بيت الحــوار العقـائــدي يسمح لمخالفي أهل السنة والجماعة بالنقاش هنا فقط |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
15-04-13, 12:32 AM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
بيت الحــوار العقـائــدي
:: بقلم: أحمد الحسني :: قبل أن تبدأ بقراءة هذا البحث، إذا كنت تؤمن أن الحسين هو إله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون (حاشا لله)، فلا تتعب نفسك بمواصلة القراءة، إنما ندعوك لاعتناق الاسلام من جديد.. أما إذا كنت تعتقد أنه، مع عظيم قدره، ليس سوى بشرا ممن خلق الله، فذلك يعني أنه يخطيء ويصيب، إذا من الممكن أن نبحث في سلوكه وتصرفاته وأخطاءه وإبداعاته.. وسترى فيما ستقرأ لاحقا أن لا أحد إطلاقا من اصحاب الحسين وآل بيته قد تعامل معه على أنه (معصوم من الخطأ)، وبما أنني لست أفضل منهم علما وورعا فلن أتعامل معه أنا ايضا في هذا البحث كمعصوم..! ولقد تعلمت منذ أن نشأت في مدينة جنوبية يسمونها اليوم (شيعية) أن أتساءل عن كل شيء، ولا اتبنى موقفا لمجرد أن الناس من حولي يصرخون به كالببغاوات، أو يلطمون صدروهم كالحمقى، إنما أقرأ بنفسي المصادر وأمهات الكتب وأحكم عقلي وإيماني، وقد كرم الله بني آدم بالعقل وحرية التفكير والاختيار.. لذلك قال سبحانه في أعظم أمر وهو الايمان والكفر (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)..! وإذا كان الشيعة يرفضون من حيث المبدأ مناقشة مثل هذا الموضوع، لأنه لا معنى ولا وجود للتشيع اصلا من غير الاعتقاد بـ (ثورة الحسين)، فما أثار استغرابي هو إحجام علماء السنة أيضا عن تحليل دوافع الامام الحسين في الخروج بشكل موضوعي، ومناقشة الأخطاء التي ربما يكون قد ارتكبها، رغم اعتقادهم بأنه (بشر يخطيء ويصيب)، واكتفوا من ذلك بالقول (كان قدر الله أن يخرج ويلقى الله شهيدا)..! نعم أعلم أن عنوان المقال لوحده سوف يثير الشيعة والسنة على السواء، وربما ستصدر بحقه أحكام مسبقة حتى قبل قراءته.. ولكن هذا المقال موجه الى من يقرأ ويحكم عقله فحسب..! فإذا قررتم مواصلة القراءة فتعالوا معي نتفكر في سيرة (المقتل) لسيد الشهداء وسبط رسول الله وريحانته الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم سلام الله، قراءة منصفة ومتأنية: 1. قد يتساءل البعض وحق لهم: إذا كان الحسين ثائرا على يزيد ابن معاوية لأنه فاجر وسارق للولاية، فلماذا لم يعلن الثورة قبله على والده معاوية بن ابي سفيان نفسه، خصوصا وأن معاوية ويزيد [في الفكر الشيعي] لايختلفان عن بعضهما في الكفر والفسوق و (سلب) حق الامام؟ - الجواب هو أن الامام الحسن، الشقيق الأكبر للحسين عليهما السلام، كان قد عقد صلحا مع معاوية وتنازل عن الخلافة رغم اعتقاده بأنه الأحق بها، من أجل (مصلحة) أكبر وهي حقن دماء المسلمين وتجنب الحروب والفتن، خصوصا بعد تجاربه المريرة مع من ادعو نصرة آل البيت من أهل الكوفة، وبعد أن دفع والده علي بن أبي طالب ثمنا باهضا للوثوق بهم انتهى باغتياله في العراق. وفي هذا الصلح تأكيدا لحديث النبي (ص) وهو يشير الى الحسن قائلا : إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين . ولكن هذا الصلح لم يرض الحسين، وكان بينهما خلاف حوله، لذا فقد خاطب الحسن شقيقه الحسين قائلا: [والله لقد هممت أن أسجنك في بيت وأطبق عليك بابه حتى أفرغ من هذا الشأن ثم أخرجك..]، فلما رأى الحسين ذلك سكت وسلم..! ولنا أن نتساءل أيهما كان على الحق؟ وإذا كان كلاهما معصومان فكيف يختلفان في مسألة جوهرية كهذه يفترض فيها أن الحق واحد لا يتعدد؟؟ 2. لانعلم كيف يدعي فقهاء الشيعة العصمة والولاية للحسن والحسين وقد (تنازلا) عن أمر يدعون أنه (حق لله) الى شخص يتهمه فقهاء الشيعة بالكفر..؟! ولا نعلم ايضا لماذا صمتت الأمة الاسلامية عن هذا الصلح لو كانت تعلم أن الولاية هي من حق الامام الحسن، خصوصا وأن فقهاء الشيعة يدّعون أن الرسول (ص) قد صرّح بولاية آل البيت من بعده في (غدير خم)؟؟ ولكن من الواضح تماما هنا أن موضوع البيعة والخلافة عند الحسن أو الحسين أو جمهور مؤازريهما لم يكن أكثر من اجتهادات بشرية، تعامل البعض معها بشكل عاطفي مندفع، وتعامل آخرون بحسابات دقيقة نابعة من حنكة سياسية، وقد أصاب الحسن عليه سلام الله في تقديراته وحساباته لموازين القوى عندما قرر عقد الصلح. 3. بعد وفاة معاوية بن ابي سفيان وتولي ابنه يزيد للحكم بدأت الوفود والرسائل تأتي من الكوفة الى الامام الحسين في المدينة، وتواصلت بعد خروجه الى مكة، تدعوه للقدوم الى العراق لمبايعته على الخلافة بدلا من يزيد. وتختلف الروايات حول عدد هذه الرسائل لكنها تتفق على أنها كانت بالمئات..! طبعا هذه الرسائل لم تكن ترسل بالايميل أو البريد السريع، وإنما من خلال وفود تأتي على جمال تستغرق شهورا في رحلتها.. وهذا يدفعنا الى التساؤل: من كان يقف وراء هذه الحملة (المنظمة جدا) لارسال رسائل توحي بأنها (أصوات انتخابية) تمثل مئات الآلاف من ابناء العراق، ونكتشف فيما بعد أنها كانت رسائل نفاق وزيف تخلى مرسلوها عنها في يوم واحد حتى قبل وصول الحسين الى العراق؟؟؟ وإذا كان الدافع من هذه الرسائل هو الايمان بأحقية الحسين في الحكم فلماذا لم تأت هذه المؤازرة من أهل مكة والمدينة واليمن والذين كانوا أقرب الى معرفة آل بيت النبوة ومكانتهم مقارنة بأهل العراق؟ وما هي (مصلحة) العراقيين أصلا بانتخاب الحسين بدلا من يزيد وقد عرف فيهم الشقاق والنفاق والبعد عن الدين، والتي دفع الامام علي حياته ثمنا لها، وحذر منها الامام الحسن مرارا وتكرارا، ثم دفع الامام الحسين حياته بعد ذلك ثمنا لها؟؟ ولا نملك هنا إلا أن نتسائل عن الدور (الفارسي المجوسي) الذي كان حريصا دوما على شق صف الأمة الاسلامية انتقاما لزوال عرش كسرى، خصوصا وأن أكثر من 60% من سكان الكوفة يومها كانوا من موالي الفرس..!! 4. من الواضح أن الحسين تأثر – كأي شخص يطمح للحكم - بعدد الرسائل الواردة له وحجم التأييد (الظاهري) والذي تترجمه بحرفية المقولة العراقية الشائعة (انته بس تعال..!)، وتخيل أنه بمجرد وصوله الى الكوفة فسيبايعه بشكل سلمي مئات الآلاف – في ظل غياب سلطة يزيد بن معاوية – وحين ذلك سوف يفرض أمر واقع في العالم الاسلامي يعيد الحكم الى الصورة التي يريدها الاسلام (وأمرهم شورى بينهم) بدلا من الحكم المتوارث. هكذا كانت هي حسابات الامام الحسين عندما عزم على الخروج الى الكوفة. 5. أهم ما تجب الاشارة إليه هو أن الحسين لم يخرج الى الكوفة بنية القتال أو المواجهة أو الثورة (سواء بمعنى الثورة العسكرية أو الانتفاضة الجماهيرية)، وإنما خرج ظنا منه أنه ستتم مبايعته على الفور من قبل أعداد غفيرة في العراق في اليوم الأول لوصوله.. والدليل على ذلك هو أنه، وهو ابن قبائل عربية تدرك معنى القتال وأعرافه، لم يقم بالتحشيد لمعركة أو احتمال مواجهة عسكرية من اي نوع، فلم يحرص على اصطحاب أعداد كبيرة من الرجال المسلحين معه، ولم يقم بحملة دعائية واسعة. نعم هو كان يحرص أن لاتكون هناك اية مواجهات مع جيش يزيد داخل مكة أو المدينة، لكن هذا لم يكن يمنع أن يصطحب معه مئات أو آلاف المقاتلين ممن يعرفهم ويثق بهم لو كان يريد أو يتوقع أو يأخذ في الحسبان قتالا أو مواجهة مسلحة من أي نوع..! 6. الامام الحسين كان يدرك الى حد ما مشاكل أهل الكوفة ونفاقهم ودجلهم، فقام بإجراء (إحترازي) تمثل في إرسال ابن عمه (مسلم ابن عقيل بن ابي طالب) في مهمة سرية لاستكشاف حقيقة استعداد أهل الكوفة لمبايعته، ولكن هذا الاجراء كان ضعيفا ومتواضعا جدا في عالم التخطيط لمهمة كبيرة تتمثل في استلام خلافة الأمة الاسلامية، فأرسل مسلم بن عقيل لوحده مع دليلين ماتا عطشا في الطريق، وكاد عقيل أن يتخلى عن المهمة ويعود أدراجه لولا إلحاح الحسين..! وبالرغم من وصول عقيل الى الكوفة فقد انطلت عليه في الأيام الأولى ظاهرة (المناصرة) التي أبداها أهل الكوفة بعشرات الآلاف، ولما حانت ساعة الحسم تخلوا عنه جميعا في يوم واحد فقط بعد تهديدات فارغة أطلقها حاكم الكوفة عبيدالله بن زياد من خلف سياج قصره حتى دون وجود أي جيش عنده..! ويذكرني هذا الموقف بما يتناقله الناس أيام الحرب العراقية الايرانية عندما رفعوا أحدهم وهو يهتف نفاقا (ودّونا – اي خذونا- للجبهة نقاتل..)، فلما حقت الحقيقة وقدمت السيارات العسكرية (طبك الزيل) لنقل المتطوعين للقتال بدأ هذا الشخص يهتف (نزلوني أتشاقه وياكم.. اي أنزلوني فقد كنت أمزح معكم)..! هكذا تصرف أهل الكوفة مع قضية البيعة للامام الحسين.. فبين الثامنة صباحا والثامنة مساءا فقط انحسر حجم تأييد شيعة آل البيت في الكوفة من 18 ألف شخص مبايع الى صفر، نعم صفر..!! وتركوا مسلم بن عقيل بن ابي طالب يتخبط لوحده في الظلام ويبحث عن مأوى يؤيه..! ويظهر لنا هنا الضعف الشديد لدى الامام الحسين وابن عمه مسلم في قراءة التركيبة الاجتماعية والأخلاقية لأبناء الكوفة حينها، بل ورفض الحسين الاستماع لنصائح أهل الخبرة.. ومن الواضح أنهما افترضا - بحكم الأعراف السائدة في الجزيرة العربية حتى قبل الاسلام - أن من أعطى وعدا وقطع عهدا فهو يقدسه ولو دفع حياته ثمنا لذلك.. ولكن مثل هذه الأعراف لم تكن موجودة بذات القوة خارج الجزيرة العربية وخصوصا بين أهل الكوفة، نظرا لأن كثيرا منهم من ذوي الأصول الفارسية بعد أن دخلوا رغم أنفهم في الاسلام الذي انتصر على دولة الفرس وأذلها وحطم عرشها..! 7. قام الحسين باصطحاب عائلته وعائلة مسلم بن عقيل وآخرين من آل بني طالب، بنساءهم وأطفالهم كبيرهم وصغيرهم. والسؤال المهم هنا أنه إذا كان الحسين متوجها للكوفة بنية (الثورة) وانتزاع الحكم من الطاغية يزيد بن معاوية فلماذا يأخذ معه النساء والأطفال؟ هل ليستعملهم كدروع بشرية في معركة غير متكافئة؟ حاشا له أن يفعل ذلك.. ونتسائل أيضا لماذا اقتصر موكب الحسين على آل بني طالب فقط؟ هل هي قضية عائلة وعشيرة أم قضية أمة بأكملها ؟؟ إذا يبقى جواب واحد وواحد فقط، وهو أن نية الحسين في الخروج بهذه الطريقة كانت من أجل الاستقرار السلمي في الكوفة مع عائلته بعد استلامه للسلطة الموعودة وتوليته كخليفة للمسلمين دون اي نزاع مسلح..! 8. لم ينقل لنا التاريخ أن أحدا من أصحاب الحسين في مكة أو المدينة قد وافقه على فكرة الخروج الى الكوفة، بل على العكس من ذلك تماما.. فقد تتابع عليه اصحابه بالنصيحة المخلصة أن لايخرج، وفي قراءة هذه النصائح مؤشرات واضحة على ضعف شديد لدى الامام الحسين في قراءة المجتمعات خارج الجزيرة العربية وطبائع الأقوام وفي التخطيط لاستلام الخلافة. تعالوا معا نراجع هذه النصائح المهمة ونقيمها: a. قال له ابن عباس: [ يا ابن عمّ؛ إنه قد أرجف الناس أنك سائر إلى العراق فبين لي ما أنت صانع؟ فقال: إني قد أجمعت المسير في أَحَدِ يومي هذين إن شاء الله تعالى، فقال له ابن عباس: أخبرني إن كانوا قد دعوك بعدما قتلوا أميرهم، ونفوا عدوهم، وضبطوا بلادهم؛ فَسِرْ إليهم، وإن كان أميرهم حيًّ، وهو مقيم عليهم قاهر لهم وعماله تجبي بلادهم، فإنهم إنما دعوك للفتنة والقتال، ولا آمن عليك أن يستفزوا عليك الناس، ويقبلوا قلوبهم عليك، فيكون الذين دَعَوْكَ أشد الناس عليك، فقال الحسين: إني أستخير الله وأنظر ما يكون.] – أنظروا الى الرؤية الدقيقة والواقعية لابن عباس لتقييم الأوضاع على الأرض قبل اتخاذ قرار الخروج، وهو ما أمر به الاسلام من الأخذ بأسباب النجاح، ويقابله في هذا عدم أخذ الامام الحسين بهذه الرؤية واكتفاءه بـ(الاستخارة)..! b. وفي رواية أخرى يخاطبه ابن عباس قائلا: [ إني أتخوف عليك في هذا الوجه الهلاك، إن أهل العراق قومُ غدرْ فلا تغترَنَّ بهم، أقم في هذا البلد حتى ينفي أهل العراق عدوهم ثم أقدم عليهم، وإلا فسر إلى اليمن فإن به حصونًا وشعابًا ولأبيك به شيعة، وكن عن الناس في مَعزِل، واكتب إليهم وبثَّ دعاتك فيهم، فإني أرجو إذا فعلت ذلك أن يكون ما تحب، فقال الحسين: يا ابن عم والله إني لأعلم أنك ناصح شفيق، ولكني قد أزمعت المسير، فقال له: فإن كنت ولابد سائرًا فلا تسر بأولادك ونسائك، فو الله إني لخائف أن تُقتَلَ كما قُتِلَ عثمانُ ونساؤه وولده ينظرون إليه].. c. أما ابن عمر فعند ما بلغه أن الحسين قد توجه إلى العراق لحقه على مسيرة ثلاث ليال فقال: [ أين تريد؟ قال: العراق، وإذا معه طوامير وكتب. فقال: هذه كتبهم وبيعتهم، فقال: لا تأتهم فأبى، فقال ابن عمر: إني محدثك حديثًا: إن جبريل أتى النبي فخيره بين الدنيا والآخرة؛ فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا، وإنك بضعة من رسول الله ، واللهِ ما يَلِيَها أحدٌ منكم أبدًا، وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير لكم؛ فأبى أن يرجع، فما كان من ابن عمر إلا أن اعتنقه وبكى، وقال: أستودعك اللهَ من قتيل. ] d. أما عبدالله بن الزبير والذي كان من أشد الرافضين لبيعة يزيد فقد تعجب هو الآخر من مسير الحسين إلى أهل العراق وهو يعلم علم اليقين أنهم قتلوا أباه وطعنوا أخاه، فقال له: [ أين تذهب؟ إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك؟ فقال: لأن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي من أن تُستَحَلَّ بي ـ يعني مكة ]. e. وعندما تردد الحسين في المسير إلى الكوفة جاءه الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري فقال: [ يا أبا عبد الله إني لكم ناصح وإني عليكم مشفق، وقد بلغني أنه قد كاتبك قوم من شيعتكم بالكوفة يدعونك إلى الخروج إليهم، فلا تخرج إليهم فإني سمعت أباك يقول بالكوفة: والله لقد مللتهم وأبغضتهم وملُّوني وأبغضوني، وما يكون منهم وفاء قطُّ، ومن فاز بهم فاز بالسهم الأخيب، والله ما لهم نيات ولا عزم على أمر، ولا صبر على السيف.] – شاهدوا ما أصدق وأدق هذا الوصف في أهل العراق حينها..! f. وكتب عبد الله بن جعفر بن أبي طالب إلى الحسين مع ابنيه عون ومحمد: أما بعد فإني أسألك بالله لما انصرفت حتى تنظر في كتابي هذا، فإني مشفق عليك من الوجه الذي توجهت له أن يكون فيه هلاكك واستئصال أهل بيتك، إن هلكت اليوم طُفِيءَ نورُ الإسلام، فإنك عَلَمُ المهتدين ورجاء المؤمنين، فلا تعجل بالسير فإني في أثر كتابي، والسلام].. g. وفي الطريق إلى الكوفة لقى الحسين الفرزدق الشاعر فقال له: [ أعطاك الله سُؤْلك وأملك فيما تحب، فسأله الحسين عن أمر الناس وما وراءه؛ فقال له: قلوب الناس معك، وسيوفهم مع بني أمية، والقضاء ينزل من السماء، والله يفعل ما يشاء ].. h. ولما بلغ محمد بن الحنفية (شقيق الامام الحسين من أم أخرى) عزم أخيه الحسين على الخروج إلى الكوفة قدم عليه وقال: [ يا أخي أنت أحب الناس إليّ، وأعزّهم عليّ، ولست أدّخر النصيحة لأحد من الخلق أحق بها منك، تنحّ ببيعتك عن يزيد بن معاوية وعن الأمصار ما استطعت، ثم أبعث رسلك إلى الناس فادعهم إلى نفسك، فإن بايعوا لك حمدت الله على ذلك، وإن أجمع الناس على غيرك لم ينقص الله بذلك دينك ولا عقلك، ويذهب به مروءتك ولا فضلك. إني أخاف أن تدخل مصراً من هذه الأمصار، وتأتي جماعة من الناس فيختلفون بينهم، فمنهم طائفة معك، وأخرى عليك فيقتلون، فتكون لأول الأسنة، فإذا خير هذه الأمة كلها نفساً، وأباً، وأماً، أضيعها دماً، وأذلها أهلاً ]. فقال الحسين: فإني ذاهب يا أخي، قال: [ فانزل مكة فإذا أطمأنّت بك الدار فسبيل ذلك، وإن نبت بك لحقت بالرمال وشعف الجبال، وخرجت من بلد إلى بلد حتى تنتظر إلى ما يصير أمر الناس، وتعرف عند ذلك الرأي، فإنك أصوب ما تكون رأياً، وأحزمه عملاً حين تستقبل الأمور استقبالاً، ولا تكون الأمور عليك أبداً أشكل منها حين تستدبرها استدباراً ]. قال: يا أخي قد نصحت فأشفقت، وأرجو أن يكون رأيك سديداً. i. وقال له أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث: [ يا ابن عَمِّ إن الرحم تظأرُني عليك، وما أدري كيف أنا عندك في النصيحة لك؟ قال: يا أبا بكر ما أنت ممن يُستغشُّ ولا يُتَّهمُ، فقل. قال: قد رأيت ما صنع أهل العراق بأبيك وأخيك، وأنت تريد أن تسير إليهم وهم عبيد الدنيا، فيُقاتلك من قد وعدك أن ينصرك، ويخذلك من أنت أحب إليه ممن ينصره فأُذكِّرك الله في نفسك ]. فقال: جزاك الله يا ابن عمِّ خيراً، ومهما يقضِ الله من أمر يكن. فقال أبو بكر: إنا لله عند الله نحتسب أبا عبد الله. 9. نستنتج من كل ما سبق أن أصحاب الامام الحسين ومحبيه لم يختلفوا معه بالضرورة في مشروعية خروجه على بيعة يزيد، لكنهم خالفوه تماما في توقيت الخروج ووجهته، وأسدوا اليه نصائح مخلصة ووضعوا أمامه قراءة دقيقة لواقع الكوفة وطبائع أهلها في حينها، بل ومنحه بعضهم خيارات استراتيجية أدعى للنجاح في طلب الخلافة (كاختيار اليمن)، أو التريث ومطالبة من يدعي نصرته من أهل الكوفة باتخاذ خطوات متقدمة أخرى لاختبار جديتهم واستعدادهم لهذه المهمة.. ولكن من الغريب أن الامام الحسين لم يحاول مناقشة الخيارات العملية المطروحة من قبل ذوي الخبرة، أو يحاول إقناعهم بأن خطته وتوقيته ووجهته أدعى للنجاح، بل أنه أهمل تماما جميع التحذيرات والتنبيهات والتي تبين فيما بعد صدقها وصوابها، ودفع حياته ودماءه الزكية ثمنا لها..! 10. أتساءل أيضا، لماذا كان (عرض) مرافقة الحسين الى الكوفة في هذه المهمة العظيمة مقتصرا على آل بني طالب فقط، ولم يكن العرض مفتوحا أمام آخرين من كبار الصحابة أو من قبائل مكة والمدينة؟ فلا نعلم من الروايات التاريخية أن الحسين حاول إقناع غير آل بني طالب بالخروج معه.. هل كان هناك فهم سائد لدى الجميع بأن الموضوع هو منافسة سياسية بين بني أمية وبني طالب، وهم غير معنيين بها..؟ أين حكم الشورى إذا من كل هذا..؟ وهل كل الخلاف كان يدور حول أي العشيرتين أحق بالحكم؟؟ وهل أن آل بني طالب (فزعوا) لابن عمهم بغض النظر عن القضية لأسباب عشائرية، ولم يناقشوا معه (باستثناء محمد بن الحنفية) الجدوى من الخروج..؟؟ 11. تتفق جميع الروايات على أنه عندما علم الحسين بتخلي أهل الكوفة عن ابن عمه مسلم بن عقيل ومقتله بعد ذلك عزم على الرجوع الى مكة..! ولكن الذي منعه من ذلك هو أن إخوة مسلم بن عقيل قالوا: [ والله لا نرجع حتى نصيب بثأرنا أو نُقتَلَ؛ فقال: لا خير في الحياة بعدكم ].. وهنا يبرز أكثر من سؤال: a. إذا كان الحسين قد خرج ثائرا من أجل قضية مصيرية للأمة الاسلامية، وإما النصر وإما الشهادة، فلماذا أراد الرجوع الى مكة بعد أن بلغه مقتل مسلم بن عقيل؟ هل قضية الأمة متعلقة بحياة أو موت شخص؟ b. وإذا كان هدف الخروج هو الثورة على يزيد وإحقاق الحق، فلماذا كان دافع إخوة مسلم بن عقيل في مواصلة المسير للكوفة هو (الثأر) لشقيقهم؟ 12. من الواضح تماما أن الحسين قد أدرك بعد مقتل مسلم بن عقيل أن حساباته كانت خاطئة تماما، وأنه لامعنى من مواصلة المسير الى الكوفة بعد أن تنصل أهلها من وعودهم وعهودهم، ولكن أشقاء مسلم بن عقيل أخذتهم (الحمية) لمقتل أخيهم وعزموا على (الثار) ممن قتله.. وهذا السلوك هو امتداد طبيعي لأعراف المجتمع القبلي للجزيرة العربية في الاقتصاص وأخذ الثأر مهما كانت العواقب. ويبدو من المحاورة أن أشقاء مسلم بن عقيل قد غلبوا الحسين على أمره ووضعوه في موقف محرج جدا.. فهو إن عاد بعائلته الى مكة فسوف يقال أنه تخلى في منتصف الطريق عن أبناء عمه ليواجهوا مصيرهم لوحدهم..! وهذا يعني أن قرار الحسين بمواصلة المسير كان بدافع (إرضاء) ابناء عمه و (تخوفا) مما كان سيقال لو عاد الى مكة من غيرهم.. وهنا يرتكب الحسين الشهيد خطئا آخر جسيما في الاستجابة للعواطف بدلا من حساب قوة الخصم وكيف ياترى سـ(يأخذون بالثأر)..! 13. عندما أشرف الحسينُ على العراق، رأى طليعة متقدمة لجيش ابن زياد بانتظاره، وتعالوا نقرأ بعناية ما قاله لهم الحسين: [ أيها الناس إنها معذرة إلى الله وإليكم، إني لم آتكم حتى أتتني كتبكم ورسلكم أن أَقْدِمْ علينا فليس لنا إمام لعل الله أن يجعلنا بكم على الهدى؛ فقد جئتكم فإن تعطوني ما أطمئن إليه من عهودكم أقدم مصركم، وإن لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي أقبلنا منه، فلم يجيبوه بشيء في ذلك، ثم قال له الحر: إنا أُمِرْنا إذا نحن لقيناك أن لا نفارقك حتى نقدمك الكوفة على عبيد الله بن زياد، فقال الحسين: الموت أدنى إليك من ذلك ].. وخطاب الحسين هنا خطاب صريح بأن هدف قدومه هو ليس الثورة أو المواجهة المسلحة أو انتزاع الحكم، ولم يستل سيفه حينها ويصرخ (هيهات منا الذلة)، إنما كان يقول (معتذرا) بعد أن رأى حجم المشكلة على الحدود العراقية [إذا لم ترغبوا بدخلولي فسأرجع من حيث أتيت]، ولكن المشكلة كانت قد تعقدت أكثر.. ومرة أخرى يرتكب الحسين خطئا قاتلا ويصر على معاندة الجيش المأمور بإلقاء القبض عليه..!!! 14. لو شاهدنا الخارطة المرفقة فسنعلم أن الحسين أمام هذه الأزمة غير المتوقعة قد قرر ومن معه مغادرة العراق باتجاه الشام، فانحرفوا شمالا بعيدا عن الكوفة باتجاه كربلاء، وهنا نتساءل أين العزيمة على (الثأر) ممن قتل مسلم ابن عقيل والتي كانت سبب هذا المسلسل من القرارات الخاطئة بل القاتلة؟ بالتأكيد هم ظنوا أنهم سيدخلون الكوفة بسهولة ويبحثون عن القتلة ويحاسبوهم، ولم يتوقعوا أن جيشا كان بانتظارهم.. لذا فقد تغيرت النوايا الآن وأصبحت الأولوية هي (النجاة) والافلات من هذا المأزق..! 15. ولكن طليعة جيش والي الكوفة بقيادة الحر بن يزيد لم توافق على السماح للحسين ومن معه بالمغادرة بعد أن صدرت الأوامر باعتقال الحسين، لكنهم لم يواجههوهم أو يحاولون إلقاء القبض على الحسين بالقوة، إنما لازموهم في السير بعيدا عن الكوفة حتى وصلوا قريبا من كربلاء والتي تبعد عن الكوفة شمالا قرابة 80 كم، هذا يعني أن طليعة جيش والي الكوفة قد منحوا الحسين عددا من الأيام وليس الساعات ليسلم نفسه بشكل سلمي، لكنه رفض. وعند الاقتراب من كربلاء رأى الحسين أنه يواجه الآن جيشا كبيرا قوامه 3 آلاف مقاتل، كثير منهم ممن أرسلوا له رسائل المبايعة قبل خروجه، وأدرك أن المأزق أصبح أكثر خطورة، فطلب من قيادة الجيش أن يسمحوا له بالانسحاب من العراق وفق أحد خيارات ثلاث، فقال: [ إما أن تَدَعُوني فأنصرف من حيث أتيت، وإما أن تدعوني فأذهب إلى يزيد، وإما أن تدعوني فألحق بالثغور ].. 16. لا ندري لماذا لم يبادر الحسين الى تسليم نفسه بعد أن أدرك أن موضوع الافلات من الورطة أصبح مستحيلا، وأن كافة خياراته أمام الجيش مرفوضة؟؟ فليس هناك في الاسلام ما يمنع أن يقع المسلم في أسر أعداءه، ولا نفهم مقولات (هيهات منا الذلة) أو (لا أعطي بيدي إعطاء الذليل) سوى حالة من [المعاندة] غير المبررة وعملية [انتحار جماعي] خصوصا وأنه قد اصطحب معه نساءا وأطفالا..! والحسين لم يكن يمانع أن يذهب هو بنفسه الى يزيد و (يتفاهم) معه، أو حتى يعمل كجندي في جيش يزيد لحماية الثغور (حدود الأمة الاسلامية) كما اقترح هو، ولكنه كان يرفض أن يسلم له كأسير، وهذا الأمر يمكن تفهمه إنطلاقا من الأعراف القبلية لعرب الجزيرة الذين كانوا يأنفون من التسليم لخصومهم ويعدون ذلك (ذلة) ويخشون أن يعيروا بذلك.. ولكنه لو سلم نفسه وطلب (عهد الأمان) له ولمن معه لكان قد حفظ هذه الدماء جميعا، ولجنب الأمة الاسلامية من بعده (قصة) المقتل وفتنة عظيمة ندفع جميعا اليوم ثمنها..! من كل ما تقدم نخرج باستنتاج منطقي جدا، وهو أن المقتل المؤلم والمحزن للحسين وأصحابه على أيدي أعدائهم كان نتيجة حتمية لمسلسل أخطاء جسيمة ارتكبها الحسين في قراءة الواقع العراقي، والاصرار على عدم سماع نصح ذوي الخبرة، والتفرد في اتخاذ قرارات متعجلة، والاندفاع خلف عواطف وحمية أبناء عمه.. وأخيرا رفض حقن الدماء وتعريض الأرواح للخطر بالامتناع عن تسليم نفسه..! وكل ما حذره منه أصحابه من التسبب في وقوع (الفتنة) قد وقع فعلا.. وقد عرف الامام الحسن بحكمته وبعد نظره كيف يتفادى هذه الفتنة، بينما وقع الحسين (وهو بشر يخطيء ويصيب) في خطأ فادح فشل فيه في تحقيق أهدافه سواء القريب منها أم البعيد، وتسبب من غير قصد في شرخ عظيم في الأمة نعيش آثاره حتى هذه اللحظة، رغم أن نيته كانت إصلاح النظام السياسي.. رحمك الله يا ريحانة رسول الله ولعن موالي الفرس من أهل الكوفة التي خذلتك ثم قتلتك، ومن والاهم وتابعهم ووالى مراجعهم وعمائمهم الى يوم الدين. إن ما يدعى بـ (ثورة الحسين) لم تكن سوى شعارا رفعه من يدعون التشيع له سببا للاستهتار بكل قيم العقل والانسانية والدين منذ مئات السنين، وذريعة لقتل واستهداف والغدر بمخالفيهم في المذهب، وسببا لخيانة أوطانهم وشعوبهم والارتماء في الحضن الايراني الفارسي الغادر.. فالحسين عليه سلام الله كان مندفعا ولم يكن ثائرا، وما لنا إلا أن نترحم عليه ونلعن خاذليه..!
الموضوع الأصلي: مفاجأة (غير سارة) لشيعة العراق والعالم:الحسين رضي الله عنه لم يكن ثائرا ومقتله كان نتيجة حسابات خاطئة وضعف في التخطيط || الكاتب: علي السلفي || المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد
المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد lth[Hm (ydv shvm) gadum hguvhr ,hguhgl:hgpsdk vqd hggi uki gl d;k ehzvh ,lrjgi ;hk kjd[m pshfhj oh'zm ,qut td hgjo'd'
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 : | |
لا يوجد أعضاء |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|