05-03-15, 03:50 PM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
بيت القصـص والعبـــــــر
حكايةُ وردةٍ معاصرةٍ (قصة رمزية) بقلم / تألق أطلت الشمس بخيوطها الذهبية تداعب وردات الحقل، النائمة الحالمة، فتحت الوردات أعينها وتمطّت في مهادها تنفض عنها بقايا النوم، وجاء راعي الحقل بأهازيجه الصباحية يناغي بها ورداته الجميلات، وبيده دلو يرشُّ الماء عليها لتنشط من نومها وتبقِي على حيويتها. قالت إحدى الوردات لأخواتها معلنة غضبها: لقد سئمت البقاء هنا خلف أسوار الحقل، آه، كم أشتاق أن أخرج لأرى العالم. أرى الشمس التي تتسلل كل صباح علينا كالغريب، وأتعرّف على الهواء الذي لا نعرف منه إلا نسماته، أريد أن أرعى نفسي بنفسي، لماذا علي أن أنتظر الشمس حتى تمنَّ علي بأشعتها؟ ولماذا أنتظر راعي الحقل لينفح علينا من مائه أو يحنو علينا بيده؟ أريد أن أخرج وأعمل لأحقق ذاتي بذاتي ،وأشعر بوجودي وحياتي. وظلت الوردة ساعات النهار وطول المساء تفكر وتخطط لحياتها الجديدة دون أن تنظر فيما يناسبها ولا في عواقب الأمور. وفي صباح اليوم التالي استيقظت الوردة مبكرا، تسابق الشمس قبل طلوعها، ما زالت النجوم مرصعة في أفق السماء تنظر باستغراب لهذه الوردة في هذا الوقت. وقفت أمام المرآة تصلح من شأنها ويممت وجهها نحو الخارج، مشتْ مزهوّة خارج الحقل قائلة لقريناتها وقد رفعت صوتها: إن هواء الحرية -وإن كان مغبرا- إلا أن له نشوة أخرى. ياه ما أروعه. مشت الوردة إلى حيث تطلع الشمس تريد أن تأخذ بنفسها خيوطا من أشعتها الذهبية قائلة في نفسها: إن بحثي عن غذائي بنفسي دليل على الاستقلال ونبذ للوصاية المقيتة. ثم أخذت شهيقا ملأت به رئتيها. بدأ العرق يتصبب منها وأخذ منها التعب وتساءلت: لم الشمس اليوم أشد حرا؟ وتذكرت أنها حين كانت في الحقل كان الراعي يظلل على ورداته بحيث تأخذ من الشمس ما يكفيها فحسب. وأثناء سيرها وجدت نهرا تتماوج مياهه كطيات حرير أبيض فألقتْ بنفسها على شاطئه لتغسل عنها نصب السير ، وأثناء اغتسالها ماج النهر فجأة فقذف بها على صخرة ففقدت لأجل ذلك إحدى بتلاتها الجميلة. انتحتْ جانبا ونظرت لبتلتها ملاقاة على الأرض فأشفقت على نفسها لشدة ما لاقت، أرخت رأسها على جذع شجرة وأخذت تبكي، ثم هبّ نسيم عليل جفف دمعاتها ، وتذكرت على إثر هذا عزمها على خوض الحياة بكل قوة دون الحاجة لمساعدة أحد فقامت وكأن شيئا لم يكن. وحين أرخى المساء ثوبه الفضي عادت الوردة لحقلها مُظهرة زهوّها بما قامت به دون غيرها. وهي عازمة أن تحدث بقية الوردات بمغامرتها اليوم وكيف فعلت ما لم يفعله غيرها. ولاحظت الوردات أن أختهن فقدت إحدى بتلاتها ولكن لم يجرؤن على سؤالها لأنهن يعرفن صلافة تفكيرها، خاصة أنها دخلت الحقل دون أن تبدي أي استياء لما حدث لها. وظلت طول الليل تحكي لهن بهجة الدنيا الخارجية وتحثهن أن يحذين حذوها، وقالت بكل عجب: غدا سأزور الحقول المجاورة حتى يراني الجميع. وفي اليوم التالي كعادتها خرجت الوردة مبكرا رغم ما سمعته من تحذير باحتمال هبوب عاصفة، ولكنها لم تأبه وخرجت تمرح بين الحقول المجاورة وتتعجب من بقاء الورود بأنواعها خلف أسوار السجن كما تردد دائما، وتقول في نفسها وهي ممتعضة: إلى متى نظل نحن الورود حبيسات الآسوار ، كل ما نريده يأتي إلينا دون أن نشارك في هذه الحياة الواسعة؟ إلى متى نوصَف بالضعف واللين حتى ظننا فعلا أننا لا نستطيع القيام بشيء؟ لابد من كسر القيود لابد من تخطي الأسوار لابد من تحطيم الحواجز وهنا هبّت العاصفة التي جاء التحذير منها ، وتشبثت الوردة بأحد أسوار الحقول التي كانت بجانبها، وأخذت الريح تتلاطم كأمواج البحر ، واشتد هبوب الأتربة حتى صار النهار ليلا ، والوردة قد بلغ بها الخوف والهلع كل مبلغ ، وما زالت متمسكة بالسور، ترنًّحها الريح يمنة ويسرة، واستمرت الريح تزأر لساعات. وبعد أن سكنت الريح وتلاشت عاصفة الغبار ولملمت الشمس بقاياها صحت الوردة من إغمائها ونظرت حولها وهمًّت بالقيام فلم تكد ؛. إذْ هالها ما رأت من نفسها لقد تمزّق معظمها وذهب سحيقا إلا بقاياها المتعلق بالسور. المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد p;hdmE ,v]mS luhwvmS L rwm
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 2 : | |
تألق, خواطر موحدة |
|
|