( ..قل هل يستوي الأعمى والبصير..) الآية 16 من سورة الرعد؟ انه حقا سؤال مثير وصيغة هاتان الكلمتان كما وردتا في الآية مجازيتان ولا بد من تفقه معانيهما المرتبط بكلمة التوحيد :
(قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)
والأعمى معناها ليس عمى العين بل عمى البصيرة ، والذي ضل السبيل أما البصير هو الذي أدرك وصدق بهذه الكلمة ووعاها بكل أعماقه ، ونهج سبل المتقين ، وسار يتعقب آثارها الجلية والمرسومة بحكمة وعناية راغبا الى ربه .
وحقيقة التوحيد عظيمة وهي القطب الراسخ في المعرفة والادراك الحقيقي و تبدأ بنفي : لاالاه الا الله وتنفي كل ما يمنع تصديقك وايمانك بالله تعالى وهي حقيقة نافذة ومهيمنة ، نافذة بعلمه الى أعماق ذرات خلقه وآياته في ملكوته العظيم ، وكل خلق من خلقه وآياته أخذت صفاتا بعلمه .
ومطلق المعرفة والادراك يفتح عينك الداخلية على المطلق واللا محدود ويبقى السؤال بلا معنى ولا فائدة ، ولذلك لما سأل أحد العارفين : ما الدليل على وجود الله ؟ قال : الله وعندما سأل عن دور العقل ؟ قال عاجز لا يدلك الا على عاجز مثله .
قال أبوبكر الواسطي : من عرف الله انقطع بل خرس وانقمع ، ومعناها أي صار الحال بلا حال .
لذلك فمداركنا الواهنة لاتعرف من صفات الله الحقيقية والعظيمة الا النزر اليسير ، وقد يقضي الانسان عمره جاهدا أن يتحلى بشيء من هذه الصفات وهي صفات لله عز وجل سبحانه وتعالى وهي علم مكين وبحر واسع ليس له حدود في كل الأبعاد ، وكلما تقرب العبد الى ربه الا وفتح عليه من رحمته وألبسه هيبة ووقارا وسكينة ، ولهذا كان الخير في مرافقة الصالحين ، فالعبد الصالح قد يحتملك ويحلم عنك تخلقا بأخلاق الله عز وجل ، ومن عرف الحق سبحانه بأسماءه وصفاته صدق الله في معاملاته وتنقى من كدورات الأخلاق الرديئة .