س: ما قولكم فيما يتداوله البعض على قنوات التواصل في هذه الإيام من قولهم الدين لله والوطن للجميع؟
ج: الحمد لله؛ وصلى الله وسلم على محمد، أما بعد:
فهذه مقولة شائعة على ألسنة الجهلة الذين لا يعقلون معناها، ومنهم من يقصد معنى خبيثا، وهو أن الدين يختص في معاملة العبد لربه في عبادته، فالدين هو حق الله، وأما المعاملات الاجتماعية التي تنبني على العلاقات العامة كالوطنية والإنسانية، فلا تعلق للدين بها، فيشترك في هذه العلاقات جميع من ينتمي لهذا الوطن، دون فرقان بين بر وفاجر، ومؤمن وكافر، وهذا المعنى ضرب من الإلحاد؛ لأنه يتضمن فصل شؤون الناس الدنيوية عن حكم الدين الذي هو شرع الله، الذي يجب تحكيمه في كل الشؤون؛ الدينية والدنيوية، والخاصة والعامة، السياسية والاجتماعية والوطنية والاقتصادية، فهذه المقولة تحمل معنى فصل الدين عن الدولة، وتتضمن شبهة لأصحاب الأهواء الداعين إلى التعايش مع أهل السنة بناء على الاشتراك في الوطنية وإلغاء الفوارق الدينية.
ثم نقول: إن الوطن ـ وهو الأرض وما عليها ـ هي خلق الله وملكه، والدين حكمه وشرعه، فوجب أن يكون الدين كله لله، حكما ومعاملة، وأن يكون الوطن كله لله ملكا وحكما وتدبيرا، فالمال مال الله، والأرض لله، والحكم كله لله، قال تعالى: (وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ)، وقال سبحانه: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ)، وقال تعالى عن موسى: (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)، فتبين مما تقدم أن إطلاق هذه المقولة حرام، فاحذر أيها المسلم من إطلاق هذه الكلمات التي لا تعلم ما تحمله من معان تناقض إيمانك بالله وبرسوله ، بل عليك أن تنكر على من يطلقها، خصوصا إذا عرفت منه أنه يريد معناها الباطل المناقض لعقيدة الإسلام ، والله أعلم.