم وهو أخصر كما قال: (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) وما الفرق السادسة: لم فرق بين المنعم عليهم والمغضوب عليهم فقال في أهل النعمة الذين أنعمت وفي أهل الغضب المغضوب بحذف الفاعل السابعة: لم قال: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) فعدى الفعل بنفسه ولم يعده بإلى كما قال تعالى: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) وقال تعالى: (وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) الثامنة: أن قوله تعالى: (الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) يقتضي أن نعمته مختصة بالأولين دون المغضوب عليهم ولا الضالين وهذا حجة لمن ذهب إلى أنه لا نعمة له على كافر فهل هذا استدلال صحيح أم لا التاسعة: أن يقال لم وصفهم بلفظ غير وهلا قال تعالى لا المغضوب عليهم كما قال والضالين وهذا كما تقول مررت بزيد لا عمرو وبالعاقل لا الأحمق العاشرة: كيف جرت غير صفة على الموصوف وهي لا تتعرف بالإضافة وليس المحل محل عطف بيان إذ بابه الإعلام ولا محل لذلك إذ المقصود في باب البدل هو الثاني والأول توطئة وفي باب الصفات المقصود الأول والثاني بيان وهذا شأن هذا الموضع فإن المقصود ذكر المنعم عليهم ووصفهم بمغايرتهم معنى الغضب والضلال الحادية عشرة: إذا ثبت ذلك في البدل فالصراط المستقيم مقصود الإخبار عنه بذلك وليس في نية الطرح فكيف جاء صراط الذين أنعمت عليهم بدلا منه وما فائدة البدل هنا الثانية عشرة: أنه قد ثبت في الحديث الذي رواه الترمذي والإمام أحمد وابن أبي حاتم: "تفسير المغضوب عليهم بأنهم اليهود والنصارى بأنهم الضالون" حسن فما وجه هذا التقسيم والاختصاص وكل من الطائفتين ضال مغضوب عليه الثالثة عشرة: لم قدم المغضوب عليهم في اللفظ على الضالين الرابعة عشرة: لم أتى في أهل الغضب بصيغة مفعول المأخوذة من فعل ولم يأت في أهل الضلال بذلك فيقال المضلين بل أتى فيهم بصيغة فاعل المأخوذة من فعل الخامسة عشرة: ما فائدة العطف ب لا هنا ولو قيل: المغضوب عليهم والضالين لم يختل الكلام وكان أوجز السادسة عشرة: إذ قد عطف بها فيأتي العطف بها مع الواو للمنفى نحو ما قام زيد ولا عمرو وكقوله تعالى: (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ) إلى قوله تعالى: (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ) وأما بدون الواو فبابها الإيجاب نحو مررت بزيد لا عمرو السابعة عشرة: هل الهداية هنا هداية التعريف والبيان أو هداية التوفيق والإلهام الثامنة عشرة: كل مؤمن مأمور بهذا الدعاء أمرا لازما لا يقوم غيره مقامه ولا بد منه وهذا إنما نسأله في الصلاة بعد هدايته فما وجه السؤال لأمر حاصل وكيف يطلب تحصيل الحاصل التاسعة عشرة: ما فائدة الإتيان بضمير الجمع في اهدنا والداعي يسأل ربه لنفسه في الصلاة وخارجها ولا يليق به ضمير الجمع ولهذا يقول: "رب اغفر لي وارحمني وتب علي" العشرون: ما حقيقة الصراط المستقيم الذي يتصوره العبد وقت سؤاله فهذه أربع مسائل حقها أن تقدم أولا ولكن جر الكلام إليها بعد ترتيب المسائل الست عشرة الجواب بعون الله وتعليمه أنه لا علم لأحد من عباده إلا ما علمه ولا قوة له إلا بإعانته. منقول ~ موقع الامام ابن القيم الجوزيه