17-02-11, 12:45 AM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
بيت القصـص والعبـــــــر
بمثل هؤلاء نقتدي
في 26/2/2008 أحببت أن أذكر فقيدي البحرين قبل أيامٍ معدودةٍ، وليالٍ حملت في طياتها الكثير من المواقف والعبر، كانت ثقيلةً على أنفسنا، عظيمةً في سموّها، جادّةً في دروسها، حليمةً بأصحابها؛ شاء المولى عز وجل أن يتوّفى شابّين صالحين، كانا نبراساً يضيىء درب التائهين، وعلماً يُرفع في صروح العلم الدين، وتاجاً يلبس على رأس الوالدين. في ليلة الثلاثاء السادس والعشرون من شهر فبراير قبض الله روح الأخوان الحبيبان عبدالحميد حسن الشيخ وصاحبه مروان خالد الحمر، في حادثٍ أليمٍ حُفر في قلوبنا، ورُسم في ذاكرتنا، وظلّ صداه يأنّ في مسامعنا. غصّ جامع كانو بالمحرق بالمصلّين، وكانت الجموع تتهافت وتتسابق من أجل الحصول على شرف الصلاة عليهما، كما أبت المقبرة إلا وأن تغص بالأفواج والمئات بل الآلاف من المسلمين الذين شيّعوا جثمانهما. في هذا الأسبوع الذي مُلأ بالنفحات والومضات والعبر والعظات التي سطّرت أروع معاني الثبات والتضحية والتجرد وحسن الخاتمة، سطّروا لنا هذين الشّابين صفحاتٍ مشرقةٍ من تاريخ شباب الأمة ورجالها الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ولقوه وهما على أحسن حال. فكانا يجتهدان في طلب العلم كما طلبه الإمام أحمد ، وتجردا من دنيا الفناء كما فعل ابن الزبير ، وقدّما مالهما وعرضهما هدية لمولاهما كما قدّم عثمان بن عفان نفسه ، وجاهدا في هذه الدنيا على ترك الهفوات والزلاّت كما فعل ابن تيمية رحمه الله، وعملا في الصباح والمساء واجتهدا كما قام بذلك عمر بن عبدالعزيز . لمثل هؤلاء لا تدمع العين على فراقهما، ولا يحزن القلب على فقدهما، لأنهما أُبدلوا بدارٍ خيرٍ من دارهما، وصحبٍ خيرٍ من صحبهما، ونعيم مقيم، وسكنهم بإذنه تعالى هي جنّة الخلد برفقة خير المرسلين، لأننا نحسبهم من الصالحين والله حسيبهم. مهما كتبنا وقلنا ونشرنا فلن نوفي حقّهما لما قدّماه من خير وأجر تسير بها الأجيال من بعدهم، ولكن وجب علينا أن نتطرق لدروسٍ وعبرٍ شاهدناها بأمّ أعيننا، ولمسناها بقلوبنا، وسمعناها بآذاننا، هي عبرةُ لمن اعتبر، ووقفةٌ لمن أتعبه الدهر، ورسائلٌ لمن يريد أن يتذكّر. معنى الأخوّة الحقيقي الحب في الله يحتاج إلى دليل، وخير دليلٍ على حب الصحب والأقارب والجيران لعبدالحميد ومروان، هو حضورهما من الصباح وجلوسهما في المسجد، فهذا يقرأ القرآن، وهذا يستغفر لهما، وهذا يصلّي ويلحّ في الدعاء، تاركين وراء ظهورهم أعمالهم ومشاغلهم ومسئولياتهم لعلّهم يوفون أقلّ القليل لهم. ويستمر صدق الأخوّة بعد دفنهما، ففي الوقت الذي انسحبت في الجموع لتعزية أهل الفقيدين، ظلّ العشرات مرابطين متكاتفين موحّدين مهلّلين ذاكرين راجين الله بأن يغفر لهما ويثبّتهما ويرحمهما ويعفوا عنهما، إلى غروب الشمس ودخول المغرب، في جوٍ ساده ألم الفراق ولوعة الحرمان ودموع الأحزان والنكبات، وأملي أن نكون قد قدّمنا أقلّ القليل لهما..!؟ الصبر والاحتساب مع أذان الظهر جاء أبا عبدالحميد حفظه الله إلى المسجد وكانت الدموع تُغرق عيني فقبّلته على جبينه ودعوت له بالثبات والأجر، فابتسم وقال: (( ادعوا لهما بالغفران والرحمة والثبات ))، والنور يشعّ من وجهه ولسانه رطبٌ بذكر الله، ولم أرى دموعه إلى أن خرجت من المقبرة، لأنه تجرد من هذه الدنيا وسلّم أمره لله وقدره. وهذه والدة مروان يتصل بها زوجها من الإمارات في فجر الأربعاء ويقول لها أن عبدالحميد توفّي إثر حادث، فحزنت حزناً شديداً، وقال لها: (( يقال أن معه شابٌ من عائلة الحمر ))، فقبضت أنفاسها، وتوجهت نحو غرفته فرأتها على حالها، وضلّت تجول في طرقات المنزل والغرف فلم تره، فتوجّهت مسرعةً إلى مجمع السلمانية الطبي تسأل عن فلذت كبدها، فلا مجيب لسؤالها، حتى رأت إحدى الممرضات فقالت لها: (( إني راضية بقضاء الله وقدره، أعلميني هل عندكم شابٌ اسمه مروان متوفّى ..!؟ ))، فذهبت الممرضة وعادت وهي تبكي، وأخبرتها أن الله قد توفّاه، فحمدت الله وشكرته، وقالت: (( إني راضية عنك أنا ووالدك، وعسى أن تكون راضٍ عنّا )). قبول الله لهما يقول المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم: (( إذا أحب الله تعالى العبد، نادى جبريل، إن الله تعالى يحب فلاناً، فأحببه، فيحبه جبريل، فينادي في أهل السماء : إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض ))، وما هذه الجموع الغفيرة التي شيّعت جثمانهما إلى مصداقاً لقول المصطفى وقبول أهل الأرض لهما. عبرة عظيمة كان في السيارة معهما ابن خالة مروان، بعد تناول وجبة العشاء، أقلّوه إلى المنزل، وبعد دقائق وقع الحادث وتوفّاهما الله، فيا لعظمة هذا الموقف، كيف أن الله أعطى لعبدالرحمن عمراً جديداً وحياةً مديدةً، أو ربما أعطاه درساً بأن يسير على خطاهما ويحفظ القرآن، وأن الله يتوفّى من يشاء ويبقي من يشاء ولكلٍ قدرٌ وأجلٌ مكتوبٌ ومعلومٌ عنده. المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد uf]hgpld] , lv,hk
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 : | |
لا يوجد أعضاء |
|
|