ما هي الطريقة المثلى لحفظ الحديث النبوي؟
الحديث النبوي أولاً: مسألة الحفظ لا غنى عنها بالنسبة لطالب العلم، فلا علم إلا بحفظ، والطلاب عموماً منهم من يتميز بحافظة تسعفه بحيث إذا أراد حفظ شيء سهل عليه ذلك، ومنهم من لا يستطيع، ومنهم من بين ذلك، فالذي تسعفه الحافظة يحفظ على الطريقة المعروفة الجادة، الأربعين ثم العمدة ثم البلوغ أو المحرر، ثم يبدأ بالكتب الكبيرة المسندة، بدءً بالبخاري ثم مسلم ثم أبي داود ثم الترمذي ثم النسائي ثم ابن ماجه، ثم بعد ذلك إلى ما فوقها، وإن حفظ على الطريقة المشتهرة الآن من طلاب العلم يحفظ من البخاري أولاً غير المكرر بدون أسانيد، هذا يريحه من كثير من الأمور التي المقصد منها الوصول إلى المتن، ثم يحفظ زوائد مسلم، ثم زوائد أبي داود على الطريقة التي يتبعها الإخوان جزآهم الله خيراً، الذين سنوا هذه السنة الحسنة، ويرجى لهم أجرها وأجر من عمل بها، بعد أن مضت عقود بل قرون على اليأس من حفظ السنة، شباب يحفظون زوائد المسند، زوائد الموطأ، زوائد..، يعني هذا كله بعد أن ضمنوا الكتب الستة، وسمعت من يحفظ زوائد البيهقي الآن والحاكم، المقصود أن هذه سنة حسنة فتحت آمال وأفاق أمام طلاب العلم الذين كانوا يظنون أنهم كانوا على يأس تام من حفظ السنة، فمن كانت الحافظة تسعفه فليسلك هذه الطريقة، وهي طريقة جيدة، وإن كان الحفظ السريع هذا يفقد بسرعة كما هو معروف، لكن بالمتابعة متابعة المراجعة والمذاكرة لا شك أنه يثبت العلم.
يبقى مسألة التفقه من هذه المتون التي حفظت، وهو في سن الطلب في سن الصغر لا مانع من أن يكثر الطالب من الحفظ، ثم بعد ذلك يلتفت إلى الفهم والاستنباط، مستعيناً بشروح الأئمة المعتبرين عند أهل العلم، وطالب العلم الذي يقتصر على حفظ المتون فإما ألا يستنبط أو يخطئ في الاستنباط، لا بد أن يكون له سلف في فهم النصوص، لا بد أن يكون له سلف في فهم النصوص، يكون من طريق أهل العلم وفهمهم، وخير ما يعتمد عليه في هذا الباب فهم السلف للنصوص، سواء كانت من القرآن أو من السنة، وشروح الأئمة المعتبرين الذين تلقت الأمة شروحهم بالقبول، وراجعوها، وأفادوا منها لا شك أنها تفيد، والطالب الذي يدمن النظر في الشروح بعد حفظ المتون، لا شك أنه يتولد لديه ملكة لفهم السنة، والاستنباط منها، ولا شك أن العمر لا يستوعب كل شيء، فإذا أراد أن يعنى بالحفظ ويحفظ كل شيء ضاع عليه مسألة الفهم والاستنباط، أو العكس بعض الناس يقول: الغاية من النصوص الاستنباط، فيعنى بالاستنباط ثم يضيع عليه العمر ما حفظ شيء، كما هو حال كثير من الجيل الذي تقدمكم، الجيل الذي سبقكم ما هو بجيل حفظ، كانوا على يأس من الحفظ، حتى أنه بين الطلاب طلاب العلم الذين هم قبل الأربعمائة، يعني في العقد الأخير من القرن الماضي لو قيل: إنه يندر فيهم حفظ القرآن ما هو ببعيد، فضلاً عن حفظ السنة وغيرها، المقصود أنكم عشتم في ظرف -ولله الحمد- فتحت لكم فيه الأفاق والآمال، ويُسرت الأسباب، فاغتنموا قبل فوات الأوان، قبل أن تشغلوا بأنفسكم وبغيركم أو بالمعيشة، النعم التي نعيشها من يضمن استمرارها، الأيام دول، كان الناس في السابق قبل نصف قرن -لا نروح بعيد- كثير منهم لا يستطيع أن يطلب العلم لأمور المعيشة، يحول دونهم ودون طلب العلم السعي وراء المعيشة، وراء الأكل والشرب، فأنتم -ولله الحمد- تهيأت لكم الأسباب، ويسرت لكم الأمور، وتوافرت لكم أسباب المعيشة، فما عليكم إلا أن تغتنموا هذا العمر بالحفظ والفهم، يُجعل وقت للحفظ ويكون في هذا السن نصيب كبير، بحيث إذا ضعفت الحافظة وكثرت المشاغل يكون الإنسان عنده رصيد يأوي إليه ويرجع إليه.
فالمؤمل من الإخوان كلهم العناية بهذا الجانب، حفظ القرآن وحفظ السنة، وفهم ما يعين على فهم الكتاب والسنة، مراجعة الشروح، نعم مراجعة الشروح وإن كانت طويلة، طويلة صحيح الشروح تحتاج إلى..، بعض الشروح تحتاج إلى سنتين متواصلتين، فنعنى بهذا ونهتم به على طريقة أهل العلم المعروفة، بعض الناس لا يقرأ الشروح إلا عند الحاجة، إذا أشكل عليه معنى حديث راجعه، لكنه إذا قرأ شرحاً تاماً صار عنده تصور كامل للكتاب، وصارت لديه أهلية، وحفظ مسائل، وأدرك بعض المسائل التي يستدل بها على البعض الآخر، المقصود أن هذا مهم جداً بالنسبة لطالب العلم.
م/ موقع الشيخ / عبد الكريم الخضير _ حفظه الله _