ثكلتك أمك ترتب يداك ويل أمه كل هذا من الدعاء على الشخص في ظاهر معناها غير أن الدعاء فيها غير مقصود لذاته؛ إنما جرى على لسان العرب ذلك استعظاما لأمر، أو تعجبا، أو تنبيها، ونحو ذلك، ولا يراد معنى الدعاء حقيقة.
1- (ثكلتك أمك)
معناها: فقدتك ، وقد قال رسول الله ذلك لمعاذ « ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِى النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ». قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وقد قال العلماء في ذلك: إن دعاء النبي على من لا يستحق الدعاء عليه من المؤمنين يكون رحمة للمدعو عليه ويعتبر منقبة له. ففي حديث مسلم: اللهم إني أتخذ عندك عهدا لن تخلفنيه، فإنما أنا بشر فأي المؤمنين آذيته شتمته لعنته جلدته فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك. وعن أنس : أن رسول الله دفع إلى حفصة ابنة عمر رجلا فقال: احتفظي به، قال فغفلت حفصة ومضى الرجل فدخل رسول الله وقال يا حفصة ما فعل الرجل؟ قالت: غفلت عنه يا رسول الله فخرج، فقال رسول الله : قطع الله يدك، فرفعت يديها هكذا، فدخل رسول الله فقال: ما شأنك يا حفصة فقالت: يا رسول الله: قلت قبل لي كذا وكذا، فقال لها صفي يديك، فإني سألت الله عز وجل أيما إنسان من أمتي دعوت الله عز وجل عليه أن يجعلها له مغفرة. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط.
2- (تربت يداك)
ومعناها افتقرت، وقد جاء على لسان رسول الله ذلك أيضا "فاظفر بذات الدين تربت يداك" وقد قال العلماء في ذلك: قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم : " وَالْأَصَحّ الْأَقْوَى الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ فِي مَعْنَاهُ : أَنَّهَا كَلِمَة أَصْلُهَا اِفْتَقَرَتْ , وَلَكِنَّ الْعَرَب اِعْتَادَتْ اِسْتِعْمَالهَا غَيْر قَاصِدَة حَقِيقَة مَعْنَاهَا الْأَصْلِيّ , فَيَذْكُرُونَ تَرِبَتْ يَدَاك , وَقَاتَلَهُ اللَّه , مَا أَشْجَعه , وَلَا أُمّ لَهُ , وَلَا أَب لَك , وَثَكِلَتْهُ أُمّه , وَوَيْل أُمّه , وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِنْ أَلْفَاظهمْ يَقُولُونَهَا عِنْد إِنْكَار الشَّيْء , أَوْ الزَّجْر عَنْهُ , أَوْ الذَّمّ عَلَيْهِ , أَوْ اِسْتِعْظَامه , أَوْ الْحَثّ عَلَيْهِ , أَوْ الْإِعْجَاب بِهِ . وَاللَّهُ أَعْلَم "
3- (ويل أمه) ومعناها الدعاء على أمه بويل، وقد قال ذلك أيضا "... ويل أمه مسعر حرب لو كان لـه أحد،..." رواه البخاري ومعناها كما سبق من أنه لا يردا معنى الدعاء حقيقة والله تعالى أعلم
وهذا الأسلوب مازال باقيا في لهجات العرب العامية
ولعل كل واحد يستعرض لهجته في ذهنه فيسجد مثل هذه العبارات
التي ظاهرها الدعاء على الشخص وحقيقتها التعجب ونحوه.