بيت موسوعة طالب العلم كـل مايخص طالب العلم ومنها الفتــاوى |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
24-10-11, 08:14 AM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
التفقه في الدين دليل السعادة بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين، أما بعد: قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن معاوية قال: قال رسول الله : « من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين »1 متفق عليه. ---------------------------------------- الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. عن معاوية ، قال: قال رسول الله : « من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين »1 . هذا الحديث من جوامع الكلم، وقد تضمن البشارة لمن فقهه في دين الله؛ لأن الله قد أراد به خيرا، والدين هو دين الإسلام الشامل لكل ما تضمنه من الاعتقادات والأعمال أعمال القلوب وأعمال الجوارح الظاهرة والباطنة. اسم الدين شامل يشهد لهذا حديث جبريل ، فإنه سأل النبي عن الإسلام والإيمان والإحسان فأجابه، ثم قال: « هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم »2 . يشمل الفرائض والنوافل والأخلاق، كل ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام من العلوم والأعمال ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ ﴾3 بالعلم النافع والعمل الصالح. إذًا، الفقه المذكور في هذا الحديث ليس هو الفقه الاصطلاحي الذي يراد به معرفة أحاكم أفعال المكلفين، بما يشمله من أنواع الأحكام التي منها ما هو ثابت في الكتاب والسنة، منها ما هو مجمع عليه ومنها ما هو مختلف فيه ومنها ومنها، ومنها ما هو مرجوح ومنها ما هو راجح، الفقه هذا إلي معروف علم قائم بنفسه، لا, المراد بالفقه هنا معناه الأعم الأوسع، وأصل معنى هذه الكلمة عن فهم، الفقه جاء في حديث أبي موسى المعروف الثابت في الصحيحين، قال عليه الصلاة والسلام: « مثل ما بعث الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكانت منها طائفة قبلت الماء فأنبت الكلأ والعشب الكثير, وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فسقوا وزرعوا وشربوا وكان منها طائفة, إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله »4 هذا هو المشبه في الطائفة الأولى والثانية، « فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به من الهدى والعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به »5 . إذًا، الفقه في هذا الحديث الفقه في الدين وهو الفقه الشرعي هو المراد بهذا الحديث، في هذا الحديث وغيره يشمل جميع مسائل الدين العلمية الاعتقادية والعملية الظاهرة والباطنة في شمول. ويدخل في ذلك معرفة الأدلة؛ أدلة هذه المسائل ومعرفة تفاصيل أمور الدين، ويشهد لهذا الحديث قوله تعالى: ﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾6 وأحسن ما فسرت به الحكمة في هذا الموضع الفقه في الكتاب والسنة، الفقه في كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام. ﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾6 هذا متفق تماما مع قوله عليه الصلاة والسلام: « من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين »1 . الفقه في الدين هو في ذاته خير، فمن فقهه الله في دينه فقد أعطاه خيرا كثيرا، وأراد به خيرا كثيرا. ويأتي بعد ذلك العاقبة، الجزاء، الثواب فكل من الفقه في الدين والعلم به، وكذلك العمل به، حين لا يكون فقيها في دين الله من لم يعمل به ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾7 إذًا الفقه في الدين يشمل العلم والعمل؛ لأن من أوتي علما ولم يعمل به لم يرد الله به خيرا. أقول لك: الخير يشمل نفس الفقه هو خير، وكذلك آثار هذا الفقه وهو الجزاء من مغفرة الله ورحمته وكرامته ورضاه و ﴿ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾8 قال تعالى في شأن من آتاه الله ذلك الخير وذلك العلم: ﴿ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾9 الإيمان والعلم والعمل الصالح ﴿ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾9 وقال تعالى: ﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾10 هذا الفضل العظيم هو الخير الكثير. أما قوله: "من يرد الله" هذه الإرادة الأشبه عندي أنها الإرادة الكونية، كما تعلمون أن الإرادة من الله نوعان: إرادة كونية وإرادة شرعية؛ فيجتمعان في الواقع مما يحبه الله، كأيمان المؤمن. تنفرد الإرادة الكونية فيما وقع مما يبغضه الله ككفر الكافر، تنفرد الإرادة الشرعية فيما لم يقع مما يحبه الله كإيمان الكافر، فقوله:" من يرد الله به خيرا " يعني من يشأ الله به خيرا، قال تعالى: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا ﴾11 . فالفقه إذًا من فقهه الله في الدين، فهذا الفقه مرادٌ بالإرادة الكونية والشرعية، وفي مقابل ذلك يعني هذا منطوق الحديث. مفهومه: أن من لم يفقهه الله في الدين لم يرد الله به خيرا. وهذه الأمور تتفاضل وتتفاوت، الفقه في الدين على مراتب، وأصل إرادة الله لعبده خيرا أن يوفقه للإسلام، هذا هو الأصل، فكل مسلم فله حظ لكن من فقه في دين الله فقد أراد الله به خيرا عظيما وخيرا كثيرا، كما في الآية: ﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾6 . فأصل العلم العلم بالله أسمائه وصفاته والعلم بشرعه، وأقبح الجهل الجهل بالله سبحانه وتعالى. إذًا الفقه في هذا الحديث يشمل العلم بأسماء الله وصفاته وبالأحكام الشرعية؛ الأوامر والنواهي، والعلم بسائر مسائل الاعتقاد. ولهذا سمى أبو حنيفة ورحمه ما جمعه من مسائل في الاعتقاد سماها "الفقه الأكبر" في مقابل فقه الأحكام أحكام الأعمال أحكام أفعال المكلفين هذا هو الفقه الأكبر. فالفقه في الشرع شامل لا يختص بأحكام الأفعال من العبادات والمعاملات ونحوها، وهذا فيه حث بالغ على التفقه في دين الله، فالتفقه في دين الله هو خير وسبيل إلى الخير، التفقه في دين الله يعرف الفقه في دين الله يشمل يعني تحصل به معرفة الله؛ يعرف الإنسان ربه ويعرف الطريق الموصل إليه، ويعرف ما يئول إليه أمر الخلق وما ينتهون إليه، وما أعد الله للعاملين من ثواب أو عقاب. بهذا يتبين ما في هذه الجملة من معنى عظيم « من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين »1 ولا بد أن يكون الفقه في الدين يعني لا يكون بالوحي ذلك للأنبياء لازم يكون بأسباب، الأسباب كثيرة. ثم من يعني صح قصده وطلبه للعلم وطلبه للفقه في الدين وطلبه لمعرفة دين الله الذي بعث الله به نبيه، فالله تعالى يهديه ويمده ويهديه ويفتح عليه، فالله يفتح على من جاهد في طلب العلم، أمور لا تحصل لغير المجاهد ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾12 وفي الحديث: « ومن سلك طريقا يلتمس به علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة »13 بحسب ما يكون عند العبد من صدق في الطلب واجتهاد ورغبة وتوجه، بحسب ذلك يكون الفتح من الله سبحان وتعالى. ومن أعظم ذلك الدعاء؛ أن يدعو الإنسان ربه مع الاجتهاد, يجتهد في التفقه في دين الله ويستمد من ربه المدد والعون والهداية. نعم. ------------------------ 1 : البخاري : العلم (71) , ومسلم : الإمارة (1037) , وابن ماجه : المقدمة (221) , وأحمد (4/93) , ومالك : الجامع (1667) , والدارمي : المقدمة (226). 2 : مسلم : الإيمان (8) , والترمذي : الإيمان (2610) , والنسائي : الإيمان وشرائعه (4990) , وأبو داود : السنة (4695) , وابن ماجه : المقدمة (63) , وأحمد (1/27). 3 : سورة التوبة (سورة رقم: 9)؛ آية رقم:33 4 : البخاري : العلم (79) , ومسلم : الفضائل (2282) , وأحمد (4/399). 5 : البخاري : العلم (79) , ومسلم : الفضائل (2282) , وأحمد (4/399). 6 : سورة البقرة (سورة رقم: 2)؛ آية رقم:269 7 : سورة فاطر (سورة رقم: 35)؛ آية رقم:28 8 : سورة المائدة (سورة رقم: 5)؛ آية رقم:54 9 : سورة الجمعة (سورة رقم: 62)؛ آية رقم:3 - 4 10 : سورة الحديد (سورة رقم: 57)؛ آية رقم:21 11 : سورة الأنعام (سورة رقم: 6)؛ آية رقم:125 12 : سورة العنكبوت (سورة رقم: 29)؛ آية رقم:69 13 : مسلم : الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2699) , والترمذي : القراءات (2945) , وابن ماجه : المقدمة (225) , وأحمد (2/252) , والدارمي : المقدمة (344). --------------- منقول من
شرح جوامع الأخبار لفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك الموضوع الأصلي: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين || الكاتب: الشاهين || المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد
المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد lk dv] hggi fi odvh dtrii td hg]dk |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 2 : | |
الشـــامـــــخ, خواطر موحدة |
|
|