02-09-14, 03:03 AM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
بـاب التعليمـي
من الطنطاوي إلى المعلمين
خواطر عن التربية والتعليم انتقيتها من سلسلة "ذكـريات الطنطـاوي" عمران الراجحي الحمدلله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد : بمناسبة بداية العام الدراسي الجديد - وهي للمعلم وغيره -أقدم لكم هذه النقولات من كتب الشيخ الأديب : على الطنطاوي - رحمه الله - وهي نقولات من خواطر الشيخ عن التربية والتعليم في سلسلة ( ذكريات علي الطنطاوي ) ، واجتهدت قدر الإمكان أن استخرج الألماس من بين الذهب ، فالطنطاوي صعب أن تنتقي من كتبه لأن اغلب ما يقوله هو عبارة عن " حِكم " . و تصرفت قليل في الاختصار وحذف بعض الجمل والقصص العارضة والاستطرادات ، وجعلت كل فقرة خاصة بفئة من الناس وجعلت لها عنوان .. وإلى الفوائد والخواطر : [ أسلوب وطريقة التعليم ] : ١- أما التعليم ، فليس كل من عَلِم شيئاً استطاع أن يعلّمه وما كل عالِم يصير معلّماً ؛ فالتعليم أن تختار الأسلوب الذي توصل به هذه المعارف إلى أذهان المتعلمين . وذلك يقتضي معرفة بمدى إدراك الطالب فلا تكلّفه بما هو فوق إدراكه ، وبمدى قبوله ما تلقيه عليه وإلا أغلق ذهنه دونك فقرعت باباً لا يُفتح أبداً ، وأن تزيح من طريقه العوائق التي تُعيق فهمه عنك وينشغل بها عمّا تقول ، ومن هذه العوائق ما يكون فيك أنت أيها المدرس : فلا ينبغي أن يكون في هيئتك ولا في لهجتك ولا في أسلوب معاملتك شيء غريب يقف فكره عنده فلا تستطيع أن توصل إليه ما عندك . [ معلـم ناجـح ] : ٢- وأنا أحمد الله على أني كنت معلّماً ناجحاً . لا أقول ذلك عن نفسي وحدي ، بل يشهد به تلاميذي على مدى إحدى وستين سنة ، منذ بدأت التعليم ... وكان من أسباب توفيقي ثلاث ، أوصي بها من أراد أن يكون معلّماً ناجحاً : أولها : استيعاب المادّة التي يدرّسها والإحاطة بها ، والرجوع إلى كلّ كتاب يصل إليه من كتبها ، لا يقتصر على الكتاب المقرَّر . أما في الجامعة فلا يجوز أبداً أن يُقرَّر كتاب بعينه لا يرجعون إلاّ إليه ، ومن يفعل ذلك من الأساتذة يكن معلّم مدرسة ابتدائية لا أستاذاً في جامعة . الثاني : أن يسلك إلى أفهام الطلاّب كل سبيل ، فإن ساق المسألة بعبارة لم يفهموها بدّل العبارات حتى يصل إلى العبارة التي يستطيعون أن يفهموها ، وما دامت مسائل العلم في ذهنه وكلمات اللغة بين يديه سَهُلَ ذلك عليه . أما الشرط الثالث : فهو أن يكون طبيعياً . فإن لم يعرف المسألة قال للطلاب : إني لا أعرفها ، وإن أخطأ قال لهم : إني أخطأت فيها . [ أهمية الصدق في التربية ] : ٣- والصدق أقرب طريق ، لا سيما مع الأطفال ، إلى بلوغ المرام وكسب الاحترام ... فالصدق مع الصغار خير من أن نكذب عليهم وأن نوهمهم ما يكذّبه الواقع . [ غرس العادة الحسنة ] : ٥- قلت لكم إن التربية كما أفهمها هي غرس العادات الحسنة ، وإن العادة تثبت بمرّة واحدة كما يقول بعض الفقهاء : فمن لم يدخل في عمره ملهى يصعب عليه دخوله ، وإن قدّرنا هذه الصعوبة بالرقم وقلنا بأنها مئة مثلاً ، فإن دخله مرّة كانت صعوبة الثانية عشرين بالمئة فقط ، وإذا دخل المرّة الثانية قعد في المكان الذي اقتعده أول مرّة . [ التعليم بالقول وبالفعل ] : ٦- من تجاربي أنني كنت أحاول تصحيح بنتي من الصغر ، فكان الأهل يعجبون مني حين أقول للطفلة التي لم تكمل الأربع : لا تفتحي فمك عند المضغ ، وأحرّك فكّي أمامها كأني آكل وفمي مُغلَق أو آكل فعلاً من غير أن أفتح فمي . أعلّمها بالقول وبالفعل ، وهذه هي سنّة رسول الله ، المعلّم الأعظم ، حين علّم المسلمين أحكام الصلاة ثم صلّى أمامهم وقال : "صلّوا كما رأيتموني أصليّ " . [ التربية الإيمانية ] : ٧- وكنت - مع هذه العناية بأكل بنتي وسلوكها ونظافتها - أهتمّ. بما هو أولى من ذلك كله وأسمى ، وهو غرس بذور الإيمان في قلبها ... ومشيتُ مع الأولاد على هذه الطريقة ، وكنت أُلقي عليهم النصائح أو المواعظ في كلمة عارضة . [ الكذب عند الأطفال ] : ٨- يكذب الأطفال ( وذلك هو الغالب ) خوفاً من عقوبة الآباء والأمهات ، فلينتبه المربّون والأهل ون الذين يقسون على أولادهم : إنهم يدفعونهم إلى الكذب . أما الولد بفطرته فلا يكون إلا صادقاً . [ علاج الخـوف ] : ٨- والخوف إن كان له سبب معقول كان طبيعياً ، فمن كان له طفل يخاف من الظـلام وأمثاله فدواؤه أنه يهجم به على ما يخاف منه ، فإذا اطمأنّ إليه زال خوفه . [ إلى معلم اللغة العربية ] : ٩- إن البلاد العربية كلها تشكو من الضعف في العربية ، ولعلّ من أسباب هذا الضعف طريقة تدريس النحو ، ولعلّ أسوأ ما في هذه الطريقة التعريفات . لماذا هذه التعريفات من أصلها ؟ إن العرب الأولين الذين أخذنا قراعد العربية عنهم ما كانوا يَعْرفونها .... وأنا لا أذهب مذهب مَن يدعو إلى تسهيل النحو ليُفسد بذلك اللغة ، لست كهذا العدوّ الذي يأتي بثياب صديق ، ولا أدعو إلى إهمال القواعد ولا إلى ترك الإعراب وتسكين أواخر الكلمات ... في النحو أمور ينبغي أن نصلحها؛ لا أبدّل لسان العرب ولا آتي ببدع جديدة منكَرة تقطع ما بيننا وما بين كتاب الله ، ولكن أقترح أموراً لا تجاوز المظهر ولا تصل إلى الجوهر ... أنا لا أدعو إلى نبذ النحو ولا إلى تبديله ، ولكن أدعو إلى اعتباره وسيلة لا غاية ؛ فالنحو إنما وُضع - من يوم وُضع - لإقامة اللسان وتجنُّب اللحن ، وأقصرُ طريق يوصل إلى هذه الغاية يكون هو الطريق الصحيح . [ إلى معلم التربية الإسلامية "الدين" ] : ١٠ - يأخذ [ الطالب ] كتاب الدين المقرَّر فيجد كلاماً بعيداً عمّا يألف وعمّا يعرف . ذلك أننا ننقل من كتب مؤلَّفة قبل مئات من السنين فنُثبِت ما فيها في كتب المدارس . وأنا أعلم أن حقائق الدين لا تتبدّل وأن تبديلها مفر بها وخروج عليها ، فلا يفهم أحدٌ أنني أدعو إلى تغيير أحكام الدين وحقائقه . إنّ الذي أدعو إليه هو تجديد الأسلوب وأن تكون كتب الدين مكتوبة بلغة العصر ، فإنّ لكل عصر لغة يفهم بها آبناؤه : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ } . ومن مقتضى ما أطلبه من تبديل الأسلوب أن نبدّل المقاييس مثلاً ، فلا نقيس بالقلّتين لأنه لم يعُد يعرف أحدٌ ما هي " القُلة " ، حتى ولا أهل هَجَر التي يقولون إنهم يعتمدون فيها على قِلال هجر . بل لم يعُد يعرف أكثر الناس أين هجر : أهي القطيف أم البحرين ؟ والناس يقيسون المسافات بالأكيال لا بألف رسخ ولا بالبُرد ، فلماذا نعلّم الطلاب مسافة السفر الذي تقصر في الصلاة ويفطر فيه الصائم إن شاء بهذه المقاييس القديمة ؟ وبهذا تكون انتهت النقولات ، وأسأل الله بمنه وكرمه أن يجعلنا مفاتيح للخير ، مغاليق للشر. إنه القادر على ذلك ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه تسليما كثيرا. عمران الراجحي الأحد ١٤٣٤/١٠/١٨ هـ المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد lk hg'k'h,d Ygn hglugldk
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 1 : | |
متابعة تألق |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|