السؤال:
هذا يسأل يقول: ما الفرق بين حُب الثناء من الخلق، وبين الفرح بثناء المؤمنين الذين هم شهداء الله في الأرض؟ الجواب:
أما حب الثناء فهذا يخشى على صاحبه أن تكون أعماله ليست لله، وقد ثبت في ذلك الحديث، حديث الثلاثة الذين أول ما تُسجَّر بهم النّارِ، أحدهم قَرَأَ القُرْآنَ، والثاني أنفق، والثالث جاهد، فَأُتِيَ بِمن جاهد فقيل: له مَا عَمِلْتَ؟ قَالَ: جَاهَدت فِيكَ يا رب، فيقول الله له: كَذَبْتَ، تقول له الملائكة: كَذَبْتَ، وإنما قَاتَلْت ليُقَالَ جَرِيءٌ وقَدْ قِيلَ، وهكذا الذي يَتَصَدّق وَيُنفِق، إنما فعل ذلك يقول: أنفقت فيك يا رب، فيقول الله له: كَذَبْتَ ، وتقول له الملائكة: كَذَبْتَ، وهكذا يأتي الثالث الذي قَرَأَ القُرْآنَ فيُعَرِّفه الله كما عَرَّف السابقيْن بنِعَمَهُ عليهم، ثم يقول الله له: مَا عَمِلْتَ فيقول: يا رب قَرَأْتُ القُرْآنَ وأقرأته فِيكَ ، فيقول الله له : كَذَبْتَ، وتقول له الملائكة: كَذَبْتَ، وإنما قرأت ليقال قارئ وقد قيل، ثم يؤمر بهم فيلقون عَلَىَ وَجْهِوهم فِي النّار، فهؤلاء هم الذين فعلوا ذلك لحُبِّ الثناء، ولهذا يقول فيهم ابن رسلان في الزُّبَد:
وَعَالِـمٌ بِعِلْـمِـهِ لَـمْ يَعْمَـلَـنْ مُعَذَّبٌ مِنْ قَبْلِ عُبَّـادِ الْـوَثَـنْ
فهؤلاء هم أول من تُسجر بهم جهنم- والعياذ بالله-، من أحب هذا الثناء وعمل ليثنى عليه فقط.
أما الذي يفرح بثناء المؤمنين عليه فهذا شيءٌ آخر، ولكن صاحب الإيمان وصاحب اليقين يهضم نفسه، ويرد على من ذلك ولا يقبل بالمدح، وينبغي له أن يقول: (اللَّهمّ اجْعَلْنِي خَيْرًا مِمَّا يَظُنُّونَ، وَاغْفِرْ لِي مَا لا يَعْلَمُونَ) وتجده يلزم جانب التواضع فهو لا يُحب المدح، لكن الله - جَلَّ وَعلا- يقيم من يثني عليه بما رأى منه من الخير.
فهذا هو الفرق بينهما، ذاك ساعٍ للمدح طالبٌ له، وربما عَمِل له، كان عمله من أصله ابتغاء المدح، أمَّا هذا فيُثنى عليه وهو يكره المدح، وفرقٌ بين هذا وذاك. منقول من موقع ميراث الأنبياء
عن حذيفة رضى الله عنه، أنه أخذ حجرين، فوضع أحدهما على الآخر، ثم قال لأصحابه:
هل ترون ما بين هذين الحجرين من النور؟
قالوا: يا أبا عبد الله، ما نرى بينهما من النور إلا قليلا.
قال: والذي نفسي بيده، لتظهرن البدع حتى لا يُــرى من الحق إلا قدر ما بين هذين الحجرين من النور،والله، لتفشون البدع حتى إذا ترك منها شيء،
قالوا: تُركت السنة !.
.
[البدع لابن وضاح ١٢٤]
" سنية " سابقاً ~
التعديل الأخير تم بواسطة الشـــامـــــخ ; 21-04-18 الساعة 04:27 AM