24-11-11, 02:58 AM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
بيت الآل والأصحاب من منظور أهل السنة والجماعة
ثالث أهل الحديث .. أنس بن مالك _ كان أنس بن مالك في عمر الورد حين لقنته أمه (( الغميصاء )) الشهادتين , و ملأت فؤاده الغض بحب نبي الإسلام محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة و أزكى السلام ... فشغف أنس به حباً على السماع . ولا غرو , فالأذن تعشق قبل العين أحياناً ... وكم تمنى الغلام الصغير أن يمضي إلى نبيه في مكة أو يفد الرسول الأعظم () عليهم في (( يثرب )) ليسعد برؤياه و يهنأ بلقياه . *** لم يمض على ذلك طويل وقتٍ حتى سرى في (( يثرب )) المحظوظة المغبوطة أن النبي صلوات الله وسلامه عليه و صاحبه الصديق في طريقهما إليها ... فغمرت البهجة كل بيت , وملأت الفرحة كل قلب ... وتعلقت العيون و القلوب بالطريق المبارك الذي يحمل خطا النبي () و صاحبه إلى (( يثرب )). *** و أخذ الفتيان يشيعون مع إشراقة كل صباح : أنّ محمداً قد جاء... فكان يسعى إليه أنس مع الساعين من الأولاد الصغار ؛ لكنه لا يرى شيئاً فيعود كئيباً محزوناً. *** وفي ذات صباح شذي الأنداء, نضير الرواء, هتف رجال في (( يثرب )) إن محمداً و صاحبه غدوا قريبين من المدينة. فطفق الرجال يتجهون نحو الطريق الميمون الذي يحمل إليهم نبي الهدى والخير ... ومضوا يتسابقون إليه جماعاتٍ جماعاتٍ , تتخللهم أسراب من صغار الفتيان تزغرد على وجوههم فرحة تغمر قلوبهم الصغيرة , و تترع أفئدتهم الفتية ... وكان في طليعة هؤلاء الصبية أنس بن مالك الأنصاري. *** أقبل الرسول صلوات الله وسلامه عليه مع صاحبه الصِّدِّيق , و مضيا بين أظهر الجموع الزاخرة من الرجال والولدان ... أما النسوة و الصبايا الصغيرات فقد علون سطوح المنازل , وجعلن يتراءين الرسول صلوات الله وسلامه عليه و يقلن : أيهم هو؟! ... أيهم هو؟!. قكان ذلك اليوم يوماً مشهوداً ... ظل أنس بن مالك يذكره حتى نيف على المائة من عمره . *** ما كاد الرسول الكريم () يستقر بالمدينة ؛ حتى جائته (( الغميصاء بنت ملحان )) أم أنس , وكان معها غلامها الصغير , وهو يسعى بين يديها , و ظفيرتاه تتذبذبان على جبينه ... ثم حيت النبي عليه الصلاة والسلام وقالت : يا رسول الله ... لم يبق رجل ولا امرأة من الأنصار إلا وقد أتحفك بتحفة , و إني لا أجد ما أتحفك به غير ابني هذا ... فخذه فليخدمك ما شئت ... فهش النبي () للفتى الصغير و بش , و مسح رأسه بيده الشريفة , و مس ظفيرته بأنامله الندية , وضمه إلى أهله . *** كان أنس بن مالك أو (( أُنَيْسٌ )) - كما كانوا ينادونه تدليلاً - في العاشرة من عمره يوم سعد بخدمة النبي صلوات الله وسلامه عليه . وظل يعيش في كنفه ورعياته إلى أن لحق النبي الكريم () بالرفيق الأعلى . فكانت مدة صحبته له عشر سنوات كاملات , نهل فيها من هديه ما زكى به نفسه , ووعى من حديثه ما ملأ به صدره , و عرف من أحواله و أخباره و أسراره و شمائله ما لم يعرفه أحد سواه . *** و قد لقي أنس بن مالك من كريم معاملة النبي صلوات الله وسلامه عليه ما لم يظفر به ولد من والد ... وذاق من نبيل شمائله , و جليل خصاله ما تغبطه عليه الدنيا . فلنترك لأنس الحديث عن بعض الصور الوضاءة من هذه المعاملة الكريمة التي لقيها في رحاب النبي السمح الكريم () , فهو بها أدرى , و على وصفها أقوى ... قال أنس بن مالك : كان رسول الله صلوات الله وسلامه عليه من أحسن الناس خلقاً , و أرحبهم صدراً . و أوفرهم حناناً ... فقد أرسلني يوماً لحاجة فخرجت , وقصدت صبياناً كانوا يلعبون في السوق لألعب معهم و لم أذهب إلى ما أمرني به , فلما صرت إليهم شعرت بإنسانٍ يقف خلفي , و يأخذ بثوبي ... فالتفت فإذا رسول الله () يتبسم و يقول : ( يا أنيس أذهبت إلى حيث أمرتك؟ ). فارتبكت و قلت : نعم ... إني ذاهب الآن يا رسول الله ... والله لقد خدمته عشر سنين , فما قال لشيءٍ صنعته : لم صنعته ؟! ... ولا لشيءٍ تركته : لم تركته ؟! . *** وكان الرسول صلوات الله وسلامه عليه إذا نادى أنساً ناداه (( أنيساً )) بصيغ التصغير تحبباً و تدليلاً ؛ فتراة يناديه يا أنيس , و أخرى يا بُنَيَّ . و كان يغدق عليه من نصائحه و مواعظه ما ملأ قلبه و ملك لبه . من ذلك قوله له : ( يا بني إن قدرت أن تصبح وتمسي وليس في قلبك غش لأحد فافعل ... يابني إن ذلك من سنتي , و من أحيا سنتي فقد أحبني ... و من أحبني كان معي في الجنة ... يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم عليهم يكن بركة عليك و على أهل بيتك ) . *** عاش أنس بن مالك بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام أكثر من ثمانين عاماً ؛ ملأ خلالها الصدور علماً من علم الرسول الأعظم () , وأترع فيها العقول فقهاً من فقه النبوة ... و أحيا فيها القلوب بما بثه بين الصحابة والتابعين من هدي النبي () , و ما أذاعه في الناس من شريف أقوال الرسول الأعظم () و جليل أفعاله . وقد غدا أنس على طول هذا العمر المديد مرجعاً للمسلمين , يفزعون إليه كلما أشكل عليهم أمر , و يعولون عليه كلما استغلق على أفهامهم حكم . من ذلك , أن بعض الممارين في الدين جعلوا يتكلمون في ثبوت حوض النبي () يوم القيامة , فسألوه في ذلك , فقال : ما كنت أظن أن أعيش حتى أرى أمثالكم يتمارون في الحوض , لقد تركت عجائز خلفي ما تصلي إحداهن إلا سألت الله أن يسقيها من حوض النبي عليه الصلاة والسلام . *** و لقد ظل أنس بن مالك يعيش مع ذكرى رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ما امتدت به الحياة ... فكان شديد البهجة بيوم لقائه . سخي الدمعة على يوم فراقه , كثير الترديد لكلامه ... حريصاً على متابعته أقواله و أفعاله , يحب ما أحب , و يكره ما كره , و كان أكثر ما يذكره من أيامه يومان : يوم لقائه معه أول مرة, و يوم مفارقته له آخر مرة. فإذا ذكر اليوم الأول سعد به و انتشى , و إذا خطر له اليوم الثاني انتحب و بكى , و أبكى من حوله من الناس . و كثيراً ما كان يقول : لقد رأيت النبي عليه الصلاة والسلام يوم دخل علينا , و رأيته يوم قُبض منا , فلم أرَ يومين يشبهانهما . ففي يوم دخوله المدينة أضاء فيها كل شيء ... وفي اليوم الذي أوشك فيه أن يمضي إلى جوار ربه أظلم فيها كل شيء ... و كان آخر نظرة نظرتها إليه يوم الإثنين حين كشفت الستارة عن حجرته , فرأيت وجهه كأنه ورقة مصحف , و كان الناس يومئذٍ وقوفاً خلف أبي بكر ينظرون إليه , و قد كادوا أن يضطربوا , فأشار إليهم أبو بكر أن اثبتوا . ثم توفي الرسول عليه الصلاة والسلام فما نظرنا منظراً كان أعجب إلينا من وجهه - () - حين واريناه ترابه . *** ولقد دعا رسول الله صلوات الله عليه لأنس بن مالك أكثر من مرة ... وكان من دعائه له : ( اللهم ارزقه مالاً وولداً , و بارك له ) ... وقد استجاب الله سبحانه دعاء نبيه عليه الصلاة والسلام , فكان أنس أكثر الأنصار مالاً , و أوفرهم ذرية ؛ حتى إنه رأى من أولاده و حفدته ما يزيد على المائة . وقد بارك اله له في عمره حتى عاش قرناً كاملاً ... و فوقه ثلاث سنوات . وكان أنس رضوان الله عليه شديد الرجاء لشفاعة النبي () له يوم القيامة ؛ فكثيراً ما كان يقول : إني لأرجوا أن ألقى رسول الله () يوم القيامة فأقول له : يا رسول الله هذا خويدمك أُنَيْس . *** ولما مرض أنس بن مالك مرض الموت قال لأهله : لقنوني لا إله إلا الله, محمد رسول الله . ثم ظل يقولها حتى مات . وقد أوصى بعصية صغيرة كانت لرسول الله () بأن تدفن معه , فوضعت بين جنبه و قميصه . *** هنيئاً لأنس بن مالك الأنصاري على ما أسبغه الله عليه من خير . فقد عاش في كنف الرسول الأعظم () عشر سنوات كاملات ... و كان ثالث اثنين في رواية حديثه هما أبو هريرة , و عبد الله بن عمر ... وجزاه الله هو و أمه الغميصاء عن الإسلام و المسلمين خير الجزاء . قالوا عنه : ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله من ابن أم سليم .. أبو هريرة الموضوع الأصلي: ثالث أهل الحديث .. أنس بن مالك -رضي الله عنه- || الكاتب: جارة المصطفى || المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد
المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد ehge Hig hgp]de >> Hks fk lhg; -vqd hggi uki-
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 : | |
لا يوجد أعضاء |
|
|