بيت موسوعة طالب العلم كـل مايخص طالب العلم ومنها الفتــاوى |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
10-04-12, 10:44 AM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
علم الجرح والتعديل أبو حميد عبدالملك بن ظافر الماجوني الكوسوفيالمقدمة: إنَّ الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومِن سيِّئات أعمالنا، مَن يهدِه الله؛ فلا مضلَّ له، ومُن يضلل؛ فلا هاديَ له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله. أما بعد: فإنَّ أصْدق الحديث كتابُ الله، وخير الهَدي هَدي محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وشرَّ الأمور مُحْدثاتها، وكل مُحْدَثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. وبعد: فهذه نُبْذة لطيفة - إن شاء الله تعالى - عن أهمية عِلم الجرح والتعديل، نشأته وتطوره ومشروعيته وفوائده، حيث نسأله - تعالى - أن ينفعَنا، وينفع قارِئها، إنَّه سميع قريب مجيب. أهمية علم الجرح والتعديل: لقد منَّ الله - عزَّ وجلَّ - على الأمَّة الإسلامية بنِعم كثيرة لا تُحصى ولا تُعدّ، ومن تلك النِّعم أنه جعلها خيرَ الأمم أُخرِجت للناس، ودِينها خاتم الأديان وأكملها ونبيّها خاتم الأنبياء وسيِّدهم، كما أنه - سبحانه وتعالى - تكفَّل بحفظ وحيها من التحريف والتبديل؛ فقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] والذِّكْر هنا يعمُّ القرآن والسنة؛ لأنَّ السنة أيضًا وحي مُنَزَّل من الله - تعالى - فقال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3 - 4] وهي المبينة للقرآن، وقد سمَّاها الله - تعالى – ذِكرًا؛ فقال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44]. بَيْد أنه لا يمكن العمل بالقرآن بمعزل عن السُّنة، وهذا الذي جعل مكحولاً يقول: "القرآن أحوجُ إلى السُّنَّة مِن السُّنة إلى القرآن". [1] فالسنة هي المبينة لمراد الله - عزَّ وجلَّ - من مجملات كتابه، والدالَّة على حدوده، والميسرة له، والهادية إلى الصراط المستقيم، صراط الله الذي مَن اتبعها اهتدى ومن سلك غير سبيلها ضلَّ وغوى، وولاَّه الله ما تولَّى. ومِن آكدِ آلات السُّنن المعينة عليها، والمؤدِّية إلى حفظها: علم الجرح والتعديل. وعلم الجرْح والتعديل الذي يختصُّ بالرواة غالبًا من أدقِّ علوم السُّنة، وأجلِّها قدرًا؛ لأنَّ المعوّل عليه في قَبول السنة أو ردِّها وهو السند بشكل أساسي الذي يتكوَّن بمجموعة من الرجال، الذين يتناقلون الحديث المروي عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم. ولم يكن هذا القَبول أو الردُّ دون قواعدَ ولا ضوابط؛ بل إنَّ علماء هذا الفنِّ قد تتبعوا تواريخَ الرجال ووقفوا على أخبارهم بدقَّة، وكانوا متجرِّدين للحقّ، ولم تأخذهم في الله لومةُ لائم. فمن وجدوه عدلاً عدَّلوه، ومَن ثبت لهم أنه مجروح جرحوه، ولم يراعوا في جميع ذلك أيَّة اعتبارات شخصية، اللهمَّ إلاَّ الإخلاص لله تعالى والاحتياط لحفظ سُنَّة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم. ولو لم يكن منها إلا التنبيهُ إلى المقصرين في علم السُّنة على ما لم يثبت؛ فضلاً على ما هو مكذوب على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليجتنبوه ويحذروا من العمل به، واعتقاد ما فيه، وإرشاد الناس إليه - لكَفَى وشَفَى. إذًا؛ ليس عجبًا إكثار العلماء - رحمهم الله - من البيان لأحوال الرُّواة، وهَتْك أستار الكذَّابين، ونفيهم عن حديث رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - انتحال المبطلين وتحريف الغالين، وافتراء المفترين، وهم - رحمهم الله - قاموا بأعظمِ الجِهاد، لا سيَّما في زمن بداية ظهور الفساد. وهم حقًّا كانوا عدولَ هذه الأمة في حَمْل العلم، وأدائه، وممن يُرجع إلى اجتهادهم في التوثيق والتضعيف، والتصحيح والتزييف. والحقُّ أحقُّ أن يُتَّبع، فجزاهم الله عن هذا الدِّين وأهله كلَّ خير. علم الجرح والتعديل نشأته وتطوره عبر القرون اُعتبر أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - هم أوَّلَ مَن تكلَّم في علوم السُّنة عمومًا، وعلم الجرح والتعديل خاصَّة، فكانوا - - يتَّخذون الضوابط اللازمة لصيانة حديث رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم. فكانوا يتثبتون فيما يُنقل إليهم، فلا يقبلونه إلاَّ بشاهد، وكان أحدُهم يسافر شهرًا لسماع حديث رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وكان أحدُهم يصْحَب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - على مِلْءِ بطنه، حتى يجمعَ ما استطاع من حديث رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم. وقد كان أبو بكر الصِّدِّيق - - أوَّل مَن فتَّش عن الرجال من الصحابة[2]، فقصتُه مع الجَدَّة في طلب ميراثها مشهورة.[3] ثم كان بعده عمر بن الخطاب، ثم بعده علي بن أبي طالب[4] - ا - فهلمَّ جرًّا، وهذا يدلُّ دلالة واضحة على أنَّ التحري والتوقي في رواية الحديث والسؤال والتفتيش عن الرِّجال قد بدأ في فترة مبكِّرة. وهناك من صِغار الصحابة أيضًا مَن جَرَح عددًا من الرواة لَمَّا انتشرتِ الفتن، وظهر أصحاب الأهواء، منهم عبدالله بن عباس - ا. روى الإمام مسلم في مقدمة صحيحه (1/13) بإسناده إلى مجاهد أنَّه قال: "جاء بشير بن كعْب العدوي إلى ابن عباس فجعل يُحدِّث، ويقول: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فجعل ابن عبَّاس لا يأذن لحديثه، ولا ينظر إليه فقال (بشير): يا ابن عبَّاس، ما لي لا أراك تسمع لحديثي؟ أحدِّثك عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا تسمع! فقال ابن عباس: "إنَّا كنَّا مرة إذا سمعْنا رجلاً يقول: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ابتدرتْه أبصارُنا، وأصغَيْنا إليه بآذاننا فلمَّا ركب الناس الصعب والذلول؛ لم نأخذْ من الناس إلاَّ ما نعرِف". وروى بسنده أيضًا عن محمد بن سيرين (1/15): "لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلمَّا وقعتِ الفتنة؛ قالوا: سمُّوا لنا رجالكم، فيُنظر إلى أهل السُّنة، فيؤخذ حديثُهم، وينظر إلى أهل البدع، فلا يُؤخذ حديثهم". قال ابنُ حِبَّان: "ثم أخذ مسلكَهم، واستنَّ بسُنتهم، واهتدى بهديهم فيما استنُّوا من التيقظ من الروايات جماعةٌ من أهل المدينة من سادات التابعين منهم: سعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد بن أبى بكر، وسالم بن عبدالله بن عمر، وعلى بن الحُسين بن على، وأبو سلمة بن عبدالرحمن بن عوف وعبيدالله بن عبدالله بن عتبة، وخارجة بن زيد بن ثابت، وعروة بن الزبير بن العوَّام، وأبو بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام، وسليمان بن يسار. فجدُّوا في حِفْظ السُّنن، والرحلة فيها، والتفتيش عنها، والتفقُّه فيها، ولَزِموا الدِّين، ودعوة المسلمين. ثم أخذ عنهم العِلم، وتتبع الطُّرق، وانتقاء الرجال، ورحل في جمْع السنن جماعةٌ بعدهم، منهم: الزهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وهشام بن عُرْوة وسعد بن إبراهيم في جماعة معهم من أهل المدينة، إلاَّ أنَّ أكثرَهم تيقظًا، وأوسعهم حفظًا، وأدومهم رحلة، وأعلاهم همة: الزهري - رحمة الله عليه. ثم أَخَذ عن هؤلاء مسلكَ الحديث، وانتقاد الرجال، وحِفْظ السُّنن، والقدْح في الضعفاء - جماعةٌ من أئمة المسلمين، والفقهاء في الدين، منهم: سفيان بن سعيد الثوري، ومالك بن أنس، وشُعْبة بن الحجَّاج، وعبدالرحمن بن عمرو الأوزاعي، وحمَّاد بن سَلَمة، واللَّيْث بن سعد، وحمَّاد بن زيد، وسُفيان بن عُيينة، في جماعة معهم. إلاَّ أنَّ من أشدهم انتقاء للسنن، وأكثرهم مواظبة عليها، حتى جعلوا ذلك صناعةً لهم لا يشوبونها بشئ آخر ثلاثة أنفس: مالك، والثوري، وشُعْبة. ثم أخذ عن هؤلاء بعدهم الرسم في الحديث، والتنقير عن الرِّجال، والتفتيش عن الضعفاء، والبحْث عن أسباب النقل جماعة، منهم: عبدالله بن المبارك، ويحيى بن سعيد القطَّان، ووكيع بن الجرَّاح، وعبدالرحمن بن مهدي، ومحمد بن إدريس المطلبي الشافعي، في جماعة معهم إلاَّ أنَّ من أكثرهم تنقيرًا عن شأن المحدِّثين، وأتركهم للضعفاء والمتروكين، حتى جعلوا هذا الشأنَ صناعةً لهم لم يتعدوها إلى غيرها مع لزوم الدِّين والورع الشديد، والنفقة في السُّنن، رجلان: يحيى بن سعيد القطَّان، وعبدالرحمن بن مهدي. ثم أُخِذ عن هؤلاء مسلكُ الحديث والاختبار، وانتقاء الرِّجال في الآثار، حتى رحلوا في جمْع السنن إلى الأمصار، وفتَّشوا المدن والأقطار وأطلقوا على المتروكين الجَرْح، وعلى الضعفاء القَدْح، وبيَّنوا كيفية أحوال الثقات والمدلِّسين، والأئمَّة والمتروكين، حتى صاروا يُقتدَى بهم في الآثار وأئمَّةً يَسلك مسلكَهم في الأخبار جماعةٌ، منهم: أحمد بن حنبل - - ويحيى بن معين، وعلي بن عبدالله المديني، وأبو بكر بن أبي شَيْبة وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي، وعُبيدالله بن عمر القواريري، وزهير بن حرب، وخيثمة، في جماعة من أقرانهم، إلاَّ أنَّ من أورعِهم في الدِّين وأكثرهم تفتيشًا على المتروكين، وألْزمهم لهذه الصناعة على دائم الأوقات منهم - كان أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني - رحمة الله عليهم أجمعين. ثم أخذ عن هؤلاء مسلكَ الانتقاد في الأخبار، وانتقاء الرِّجال في الآثار - جماعةٌ، منهم: محمد بن يحيى الذهلي النيسابوري، وعبدالله بن عبدالرحمن الدارمي وأبو زُرْعة عُبَيدالله بن عبدالكريم بن يزيد الرازي، ومحمد بن إسماعيل الجعفي البخاري، ومسلم بن الحجَّاج النيسابوري وأبو داود سليمان بن الأشعث السِّجْستاني في جماعة من أقرانهم، أمعنوا في الحِفْظ، وأكثروا في الكتابة، وأفْرَطو في الرِّحْلة، وواظبوا على السُّنة والمذاكرة والتصنيف والمدارسة، حتى أخذ عنهم مَن نشأ بعدَهم من شيوخنا هذا المذهب، وسَلَكوا هذا المسلك حتى إنَّ أحدهم لو سُئل عن عدد الأحرف في السُّنن لكلِّ سُنَّة منها، عدَّها عدًّا، ولو زِيد فيها أَلِف أو واو، لأخرجها طوعًا، ولأظهرها ديانة ولولاهم لدرستِ الآثار، واضْمَحَلَّتِ الأخبار، وعلا أهلُ الضلالة والهوى، وارتفع أهلُ البِدع والعمى، فهُم لأهل البدع قامعون، بالسُّنن شأنَهم دامغون..."[5] تعريف الجرح والتعديل: 1- الجرْح لغةً: التأثير في البدن بشقٍّ أو قطع، واستعير في المعنويات بمعنى التأثير في الدِّين أو الخُلُق بأوصاف يناقضهما.[6] واصطلاحًا: وصْفُ الراوي بما يقتضي ردَّ روايته، أو تليينه، أو تضعيفه.[7] 2-التعديل لغة: التقويم والتسوية، واستعير في المعنويات بمعنى الثَّناء على الشخص بما يدلُّ على حُسْن طريقته في الدِّين والخُلق.[8] واصطلاحًا: وصْف الراوي بما يقتضي قَبولَ روايته. فعلم الجرح والتعديل هو: علم يبحث في معرفة أحوال الرُّواة من حيثُ القَبولُ والردّ. وغرضه: هو الذبُّ عن الشريعة، وصونها وحمايتها، ممَّن يطعن فيها، أو يشوِّه سمعتَها. القائمون بهذا الواجب: هم علماءُ الحديث، العارفون بأسبابها، ممَّن لديهم خبرةٌ كاملة بالحديث، وعِلله ورجاله. قال المُعَلَّميِ: "ليس نقْد الرُّواة بالأمر الهيِّن؛ فإنَّ الناقد لا بدَّ أن يكون واسعَ الاطلاع على الأخبار المروية عارفًا بأحوال السابقين وطُرق الرواية، خبيرًا بعوائد الرواة ومقاصدهم وأغراضهم، وبالأسباب الداعية إلى التساهل والكَذِب، والموقعة في الخطأ ثم يحتاج إلى أن يعرفَ أحوال الرواي متى وُلِد؟ وبأيِّ بلد؟ وكيف هو في الدِّين والأمانة، والعقل والمروءة؟ ومع مَن سَمِع؟ وكيف كتابُه؟ ثم يعرِف أحوالَ الشيوخ الذين يُحدِّث عنهم، وبلدانهم، ووفياتهم، وأوقات تحديثهم، وعاداتهم في الحديث، ثم يعرف مروياتِ الناس عنهم ويعرض عليها مرويات هذا الراوي ويعتبر بها، إلى غير ذلك مما يطول شرْحُه، ويكون مع ذلك متيقظًا مرهف الفَهْم، دقيق الفِطنة، مالكًا لنفسه لا يستميله الهوى ولا يستفزُّه الغضب، ولا يستخفُّه بادر ظنّ، حتى يستوفيَ النظر، ويبلغ المقرّ، ثم يحسن التطبيق في حُكمه، فلا يجاوز ولا يقصِّر. وهذه مرتبة بعيدة المرام، عزيزة المنال، لم يبلغْها إلاَّ الأفذاذ. [9]
المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد ugl hg[vp ,hgju]dg
التعديل الأخير تم بواسطة الشـــامـــــخ ; 15-04-18 الساعة 10:25 PM |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 1 : | |
الشـــامـــــخ |
|
|