بيت موسوعة طالب العلم كـل مايخص طالب العلم ومنها الفتــاوى

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-06-11, 01:16 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
*سعادتي في رضا ربي*
اللقب:
عضو
الرتبة


البيانات
التسجيل: Jun 2011
العضوية: 3909
المشاركات: 275 [+]
الجنس:
المذهب: أهل السنة والجماعة ولله الحمد
بمعدل : 0.06 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 14
نقاط التقييم: 78
*سعادتي في رضا ربي* سيصبح متميزا في وقت قريب

الإتصالات
الحالة:
*سعادتي في رضا ربي* غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : بيت موسوعة طالب العلم

عقيدة أهل السنة والجماعة
عقيدة السنة والجماعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وخليله، وأمينه على وحيه، نبينا، وإمامنا، وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله واهتدى بهداه، إلى يوم الدين. أما بعد[1]:
فإن الله جل وعلا خلق الخلق لعبادته، وأمرهم بها سبحانه وتعالى، فقال عز وجل: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)[2] سبحانه وتعالى، فخلقهم للعبادة وتكفل بأرزاقهم، كما قال في الآية الأخرى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا[3] وأرسل الرسل جميعاً لهذا الأمر العظيم؛ ليدعوا الناس إلى عبادة الله، ويأمروهم بها، ويوضحوها لهم، فقال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ[4] هكذا جميع الرسل، بعثوا لهذا الأمر العظيم؛ ليأمروا الناس، أن يعبدوا الله وحده دون كل ما سواه، ويقول سبحانه: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ[5].
وهذه العبادة التي خلقوا لها، وأرسلت الرسل بها، أمرهم بها سبحانه في مواضع من كتابه العظيم، كما في قوله تعالى في سورة البقرة: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[6]، وقال في سورة النساء: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا[7]، وقال في سورة بني إسرائيل: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ[8]، وقال في سورة البينة: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ[9]، وقال سبحانه: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ، أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ[10].
فهذه العبادة التي خلقوا لها، قد أمروا بها، وبينت لهم في كتاب الله، وفي سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وبعث الله بها الرسل جميعاً.. وخاتمهم، وأفضلهم، وإمامهم، نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، بعث لذلك، بعثه الله يدعو الناس إلى عبادة الله وتوحيده والإخلاص له، ومكث في مكة بضع عشرة سنة، ثلاث عشرة سنة، يدعو الناس إلى توحيد الله وطاعة الله، يأمرهم أن يعبدوا الله وحده، وأن يخلعوا عبادة ما سواه، من الأصنام والأوثان والملائكة والأنبياء وغير ذلك، يقول: ((يا قوم قولوا لا إله إلا الله تفلحوا))[11]، فأجابه الأقل، وأنكر دعوته الأكثرون، ولم يزل صابراً داعياً إلى الله عز وجل، حتى أمره الله بالهجرة إلى المدينة بعد ما اشتد أذى المشركين له وللذين انقادوا لما جاء به عليه الصلاة والسلام، فهاجر إلى المدينة ومكث بها عشر سنين يدعو إلى الله، ويعلم الناس شريعة الله، وأنزل الله عليه القرآن العظيم، بعضه في مكة وبعضه في المدينة وبينه للناس وأرشد الناس إلى ما دل عليه القرآن، وبين لهم ما أوحى الله إليه في ذلك، فإن الله أعطاه وحيين: القرآن، والوحي الثاني: السنة.
وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى - يعني محمداً عليه الصلاة والسلام – وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى[12] فالله أوحى إليه القرآن وأوحى إليه السنة، وهي أحاديثه عليه الصلاة والسلام وما بينه للأمة من شرع الله، فتلقى الصحابة عقيدة السنة والجماعة عنه هذا الدين العظيم، دين الإسلام، ونقلوه إلينا غضاً طرياً، وهكذا نقله التابعون عن الصحابة وهكذا أتباع التابعين، ولم يزل أهل العلم ينقلون هذا العلم، من جيل إلى جيل ومن قرن إلى قرن، ويكتبون فيه الكتب الكثيرة، ويوضحون للناس دعوة نبيهم عليه الصلاة والسلام، وما بينه الكتاب العظيم القرآن من دين الله، فعقيدة المسلمين التي هي عقيدة أهل السنة والجماعة، هي ما بين الله لعباده في كتابه العظيم، وبينه رسوله عليه الصلاة والسلام، وتلقاه الصحابة عن نبيهم عقيدة السنة والجماعة، وبلغوه للناس، هو دين الله وهو توحيد الله وطاعته، واتباع رسوله وترك ما نهى عنه والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله، هذا هو دين الله وهذا هو العقيدة التي درج عليها سلف الأمة، وهي عقيدة أهل السنة والجماعة، الإيمان بالله ورسوله والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله، والعمل بذلك قولاً وعملاً وعقيدة، عن محبة وانقياد وإخلاص وموالاة ومعاداة، فالإيمان بالله ورسوله: هو الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله، من الطاعات القولية والفعلية.
على المؤمن أن يتلقى ذلك عن كتاب الله، وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، كما تلقاه أصحاب النبي عقيدة السنة والجماعة، ومن بعده من السلف الصالح وقد بينه عقيدة السنة والجماعة في أحاديث كثيرة، شرح للناس دين الإسلام والإيمان والإحسان، وأوضح للناس أوامر الله ونواهيه قولاً وعملاً.
فعقيدة أهل السنة والجماعة هي العمل بكل ما أخبر الله به ورسوله، وبكل ما أمر الله به ورسوله، عن إيمان صادق وإخلاص لله، ومحبة ورغبة ورهبة، فهم يؤدون أوامر الله، وينتهون عن نواهي الله، ويقفون عند حدود الله عن إيمان بالله ورسوله، وعن إخلاص وصدق، وعن رغبة ورهبة لا رياء ولا سمعة، ولا نفاقاً ولكن عن إيمان وعن صدق.
وهذه العبادة التي خلقوا لها سماها الله إسلاماً، وسماها إيماناً وسماها تقوى، وسماها هدى: إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ[13]، وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى[14]، إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ[15]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ[16]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ[17]، قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا[18].
فهي إيمان وإسلام وهدى، وتقوى وبر وصلاح وإصلاح، هذه العقيدة التي درج عليها أهل السنة والجماعة، وهي دين الله، الذي بعث به رسوله عقيدة السنة والجماعة، وبعث به جميع المرسلين، قول وعمل وعقيدة، قول باللسان وعمل بالجوارح، وعقيدة بالقلب عن محبة وعن إخلاص، وعن صدق وعن رغبة ورهبة، وجميع ما جاءت به الكتب والرسل يندرج تحت الإيمان، بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، كما قال جل وعلا: لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ[19]، وقال تعالى: قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا[20] الآية، وقال تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ[21] الآية، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ[22] الآية.
فدين الإسلام وعقيدة أهل السنة والجماعة، هي الإيمان بالله قولاً وعملاً وعقيدة، ويدخل في الإيمان ما بينه الرسول عقيدة السنة والجماعة لجبرائيل لما سأله عن الإسلام والإيمان والإحسان، بين له أركان الإسلام الخمسة، وأركان الإيمان الستة، والإحسان قال: ((الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً، قال: ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك))[23]، هذا هو دين الله، عند التفصيل إسلام وإيمان وإحسان، فالإسلام ما أمر الله به ورسوله من الأعمال الظاهرة، تسمى إسلاماً يعني خضوعاً لله، الإسلام الانقياد والذل لله، سمى الله دينه إسلاماً؛ لأن المسلم ينقاد لله ويذل له، ويؤدي حقه عن خضوع وذل وانكسار، وهذا هو العبادة، سمي عبادة لهذا، سمي الدين كله عبادة؛ لأنه يؤدى بالذل والانكسار والخضوع لله سبحانه وتعالى، فالعبادة التي خلقنا لها هي: الإسلام وهي دين الله وهي الإيمان والهدى، فقوله عقيدة السنة والجماعة: ((الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله...)) إلخ، داخل في قوله أن تؤمن بالله.
فالعقيدة التي تلقاها أهل السنة والجماعة، عن أصحاب النبي عقيدة السنة والجماعة، وتلقاها أصحاب النبي عن رسول الله، هي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره.
هذه الستة الأصول هي أصول الدين كله، يدخل في الإيمان بالله: الإيمان بكل ما أمر الله به، وشرع من الإسلام من توحيد الله والإخلاص له والشهادة بأنه لا إله إلا الله، أي لا معبود حق إلا الله، والشهادة بأن محمداً عبد الله ورسوله، عليه الصلاة والسلام، ويدخل في ذلك الصلاة والزكاة والصيام والحج، كله داخل في الإيمان بالله، والإيمان بجميع المرسلين، كما نص عليه جل وعلا في كتابه العظيم، ونص عليه الرسول عقيدة السنة والجماعة، فالإيمان بالله يشمل ذلك كله، الإيمان بالله يشمل جميع ما أمر الله به ورسوله، من صلاة وزكاة وصوم وحج وجهاد، وأمر بالمعروف ونهي عن منكر إلى غير ذلك، من كل ما أمر به الله ورسوله، كله داخل في الإيمان بالله، والإيمان بالملائكة معناه الإيمان بكل الملائكة الذين خلقهم الله، يؤمن العبد بأن لله ملائكة خلقهم في طاعته وعبادته، وتنفيذ أوامره سبحانه وتعالى، نؤمن بهم جميعاً، وأنهم خلقوا من النور، خلقهم الله من النور وأنهم في طاعته واتباع أمره وتنفيذ أوامره سبحانه وتعالى، لا يحصي عددهم إلا الله جل وعلا، نؤمن بهم إجمالاً وتفصيلاً، نؤمن بالملائكة إجمالاً وأن لله ملائكة في طاعته واتباع أوامره وتنفيذها، ومنهم من فصلَّه الله لنا وبين لنا أسماءهم كجبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل، ومالك خازن النار، هؤلاء بينَّهم سبحانه وتعالى، وهكذا ملك الموت، ومن سماه الله من غيرهم، نؤمن بهم على سبيل التفصيل، وهكذا الكتب نؤمن بها، كل ذلك داخل في الإيمان بالله، داخل في الإسلام، الكتب التي أنزلها الله على الرسل، فإن الله جل وعلا أرسل الرسل، وأنزل عليهم الكتب، لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ[24]، فالله أرسلهم وأرسل معهم الكتب لبيان الحق للناس، فنؤمن بكتب الله جميعاً على الإجمال والتفصيل، نؤمن بجميع الكتب المنـزلة على الرسل عليهم الصلاة والسلام، ومنها التوراة والإنجيل والزبور والقرآن الذي هو أعظمها المنـزل على محمد عليه الصلاة والسلام، صحف موسى وصحف إبراهيم، نؤمن بكل الكتب التي أنزلها الله على رسله، وأفضلها وخاتمها القرآن الكريم، وهكذا نؤمن بجميع الرسل من أولهم إلى آخرهم، نؤمن بهم جميعاً وأنهم بلغوا الرسالة وأدوا الأمانة عليهم الصلاة والسلام، ومنهم آدم عليه الصلاة والسلام الرسول النبي المكلم، فهو رسول الله إلى ذريته يدعوهم إلى توحيد الله، ويأمرهم بأمر الله، وينهاهم عن نهي الله، ثم بعث الله نوحاً عليه الصلاة والسلام، بعد ما وقع الشرك في بني آدم، أرسل الله نوحاً، فنوح هو أول الرسل إلى أهل الأرض، بعدما وقع الشرك فيهم، بعث الله نوحاً عليه الصلاة والسلام، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة وصبر على قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً وهو فيهم يدعوهم إلى الله، فلما استكبروا واستمروا في العناد أهلكهم الله بالغرق، وأنجاه هو وأصحاب السفينة عليه الصلاة والسلام، وهكذا من بعده من الرسل كهود وصالح وشعيب ولوط وموسى، وهارون وغيرهم، كلهم بلغوا الرسالة وأدوا الأمانة إلى أن ختمهم الله بأفضلهم محمد عليه الصلاة والسلام، نؤمن بذلك، من عقيدة أهل السنة والجماعة، من الإيمان بالله ورسوله أن نؤمن بهؤلاء الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأنهم أدوا الرسالة، بلغوها وأدوا أمانة الله وصبروا، منهم من قتل ومنهم من سلم، وهم متفاوتون، منهم من تبعه جمع غفير ومنهم من لم يتبعه إلا قليل، حتى قال عقيدة السنة والجماعة في حديث ابن عباس، منهم من لم يتبعه إلا الرهيط، الثلاثة والأربعة والخمسة، ومنهم من لم يتبعه إلا الرجل والرجلان، ومن الرسل من لم يتبعه أحد، بل خالفه القوم كلهم والعياذ بالله، وهكذا نؤمن باليوم الآخر، وهو الأصل الخامس، من أصول الإيمان نؤمن باليوم الآخر، فأهل السنة والجماعة يؤمنون باليوم الآخر وهو يوم القيامة، سمي الآخر لأنه دبر الدنيا، الدنيا ثم يوم القيامة، حين تقوم الساعة تذهب الدنيا، والدنيا هي اليوم الأول وتقوم الساعة وهي اليوم الآخر، ويجازى الناس بأعمالهم في هذا اليوم الآخر، وفيه تنصب الموازين ويحاسب الناس ويوفون أعمالهم ويعطى هذا كتابه بيمينه وهذا كتابه بشماله، فمن أعطي كتابه بيمينه فهو الرابح السعيد وله الجنة والكرامة، ومن أعطي
كتابه بشماله فهو الهالك وله النار يوم القيامة، ويدخل في الإيمان باليوم الآخر الإيمان بكل ما أخبر به ورسوله عن الآخرة، عن يوم القيامة والجنة والنار، والجزاء والحساب وغير ذلك، كله داخل في الإيمان باليوم الآخر.
والأصل السادس الإيمان بالقدر: أن الله علم الأشياء قبل أن تكون، علمها سبحانه وقدرها، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فعلم أعمال العباد وما يقع في هذه الدار، وما يقع في الآخرة، كل ذلك علمه سبحانه وأحصاه وكتبه، فالمسلمون تلقوا عن نبيهم عقيدة السنة والجماعة الإيمان بيوم الآخرة كما دل عليه القرآن: قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا[25]، وقال سبحانه: وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ[26]، فالمسلمون يتلقون إيمانهم عن رسولهم عقيدة السنة والجماعة، وعن كتاب ربهم بهذه الأصول الستة، الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، فتؤمن بأن الله علم الأشياء كلها، وأنه أحصاها وكتبها وأنه سبحانه هو القادر على كل شيء، العالم بأحوال عباده وأن العباد لن يخرجوا عن قدر الله، وما سبق في علمه سبحانه وتعالى، ولما أخبر النبي عقيدة السنة والجماعة الصحابة بذلك، قالوا: ((يا رسول الله إذا كان الله قد قدر كل شيء، أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة، فييسروا لعمل أهل السعادة وأما أهل الشقاوة فييسروا لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ قوله تعالى: فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ للعسرى[27]))[28].
ومن الإيمان بالله أيضاً: الإيمان بأسمائه وصفاته، كما أنه داخل في ذلك الإيمان بشرائعه، من صلاة وزكاة وصوم، وحج وجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى غير ذلك، كله داخل في الإيمان بالله، كما قال النبي عقيدة السنة والجماعة في الحديث الصحيح، لما قال رجل: يا رسول قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك؟ قال: ((قل آمنت بالله ثم استقم))[29]، كل شيء داخل في الإيمان بالله، كل ما أمر الله به ورسوله داخل في الإيمان، وهكذا قال جل وعلا: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ[30].
فمن آمن بالله رباً وإلهاً معبوداً بالحق، واستقام على دينه، فهذا هو دين الله، وهذا هو الإسلام، وهذا هو الإيمان، وهذا هو الهدى، وهذا هو العبادة التي خلقنا لها، الإيمان بالله ثم الاستقامة؛ الإيـمان بالله رباً وإلهاً معبوداً بالحق والإيـمان، بكل ما شرع من الأوامر والنواهي، والعمل بذلك. هذا كله العبادة، وهذا هو الدين، وهذا هو الإيمان بالله، وهذا هو الإسلام وهذا هو الهدى، وهذا هو التقوى. ومن الإيمان بالله: الإيـمان بأسمائه وصفاته، كله داخل في الإيـمان بالله، الإيـمان بأنه سبحانه حكيم عليم، رحمن رحيم، على كل شيء قدير وبكل شيء عليم، وأنه سبحانه بيده تصريف الأمور وهو القادر على كل شيء وإليه مصير العباد، فالإيـمان بكل أسمائه وصفاته كل ذلك داخل في الإيـمان بالله، فعلى المكلف أن يؤمن بالله رباً وإلهاً معبوداً بالحق وعليه أن ينقاد لشريعته فعلاً للمأمور وتركاً للمحظور، هكذا الإسلام وهكذا الإيـمان. إيـمان بالله يتضمن أداء فرائضه، وترك محارمه والوقوف عند حدوده، والإيـمان بأسمائه وصفاته، والإيـمان بكل ما أخبر الله به ورسوله مما كان وما يكون.
وصفاته وأسماؤه توقيفية، تؤخذ من كتابه وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فالمؤمن يؤمن بذلك، يؤمن بكل ما دل عليه كتاب الله من أسمائه وصفاته، وبكل ما أخبر به النبي عقيدة السنة والجماعة في الأحاديث الصحيحة من أسماء الله وصفاته، كله داخل في الإيـمان بالله، مع الإيـمان بأنه سبحانه ليس كمثله شيء، له الكمال المطلق في علمه وتوحيده وفي قدرته وفي حكمته، في كل أسمائه وصفاته، كما قال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ[31]، وقال: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ(1) اللَّهُ الصَّمَدُ(2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ[32]، ويقول سبحانه: فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ[33].
فله الكمال المطلق في علمه وقدرته وحياته، وفي كل شيء سبحانه وتعالى، لا شريك له ولا شبيه له ولا كفو له. وأسماؤه وصفاته جاءت مفصلة ومجملة، فصلها في الإثبات: إن الله عزيز حكيم غفور رحيم، سميع بصير عليم حكيم، على كل شيء قدير، مفصلة في إثباتها، ومجملة في نفيها، جمع سبحانه بين النفي والإثبات، نفي مجمل وإثبات مفصل، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ، فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ. كل هذا نفي مجمل، وفيه نفي مفصل، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، ولكنه قليل، الغالب على النفي: الإجمال، نفي النقائص والعيوب، والمشابهة لخلقه.
وفصل صفاته الثابتة في كتابه العظيم إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ[34]، إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ[35]، هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)[36].
إلى غير هذا مما بين سبحانه من أسمائه وصفاته جل وعلا، فعلى العبد أن يؤمن بذلك، وبكل ما أخبر الله به ورسوله من أسماء الله وصفاته، على الوجه الذي يليق به سبحانه، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، نؤمن بذلك على الوجه الذي يليق به سبحانه، ليس له مثيل ولا نظير ولا كفو ولا ند، جل وعلا، فعلمه كامل ليس كعلمنا، قدرته كاملة ليست كقدرتنا، بصره كامل ليس كبصرنا، وهكذا بقية صفاته سبحانه وتعالى، وهكذا يسمع ويبصر ليس كسمعنا وبصرنا، بل هو أكمل وأعظم، وهكذا موصوف بأن له يداً، بل يداه مبسوطتان، سميع بصير، وله قدم كما في الحديث الصحيح: ((لا تزال جهنم يلقى فيها وهي تقول هل من مزيد حتى يضع الجبار فيها رجله – وفي رواية – قدمه، وينـزوي بعضها إلى بعض، ثم تقول قط قط أي حسبي حسبي))[37] لا مثيل له في سمعه ولا في بصره، ولا في يده، ولا في وجهه ولا في قدمه ولا في غير ذلك، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ[38]، كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ[39].
وهذه الصفات التي وصف بها نفسه، نصفه بها، ونقول كما قال: له وجه وله يدان، وله سمع وله بصر وله قدم، وله أصابع كلها تليق به، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته جل وعلا، جاء في الحديث الصحيح: ((إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء))[40].
وعرفت أيها المسلم: أن الإيمان بالكتب، يشمل الإيمان بجميع الكتب المفصلة والمجملة، نؤمن بكتب الله المنـزلة على رسله وأنبيائه، وما سمى الله نسميه من التوراة والإنجيل، والزبور وصحف إبراهيم وصحف موسى، وما سمى الله نسميه وأعظمها القرآن وهو خاتمها.
يتبع....


كلمات البحث

شبكــة أنصــار آل محمــد ,شبكــة أنصــار ,آل محمــد ,منتدى أنصــار





urd]m Hig hgskm ,hg[lhum











التعديل الأخير تم بواسطة الشـــامـــــخ ; 29-03-18 الساعة 07:15 PM
عرض البوم صور *سعادتي في رضا ربي*   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(مشاهدة الكل عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 2 :
الشـــامـــــخ, خواطر موحدة
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Bookmark and Share


الساعة الآن 04:31 PM

أقسام المنتدى

قســم إسلامنا تاريخٌ ومنهاج | بيت الكتاب والسنة | قســم موسوعة الصوتيات والمرئيات والبرامج | بيت الشكـاوي والإقتراحــات | بيت الآل والأصحاب من منظور أهل السنة والجماعة | قســم الموسوعـة الحواريـة | بيت الحــوار العقـائــدي | بيت الطـب البـديـل وطـب العـائلـة | بيت الأسـرة السعيــدة | قســم الدعم الخاص لقناة وصــال | بيت شبهات وردود | بيت التـاريـخ الإسلامي | بيت المهتدون إلى الإسلام ومنهج الحق | قســم موسوعة الأسرة المسلمـــة | وحــدة الرصــد والمتـابعــة | بيت الصوتيـات والمرئيـات العــام | بيت الصــــور | بيت الأرشيــف والمواضيــع المكــررة | بيت الترحيب بالأعضاء الجدد والمناسبات | بيت الجـوال والحـاسـب والبـرامـج المعـربـة | بيت المكتبـة الإسلاميـة | بيت الأحبـة فــي اللــه الطاقــم الإشـرافــي | بيت موسوعة طالب العلم | قســم الموسوعة الثقافية | البيــت العـــام | قســم دليل وتوثيق | بيت وثائق وبراهين | بيت القصـص والعبـــــــر | بيت الإدارة | بيت الصوتيـات والمرئيـات الخــاص | بيت المعتقد الإسماعيلي الباطني | بيت مختارات من غرف البالتوك لأهل السنة والجماعة | بيت الأحبـة فــي اللــه المراقبيـــــــن | بيت أهل السنه في إيران وفضح النشاط الصفوي | بيت المحــذوفــات | بيت ســؤال وجــواب | بيت أحداث العالم الإسلامي والحوار السياسـي | بيت فـرق وأديـان | باب علــم الحــديـث وشرحــه | بيت الحـــوار الحــــــــّر | وصــال للتواصل | بيت الشعـــر وأصنافـــه | باب أبـداعـات أعضـاء أنصـار الشعـريـة | باب المطبــخ | بيت الداعيـــات | بيت لمســــــــــــات | بيت الفـلاش وعـالـم التصميــم | قســم التـواصـي والتـواصـل | قســم الطــاقــــــــم الإداري | العضويات | بـاب الحــــج | بيـت المــواســم | بـاب التعليمـي | أخبــار قناة وصــال المعتمدة | بيت فـريـق الإنتـاج الإعـلامـي | بيت الـلـغـة العــربـيـة | مطبخ عمل شامل يخص سورية الحبيبة | باب تصاميم من إبداع أعضاء أنصـار آل محمد | بـاب البـرودكــاسـت | بيت تفسير وتعبير الرؤى والأحلام | ســؤال وجــواب بمــا يخــص شبهات الحديث وأهله | كلية اللغة العربية | باب نصح الإسماعيلية | باب غرفـة أبنـاء عائشـة أنصـار آل محمـد | بـيــت المـؤسـســيـــن | بـاب السيـرة النبـويـة | بـاب شهـــر رمضــان | تـراجــم علمـائـنـا |



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
This Forum used Arshfny Mod by islam servant