بيت الكتاب والسنة خاص بتفسير القرآن وأحكامه وتجويده وأيضاً علم الحديث وشرحه |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
31-10-12, 11:22 AM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
بيت الكتاب والسنة
الحمد لله ربِّ العالمين ، وأشهد أن لا إلـٰه إلَّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله ، صلَّى الله وسلَّم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ؛ أمَّا بعدُ : أيُّها الإخوة الكرام : وقفةٌ نقفها متأمِّلين في قول ربِّنا عزّ وجلّ : ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف:199] ، هـٰذه الآية المباركة العظيمة أتت كما قال أهل العلم على جماع الأخلاق وزمام الآداب ، ومن وفَّقه الله عز وجل لتدبّر هـٰذه الآية وفهمها والعمل بها وُفِّق لجماع الخُلُق ووفِّق لزمام الأدب الذي ينبغي أن يكون عليه المسلم في تعاملاته مع النّاس . ومن زينة شريعتنا -شريعة الإسلام- وجمالها وكمالها أنّها هدت العباد إلى الأخلاق الفاضلة والآداب الكاملة والمعاملات العظيمة الكريمة المباركة ، وهـٰذه الآية آيةٌ جامعة ؛ بل قال عنها بعض أهل العلم: إنها أجمع آية في هـٰذا الباب ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ اشتملت على ثلاثة وصايا أو ثلاث ركائز في باب الأدب والمعاملة: الأولى : قوله عز وجل ﴿خُذِ الْعَفْوَ ﴾ ؛ وهـٰذا فيه بيان أنّ أخلاق الناس وطبائعهم ليست واحدة ، بل هم متفاوتون : منهم الهادئ السمْح المتزن الخلوق الرفيق اللطيف الليِّن ، ومنهم الشديد الغليظ العنيف ، ومنهم الواقع في الأمور المصادمة للأخلاق تمام المصادمة ؛ فهم ليسو على درجة واحدة. ومطلوب من المسلم أن يهيئ نفسه في ملاقاته للناس ومقابلته لهم واحتكاكه بهم للتعامل مع أصنافٍ وأجناس وأخلاق متباينات ، فمن يعاملهم ليسو على مستوى واحد بل بينهم تفاوت، ولهـٰذا جاء هـٰذا التوجيه المبارك : ﴿خُذِ الْعَفْوَ ﴾ أي : ما سمحت به أخلاق الناس وأحوالهم وطبائعهم ، ﴿خُذِ الْعَفْوَ ﴾ ولا تنتظر المثالية في الأخلاق من كل من تلقاه وكلّ من تتعامل معه ؛ بل الناس فيهم في هـٰذا الباب تفاوت عظيم ، فإذا هيَّأت نفسك هـٰذه التهيئة أن تأخذ بالعفو وما سمحت به أخلاق الناس وتيسَّر لهم القيام به سعِدتَ في هـٰذه الحياة ، أما إذا كنت تنتظر من كل من تلقاه أن يكون مثالياً في أخلاقه وفي تعاملاته لن تجد ذلك ، لأن النَّاس طبائع وأجناس ؛ منهم سريع الغضب ، منهم سريع الانفعال ، منهم الهادئ ، منهم الرزين ، منهم العنيف ، منهم الغليظ ، إلى آخره ، فهيئ نفسك لملاقاة هـٰذه الأنواع والأصناف المتباينة من الأخلاق وخذ ما سمحت به نفوس الناس منها. الأمر الثاني قوله تعالى :﴿ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ ﴾ عندما تأخذ بما سمحت به أخلاق النّاس أيضاً كن داعياً رفيقًاً ناصحاً موجهاً بالرفق واللين واللطف إلى كل فضيلة وإلى كل خير ، خذ العفو وفي الوقت نفسه مُرْ بالعرف : أي بالمعروف من كل قول طيبٍ فاضل وفعل كريم نبيل ، ويكون التوجيه رفيقًا من قلبٍ ناصحٍ حريصٍ على دلالة الناس وهدايتهم إلى الخير ؛ فيلقى الناس بالصبر على أخلاقهم وفي الوقت نفسه يُحسِن التوجيه للناس ، يلقى الناس بالصبر على أخلاقهم لأن من لا يصبر على أخلاق الناس ليس مؤهَّلاً لدعوتهم ، فالدّعوة تحتاج إلى صبرٍ على أخلاق النّاس المتفاوتة المتباينة ولهـٰذا قال: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ ﴾ فيتلقى أخلاق الناس باللِّين ، اللطف ، المسامحة ، غض الطرف ، حُسن التعامل ، ﴿ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ ﴾ في الوقت نفسه تكون موجهاً . الشخص الغليظ - على سبيل المثال- إذا وفقه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لشخصٍ يصبر قليلاً على غلظته وفي الوقت نفسه يحسن توجيهه ودلالته برفق ولين ، بمثل هـٰذا الصبر والدَّعوة تأتي الثمار بإذن الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، أما إذا كان الإنسان لا يتحمَّل ولا يصبر ولا يحسن التلطف بالآخرين والرفق بهم وحُسن توجيههم ودلالتهم - كما قدمت- ليس مؤهلاً لدعوتهم ، قد قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لنبيه: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران:159] . ثم الأمر الثالث في الآية : قال ﴿ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ وهـٰذا أيضاً مطلب عظيم في باب الأخلاق وجوامع الآداب ؛ أن تعرض عن الجاهل : بمعنى أن لا تقف عند عباراته الجاهلة ، وألفاظه النّابية ، وكلماته السيئة ، ومعاملاته الفظّة الغليظة ، لا تقف عند هـٰذه التعاملات ولا تُلقي لها بالاً بل أعرض عن جهل الجاهلين وروِّض نفسك على ذلك ، أما إذا وقف الإنسان مع جهالة الجهَّال ورُعوناتهم وسوء تصرّفاتهم فإنه يتعب في هـٰذه الحياة ويعاني معاناة شديدة ، إن لم يتحول أيضاً إلى جاهل مثلهم فيجهل عليهم بمثل جهلهم عليه: ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلين بل ربّما يتحول إلى ملاقاته بجهل أشد من جهله عليه ، ولهـٰذا الطريقة المثلى أن يُعرِض الإنسان عن الجاهل . ولقد أمُرُّ على السفيه يسبُّني فأمُرُّ ثمت وأقول لا يعنيني فالإعراض عن الجاهلين وعدم الوقوف عند جهلهم أو كلماتهم السيئة وألفاظهم النابية هو الذي يريح الإنسان من معاناةٍ في هـٰذه الحياة ، وإلا إذا مضيت في ملاقاة الناس وتعاملهم ستجد من يسيء لك التعامل ، من يرفع عليك الصوت ، من يُغلِظ ، فإذا كنت تريد أن تقف مع كل متعامل من هـٰؤلاء وتصغي إلى ما يقوله وترهق نفسك بمتابعة أقواله قال كذا وقال كذا وتنبري للمجابهة ؛ فهـٰذا يرهقك ويؤلم قلبك وربما يجلب لك في نفسك الهم والغم ، بينما إذا أعرضت عن الجاهل وقلت في نفسك: هـٰذا مبتلى بالجهل مبتلى بكذا ، وأنا عافني الله من ذلك، تحمد الله أن عافاك من مثل هـٰذه المعاملات وتمضي في حياتك بمثل ذلك تسعد ، وفي الوقت نفسه تساعد الجاهل على مراجعة نفسه ، إذا أعرضت عن ألفاظه وسوء تصرفاته تساعده على مراجعة نفسه ، ولهـٰذا كم من الجاهلين بمثل هـٰذه المعاملة تراجعوا ، ولو أنّ من عاملهم جابههم لتفاقم الأمر ولعظم الخطب ، وقد كان من هدي نبينا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إذا خرج من بيته يقول : « اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ » ، وهـٰذه الدعوات العظيمة المباركة التي كان يدعو بها عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مناسبة لحال كل من خرج من بيته ويحتاج إليها كل من خرج من بيته ؛ لماذا ؟ لأنه سيواجه أجناس من المتعاملين وأصناف من الأخلاق وأنواع من التعاملات ، فيحتاج إلى حُسن التجاء إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بأن يعيذه من أن يَضِل أو يُضَل أو يَزِل أو يُزَل أو يَظلِم أو يُظلَم أو يَجهَل أو يُجهَل عليه ، فيستعيذ بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من ذلك كله ، ويمضي هو في تعاملاته مع الناس في مثل هـٰذه التوجيهات المباركة العظيمة في هـٰذه الآية الكريمة وغيرها من الآيات والأحاديث التي تدعو إلى كوامل الآداب وجوامع الأخلاق. اللّٰهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، واصرف عنها سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت. والله أعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين . لفضيلة الشيخ عبد الرزاق بن عبدالمحسن البدر http://www.al-badr.net/web/index.php...e=mp3&lec=3516 الموضوع الأصلي: ﴿ خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) || الكاتب: عزتي بديني || المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد
المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد ﴿ o` hgut, ,Hlv fhguvt ,Huvq uk hg[higdk ) التعديل الأخير تم بواسطة عزتي بديني ; 31-10-12 الساعة 12:17 PM |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 : | |
لا يوجد أعضاء |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|