|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
12-11-13, 04:14 AM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
بيت الآل والأصحاب من منظور أهل السنة والجماعة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: يعتبر أبو بكر الصديق من خيرة أصحاب النبي ، فقد اختار الله جل وعلا لنبيه خير من وطأت قدمه بعد الأنبياء الأرض صاحبا ومعينا ونصيرا فكان ملازما له في حياته وحتى بعد مماته وقبره خير شاهدا بذلك. وهو الذي سماه الله من فوق سبع سماوات فعن حكيم بن سعد قال: سمعت علياً يحلف: لله أنزل اسم أبي بكر من السماء الصديق. رواه الطبراني ورجاله ثقات. وفي هذا البحث سنذكر فضائل أبو بكر الصديق من خلال جزء من آية فقط وهي قوله تعالى { ثَانِيَ اثْنَيْنِ } وهذه كانت بالأصل محاضرة لشيخنا أبي محمد عثمان الخميس حفظه الله قمت بتفريغها واعادة صياغتها مع بعض الترتيبات والتعديلات والاضافات. سنذكر في بحثنا هذا المعنى الذي قد خفي عن كثير من الناس عواما كانوا أم علماء فالآية { ثَانِيَ اثْنَيْنِ } شملت معاني جليلة بينها شيخنا في محاضرته القيمة وأهمها ملازمة المعنى للموصوف . قال الله تعالى : { إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)}(التوبة). قال المفسرون: المنزل عليه السكينة: أبو بكر، لأن النبي ما زالت عليه السكينة. لقد عاتب الله صحابة النبي ولم يستثني منهم أحدا إلا أبا بكر الصديق وهو ظاهر قوله تعالى في الآية السابقة فهذا الرجل وصفه الله بصفات الأنبياء كما سنبين لاحقا. 1- { ثَانِيَ اثْنَيْنِ } في الإسلام: ذكر عمار ابن ياسر أن أبابكر الصديق أول من أسلم من الرجال وذلك عنما قال : رأيت رسول الله وما معه إلا خمسة أعبد وامرأتان ، وأبو بكر . رواه البخاري 3660 فهو ثاني اثنين في اسلامه ومتابعته للنبي 2- { ثَانِيَ اثْنَيْنِ } في الصفات: صفات النبي : كان النبي قبل البعثة يتصف بصفات حميدة كثيرة ثبت ذلك من حديث عائشة ا عندما أخبر النبي خديجة ا وقال : ( قد خشيت على نفسي ) . فقالت له : كلا ، أبشر ، فوالله لا يخزيك الله أبدا ، إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق . رواه البخاري بدء الوحي رقم 3 وأخرجه مسلم في الإيمان رقم 160 صفات أبو بكر: فقد ثبت في صحيح البخاري الحديث رقم 3905 من رواية أم المؤمنين عائشة ا أيضا الطويلة أنها قالت: لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين ، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله طرفي النهار ، بكرة وعشية ، فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا نحو أرض الحبشة ، حتى إذا برك الغماد لقيه ابن الدغنة ، وهو سيد القارة ، فقال : أين تريد يا أبا بكر ؟ فقال أبو بكر : أخرجني قومي ، فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي . قال ابن الدغنة : فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج ، إنك تكسب المعدوم ، وتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق ، فأنا لك جار ، ارجع واعبد ربك ببلدك... الحديث. 3- { ثَانِيَ اثْنَيْنِ } في الدعوة إلى الله والدفاع عنها: عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال : بينا رسول الله يصلي بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول الله ولوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقا شديدا ، فأقبل أبو بكر فأخذ بمنكبه ودفع عن رسول الله وقال : { أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ }. البخاري 4815 كنا قد ذكرنا في الحديث الذي قال ابن الدغنة لأبي بكر: فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج ، إنك تكسب المعدوم ، وتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق ، فأنا لك جار ، ارجع واعبد ربك ببلدك . فرجع وارتحل معه ابن الدغنة ، فطاف ابن الدغنة عشية في أشراف قريش ، فقال لهم : إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج ، أتخرجون رجلا يكسب المعدوم ، ويصل الرحم ، ويحمل الكل ، ويقري الضيف ، ويعين على نوائب الحق . فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة ، وقالوا لابن الدغنة : مر أبا بكر فليعبد ربه في داره ، فليصل فيها وليقرأ ما شاء ، ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به ، فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا . فقال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر ، فلبث بذلك يعبد ربه في داره ، ولا يستعلن بصلاته ولا يقرأ في غير داره ، ثم بدا لأبي بكر ، فابتنى مسجدا بفناء داره ، وكان يصلي فيه ، ويقرأ القرآن ، فينقذف عليه نساء المشركين وأبناؤهم ، وهم يعجبون منه وينظرون إليه ، وكان أبو بكر رجلا بكاء ، لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن ، وأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين ، فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم ، فقالوا : إنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك ، على أن يعبد ربه في داره ، فقد جاوز ذلك ، فابتنى مسجدا بفناء داره ، فأعلن بالصلاة والقراءة فيه ، وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا ، فانهه ، فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل ، وإن أبى إلا أن يعلن بذلك ، فسله أن يرد إليك ذمتك ، فإنا قد كرهنا أن نخفرك ، ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان . قالت عائشة : فأتى ابن الدغنة إلى أبي بكر فقال : قد علمت الذي عاقدت لك عليه ، فإما أن تقتصر على ذلك ، وإما أن ترجع إلي ذمتي ، فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له . فقال أبو بكر : فإني أرد إليك جوارك ، وأرضى بجوار الله عز وجل. الله أكبر....نعم لقد كان أبوبكر صادحا بالدعوة للإسلام ولا يخشى في الله لومة لائم وقوله وأرضى بجوار الله عز وجل أي يكفيني جوار الله ولا حاجة لي بغيره. 4- { ثَانِيَ اثْنَيْنِ } في الهجرة إلى المدينة: لما أمر رسول الله المسلمون بالهجرة إلى المدينة استبطأ أبابكر لرغبته في مرافقته بطريق الهجرة إلى المدينة فقد ثبت عن عائشة ا أنها قالت: هاجر ناس إلى الحبشة من المسلمين ، وتجهز أبو بكر مهاجرا ، فقال النبي : ( على رسلك ، فإني أرجو أن يؤذن لي ) . فقال أبو بكر : أوترجوه بأبي أنت ؟ قال : ( نعم ) . فحبس أبو بكر نفسه على النبي لصحبته ، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر أربعة أشهر . قال عروة : قالت عائشة : فبينا نحن يوما جلوس في بيتنا في نحر الظهيرة ، فقال قائل لأبي بكر : هذا رسول الله مقبلا متقنعا ، في ساعة لم يكن يأتينا فيها ، قال أبو بكر : فدى له بأبي وأمي ، والله إن جاء به في هذه الساعة لأمر ، فجاء النبي فاستأذن فأذن له فدخل ، فقال حين دخل لأبي بكر : ( أخرج من عندك ) . قال : إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله . قال : ( فإني قد أذن لي في الخروج ) . قال : فالصحبة بأبي أنت وأمي يا رسول الله ؟ قال : ( نعم ) . قال : فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين ، قال النبي : ( بالثمن ) . رواه البخاري 5807 ففيهما نزل قوله تعالى: { إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)}(التوبة). { ثَانِيَ اثْنَيْنِ } نعم هو ثاني الاثنين فقط محمد وأبو بكر الصديق والله معهما { إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا } أنا وأنت الله معنا خاصة في حفظه ونصرته وتأييده فائدة جليلة: { إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا } قالها الله سبحانه لأنبيائه عليهم الصلاة والسلام ولم يقلها لغيرهم إلا لأبي بكر الصديق لفضله ومكانته وجلال قدره عند الله سبحانه وتعالى. 5- { ثَانِيَ اثْنَيْنِ } في الخاطرة والفكرة مع النبي : لا نقوله ذلك غلوا بل حقيقة. لما أراد المسلمون العمرة زمن الحديبية جاء سهيل بن عمرو لرسول الله فقال : هات اكتب بيننا وبينكم كتابا ، فدعا النبي الكاتب ، فقال النبي : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) . قال سهيل : أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو ، ولكن اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب ، فقال المسلمون : والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال النبي : ( اكتب باسمك اللهم ) ثم قال : ( هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله ) فقال سهيل : والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ، ولكن اكتب : محمد بن عبد الله ، فقال النبي : ( والله إني لرسول الله وإن كذبتموني ، اكتب : محمد بن عبد الله ) . قال الزهري : وذلك لقوله : ( لا يسألونني خطة يعظمون بها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها ) . فقال له النبي : ( على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به ) . فقال سهيل : والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة ، ولكن ذلك من العام المقبل ، فكتب ، فقال سهيل : وعلى أنه لا يأتيك منا رجل ، وإن كان على دينك إلا رددته إلينا . قال المسلمون : سبحان الله ، كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما ، فبينما هم كذلك إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده ، وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين ، فقال سهيل : هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي ، فقال النبي : ( إنا لم نقض الكتاب بعد ) . قال فوالله إذا لم أصالحك على شيء أبدا ، قال النبي : ( فأجزه لي ) . قال : ما أنا بمجيزه لك ، قال : ( بلى فافعل ) . قال : ما أنا بفاعل ، قال مكرز : بل قد أجزناه لك ، قال أبو جندل : أي معشر المسلمين ، أرد إلى المشركين وقد جئت مسلما ، ألا ترون ما قد لقيت ؟ وكان قد عذب عذابا شديدا في الله . قال : فقال عمر بن الخطاب : فأتيت نبي الله فقلت : ألست نبي الله حقا ؟ قال : ( بلى ) . قلت : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال : ( بلى ) . قلت : فلم نعطي الدنية في ديننا إذا ؟ قال : ( إني رسول الله ، ولست أعصيه ، وهو ناصري ) . قلت : أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به ؟ قال : ( بلى ، فأخبرتك أنا نأتيه العام ) . قال : قلت : لا ، قال : ( فإنك آتيه ومطوف به ) . قال : فأتيت أبا بكر فقلت : يا أبا بكر ، أليس هذا نبي الله حقا ، قال بلى ، قلت : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال : بلى ، قلت : فلم نعطي الدنية في ديننا إذا ؟ قال : أيها الرجل ، إنه لرسول الله ، وليس يعصي ربه ، وهو ناصره ، فاستمسك بغرزه ، فوالله إنه على الحق ؟ قلت : أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به ، قال : بلى ، أفأخبرك أنك تأتيه العام ؟ قلت : لا ، قال : فإنك آتيه ومطوف به . رواه البخاري 2731 لا حظ رحمني الله وإياك كلام أبي بكر لعمر بأنه كان موافق ومطابق لكلام الرسول غير أنه زاد فاستمسك به أي بطريقه وهديه مع أن أبا بكر لم يكن حاضرا الحوار الذي دار بين الرسول وبين عمر فهذا من توفيق الله جل وعلا لهذا الرجل. 6- { ثَانِيَ اثْنَيْنِ } في متابعتة النبي : حيث كان أبو بكر ملازما للنبي ملازمة تامة لا يفارقه إلا نادرا فعن ابن عباس قال: وضع عمر بن الخطاب على سريره [ لما طعن ] . فتكنفه الناس يدعون ويثنون ويصلون عليه . قبل أن يرفع . وأنا فيهم . قال فلم يرعني إلا برجل قد أخذ بمنكبي من ورائي . فالتفت إليه فإذا هو علي . فترحم على عمر وقال : ما خلفت أحدا أحب إلي ، أن ألقى الله بمثل عمله ، منك . وايم الله ! إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك . وذاك أني كنت أكثر أسمع رسول الله يقول " جئت أنا وأبو بكر وعمر . ودخلت أنا وأبو بكر وعمر . وخرجت أنا وأبو بكر وعمر " . فإن كنت لأرجو ، أو لأظن ، أن يجعلك الله معهما . رواه مسلم 2389 وكذلك ما روي عن أبي موسى الأشعري أنه قال: أن النبي دخل حائطا وأمرني بحفظ باب الحائط ، فجاء رجل يستأذن ، فقال : ( ائذن له وبشره بالجنة فإذا أبو بكر ، ثم جاء آخر يستأذن ، فقال : ائذن له وبشره بالجنة فإذا عمر ، ثم جاء آخر يستأذن ، فسكت هنيهة ثم قال ائذن له وبشره بالجنة ، على بلوى ستصيبه فإذا عثمان بن عفان .رواه البخاري 3695 7- { ثَانِيَ اثْنَيْنِ } في المشورة: كان النبي يقدم أبا بكر في المشورة على باقي أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين وكان ينزل على رأيه ومنها عندما استشاره في أسرى بدر فقال أبو بكر : أرى أن تمن عليهم أبناء العمومة. فأخذ بمشورته ونزل على رأيه. 8- { ثَانِيَ اثْنَيْنِ } في الكلام مع النبي : لا يجرأ أحد من الصحابة في الكلام بين يدي الرسول عدا أبو بكر . لما كان صلح الحديبية كان عروة بن مسعود يهيب النبي بقريش وهو يصف أصحاب النبي فقال: ما أرى هؤلاء الأوشاب وقد جاءت قريش بعدها وعديدها (يريد تخويفهم) إلا فروا وتركوك. فغضب أبو بكر الصديق غضبا شديدا وقال: أنحن نفر عنه، أمصص بظر اللات ( يعني فرج إلهك الصنم الذي تعبده) ، فغضب عروة وقال للنبي : من هذا الذي يقول عني ذلك؟؟ فقال النبي : هذا أبو بكر... فسكت عروة، ثم قال مستغربا أبوبكر، فقال نعم. فقال عروة: والله لولا أن يد لك علي أربها لك لرددت وعليك ولكن هذه بتلك. لأن كان لأبي بكر فضلا على عروة. 9- { ثَانِيَ اثْنَيْنِ } مع النبي في نظر الكفار: في غزوة أحد أشيع أن النبي قد قتل وبمجرد سماع الخبر توقف القتال والذي أشاع ذلك رجلا يقال له ابن قميئة افترق الجيشان وأقفل جيش مشركي قريش راجعا أراد أبو سفيان قائدهم أن يتأكد بنفسه فأشرف على الجبل ، ونادى : أفيكم محمد ؟ فلم يجيبوه ، فقال : أفيكم ابن أبي قحافة ؟ فلم يجيبوه . فقال : أفيكم ابن الخطاب ؟ فلم يجيبوه ، فقال : أما هؤلاء فقد كفيتموهم ، فلم يملك عمر نفسه أن قال : يا عدو الله ! إن الذين ذكرتهم أحياء ، وقد أبقى الله لك منهم ما يسوءك ، فقال أبوسفيان آالله يا عمر فقال عمر: آالله فقال أبو سفيان: والله لأنك ياعمر أصدق عندي من ابن قميئة. الشاهد من هذه الرواية بأن أول من سئل عنه أبو سفيان أبوبكر الصديق . فقد كانت مكانة هذا الرجل عظيمة بعد النبي حتى عند أعدائه. 10- {ثَانِيَ اثْنَيْنِ } في العلم: يعتبر أبو بكر الصديق من أعلم أصحاب النبي على الاطلاق وبلا استثناء وهذا بإجماع أهل العلم. يقول شيخ الاسلام : لا تعرف لأبي بكر فتوى واحدة أخطأ فيها. فهو رجل موفق فلا يعرف له خطأ في مسألة من مسائل من الشريعة، فكان لا يظهر خلافا إلا حسمه كما كان النبي خلاف غيره من الصحابة فقد ظهر الخلاف زمن عمر وزاد زمن عثمان وزاد أكثر زمن علي وهكذا إلى يومنا هذا بينما لم يختلف على الناس بين زمن الرسول وبين زمن خلافة أبو بكر وكان الناس يعلمون مكانة هذا الرجل علما ومكانة وفضلا ولذلك كانوا ينزلون على قوله ويقبلونه ولا يردون عليه بشيء. اختلف الناس عند وفاة النبي اختلاف شديدا وذهلوا من شدة الصدمة وهول الخبر ووقعه في قلوبهم، فهناك من يقول ما مات النبي كعمر بن الخطاب وقال: إنما غاب كما غاب موسى وسيرجع حتى يقطع أيدي وألسنة رجال من المنافقين، وأما علي ابن أبي طالب فقد لزم بيته وكذا عثمان ا ولا يدرون ماذا يقولون، أمات النبي حقا أم لم يمت من شدة الوجوم وعظم المصيبة. فقد ثبت عن ابن عباس ا أن النبي أنه قال: إذا أصاب أحدكم مصيبة ، فليذكر مصيبته بي ، فإنها من أعظم المصائب. صححه الألباني - صحيح الجامع 347. فقد أظلمت المدينة بهذه المصيبة العظيمة لا يدرون ماذا يفعلون وإلى من يلتجئون، وإنما يظهر الرجال وتظهر معادنهم ويظهر الثبات وتظهر القوة ويظهر الإيمان عند حدوث مثل هذه المصائب، عندما بلغ الخبر أبو بكر جاء من السنح فدخل على رسول الله وهو مسجى فكشف عن وجهه وقال: طبت حيا وميتا، ثم خرج إلى الناس وإذا عمر يمنع الناس من الحديث عن هذا الأمر ويقول: ما مات رسول الله ومن قال أنه مات ضربته بهذا السيف، فقد كان كل أصحاب النبي بلا استثناء يتمنون أن يموتوا ويبقى هو ويخلفهم ولا يخلفوه لشدة حبهم للنبي ، فجاء أبو بكر وقال اهدأ يا عمر ولكن عمر لا يلتفت إليه فتركه الصديق فصعد المنبر فاشرأبت أعناق الناس إلى هذا الرجل فهم لا يعرفون غيره بعد رسول الله يقوم مثل هذا المقام فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه : وقال : ألا من كان يعبد محمدا ، فإن محمدا قد مات ، ومن كان يعبد الله ، فإن الله حي لا يموت ثم تلا قوله تعالى: { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)}(آل عمران) فجثا عمر على ركبتيه وصفن الصحابة كلهم أجمعون ينظرون إلى أبي بكر الصديق حيث حسم الأمر واللغط الذي ساد بعد وفاة النبي يقول ابن عباس ا : فوالله لكأن الناس ما سمعوا بهذه اللآية ولا أنزلت إلا الآن فصار الناس يرددونها في سكك المدينة. لذلك كان أبو بكر أعلم الصحابة على الإطلاق فقد روى أبو سعيد الخدري أن رسول الله جلس على المنبر فقال : ( إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء ، وبين ما عنده ، فاختار ما عنده ) . فبكى أبو بكر وقال : فديناك بآبائنا وأمهاتنا . فعجبنا له ، وقال الناس : انظروا إلى هذا الشيخ ، يخبر رسول الله عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده ، وهو يقول : فديناك بآبائنا وأمهاتنا ، فكان رسول الله هو المخير ، وكان أبو بكر هو أعلمنا به ، وقال رسول الله : ( إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبا بكر ، ولو كنت متخذا خليلا من أمتي لاتخذت أبا بكر ، إلا خلة الإسلام ، لا يبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر ). رواه البخاري 3904 نعم فكان أبو بكر الصديق أعلم الناس بعد النبي بإجماع الأمة. وما اختلف الناس في شيء إلا وحسمه وأرضاه اختلفوا في مكان دفن النبي فقال أبو بكر : الأنبياء يدفنون حيث يموتون، فأزاحوا سرير النبي فحفروا ودفنوه . واختلفوا في قتال المرتدين وأصر على قتالهم. واختلفوا في قتال مانعي الزكاة فأصر أبو بكر على قتالهم، روى ابن أبي شيبة في مصنفه قال: حدثنا شريك عن إبراهيم بن مهاجر عن إبراهيم قال قال أبو بكر لو منعوني عقالا مما أعطوا رسول الله لجاهدتهم . 1/111 وإلى اليوم يحمد الناس كلهم فعل أبي بكر الصديق فصار ذلك إجماعا من الصحابة وتابعيهم جهز النبي قبل وفاته جيش أسامة لينتقم من قتلة أبيه زيد بن حارثة في مؤته فلما آلت الخلافة لأبي بكر أراد الناس ثني أبي بكر عن رأيه في إنفاذ جيش أسامة فأبى وأصر على رأيه وقال: والله لو عبثت الكلاب في خلاخيل أمهات المؤمنين والله لا أنزل راية رفعها رسول الله ، وإلى اليوم يحمد الناس رأي وصنيع أبي بكر 11 ـ {ثَانِيَ اثْنَيْنِ } في محبة النبي له كان أبو بكر الصديق رضي الله أحب أصحاب النبي له روى الترمذي في سننه من حديث أنس بن مالك أن رسول الله سئل: يا رسول الله من أحب الناس إليك قال عائشة قيل من الرجال قال أبوها. ومن المواقف التي أثبتت مكانة الصديق عند النبي في الخلاف الذي وقع بين أبي بكر وبين عمر ، ففي الصحيح عن أبي الدرداء قال: كنت جالسا عند النبي إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه ، حتى أبدى عن ركبته ، فقال النبي : ( أما صاحبكم فقد غامر ) . فسلم وقال : إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء ، فأسرعت إليه ثم ندمت ، فسألته أن يغفر لي فأبى علي ، فأقبلت إليك ، فقال : يغفر الله لك يا أبا بكر ثلاثا ، ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر ، فسأل : أثم أبو بكر ، فقالوا : لا ، فأتى إلى النبي فسلم ، فجعل وجه النبي يتمعر ، حتى أشفق أبو بكر ، فجثا على ركبتيه فقال : يا رسول الله ، والله أنا كنت أظلم ، مرتين ، فقال النبي : إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت ، وقال أبو بكر صدق . وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي مرتين ، فما أوذي بعدها. رواه البخاري 3661 فيتبين مما سبق بأن لصحبة أبي بكر مزية منفردة خاصة تختلف عن صحبة باقي الصحابة رضي الله عن الجميع فعثمان صاحبه وعلي صاحبه و خالد صاحبه وأنس ومعاذ وسلمان وعمار وأبو موسى وغيرهم من الصحابة، غير أن أبا بكر له صحبة خاصة بل هو من خاصة الخاصة. ولعل هذا الموقف هو الذي جعل عمر يقول في سقيفة بني ساعدة يوم مبايعة أبا بكر " لأن تضرب عنقي أحب إلي أن أتقدم على قوم فيهم أبو بكر". رضي الله عن الصحابة أجمعين 12-{ ثَانِيَ اثْنَيْنِ } في الإمامة بالصلاة: إن استخلاف النبي أبا بكر في الصلاة كان من أكبر الدلائل وأبين البراهين في النص على أن أبا بكر هو الخليفة من بعد النبي ، لما مرض النبي في مرضه الذي توفي فيه كان الناس ينتظرون خروج النبي ليصلي بهم فقال لمن كان معه في البيت قربوا لي الماء فتوضأ متهيئا للخروج للصلاة فسقط مغشيا عليه فلما أفاق قال أصلى الناس قالوا هم ينتظرونك فقال قربوا لي الماء فتوضأ في الثانية فسقط مغشيا عليه فلما أفاق قال أصلى الناس قالوا هو ينتظرونك فقال قربوا لي الماء فتوضأ في الثالثة فسقط مغشيا عليه فلما أفاق قال أصلى الناس قالوا هم ينتظرونك فقال : مروا أبو بكر فليصلي بالناس. وعن عبدالله بن زمعة قال: لما استعز بالنبي وأنا عنده في نفر من الناس دعاه بلال إلى الصلاة، فقال رسول الله : مروا أبا بكر يصلي بالناس، قال فخرجنا، فإذا عمر في الناس، وكان أبو بكر غائباً، فقلت: يا عمر، قم فصل للناس، فتقدم فكبر، فلما سمع النبي صوته وكان عمر رجلاً مجهراً قال: فأين أبو بكر؟ يأبى الله ذلك والمسلمون، يأبى الله ذلك والمسلمون، يأبى الله ذلك والمسلمون، فبعث إلى أبي بكر، فجاء بعد أن صلى عمر تلك الصلاة، فصلى بالناس. زاد في رواية قال: لما أن سمع النبي صوت عمر.قال ابن زمعة، خرج النبي حتى أطلع رأسه من حجرته، ثم قال: لا، لا، لا، ليصل بالناس ابن أبي قحافة.. يقول ذلك مغضباً. أخرجه أبو داود وهو حديث حسن. 13- { ثَانِيَ اثْنَيْنِ } في الخلافة: مر بنا استخلاف النبي لأبي بكر في الصلاة وهي اشارة وتلميحا لأن يكون خليفة من بعده. وحادثة أخرى تثبت أن النبي قد نص على أبي بكر في الخلافة وذلك من حديث جبير بن مطعم قال: أن امرأة سألت رسول الله شيئا . فأمرها أن ترجع إليه . فقالت : يا رسول الله ! أرأيت إن جئت فلم أجدك ؟ - قال أبي : كأنها تعني الموت - " فإن لم تجديني فأتي أبا بكر ". رواه مسلم وهذا دليل صريح واضح ونص قاطع بأن النبي قد نص على استخلاف أبي بكر من بعده. 14- { ثَانِيَ اثْنَيْنِ } في معية الله: وهذه الأخيرة هي من أعظم ما ذكرنا حيث خص الله سبحانه وتعالى أبا بكر الصديق بمعيته من دون سائر الخلق غير الأنبياء ، فلم يخص الله بمعيته إلا أنبياءه عليهم الصلاة والسلام وأبو بكر الصديق ، بقوله {إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا } أنا وأنت فقط وتعني أن الله مع النبي وأبا بكر الصديق بتأييده ونصرته وحفظه لهما، ما قالها الله لأحد سوى الأنبياء إلا لأبي بكر الصديق . معية الله ثلاثة أنواع: 1- معية عامة: أي أن الله مع مخلوقاته بعلمه سبحانه وتعالى قال جل وعلا: { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (8)}(المجادلة). 2- معية خاصة بوصف : أي أن الله مع بشر خصهم بوصف معين كالتقوى والإحسان والإيمان والصبر : قال تعالى:{ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)}(النحل). وقال تعالى:{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصابرين (153)}(البقرة). 3- معية خاصة بشخص: وهي أن يخص الله شخصا بعينه دون سواه وذلك في قوله جل وعلا لموسى وهارون عليهما السلام لما أمرهما بالذهاب لدعوة فرعون :{ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45) قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46)}(طه) . فهنا خص الله المعية في موسى وهارون مع أنه جل وعلا مع فرعون بعلمه ولكنه تخصيص موسى وهارون عليهما السلام بالنصرة والتأييد. نعم فهو {ثَانِيَ اثْنَيْنِ } مع النبي كما بينا، فالحديث عن هذا الرجل يثير الشجون التواقة لسماع فضائل هذا الرجل الموفق والمتصف بصفات الأنبياء غير أنه ليس منهم ولكن الله أكرمه بمنزلة عظيمة فجعله أعلى مراتب الفضل بعين البشر بعد الأنبياء عليهم السلام . فقد ذكرنا أفضال هذا الرجل فقط من خلال آية واحدة فقط، فلم نذكر جهاده ودعوته وفضله حيث أكرمه الله في أن أسلم على يديه خمسة من المبشرين بالجنة فكل دعوة ونفقة وجهاد لعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد تصب في ميزان حسنات أبو بكر الصديق لأنه هو صاحب الفضل في اسلامهم. وفي الختام أرجو من الله أن يتقبل عملي هذا وإني والله لأحقر أن أتكلم وأذكر فضائل هذا الجبل الشامخ الذي قال فيه ربه جل وعلا: { وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17)}(الليل) ولم يقل التقي بل هو أتقى البشر بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، أسأل الله العلي أن يحشرنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
الموضوع الأصلي: { ثَانِيَ اثْنَيْنِ } الصاحب في الغار خير البشر بعد الأنبياء || الكاتب: تــقــى || المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد
المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد V eQhkAdQ heXkQdXkA C hgwhpf td hgyhv odv hgfav fu] hgHkfdhx
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 : | |
لا يوجد أعضاء |
|
|