بيت الكتاب والسنة خاص بتفسير القرآن وأحكامه وتجويده وأيضاً علم الحديث وشرحه |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
21-04-14, 04:19 AM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
بيت الكتاب والسنة
يقول تعالى في محكم تنزيله: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 63]. إن الأمر بأخذ الكتاب بقوة قد جاء في كتاب الله تعالى ثلاث مرات، مرتين في سورة البقرة، ومرة في سورة الأعراف، ومثل هذا التكرار لهذا الجزء من الآية ينبغي أن يقف العبد عنده وقفة تأمل؛ لأنه ليس هناك شيء جاء عبثا في كتاب الله، وليس تكرار إلا وله فائدة تستفاد. إن الأمر بأخذ الكتاب بقوة أمر للمؤمن بان يكون قويا في دينه، قويا في اعتقاده، صلبا في تمسكه، لا يستقيم أن يدين العبد بدين الله الحق، ثم تراه يتصرف تصرفات تدل على ضعفه. ولأن الآية نزلت في بني إسرائيل، فإننا يمكن أن نرى كيف أنهم لم يأخذوا الكتاب بقوة، فإن الأمة الغضبية، قد خالفت هذا الأمر الإلهي بأفحش الصور، وأسوأ الطرق، ويستطيع المتأمل أن يرى هذه المخالفات في صورتين: الأولى: الشك في دين الله: لا شك أن من معاني أخذ الكتاب بقوة، الثقة بكل ما فيه، والامثتال لكل أمر به، وتصديق كل وعد فيه، فهو الحق الذي لا مرية فيه ولا ريب، وإذا كان العبد بهذا الإيمان، فإن هذا يظهر على كل أمر يمتثله، حيث تراه معتزا به، قويا في تنفيذه، شديدا على من يخالفه، مدافعا عنه بقلبه وروحه. ولكن بني إسرائيل لم يأخذوا الكتاب بقوة، فكم قص علينا القرآن تشككهم، فانظر لما قالوا: (أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً) [النساء: 153]، كبرت كلمة تخرج من أفواههم، وهل يدل هذا إلا على شكهم، وأنهم ما قدروا الله حق قدره. وانظر حالهم لما اتخذوا العجل إلها من دون الله، وهل يكون ذلك إلا شكا، وعدم تصديق؟!! أويمكن أن يكون نبي الله موسى لم يبين لهم معبودهم حتى اشتبه عليهم بعجل؟! اللهم لا! بل القوم مكذبون، فاسمعهم لما قالوا: (هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ) [طه: 88]، فالقوم ما أخذوا الكتاب بقوة، بل كانوا متشككين. ولما كان في قصص القرآن عبرة، فإن المسلم ينبغي أن يكون على ثقة من دينه، غير شاك فيه، مصدقا لكل وعد فيه، موقنا بكل خبر أتاه منه، قويا في عقيدته، لا يخاف فيها لومة لائم، وقد ضرب لنا نبي الله نوح أروع مثال لذلك حين كان يبني السفينة، فقال تعالى: (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ) [هود: 38]، فانظر إلى تلك القوة، فلم يكن من نوح لما سخر منه قومه لكونه يصنع فلكا في صحراء، وذلك أمر في غريب لمن يشاهده، ولكن لما هذا نوح عالم أن هذا أمر من الله، وأنه حق وصدق، وغلب ذلك على قلبه، لم يكن منه أن قابل سخريتهم بالصبر فقط، وإنما قابلهم بسخرية مثلهم. إنه اليقين في الله، والثقة بوعده، وتحقيق معنى إسلام الوجه له سبحانه. الثاني: امثتال أمره تعالى بقوة وعزة: فإن من أخذ الكتاب بقوة، أن يكون المؤمن مسارعا لتنفيذ أمر الله، معتزا به، لا يخشى فيه نظر أحد، ولا يخاف لوم لائم، لأنه موقن أنه الحق، فلا ينتباه خوف من أمر الله، ولا يثيره كثرة مخالف، ولا وحشة طريق، بل هو ماض في طريقه وإن كان وحده، وكعادة القوم؛ لم يترك بنو إسرائيل هذا الباب إلا وولجوه، ولا هذا الستر إلا وهتكوه. فتأمل حالهم لما أمرهم نبي الله موسى أن يدخلوا بيت المقدس، ووعدهم بالنصر، وبشرهم بسكناها، وقد عاشوا سنين تحت وطأة الكفر، وتشتاق كل نفس سوية إلى وطن آمن تحيا فيه، فما كان منهم أن قالوا: (يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ) [المائدة: 24]، أي ضعف كانوا فيه، وأي خذلان خذلوا به دين الله. وتأمل أنواع معاصيهم الأخرى الكثيرة التي ملأت الآفاق، وسطرها التاريخ، وحكاها القرآن عنهم، تجد أن القوم مازالوا آخذين كتاب الله إليهم بضعف واستخذاء وعدم يقين، خلافا لأمر الله تعالى لهم أن يأخذوا هذا الكتاب بقوة. وأختم بموقف خلاف ما كان من بني إسرائيل، موقف لقدوتنا، النبي وأصحابه، فقد روى ابن حبان عن أنس قال : "خرج النبي صلى الله عليه و سلم يوم سار إلى بدر فجعل يستشير الناس فأشار عليه أبو بكر رضوان الله عليه ثم أستشارهم فأشار عليه عمر رضوان الله عليه فجعل يستشير صلى الله عليه و سلم فقالت الأنصار : والله ما يريد غيرنا فقال رجل من الأنصار أراك تستشير فيشيرون عليك ولا نقول كما قال بنو إسرائيل (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا) ولكن والذي بعثك بالحق لو ضربت أكبادها حتى تبلغ برك الغماد كنا معك".[1] وجاء عند البخاري من حديث ابن مسعود : شهدت من المقداد بن الأسود مشهدا لأن أكون صاحبه أحب إلي مما عدل به،ـ أتى النبي وهو يدعو على المشركين، فقال: لا نقول كما قال قوم موسى (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا) ولكنا نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك، فرأيت النبي أشرق وجهه وسره، يعني: قوله".[2] فانظر كيف أخذ الصحابة ومعهم رسول الله كتاب ربهم بقوة، كيف كانت عزيمتهم في الدفاع عن دين الله، وتمسكهم بشرعه، لم يشكوا ولم يرتابوا، فكانوا كما ذكر الله تعالى – وفيه جماع الأمر كله -: (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) [آل عمران: 146]. نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى، وأن يجعلنا ممن يأخذون كتابه بقوة، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. [1] صحيح ابن حبان (11/23) [2] صحيح البخاري (1/154) المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد o`,h lh Njdkh;l fr,m |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 1 : | |
عزتي بديني |
|
|