الحمد لله الأحد الصمد , الذي لم يلد ولم يولد , ولم يكن له كفواً أحد , ذي الجلال والإكرام , والأسماء والصفات العظام , شهدت له بالربوبية جميع مخلوقاته , وأقرت له بالإلهية جميع مصنوعاته , والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء , وسيد الأصفياء , وأكرم من مشي تحت أديم السماء , محمد بن عبدالله شرح الله صدره , ووضع عنه وزره , ورفع له ذكره فلا يُذكر عز وجل إلا ذُكر معه في الأذان والتشهد والخطب , بعثه كافة للناس ورحمة للعالمين , وتكفل جل شأنه بسعادة الدارين لمن أحبه واتبع سبيله ووقره وعزره .
أما بعد : فإن الحديث عن النبي الكريم حديث عظيم وشائق , فهو حديث عن أكرم من وُلِد وأعزّ من فُقِد وأفضل عبادِ الله تعالى خلقاً وخُلُقاً , أخرج الله تعالى به العباد من ظلمات الجهل ودركات الشقاء إلى نور الإيمان ودرجات الجنان , فكل مسلم مدين للرسول عليه الصلاة والسلام خيرِ مبلِّغ وأعظمِ داعية :
يا من تخيـره الإلـه لخلقـه ........... فحباه بالخلق الزكي الطاهـر أنت النبي وخـير عصبة أدم ........... يا من يجود كفيض بحر زاخر
والله نجد صعوبة في الحديث عن النبي من خلال صفحات على هذا المنبر لا تتسع إلا لإضاءات يسيرة ترسم المعالم وترشد إلى الطريق , وعلى من أراد الإطلاع على سيرته العظيمة والعيش معه في كل حركاته وسكناته أن يرجع إلى كُتب السيرة التي تتحدث عنه بإسهاب مثل :
البداية والنهاية , وسيرة إبن هشام , والروض الأنف , وزاد المعاد في هدي خير العباد , والرحيق المختوم , والسيرة النبوية في ضوء المصادر الأصيلة , والفصول في سيرة الرسول , والشمائل , وعشرات الكتب غيرها ليجد العيش الهانىء والظلال الوارف والقطوف الدانية في سيرة من قال عن نفسه :
أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر , وبيدي لواء الحمد ولا فخر , وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي , وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر ) رواه الترمذي وقال حسن صحيح .
وقوله عليه الصلاة والسلام : ( سأقوم مقاماً يرغب إليَّ الخلق كلهم حتى إبراهيم ) . رواه مسلم .
من أراد نيل شفاعته عليه الصلاة والسلام فعليه بنصرته ولنبدأ بأنفسنا أولاً
بتطبيق شريعته عليه الصلاة والسلام , والإئتمار بأمره والإنتهاء بنهيه
والإهتداء بهديه , والتأسي بخلقه وشمائله التي يحوي طرحنا هذا جانباً
يسيراً منها , نرجوا الصبر يا أحبتنا حتى الإنتهاء من هذا الطرح المبارك
نسأل الله تعالى أن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم
وأن يكتب له القبول , إنه سبحانه سميع مجيب الدعاء
* الجنة * لم يجدها الفتية من أهل الكهف في قصور آبائهم *
ولا في دور قرابتهم ، وجدوها في كهفٍ مٌظلم مع كلب ، لأنهم قالوا :
(رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً)
فأورثهم الله جل وعلا الرضا عنه في قلوبهم ، فلما دخلوا الكهف وهم راضون عن الله
إتسع الكهف في أعينهم وارتاحت أجسادهم واطمأن حالهم
وأورثهم الله ذكراً في كتابه إلى قيام الساعة