كيف تُدْرَسُ البلاغةُ؟ / مقالٌ بلاغيّ

**تألق** · 19-05-15, 10:44 PM

كيف تُدْرَسُ البلاغةُ؟
(المقال عن تجربة ذاتية في دراسة البلاغة وتدريسها)
البلاغة أحد أقطاب علوم اللغة العربية، وهي وثيقة الصلة بالقرآن الكريم والسنة النبوية، ومنها يُدْخَل إلى رحاب المعاني التي تنطوي عليها المفردات والتراكيب.
والبلاغة قمّة لا يوصَل إليها إلا بمراقٍ توطَأُ بتأنٍّ، شأنها شأنُ أي علم وفن. وهي تضم تحتها ثلاثة فنون: المعاني والبيان والبديع، وعليه فكلّ فنّ منها له باب إذا أتقنته تفيَّأْتَ البلاغة بكل ارتياح، بل وتبلغ بك السعادة بهذا العلم كل مبلغ؛ إذ كل باب هو علم بذاته، فمن حاز البلاغة حاز جُلَّ علوم اللغة بلا مبالغة وإليك التفصيل:
التعريف بأقسام علوم البلاغة والمدخل لكل قسم:
أولا: علم المعاني "هو علم يعرف به أحوال اللفظ العربي والتي يطابق بها مقتضى الحال"
هذا العلم يدرس (أحوال الإسناد) وتراكيب الكلام والأسرار التي تنطوي تحت كل تركيب، والسبب في اختيار هذا التركيب في هذا المقام، والمقصود من أحوال الإسناد: الأحوال التي تعترض الجملة العربية من: تقديم وتأخير/ تعريف وتنكير/ الذكر والحذف، ويدرس الفصل الوصل والإيجاز والإطناب...إلخ.
وكل هذه المسائل بابها الأعظم هو: علم النحو، إذ النحو "يبحث في أصول تكوين الجملة" وغايته أن "يحدد أساليب تكوين الجمل ومواضع الكلمات ووظيفتها فيها" لذا قام الدكتور السامرائي بشرح النحو من جهة المعاني ولم يقف على القواعد النحوية الظاهرية فقط، وسمى كتابه "معاني النحو" وهذا من فقهه وفقه الله، فمن أتقن علم النحو سهُل عليه علم المعاني، والصعوبة التي يجدها دارس علم المعاني أو حتى القارئ فيه مكمنها ضعفه في علم النحو.
ثانيا: علم البيان " اُصول وقواعد يُعرف بها ايراد المعنى الواحد بطرق متعدّدة وتراكيب متفاوتة: من الحقيقة والمجاز، والتشبيه والكناية"
فعلم البيان يدور حول الصور والأخيلة التي توجد في التشبيه والمجاز والكناية، يمكن القول أنه علم مكانه الخيال الخصب، وبابه الأعظم هو: علم الأدب شعرا ونثرا، فمن أكثر القراءة في كتب الأدب خَصُبَ خياله، وعرف مقاصد العرب من التشبيه وأنواعه، وفهم المجاز على حقيقته وتخلّص من الخلافات التي تدور حوله، واستقبل النصوص بوعي تام.
ثالثا: علم البديع " هو علم يعرف به وجوه تحسين الكلام. "
هو علم يتعلق بالتحسين والزخرفة لمعانٍ مقصودة، وهو شديد الصلة بالمفردة وما يتعلق بها من: معنى وجرس، وما يعتريها من تقلبات اشتقاقية وعلاقتها بما يشبهها أو يضادها... إلخ.
وعليه فبابه الأعظم هو: علم المعاجم وفقه اللغة. فمن أتقنهما انقاد له علم البديع وتخلص من التكلفات البديعية التي يتكلفها بعض الكتّاب.
المختصر:
مفاتيح علوم البلاغة:
علم المعاني مفتاحه: النحو
علم البيان مفتاحه: الأدب
علم البديع مفتاحه: المعاجم وفقه اللغة
وعليه فقبل أن تدخل لرحاب البلاغة تفيأ أولا تحت ظلال وسائلها.
والله الموفق.

تألق