لو قال قائل: الإنسان إذا لم يستطع الجهاد في سبيل الله، وكان فرضاً عينياً عليه، فكيف يكون حاله، ثم ما صحة ما يروى عن حسان بن ثابت في هذا، هل هذا صحيح أي: أنه لم يكن مجاهداً؟
الجواب: بعض المتأخرين في الحقيقة ليس عندهم أدب مع الصحابة، ولا شك أن حسان بن ثابت ليس كخالد بن الوليد في الإقدام والشجاعة، ولكن كوننا نقول: إنه جبان وأن المرأة أشجع منه، فهذا غلط عظيم، مع أنه يدافع عن النبي عليه الصلاة والسلام دفاعاً بلسانه أشد من وقع النبل على الكفار(1)، والذين يتكلمون في الصحابة ينصحون ويقال لهم: لا تكونوا من آخر هذه الأمة الذين يلعنون أولها(2) فاتقوا الله، وأما حكم الجهاد لمن يعرفون بالجبن إذا كان الجهاد فرض عين فإنه يجب عليهم فإن تخلفوا فهم آثمون.
-----------------
مقتطف من تفسير الشيخ ابن عثيمين رحمه الله لسورة المائدة .
[1]انظر: صحيح البخاري، كتاب الصلاة، باب الشعر في المسجد، حديث رقم (453)، كتاب المناقب، باب من أحب أن لا يسب نسبه، حديث رقم (3531)، كتاب الأدب، باب هجاء المشركين، حديث رقم (6152)، صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل حسان بن ثابت ، حديث رقم (2485)، جامع الترمذي، كتاب الأدب، باب ما جاء في إنشاد الشعر، حديث رقم (2846) عن عائشة. ـ[2]بمعناه رواه الترمذي، كتاب الفتن، باب ما جاء في علامة حلول المسخ والخسف، حديث رقم (2210) عن علي بن أبي طالب، وابن ماجه المقدمة، باب من سئل عن علم فكتمه، حديث رقم (263) عن جابر بن عبد الله، ولفظهما: ولعن آخر هذه الأمة أولها.