قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن لبعض إخوانه من طلبة العلم:
والذي أوصيكم به جميعاً ونفسي: تقوى الله تعالى، والإخلاص لوجهه الكريم في طلب العلم وغيره، لتفوزوا بالأجر العظيم. وليحذر كل عاقل أن يطلب العلم للمماراة والمباهاة، فإن في ذلك خطراً عظيماً؛ ومثل ذلك طلب العلم لعرض الدنيا والجاه، والترأس بين أهلها وطلب المحمدة، وذلك هو الخسران المبين، ولو لم يكن في الزجر عن ذلك إلا قول الله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سورة هود آية: 15-16] .
وفي حديث أنس مرفوعاً: " من تعلم العلم ليباهي به العلماء، أو ليجاري به السفهاء، أو ليصرف به وجوه الناس إليه، فهو في النار "
. وهذا القدر كاف في النصيحة؛ وفقنا الله وإياكم لحسن القبول.
وقد بلغني أنكم اختلفتم في مسائل، أدى إلى التنازع والجدال، وليس هذا شأن طلاب الآخرة؛ فاتقوا الله وتأدبوا بآداب العلم، واطلبوا ثواب الله في تعلمه وتعليمه، وأتبعوا العلم بالعمل فإنه ثمرته، والسبب في حصوله كما في الأثر: من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم; وكونوا متعاونين على البر والتقوى. ومن علامات إخلاص طالب العلم: أن يكون صموتاً عما لا يعنيه، متذللاً لربه، متواضعاً لعبادته، متورعاً متأدباً، لا يبالي ظهر الحق على لسانه أو لسان غيره، لا ينتصر ولا يفخر، ولا يحقد ولا يحسد، ولا يميل به الهوى ولا يركن إلى زينة الدنيا .