حدثنا إِسْحَاقُ بن إبراهيم عن عبد الرَّزَّاقِ عن قَيْسِ بن الرَّبِيعِ عن أبي فَزَارَةَ الْعَبْدِيِّ عن أبي زَيْدٍ مولى عَمْرِو بن حُرَيْثٍ ثنا عبد اللَّهِ بن مَسْعُودٍ قال أَتَانَا رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال إني قد أُمِرْتُ أَنْ أَقْرَأَ على إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ فَلْيَقُمْ مَعِي رَجُلٌ مِنْكُمْ وَلا يَقُمْ رَجُلٌ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ من كِبْرٍ فَقُمْتُ معه وَأَخَذْتُ إِدَاوَةً فيها نَبِيذٌ فَانْطَلَقْتُ معه فلما بَرَزَ خَطَّ عَلَيَّ خَطًّا وقال لي لا تَخْرُجْ منه فَإِنَّكَ إن خَرَجْتَ لم تَرَنِي ولم أَرَكَ إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قال ثُمَّ انْطَلَقَ فَتَوَارَى عَنِّي حتى لم أَرَهُ فلما سَطَحَ الْفَجْرُ أَقْبَلَ فقال لي أَرَاكَ قَائِمًا فقلت ما قَعَدْتُ فقال ما عَلَيْكَ لو فَعَلْتَ قلت خَشِيتُ أَنْ أَخْرُجَ منه فقال أَمَا أنك لو خَرَجْتَ منه لم تَرَنِي ولم أَرَكَ إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ هل مَعَكَ وَضُوءٌ قلت لا فقال ما هذه الأداوة قلت فيها نَبِيذٌ قال تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ فَتَوَضَّأَ وَأَقَامَ الصَّلاةَ فلما قَضَى الصَّلاةَ قام إليه رَجُلانِ مِنَ الْجِنِّ فَسَأَلاهُ الْمَتَاعَ فقال أَلَمْ آمُرْ لَكُمَا وَلِقَوْمِكُمَا بِمَا يُصْلِحُكُمْ قَالا بَلَى وَلَكِنْ أَحْبَبْنَا أَنْ يَشْهَدَ بَعْضُنَا مَعَكَ الصَّلاةَ قال مِمَّنْ أَنْتُمَا قَالا من أَهْلِ نَصِيبِينَ فقال أَفْلَحَ هَذَانِ وَأَفْلَحَ قَوْمُهُمَا وَأَمَرَ لَهُمَا بِالرَّوْثِ وَالْعِظَامِ طَعَامًا وَلَحْمًا وَنَهَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ يستنجي بِعَظْمٍ أو رَوْثَةٍ
رواية الطبراني في المعجم الكبير 10/63
فالنَّبيّذ كما هو مشار في الحديث هو الماء الموضوع فيه قليل من التمر مما يجعل طعم الماء حلو المذاق وليس كما يدعي الكفرة على رسول الله و خير الأنام عليه أفضل الصلاة و السلام وعلى صحابته الكرام .و شرب النَّبيّذ و العصير جائز بالاتفاق قبل غليانه ـ الغليان أي الاختمار ـ وذلك بدليل مشروعية هو : حديث أبى هريرة النسائي وغيره ، قال علمت أن النَّبيّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ) كان يصوم ، فتحنيت فطره بنبيذ صنعته في دبَّاء ، ثم أتيته به ، فإذا هو ينش ( أي يغلى أي مختمر ) فقال (اضرب بهذا الحائط ، فإن هذا شراب من لا يؤمن بالله واليوم الآخر ) النسائي- كتاب الأشربة- باب تحريم كل شراب أسكر كثيره برقم5610 . وأخرج أحمد عن ابن عمر في العصير قال : ( اشربه ما لم يأخذ شيطانه ، قيل و في كم يأخذه شيطانه ؟ قال في ثلاث ) قلت : أي ثلاث ليال
المغني لابن قدامة (3/144) وأخرج مسلم وغيره من حديث ابن عباس (أنه كان ينقع للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- الزبيب فيشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة ، ثم يأمر به فيسقى الخادم أو يهرق) مسلم- كتاب الأشربة - باب إباحة النَّبيّذ الذي لم يشتد ولم يصير مسكراً برقم2004
ومعنى قوله يسقى الخادم هو ما قاله أبو داود : ومعنى أن يسقى الخادم يبادر به الفساد ومظنة ذلك ما زاد على ثلاثة أيام . وقد أخرج ابوداود وغيره من حديث عائشة (أنها كانت تنتبذ لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- غدوة ، فإذا كان العِشى فتعشى ، شرب على عشائه ، وإن فضُل شيء صبته أو أفرغته ثم تنتبذ له بليل ، فإذا أصبح تغدَّى فشرب على غدائه قالت تغسل السقاء غدوة وعشية) أبو داود-كتاب الأشربة-باب في صفة النَّبيّذ برقم 3712
. قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- : ( إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام ، فامسكوا ما بدا لكم ، ونهيتكم عن النَّبيّذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكراً ) صحيح النسائي-كتاب الجنائز-باب زيارة القبور برقم 2032
وهذه الأدلة من الأحاديث النبوية والتفسيرات اللُّغوية نستنتج الآتي :
1. أن النَّبيذ الذي كان يشربه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- هو عبارة عن ماء منقوع به قليلاً من التمر وهو بمثابة العصير الذي لم يختمر ويصبح خمراً مسكراً كالخمر المتعارف عليه ومن المعروف ولا يخفى على أحد أن الخمر ما هي عصائر مخمجة و مغليه وهذا ماشربه سيدنا عمر بن الخطاب
2. نرى في الأحاديث المغايرة بين النَّبيّذ المسكر والذي نهى عنه النَّبيُّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- وبين النَّبيّذ المحلل شربه قبل غليانه
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- (مَنْ شَرِبَ النَّبيّذَ مِنْكُمْ فَلْيَشْرَبْهُ زَبِيبًا فَرْدًا فَرْدًا أَوْ بُسْرًا فَرْدًا أَوْ تَمْرًا) . مسلم-كتاب الأشربة-باب كراهة انتباذ التمر والزبيب مخلوطين برقم 1987
وبهذا يا أخوه ويا من تبحث عن الحـق قـد ظهـر لكم مدى جهـل المجوس في اللغة العربية ومبادئ القراءة وحقــدهم على الإسلام ورسـوله العظيم -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-وعلى صحابته الكرام
يتبع