هو الدعيُّ الدجال الكاذب الذي لم يدَّعِ فقط النبوة، إنما تجاوز كل الحدود وادعى الألوهية؛ أبو جعفر محمد بن علي الشلمغاني المعروف بابن أبي القراقر، وشلمغان التي ينسب إليها قرية بنواحي واسط بأرض العراق، وكان من غلاة الشيعة الروافض، فابتدع مذهبًا جديدًا في التشيع يقوم على فكرة الحلول والاتحاد والتناسخ، وقد ادعى الألوهية والربوبية واتبعه على ذلك كثير من الشيعة، وكذلك اتبعه بعض أرباب الدولة مثل الوزيرين «الحسين بن القاسم» و«المحسن بن الفرات»، وكان يكثر من التنقل من مكان لآخر للدعوة لمذهبه والتخفي من عيون الدولة التي شعرت بخطورته.
وفي النهاية تم القبض عليه في شوال سنة 322هـ، وأُخذت من داره كتبٌ ورقاع فيها مذهبه وأتباعه، وناظره العلماء والفقهاء وهو ينكر حتى اعترف عليه أتباعه في النهاية، فأفتى العلماء بقتله فصلب ثم قتل حرقًا بالنار في 14 من ذي القعدة سنة 322 هو ومجموعة من أتباعه.
أما عن أهم معتقداتهم فهي:
1ـ الحلول والاتحاد، وأن الله ـ تعالى عما يقولون ـ يحل في كل شيء على قدر ما يحتمل.
2ـ ويقولون: إن الله خلق الضد ليدل على المضدود، وأنه يحل في كليهما، فيقولون: إن الله حل في آدم لما خلقه وفي إبليس وكلاهما ضد للآخر، ويقولون: إن الدليل على الحق أفضل من الحق، وأن الضد أقرب إلى الشيء من شبهه، لذلك فهم يفضلون إبليس وكل الشرور.
3ـ يسبون الأنبياء والرسل خاصة سيدنا محمد وموسى عليهما الصلاة والسلام، ويسمونهما الخائنين لأنهم يدعون أن هارون أرسل موسى وعليًّا أرسل محمدًا فخاناهما، ويقولون: إن عليًّا أمهل محمدًا عدة سنين أصحاب الكهف وبعدها ستنتقل الشريعة.
4ـ يؤولون الغيبيات، فالملائكة كل من ملك نفسه وعرف الحق، والجنة معرفة وانتحال مذهبهم، والنار الجهل والعدول عن مذهبهم، ولا يصلون ولا يصومون ولا يقومون بأي عبادة.
5ـ يؤمنون بالإباحية المطلقة للنساء، ومن أراد أن ينضم لمذهبهم لابد للشيخ فيهم أن يجامعه ويلوط به ليولج النور فيه بزعمهم.
والناظر لهذه المعتقدات الكفرية يرى التطابق الكبير بين عقائدهم وعقائد فرقة النصيرية الضالة، والتي ظهرت بعد ذلك بقرن تقريبًا ولعل كليهما واحد، وهذه الفرقة بعد مقتل مؤسسها «الشلمغاني» دخلت في طور الكمون والاختفاء حتى ظهرت أيام الحاكم الفاطمي بمصر بعد أن سمحت الأوضاع بالظهور.