أستاذ مشارك للتاريخ الحديث سابقاً - جامعة الملك سعود - الرياض
مقدمة :
تضيفُ هذه الوثائقُ الثلاثُ التي ننشرها في هذا المقال جديداً لعلمِ التاريخِ ، بالإضافةِ إلى أنها رصيدٌ مهمٌ لعلمِ الوثائقِ ؛ لذا فقد حرصنا على عدمِ الاكتفاءِ بنشرها وإنما قدمنا لها بمقدمةٍ وشرحنا ظروفها التاريخية ، وعلقنا على بعض ما ورد بها - بغيرِ إطنابٍ - تاركين للباحثين في الدراساتِ التااريخيةِ مواصلة التحليل والتعليقِ ، وتصحيحِ بعض أفكارهم التاريخية بناءً عليها .
وتعودُ هذه الوثائقُ لمطلعِ القرن السادسِ عشر ، وبالتحديد سنة 1510 م لكن أفكار هذه الوثائقِ ظلت فاعلةً مؤثرةً حتى سنة 1516 م على الأقل . وهي أيضاً تُعطي ظلالاً على فتراتٍ بعد ذلك .
وتشيرُ هذه الوثائقُ في مجملها إلى خطةٍ - لم يكتب لها النجاحُ الكاملُ - حاك خيوطها الاستعماري العريق أفونسو دلبوكيرك ( ولد سنة 1453 م ومات في 16 ديسمبر 1515 م ) وهو ثاني نائب للملك البرتغالي في الهند ، والشاه إسماعيل الصفوي ، ومؤدى هذه الخطة هي أن يعمل الشاهُ على شغلِ السلطانِ المملوكي في مصر حتى يتمكن أفونسو دلبوكيرك من التوغلِ في البحر الأحمر والاستيلاءِ على جدة ، والوصول للسويس وبالفعل فقد هدد الشاه إسماعيل باجتياحِ حلب والشام بينما أفونسو دلبوكيرك موجود بأسطوله في البحر الأحمر سنة 1513 م مما أدى لارتباكِ السلطان المملوكي في مصر .
وبعد ذلك وضع الشاهُ إسماعيلُ خطةً للإيقاعِ بين المماليك والعثمانين وعمل على خروج السلطانِ الغوري من مصر لإصلاحِ ذاتِ البين بينه ( أي الشاه إسماعيل ) والعثمانيين ، فخرج السلطان الغوري من مصر فعلاً دون استعداداتٍ حقيقةٍ ، وتطورت الأمورُ بعد ذلك فكانتِ المواجهةُ العسكريةُ بين المماليك والعثمانيين وهزيمة المماليك في مرج دابق 1516 م كما هو معروف ...