البيــت العـــام للمواضيع التي ليس لها قسم محدد |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
البيــت العـــام
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين من أعظم الغلط الثقة بالناس والاسترسال إلى الأصدقاء. فإن أشد الأعداء وأكثرهم أذى الصديق المنقلب عدواً لأنه قد اطلع على خفي السر قال الشاعر: احذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة فلربما انقلب الصديق فكان أعم بالمضرة واعلم أن من الأمر الموضوع في النفوس الحسد على النعم أو الغبطة وحب الرفعة فإذا رآك من يعتقدك مثلاً له وقد ارتقيت عليه فلا بد أن يتأثر وربما حسد. فإن قلت: كيف يبقى الإنسان بلا صديق قلت لك أتراك ما تعلم أن المجانس يحسد وأن أكثر العوام يعتقدون في العالم أنه لا يتبسم ولا يتناول من شهوات الدنيا شيئاً فإذا رأوا بعض انبساطه في المباح هبط من أعينهم. لا بل والله ما تصح المعاشرة مع النفس لأنها متلونة. وليس إلا المداراة للخلق والاحتراز منهم واتخاذ المعارف من غير طمع في صديق صادق. فإن ندر فيكن غير مماثل لأن الحسد إليه أسبق. وليكن مرتفعاً عن رتبة العوام غير طامع في نيل مقامك. وإن كانت معاشرة هذا لا تشفي لأن المعاشرة ينبغي ان تكون بين العلماء للمجانس فلزمهم من الإشارات في المخالطة ما تطيب به المجالسة ولكن لا سبيل إلى الوصال. ومثل هذه الحال أنك إن استخدمت الأذكياء عرفوا باطنك وإن استخدمت البله انعكست مقاصدك. فاجعل الأذكياء لحوائجك الخارجة. والبله لحوائجك في منزلك لئلا يعلموا أسرارك. واقنع من الأصدقاء بمن وصفته لك ثم لا تلقه إلا متدرعاً درع الحذر ولا تطلعه على باطن يمكن أن يستر عنه وكن كما يقال عن الذئب: ينام بإحدى مقلتيه ويتقي بأخى الأعادي فهو يقظان هاجع فصل علماء الدنيا رأيت نفراً ممن أفنى أوائل عمره وريعان شبابه في طلب العلم يصبر على أنواع الأذى وهجر فنون الراحات أنفقه من الجهل ورذيلته وطلباً للعلم وفضيلته. فلما نال منه طرفاً رفعه عن مراتب أرباب الدنيا ومن لا علم له إلا بالعاجل ضاق به معاشه أو قل ما ينشده لنسفه من حظوظ. فسافر في البلاد يطلب من الأرذال ويتواضع للسفلة وأهل الدناءة والمكاس وغيرهم. فخاطبت بعضهم وقلت: ويحك أين تلك الأنفة من الجهل التي سهرت لأجلها. وأظمأت نهارك بسببها فلما ارتفعت وانتفعت عدت إلى أسفل سافلين. أفما بقي عندك ذرة من الأنفة تنبو به عن مقامات الأرذال. ولا معك يسير من العلم يسير بك عن مناخ الهوى. ولا حصلت بالعلم قوة تجذب بها زمام النفس عن مراعي السوء. على أنه يبين لي أن سهرك وتعبك كأنهما كانا لنيل الدنيا. ثم إني أراك تزعم أنك تريد شيئاً من الدنيا تستعين به على طلب العلم فاعلم أن التفاتك إلى نوع كسب تستغني به عن الأرذال أفضل من التزيد في علمك. فلو عرفت ما ينقص به دينك لم تر ف ما قد عزمت عليه زيادة بل لعله كله مخاطرة بالنفس وبعيد أن تقنع بعد شروعك في هذا الأمر بقدر الكفاف وقد علمت ما في السؤال بعد الكفاف من الإثم. وأبعد منه أن تقدر على الورع في المأخوذ. ومن لك بالسلامة والرجوع إلى الوطن. وكم رمى قفر في بواديه من هالك. ثم ما تحصله يفنى ويبقى منه ما أعطى وعيب المتقين إياك واقتداء الجاهلين بك. ويكفيك أنك عدت على ما علمت من ذم الدنيا بشينه إذ فعلت ما يناقضه خصوصاً وقد مر أكثر العمر. ومن أحسن فيما مضى يحسن فيما بقي. صيد الخاطر / إبن الجوزي رحمه الله المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد j[hvf lu hgkhs
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
![]() |
|
لا يوجد أعضاء |
|
|