إذا وطدت صلتك بالله سبحانه وتعالى فتح لك طاقة نورانية من عنده ، فتنتشر أنوار قلبك وتضيء لك جميع أجزاء ليلك ونهارك وتسهل لك أمور حياتك وآخرتك وتمدك بقبول لدى الخلق ، فيرتاحوا للتعامل معك ويلجأوا إليك للنصيحة والمشورة ، وطلب الحاجات فتتيسر حاجاتك ويبارك الله في جهدك وعملك ، وتحس براحة نفسية غامرة سرها هذا القبول الرباني الذي وضعه الله تعالى في قلوب الخلق ، نور الله الذي يشملك بعنايته ويحيطك برحمته .
وإذا أردت أن تعرف مقامك وقدرك عند الله تعالى فانظر بم استعملك وعلى ماذا أقامك ، يقول رسول الله : ( ازهد في الدنيا يحبك الله ، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس ) رواه الترمذي .
إن القوة الإيمانية هي ذلك النور الإلهي العجيب الذي ما إن استعنت به لن يخذلك الله بعد ذلك أبدا ، وهذا النور هو الذي يمدك بالقوة الجسمانية في بدنك وسعة في رزقك ، وبركة في زوجك وأولادك وبيتك وزودك باليقين والثقة بالنفس والطمأنينة والراحة النفسية والسعادة الأبدية .
إن التغيير الحقيقي لن يتحقق إلا إذا ربطته بالمنهج الإلهي القويم ، ولن تتعزز إلا إذا وضعتها في سويداء قلبك ووجدانك وفكرك ومشاعرك فصارت جزءا منك لا يتجزا فتحقق النمو في الإيمان والنجاح في الوصول إلى رضا الله تعالى .
إذا أردت أن تغير من حالك ومن نفسك ، فعليك بتوطيد صلتك بالله تعالى وتقوية إيمانك ، وشحذ همتك ، وشد عزيمتك ، وانطلق نحو التغيير في عالم لا محدود من السعادة والرضا والسكينة النفسية .
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى : ( في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله ، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله ، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار إليه ، وفيه نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه وفيه فاقة لا يسدها إلا محبته والإنابة إليه ، ودوام ذكره وصدق الإخلاص له ولو أعطى الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبدا ) .
وضع الله لك منهجا إلهيا كاملا متكاملا وقلبه هو قوة الإيمان كي تدور في منهجه وتعيش في فلكه وتعمل في جميع مراحل حياتك فتعيش هادئ النفس راض القلب مطمئن البال ، ومرتاح الضمير .
إذا أسكنت المنهج الرباني في قلبك وتلقيته في كيانك وعشته بأحاسيسك وشعرته بمشاعرك ، ونفذته بأقوالك وأفعالك ، استطعت أن تغير من نفسك إلى الأفضل ، وبها تسمو نفسك عن الصغائر وترتفع عن الدنايا ، وتتطهر من الذنوب والخطايا ، وتزكو عن الآثام والمعاصي ، وتكون قد وفقت في جميع أعمالك بإذن الله تعالى ، يقول الرسول ( من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب فليكثر الدعاء في الرخاء ) رواه الترمذي .