ذهبت للشراءمن أحد المتاجر الكبرى ، وبعد أن دفعت المبلغ المطلوب للمحاسب ، قام أحد العمال بدفع العربية كي يوصلها لسيارتي التي
أوقفتها بعيداً ، وكان واضحاً أنه من إخواننا وأحبابنا في اليمن ، وبعد أن أفرغ البضائع في سيارتي ناولته مبلغاً بسيطاً نظير قيامه بخدمة ليست من واجبه فرفض بلطف وأدب إلا أني أصررت عليه ثم سألته إن كان من اليمن ، فابتسم وقال نعم ، فدعوت له، ثم قلت له: هل تعرف أن أول من يسقون من نهر الكوثر هم أهل اليمن؟ فابتسم منصتاً لكلامي وهو يعبر عن اعتزازه بما أقول ، فأردفت قائلاً ، قال عليه الصلاة والسلام ” أهل اليمن أرق القلوب أفئدة “ فزادت ابتسامته لما اقول ، فختمت كلامي بقولي : والحكمة ..؟ فصمت ، فأكلمت مبتسماً .. ” الحكمة يمانية
وسبحان الله كم كانت لهذه الكلمات البسيطة اثر قوي على نفسه فتبدلت ملامحه الى البهجة والإعتزاز وودعني بحرارة وهو يشكرني ،
فودعته بابتسامة وانصرفت .. مر الزمان ، وفي أحد الأيام وجدت نفسي اذهب لذلك المتجر وبينما كنت أقوم بدفع الحساب وإذا بي المح عينا تتابعني وتنتظر أن أراها ! وما أن شاهد أني انتبهت له ، حتى سارع برفع يده بالسلام والابتسامة تملأ وجهه ، ولسان حاله يقول هل عرفتني ؟ نعم لقد عرفته ، إنه نفس الشخص الذي دار بينا ذلك الحديث منذ فترة ابتسمت له وسلمت عليه ، وسألته عن أحواله ، وكان يشعر بالسعادة وكأن بيني وبينه علاقة صداقة قديمة غادرت ذلك المتجر ونا أبتسم ، وأتساءل عن تلك النعمة التي يبخل بها البشر على بعضهم البعض ، فماذا يخسر الإنسان إن حدث الاخرين بالكلام الطيب ، وعامل الآخرين باحترام . فهذا الشخص ، ارتبطت صورتي في ذهنه بذلك الكلام الذي دار بيننا ، فأحس بالسعادة حين رأني رغم انه لم يراني الا لمرة واحدة فقط !
فالشخص الذي يقدر الآخرين ويحرص على رفع تقديرهم لذواتهم ، يجد ثمرة ذلك في نفسه رضا وسعادة ، ويكفي قبل كل ذلك الرضا من الله الذي علمنا على لسان الحبيب أن ( الكلمة الطيبة صدقة ) . ختاماً ، تذكر إن كان جيبك لايكفي للتصدق على كل من تقابله بمالك ، فلسانك كنز لاينضب من الصدقات فلماذا تدخرها وانت بحاجة لها كي ترتقي بك عند خالقك ؟ ويكفي ، أنها رصيد يحول من دار الدنيا الى دار الآخرة حسنات لايعلم مداها الا الله عز وجل قال تعالى :
( ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمةً طيبةً كشجرةٍ طيبةٍ أصلها ثابت وفرعها في السماء،
تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون )