يقول: نرجو نُصْح بعض طلبة العلم، الذين يتطاولون على ابن حجر، ويهونون من شرحه لصحيح البخاري، ويقولون: لديه أخطاء عقدية، ولا ينبغي قراءتها؟!!
الأخطاء موجودة، الأخطاء موجودة في فتح الباري، وفي النووي على مسلم، وفي القاضي عياض على مسلم، وفي المفْهِم للقرطبي، وفي تفسير القرطبي، وفي التفاسير، وفي شروح الأحاديث، الأخطاء موجودة، فهل يعني هذا أننا لا نقرأ إلا ما سلم مائة بالمائة؟ إذن نقتصر على القطعة التي شرحها الحافظ ابن رجب، -رحمه الله- من البخاري، وشرحه أيضاً الأربعين، وكلام ابن القيم من سنن أبي داود؛ لأن الخطابي عنده مخالفات عقدية، وابن حجر عنده، والعيني عنده، والقسطلاني عنده، والكرماني عنده، كل الشروح عندهم، أي نقتصر على ما سلم مائة بالمائة؟ لا يمكن أن يسلم كتاب مخلوق من كل وجه، لا يمكن، تفسير الحافظ ابن كثير من أسلم كتب التفسير، ونقب، وبحث، ووجد، لكنها خفيفة، لا تظهر لكل الناس، فمن المعصوم؟ لكن المفترض في طالب العلم أن يعرف، يسبر هذه الأخطاء، أو تُسْبر له، والحمد لله، لم تظهر طبعات بين فيها بعض الأخطاء، وإن لم تكن، يعني مستوعبة، لكن وجد، وأحسن من لا شيء.
التطاول على أهل العلم مصيبة، وظهر في الآونة الأخيرة من بعض من ينتسب إلى طلب العلم، ومعلوم ما جاء في الكلام في المسلمين عموماً، وأهل العلم على وجه الخصوص، وبالأخص من مات منهم، فمن مات؛ تذكر محاسنه، فالتطاول على أهل العلم تطاول على العلم، وإفقاد الناس الثقة من أهل العلم، يجعل الناس يعيشون بدون مرجع، وهل كل الناس يستطيع أن يستفيد من النصوص دون واسطة أهل العلم؟ لا يمكن، فإذا هونا من شأن العالم الفلاني، والثاني، والثالث، والرابع، ماذا يبقى لنا؟ وتبقى أنها وجهات نظر! إذا هون جمع من الناس فلاناً، وقلنا خلاص انتهى هذا، هذا احترق، وجمع آخرون هونوا من شأن فلان، وكذا، وهكذا، من الذي يصلح؟ ومن الذي يسلم من الأخطاء؟ ولو هان، لأنه لا يسلم منها أحد، ولا يعني هذا أن هؤلاء العلماء، سواء كانوا من المتقدمين، أو من المتأخرين، أنهم معصومون؟ لا. يخطئون، من خطأ يبين خطأه بالطريقة المناسبة، التي تؤدي الغرض، ولا يترتب عليها مفسدة، لكن إذا كان تبيين الخطأ يترتب عليه مفسدة، مؤلف كتاب في أخطاء فلان، كثيراً من الناس ما يستحضر إلا هذه الأخطاء.
يقول شخص عنده هذه الأخطاء، كيف نستفيد منه؟ لكن إذا مرت هذه الأخطاء، وجاء لها مناسبة في أثناء شرح، أو في أثناء درس، وقد زل فيها بعض أهل العلم، يقال من غير تعيين للشخص، إلا إذا ترتب على تعيينه مصلحة، فالمسألة مسألة مصالح ومفاسد، وإذا أردنا أن نحذر من كل كتاب يشتمل على خطأ، ومن الذي يضمن أن هذه الكتب التي رشحناها، وقلنا إنها خالية من الأخطاء، وأنها تعرى من الأخطاء، ومن وجهة نظر آخرين، فيها أخطاء، إذن يترك العلم كله؟ العبرة بكون هذه المفسدة مغمورة في جانب ما يشتمل عليه الكتاب من فوائد، فإذا كانت المفسدة مغمورة في جانب ما اشتمل عليه من الفوائد، فائدة لا بد منها، كيف تفهم من النصوص من غير الرجوع إلى التفاسير، تفاسير أهل العلم ومن القرآن؟ كيف تفهم نصوص السنة من غير الرجوع إلى ما قاله أهل العلم في شروح الأحاديث؟!
مما علق بذهني أثناء شرح الشيخ لكتاب التجريد الصريح (وهو مختصر للبخاري) كان يشرح من فتح الباري فإذا جاء خطأ عقدي لابن حجر -رحمه الله- بينه الشيخ بما يوافق عقيدة أهل السنة والجماعة واعتذر لابن حجر في ذلك.