بيت شبهات وردود لايسمح بالنقاش او السؤال هو فقط للعلم بالشبهة وماتم الرد عليها من أهل العلم والمتخصص بهذا الشأن |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
03-04-11, 03:13 PM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
بيت شبهات وردود
الخميس, 25 حزيران/يونيو 2009 محمد إلهامي الدافع للكتابة في هذا الموضوع: من النكد الذي يصيب عالمنا العربي - وهو قلب العالم الإسلامي وميزان قوته - أنه ما زال يعيش في عصور الملكيات المطلقة التي طلقها العالم تمامًا، لكن الأبشع والأنكى أن ما تحول من هذه الملكيات إلى جمهوريات يحاول أن يعود مرة أخرى بمسرحيات مكشوفة إلى أسلوب الملكيات. ومن كوارثنا أن هناك من رجال الإعلام الرسمي من لا يستحي أن يفعل أي شيء في سبيل التبرير للحاكم الديكتاتور، ولو كان هذا الشيء هو الاستخدام المسفّ لشخصيات بحجم صحابة رسول الله r.. لذا فلا يتردد أحدهم أن يستغل موقفًا تم في ظروف استثنائية لم تعُد موجودة الآن -كما سنوضح- مثل عهد سيدنا معاوية بالخلافة لابنه يزيد؛ لكي يبرر توريث الحكم الآن، وبعد ما يقرب من خمسة عشر قرنًا. وعلى الجانب الآخر سيوجد معارضون يُرجعون كلّ المصائب التي تحدث الآن إلى حادثة حدثت منذ خمسة عشر قرنًا ليصبُّوا اللعنات على سيدنا معاوية t، وهذا ربط مستحيل بالحقائق العلمية والظروف الموضوعية، فما أبعد الإسلام من ديكتاتور يظلم الناس، ولا يستطيع أجرأ المعترضين أن يدَّعِي أن ديكتاتور العصر الحديث مؤمن تقيّ يقتفى أثر معاوية t . هؤلاء المعارضون منهم من يريد النيل من الإسلام باعتباره لا يصلح أصلاً ليكون مرجعية، ومنهم من ينطلق من منطلقات إحقاق الحق ونقد التاريخ بمنهج علمي. على كل حال، سنوضح في السطور القادمة، كيف أنه لا رابط أصلاً بين الظروف التي حدث فيها توريث الخلافة لأول مرة في الإسلام، وبين محاولات توريث الحكم في عصرنا هذا؛ حتى ينتفي ما يمكن أن يستغله الإعلام الحكومي أو المعارضون على اختلاف منطلقاتهم. **** بداية: أستأذن القارئ الكريم في أربعة تمهيدات قبل الدخول للموضوع: >أولاً: نحن في الدنيا نعامل الناس على ظاهرهم، ولا نعلمُ بواطنهم.. فضلاً عن أن نعلم مدى مكانة إنسان عند الله أو موقعه من رضا الله أو سخطه؛ ولذا نعامل الناس على ظاهر تصرفاتهم ومعاملاتهم، ونحكم عليهم بهذا الظاهر، ونكل السرائر إلى الله تعالى. ونحن بهذه القاعدة نعترف ضمنيًّا بأن حكمنا على الناس حكم ناقص في ميزان الحقيقة؛ لأن جانبًا كبيرًا من الحقائق والمعلومات لا تقع في مجال إدراكنا.. ويكون الحكم الوحيد الصحيح العادل الذي لا شك فيه ولا ظلم فيه، هو حكم الله تعالى الذي يعلم ما تخفي الصدور. بهذا التصور، يفسر البشرُ أفعال البشر وتصرفاتهم، ويخوضون في تاريخهم محاولين استكناه وتحليل أفعالهم ومواقفهم ومبادئهم، ثم يظل حكم البشر مهما بلغ من استقصاء للمعلومات حكمًا ناقصًا. أتذكر الآن كلمة للأديب والمفكر الكبير عباس العقاد في كتابه (أنا) إذ يقول: "وعباس العقاد كما أراه - بالاختصار - هو شيء مختلف كل الاختلاف عن الشخص الذي يراه الكثيرون من الأصدقاء أو من الأعداء.. هو شخص أستغربه كل الاستغراب حين أسمعهم يصفونه أو يتحدثون عنه، حتى ليخطر لي - في أحسن الأحيان - أنهم يتحدثون عن إنسان لم أعرفه قط، ولم ألتقِ به مرة في مكان. فأضحك بين نفسي وأقول: ويل للتاريخ من المؤرخين. أقول: ويل للتاريخ من المؤرخين؛ لأن الناس لا يعرفون من يعيش بينهم في قيد الحياة ومن يسمعهم ويسمعونه ويكتب لهم ويقرءونه، فكيف يعرفون من تقدّم به الزمن ألف سنة ولم ينظر إليهم قط ولم ينظروا إليه؟" . عند التعرض للأنبياء أو للصحابة يستجد هنا مستجد جديد تمامًا؛ إذ في هذه الحالة تتوفر لدينا معلومات لا يمكن أن تتوفر عن أحد غيرهم، ألا وهي منزلتهم عند الله تعالى.. وفى هذه الحالة الخاصة جدًّا يجب أن تتغير مفاهيم التحليل والتفسير لتصرفاتهم وأفعالهم، ولا تكون بنفس المعايير التي نحكم بها على تصرفات البشر. فلقد أخبرنا الله تعالى عن طريق القرآن الكريم، وأخبرنا رسوله r من خلال أحاديثَ نبويةً صحيحة وفي أعلى درجات الوثوق أن هؤلاء الصحابة ممن y وممن أسكنهم الجنة، وهم خير الخلق عند الله تعالى بعد الأنبياء والمرسلين. بهذه المعرفة عن منزلتهم ومكانتهم عند الله يجب على المسلم أن يوقر ويُجلّ ويحترم هؤلاء الصحابة الذين y، وألاّ يظن بهم أو بأحدهم السوء، أو يفسر تصرفاتهم ومواقفهم كما يفسر سلوك أي بشر آخرين؛ كتعبير عن الطمع والخسة والتآمر والتكبر والخداع والحرص على المصالح الشخصية؛ لأنه قد وصل لنا علم الغيب يخبرنا أنهم في الجنة، رضوان الله عليهم جميعًا. >ثانيًا: ومن هذا المنطلق كان علماء الإسلام يحرصون ألاّ يتكلموا في ما وقع بين الصحابة من فتن، وقد سموها فتنًا؛ لأن الخائض فيها أقرب للخطر منه إلى السلامة، وكانوا يرفعون شعار: "فتنة طهر الله منها سيوفنا فلنطهر منها ألسنتنا". وهو شعار يعترف ضمنًا بأن الصحابة بشر يخطئون وليست لهم العصمة؛ فالعصمة للأنبياء فقط.. لكنه في نفس اللحظة يتوقف عن الخوض في ما وقع بينهم؛ لأن طرفي الخلاف هم خير البشر بعد الأنبياء والمرسلين. وأتوقع أن هذا الشعار كان سيستمر إلى أن تقوم الساعة لولا أن العصور التالية قد حملت لنا من يخوضون في أعراض هؤلاء الصحابة بكل حدّة، وتهجم دون اكتراث، بل حتى دون محاولة التوقف لانتقاء الألفاظ.. وهذا هو ما أجبر العلماء على تحقيق ما حدث بين الصحابة من فتن، وتنقية التاريخ من روايات الكاذبين وأصحاب الغرض. وتكاد تكون أكثر الفترات التي لاقت تحقيقًا بين علماء المسلمين تاريخيًّا - بعد السيرة النبوية - هي ما حدث بين الصحابة من خلاف، وأغلب هذه الدراسات حديثة نسبيًّا، بما يؤكد أن المحققين لها اضطروا لولوج هذه الساحة قطعًا لألسنة من أراد النيل من الإسلام بالنيل من الصحابة، أو أراد تقسيم الأمة شقين متناحرين بالانحياز إلى طرف دون طرف. >ثالثًا: ورب ضارة نافعة.. فإن المؤرخين المسلمين الأوائل حينما نقلوا روايات الفتنة حتى الضعيف والشاذ منها مما ساهم في نشر الأكاذيب والشائعات، حينما فعلوا ذلك، فهم عبّروا عن نزاهة نطالب بها بعد أكثر من ألف سنة من وجودهم، واتخذوا موقفًا يعدّ بحد ذاته مفخرة للمسلمين في أنهم لم يحذفوا روايات هم يؤمنون بضعفها وكذبها؛ اعترافًا بحق الأجيال القادمة في معرفة كل ما حدث، ووضعوا بذلك - ربما لأول مرة في التاريخ - نزاهة المؤرخ الذي يورد المعلومات وإن كان يرفضها ولا يؤمن بها، وهو درسٌ ما زال المؤرخون بعد ألف سنة في حاجة إليه. يقول الطبري شيخ مؤرخي المسلمين في مقدمة كتابه الذي يعدّ المصدر الأول في معرفة التاريخ الإسلامي: "فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه أو يستشنعه سامعه من أجل أنه لم يعرف له وجهًا في الصحة ولا معنى في الحقيقة، فليعلم أنه لم يؤتَ في ذلك من قِبلنا، وإنما أُتى من قِبل بعض ناقليه إلينا، وإنَّا إنما أدينا ذلك على نحو ما أُدِّي إلينا" . فعلى القارئ في تاريخ الطبري أن ينتبه إلى أن الروايات التي يرويها ليست كلها حقائق، وأن ينتبه إلى سند هذه الرواية مستعينًا بكتب الرجال التي تصف حال هذا الراوي من الدقة والصدق (الضبط والعدالة)، حتى يعرف تاريخه على بصيرة. رابعًا وأخيرًا في هذه التمهيدات: أننا حين نبحث قضية التوريث في التاريخ الإسلامي، التي يرى كثيرون أن معاوية t هو من بدأها.. فعلى الباحث أن يفكك الحوادث المختلفة لينظر إلى هذه المسألة وحدها؛ حتى يمكن الحكم عليها بالتجرد الواجب للباحث.. فلا يجب أن يحمل في نفسه حين البحث - وهو في عام 60هـ - الخلاف الذي كان منذ أكثر من عشرين عامًا بين عليٍّ ومعاوية رضي الله عنهما، ثم يتذكر الفتن التي كانت أيام يزيد ووقعة الحرة ومقتل الحسين، ثم يبني بهذه النفسية حكمًا على فكرة التوريث نفسها.. إذا تخلصنا من خلط الأمور بعضها ببعض لنبحث فكرة معينة، فهذا قبل أن يكون أسلوبًا علميًّا للبحث، فهو أول طريق الوصول للحقيقة. >**** من العبث والغباء أن نحاكم عصورًا ماضية بأعراف ومفاهيم العصر الحالي، البشرية تتطور وتتوصل إلى آليات وأساليب تتمكن بها من تنظيم حياتها على نحو أفضل مما سبق، وفي قضية الحكم التي بين أيدينا الآن، يشهد التاريخ أن الحكم في كل الدول وعلى اختلاف الأمكنة والأزمنة حتى وقت قريب كان يسير من خلال عائلة أو قبيلة أو عشيرة قوية تستطيع بمالها من قوة وقدرة أن تسيطر على الحكم، وبهذه القوة والقدرة تستسلم لها مناطق نفوذها، حتى تضعف هذه القوة والقدرة فتكون قد انتقلت إلى طرف آخر يتسلمها. وكان النظام الذي عرفته البشرية هو نظام التوريث، وهذه الوسيلة التي توصل إليها البشر في هذا الحين من الزمان، ويشهد التاريخ أنها الوسيلة المثلى في تلك العصور التي استطاعت حفظ الاستقرار والملك، وهو النظام الذي نشأت تحت ظله الإمبراطوريات الكبيرة التي صنعت حضارات خالدة. والأمم التي تنازعت ولم تتوصل لطريقة مستقرة في الحكم وانتقال الملك من السابق إلى اللاحق، إمّا أنها اندثرت دون أثر تاريخي أو إنجاز حضاري، وإمّا تكاثر القتل فيها حتى ما يبقى الملك في منصبه إلا شهورًا معدودة حتى يقتله من يرى بنفسه القدرة والقوة على الحكم.. أوضح وأشهر مثال على النوع الأول هو العرب قبل الإسلام.. مجرد قبائل متناثرة متناحرة يتنازع السيادة فيها أكثر من سيد، وأكثر مثال يحضرني على النوع الثاني هو حكم المماليك في مصر، خصوصًا في القرن الثامن عشر. ولا أعرف استثناءات حدثت لهذا القانون (قانون انتقال الحكم بالوراثة أو وفق قانون قبلي وعشائري) إلا الديمقراطية التي نشأت في مدن اليونان القديمة، وفترة الخلافة الراشدة بعد عهد النبي r.. والمشترك في هاتين الفترتين أنها كانت ديمقراطية تحكم على رقعة صغيرة من الأرض، أما حينما تطورت إلى إمبراطوريات كبيرة اختفت تلك اللحظات الاستثنائية وعاد مرة أخرى قانون انتقال الحكم وفق العرف أو الوراثة. واستمر هذا القانون يحكم الأرض - في الخط العام - حتى وقت قريب، وقت أن وصلت البشرية لآليات تسمح بأن تختار الأمة واحدًا منها دون أن يكون له قوة إلا كفاءته، وتلتزم قوى الأمة بأن تجعل عملية الاختيار نزيهة، وبأن تحمي هذا الاختيار. بهذا التقديم أجدني أتفق مع رؤية واحد من أبرز عمالقة التاريخ في تاريخ البشرية والملقَّب بحكيم التاريخ، وواحد من أبرز من وضعوا أسس معرفة قوانين وسنن التاريخ وهو ابن خلدون. يرى ابن خلدون أن الفترة النبوية هي فترة استثنائية، انتصر فيها الوازع الديني على الوازع العصبي (القبلي/ العشائري) الذي تقوم عليه الملك، لكن لما بدأ هذا الوازع يقل عند الناس كان لا بد من عودة قانون العصبية إلى مسار التاريخ. قال: "والذي دعا معاوية لإيثار ابنه يزيد بالعهد دون من سواه إنما هو مراعاة المصلحة في اجتماع الناس، واتفاق أهوائهم باتفاق أهل الحل والعقد عليه حينئذ من بني أمية؛ إذ بنو أمية يومئذ لا يرضون سواهم، وهم عصابة قريش وأهل الملة أجمع، وأهل الغلب منهم. ( … ) فإنهم (الخلفاء الراشدين) كانوا على حين لم تحدث طبيعة الملك، وكان الوازع دينيًّا، فعند كل أحد وازع من نفسه، فعهدوا إلى من يرتضيه الدين فقط، وآثروه على غيره، ( … ) وأما من بعدهم من لدن معاوية فكانت العصبية قد أشرفت على غايتها من الملك، والوازع الديني قد ضعف واحتيج إلى الوازع السلطاني والعصباني، فلو عهد إلى غير من ترتضيه العصبية لردت ذلك العهد وانتقض أمره سريعًا، وصارت الجماعة إلى الفُرقة والاختلاف" . واستدل ابن خلدون على ضعف الوازع الديني حينها بهذا الأثر "سأل رجل عليًّا t: ما بال المسلمين اختلفوا عليك، ولم يختلفوا على أبي بكر وعمر؟ فقال: لأنَّ أبا بكر وعمر كانا والييْن على مثلي، وأنا اليوم والٍ على مثلك. يشير إلى وازع الدين". ويصيغ المفكر الكبير جلال كشك نفس المعنى بعبارة أخرى فيقول: "إن نظام الخلافة الذي قام حتى عثمان كان نظامًا فريدًا لم يسبق له مثيل في تاريخ العالم ولا تكرر بعد ذلك، وإن تشابه معه الآن النظام الديمقراطي الجمهوري، ولكن نظام الخلافة الراشدة كان بقية من نفح النبوة، ومتفقًا أو منبثقًا من جيل اعتاد أن يحكمه نبي... ( … ) وما إن انتهى هذا الجيل حتى عادت قوانين الحياة والتاريخ تتحكم في المجتمع الإسلامي" . طبقًا لهذا الفهم، فإن عهد معاوية t بالخلافة لابنه يزيد كان ضرورة من ضرورات الوقت.. فهل كان هذا الفهم صحيحًا؟ وهل حقًّا أنه كان من ضرورات الوقت؟ >الجزء الثاني من المقال العقاد: أنا، ص15، 16.
الطبري: تاريخ الأمم والملوك 1/13. تاريخ ابن خلدون، فصل ولاية العهد 1/210. المصدر السابق 1/211. جلال كشك: جهالات عصر التنوير ص104. الموضوع الأصلي: هل كان معاوية محقًّا حين ورّث الخلافة ليزيد؟ || الكاتب: جيش أسامة || المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد
المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد ig ;hk luh,dm lpr~Wh pdk ,v~e hgoghtm gd.d]?
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 1 : | |
جيش أسامة |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|