العودة   شبكــة أنصــار آل محمــد > قســم الموسوعة الثقافية > بيت الـلـغـة العــربـيـة

بيت الـلـغـة العــربـيـة هنا لغة العقيدة، وسياج الشريعة، وهوية كل مسلم

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-07-15, 02:52 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
تألق
اللقب:
عضو
الرتبة


البيانات
التسجيل: Apr 2011
العضوية: 2735
المشاركات: 6,427 [+]
الجنس: انثى
المذهب: سني
بمعدل : 1.31 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 33
نقاط التقييم: 729
تألق مبدعتألق مبدعتألق مبدعتألق مبدعتألق مبدعتألق مبدعتألق مبدع

الإتصالات
الحالة:
تألق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : بيت الـلـغـة العــربـيـة

أفكارُ الكاتبِ على طَبَق من لُغَة – أ.د. عبدالرحمن بودرع



ما من كاتبٍ إلاّ ويتقدّمُ إلى قارئه، أو يُقدّمُ نفْسَه إليه، على طَبَقٍ من لُغةٍ، فمَطيّتُه الألفاظُ والتَّراكيبُ والمَجازاتُ والاستعاراتُ، ولعلَّ السَّببَ في ذلِكَ أنّ رُتبةَ الوُجودِ التي يتمتّعُ بها اللّفظُ –في وَهْمِ المُتكلّمِ- أرْقى وأكثرُ واقعيّةً من رُتبةِ وُجودِ الشّيءِ، وأنّ «العالَم الإنسانيّ ليسَ عالَمَ إحساساتٍ ورُدودِ أفْعالٍ بَل هو عالَمُ أفكارٍ وتَحْديداتٍ لفظيّةٍ» (1)؛ وذلِك لأنّ الكلمةَ تخْلَعُ على الشيءِ ذاتيتَه ووُجودَه (2) ، وتُتيحُ للإنسانِ الانتقالَ من حالَةِ الاضْطرابِ والفَوْضى إلى حالةِ النّظامِ، وأن يتصرّفَ بالكلمةِ من بُعْد، وهو مُنفصلٌ عن عالَم الأشياءِ، يُقلِّبُ العالَمَ كيفَ يَشاءُ، فيُحَسِّنُ القَبيحَ باللّغةِ إذا أرادَ، أو يُقَبِّحُ الحَسَنَ، فرُبّ قُبْحٍ عندَ شخصٍ هو حُسنٌ عندَ غيْرِه، وقد يكونُ وهماً عندَ ثالثٍ. وباللُّغةِ أيضاً يُركِّبُ من القِطَعِ المُتَباعداتِ بناءً مُتّسقاً وعالَماً متحضّراً؛ إذْ يُحوّلُ التّجارِبَ والفِكَرَ والذّكْرى إلى عالَمٍ من المَقالاتِ، ومهمّةُ تلكَ المَقالاتِ والعباراتِ أنّها تؤلِّفُ بين الأشياءِ وتُركِّبُ وتُعدِّلُ وتُقدّمُ وتؤخِّرُ . فالكلمَةُ قُوّةٌ نافذةٌ مؤثّرةٌ ومُغيّرةٌ قبْلَ أن تَكونَ مُجرّدَ تسميةٍ مَوضوعيّةٍ، وحَقيقَةُ الكلمةُ قائمةٌ في ذاتِ الكاتبِ أكثرَ منْ مُثولِها في ذاتِها، فهي مُتلبِّسةٌ بِذاتِه مُتحرّكةٌ بحركتِه ساكنةٌ بسُكونِه، إنّها فعلٌ قبلَ أن تَكونَ قولاً، وتَحملُ دلالةَ الفعلِ قبلَ أن تَكونَ أصْواتاً تَذهبُ أدْراجَ الرّياحِ. وعندَما نَقولُ إنّ الكلمةَ تحملُ مَعْنىً مُعجمياً لازماً لَها عندَ إطلاقِ اللّفظِ، فهي لا تُغيِّبُ عن أذهاننا أنّها تَخرجُ عن هذا الوَضعِ الدّلاليّ إلى أوضاعٍ أخرى فتَبْدو جَديدةً كلّما تكلّمَ بِها متكلّمٌ أو استعْمَلَها مُستعملٌ . بَل تجدُ المتكلّمينَ بلغةٍ من اللّغاتِ يُهرَعونَ إلى الكناياتِ عَمّا يُستهْجنُ ذِكرُه ويُستقبَحُ نشرُه، أو يُستَحْيا من تسميتِه، أو يُتطيَّرُ منه، أو يُصانُ عنه، بألفاظٍ مَقْبولةٍ تُفصحُ عن المَعْنى وتُحسِّنُ القَبيحَ وتُلطِّفُ الكَثيفَ، في مُذاكَرَةِ ذَوي المُروءَةِ، فيَحْصُلُ المُرادُ مَع العُدولِ عَمّا يَنْبو عنه السّمعُ ولا يأنسُ بِه الطَّبْعُ، إلى غيرِه ممّا يَقومُ مَقامَه مع زيادَة في الحَياءِ والحُسْنِ.
فهذه حَقيقةٌ من حَقائقِ الكلماتِ والألفاظِ والعباراتِ وغيْرِها من الأدواتِ اللّغويّةِ التي يتوسّلُ بِها المتكلّمُون وحَمَلَةُ الأقْلامِ، لكي يُسمُّوا أحوالَهُم الشّعوريّةَ وذِكْراهُم الماضيةَ بأسماءٍ معيَّنَةٍ، فيَسِمُوها بميسَمِ اللّغَة، ويُخرِجُوها من إبهامِ النّفسِ والزّمنِ الغابِرِ إلى وُضوحِ الكلماتِ (3) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

(1) زكريّا إبْراهيم: مُشكلةُ الحَياة، سلسلة مُشكلات فلسفيّة (7)، مَكتبَة مص، دار مصر للطّباعَة، القاهِرَة. ص:68 وما بعْدَها.
(2) ولكنّ هذا الصّفةَ الرّفيعةَ التي توجَدُ في اللّغةِ لا تَعْني أنّها هي التي توجِدُ عالَمَ الأشياءِ، فالعالَمُ ماثلٌ، مَوْجودٌ، موضوعياً.
(3) أنتَ عندما تكتبُ فإنّكَ تُشاركُ الناسَ هُمومَهم وأحزانَهم وتشتركُ في مُعالجَة أمورِ الحياةِ وحلّ مُشكلاتها، وتقترحُ من الحُلول ما أنضجتْه قُدورُ تَجاربِكَ، وأسْفرَ عنه صُبحُ عُمرِكَ، فإذا اختلَفوا عليْكَ وأنكروا رأيَك وفسَقَت رُطَبُهُم اعتزَلْتَهُم فصرْتَ وحيداً، كأنّك أمّةُ في فردٍ ولمْعَةٌ من بطنِ برقٍ ورَعْد. أجَلْ، تحرصُ على الالتحاقِ برَكْبِ الأحداثِ والغَوصِ فيها حتّى الرُّكب، ومُواكبَةِ وَقْعها وإيقاعها، بل المُشاركَةِ في صنعِها أو جَبرِ مَكسورِها وتصحيحِ مُعْوَجِّها، وإنّما تُسهِمُ -في مُشاركَتِكَ- بصُنعِ المفاهيم التي بها تُتناوَلُ الإشكالاتُ ويُنفَذُ منها إلى التّحليل والمُعالجَة، فتكونُ لغتُك التي منها اشتقاقُ مَفاهيمِك ويَكونُ ما أبدعتْهُ مُفكِّرتُك ومُخيّلتُك وناطقَتُكَ، حظَّكَ الذي تَملكُ من صنعِ الحَدَث أو توْجيهه وتَقويمه والانفتاحِ على مُمْكناته، لأنّك تعلمُ أنّ الكلمةَ مسؤوليّةُ مَن يَملكُ زمامَها ويُحسنُ نظَمها على النّحو الذي يُنشئُ بها نَسَقاً مؤتلِفاً مَسبوكاً حسنَ الصّنعَة، يكونُ نصّاً لغويّاً ثمّ يُفضي إلى خطابٍ تَدخلُ في تداوُله أطرافٌ كثيرةٌ، فتصيرُ حَرَكَةُ الانسلاكِ في تَداوُل القَضايا في ظلِّ خطابٍ لغويٍّ، عيْنَ الاشتراكِ في صنع الحَدث أو تَوجيهِ مَصنوعِه. وأنتَ إذا انفتحْتَ على المُمكناتِ فإنّما تَفعلُ ذلكَ بما تَملكُه من طاقةٍ لغويّةٍ تُعربُ بالدّقّة اللازمّةِ عن طاقةٍ فكريّةٍ نافذةٍ في جسمِ الأحداث وخضمِّها، فتكونُ الأحداثُ الممكنةُ والمَخارحُ المُحتَمَلَةُ التي لم تحدثْ بعدُ عبارةً عن مَفاهيمَ في كلماتٍ، وكلّما أخذَتْ المَفاهيمُ اللُّغويّةُ حظّها من الواقعيّةِ والصّدقِ والتَّماسُك المَنطقيّ والمصلحَة العامّة، تحوّلَت من ألفاظٍ ذاتِ طابعٍ صوتيّ يحملُ في جوفِه دَوالَّ ومَدلولاتٍ إلى أحْداثٍ تَجْري في واقعِ النّاسِ وتُتداوَلُ في مَسالِك حَياتِهم وتُصنَعُ منها القراراتُ السَّديدُ التي تَقودُ رَكبَهُم أو توجّهُ مَسيرَتُهم وتتحكّمُ في طرُق عيشهِم وتنميةِ أوضاعِهم …



كلمات البحث

شبكــة أنصــار آل محمــد ,شبكــة أنصــار ,آل محمــد ,منتدى أنصــار





Ht;hvE hg;hjfA ugn 'QfQr lk gEyQm L lrhgR fQghyAd~R










توقيع : تألق

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عرض البوم صور تألق   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(مشاهدة الكل عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 :
لا يوجد أعضاء

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Bookmark and Share


الساعة الآن 03:49 PM

أقسام المنتدى

قســم إسلامنا تاريخٌ ومنهاج | بيت الكتاب والسنة | قســم موسوعة الصوتيات والمرئيات والبرامج | بيت الشكـاوي والإقتراحــات | بيت الآل والأصحاب من منظور أهل السنة والجماعة | قســم الموسوعـة الحواريـة | بيت الحــوار العقـائــدي | بيت الطـب البـديـل وطـب العـائلـة | بيت الأسـرة السعيــدة | قســم الدعم الخاص لقناة وصــال | بيت شبهات وردود | بيت التـاريـخ الإسلامي | بيت المهتدون إلى الإسلام ومنهج الحق | قســم موسوعة الأسرة المسلمـــة | وحــدة الرصــد والمتـابعــة | بيت الصوتيـات والمرئيـات العــام | بيت الصــــور | بيت الأرشيــف والمواضيــع المكــررة | بيت الترحيب بالأعضاء الجدد والمناسبات | بيت الجـوال والحـاسـب والبـرامـج المعـربـة | بيت المكتبـة الإسلاميـة | بيت الأحبـة فــي اللــه الطاقــم الإشـرافــي | بيت موسوعة طالب العلم | قســم الموسوعة الثقافية | البيــت العـــام | قســم دليل وتوثيق | بيت وثائق وبراهين | بيت القصـص والعبـــــــر | بيت الإدارة | بيت الصوتيـات والمرئيـات الخــاص | بيت المعتقد الإسماعيلي الباطني | بيت مختارات من غرف البالتوك لأهل السنة والجماعة | بيت الأحبـة فــي اللــه المراقبيـــــــن | بيت أهل السنه في إيران وفضح النشاط الصفوي | بيت المحــذوفــات | بيت ســؤال وجــواب | بيت أحداث العالم الإسلامي والحوار السياسـي | بيت فـرق وأديـان | باب علــم الحــديـث وشرحــه | بيت الحـــوار الحــــــــّر | وصــال للتواصل | بيت الشعـــر وأصنافـــه | باب أبـداعـات أعضـاء أنصـار الشعـريـة | باب المطبــخ | بيت الداعيـــات | بيت لمســــــــــــات | بيت الفـلاش وعـالـم التصميــم | قســم التـواصـي والتـواصـل | قســم الطــاقــــــــم الإداري | العضويات | بـاب الحــــج | بيـت المــواســم | بـاب التعليمـي | أخبــار قناة وصــال المعتمدة | بيت فـريـق الإنتـاج الإعـلامـي | بيت الـلـغـة العــربـيـة | مطبخ عمل شامل يخص سورية الحبيبة | باب تصاميم من إبداع أعضاء أنصـار آل محمد | بـاب البـرودكــاسـت | بيت تفسير وتعبير الرؤى والأحلام | ســؤال وجــواب بمــا يخــص شبهات الحديث وأهله | كلية اللغة العربية | باب نصح الإسماعيلية | باب غرفـة أبنـاء عائشـة أنصـار آل محمـد | بـيــت المـؤسـســيـــن | بـاب السيـرة النبـويـة | بـاب شهـــر رمضــان | تـراجــم علمـائـنـا |



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
This Forum used Arshfny Mod by islam servant