قال تعالى : {بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ} : الباء هنا للسببية، أي بسبب تعليمكم الكتاب {بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ} لأن الذي يعلم الكتاب مربٍّ. ولهذا كلما كثر الطلبة عند شخص كثرت تربيته للناس؛ لأن المفروض في المعلم أن لا يكون معلماً للناس تعليماً نظرياً جدلياً؛ لأن هذا يمكن أن يدركوه بالكتب، لكنه ينبغي أن يعلمهم تعليماً نظرياً وتعليماً تربوياً. وهذا هو هدي النبي عليه أفضل الصلاة والسلام وأصحابه، إذا نظرنا إلى السيرة النبوية وجدنا كيف كان الرسول صلّى الله عليه وسلّم يعلم الناس تعليماً مقروناً بالتربية مصحوباً بها، وإذا تأملنا سيرة الخلفاء الراشدين وجدناها كذلك، فلننظر مثلاً إلى سيرة عمر بن الخطاب فقد رفع عقوبة الخمر إلى ثمانين ليردع الناس، ومنع المطلق ثلاثاً من الرجوع إلى زوجته من أجل أن يردع الناس. فالحقيقة أن المعلم ليس هو الذي يملأ أذهان الناس علماً فحسب، ولكن الذي يملأ أفكارهم أو أذهانهم علماً وأخلاقهم تربية .اهـ
من تفسير الشيخ ابن عثيمين رحمه الله لسورة آل عمران .