02-08-15, 03:44 AM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
بيت القصـص والعبـــــــر
الفصل الأول (إكليل الصداقة) في صباحات أحد الأيام من عام 1432 ذهبت (اللوتس) تتنزّه حول مقطنها لفراغٍ كان يُلمُّ بها، وأثناء ذلك سمعت أمواجا تنبضُ قريبا منها، فمشت إلى حيث الصوت، فإذ بها ترى نهرا فيّاضا، يترقرق عذوبةً، قد نُقِشتْ على صفحاته خيوط الفضة، وزُخرِفتْ شُطْآنُه بحبّاتِ اللؤلؤ، وتزيّن أجواءه فراشات ملونة كأنها جواهر تبهج الناظرين، وتنبثُّ حوله واحاتٌ أخَّاذة للقلب، تذكرت (اللوتس) ما سمعتْه عن هذا النهر وتمنَّتْ حينها أن تلتحق به لتنهل من مائه العذْب، وتعيش على شطآنه، وها هو الحلم قد تحقق وأشرقت شمسه. وجدت (اللوتس) مجموعة كبيرة من الأزهار والورود تكتنف شاطئي النهر، وتتروَّى منه، فبشَّت نفسها لهنّ جذلا، فاتخذت لها مكانا بينهنّ، واغتبطت أيما اغتباط؛ لأنها وجدت رفيقات تـأنس بهن فتنسى وحشة الوحدة التي تعيشها. أخذت (اللوتس) تتجوّل حول أرجاء النهر، تقلّب أصدافه، تستمتع بصوت أمواجه وهي تتهادى بين ضفتيه، وتتنسَّمُ عبيرَ رياضه، وبينما كانت تتصفح وجوه الزائرت وتشاطرهن أحاديثهن تعرفت من بينهن على زهرة تُدعى (الأقحوان)، كانت تمشي لوحدها كأنها تبحث عن أحد، فتعارفا على بعض وتبادلا أطراف الحديث فوجدتا أنفسهم يتشاطران أماني المستقبل، خاصة أنهما جاءتا لزيارة النهر في نفس اليوم، وتعاهدتا من هذه اللحظة أن يتقاسما أنسام الصداقة وتعين كل منهما الأخرى في شؤون تتعلق بالاستفادة من هذا النهر الفياض. وفي أحد الأيام بينما كانت (اللوتس) و (الأقحوان) يستذكران سويا في قارب صغير وسط النهر فإذ بزهرة جديدة تقترب منها وتستأذنهما الحديث، فألقت عليما السلام وعرّفت بنفسها قائلة: أنا (الأوركيد) فهمتُ من حديثكما الذي نما إلى أذني أنكما جئتما للنهر منذ سنة، أما أنا فقد سبقتكما ولكن انقطعت عن المجيء لظروف، وها قد عدت من جديد وسأكون في نفس قاربكما؛ إذ يسعد قلبي ويبهجه أن أكون رفيقة لمثلكما. فرحبا بها وسُرَّتا بها أيَّ سرور. بدأت أيام الجد والنشاط وتعاونت الزهرات الثلاث على الاستذكار سويا فقضين لياليًا وأياما تفيض منها نشوة السعادة وهن ينهلن من ماء النهر الذي لا ينضب، كانت (اللوتس) كثيرا ما تأتي للنهر حين تخف الزيارة له، فتتأمل اللآلئ المنثورة حوله، فتجلس على ضفته وتنظم منها العقود والأساور؛ تزين بها نفسها وتهديها لمن حولها، وبينما هي على ذاك الحال جاءتها زهرة جديدة أيضا وعرّفت بنفسها قائلة: مرحبا، أنا (الزنبق) للتوّ علمت بهذا النهر وعزمت على الانضمام لمن حوله، وهذه رفيقتي (الكاميليا). حيتهما (اللوتس) بحرارة وسعدت كثيرا بتعرفها على زهرات مختلفة، قالت (الزنبق) : أرجو أن تدليني أيتها (اللوتس) على كل ما يكون عونا لي للاستفادة من النهر، فأنا ما زلت جديدة هنا ولدي حماس شديد لأجوب أنحائه، فوعدتها (اللوتس) بما يسرها. ثم أخذت الضيفتين الجديدتين (الزنبق) و (الكاميليا) إلى أحد ضفاف النهر حيث كانت (الأقحوان) و (الأوركيد) ينظمان عقائد اللؤلؤ في جانب من النهر، وعرّفتهما جميعا على بعض. وذات مساء خرجت (اللوتس) إلى ضفة النهر تستقي ماءً فلمحت زهرة (التوليب) بعيدا تتصفح أمواج النهر الفضية، وتنقش عليها ما يُنمْنِمُ خاطرُها به، فلم تشأ أن تقطع عليها خلوتها هذه، إذ دائما ما تراها على هذه الحال، وبينما هي كذلك مرّت عليها زهرة (الياقوت) مبدية الترحيب قائلة: مرحبا بكِ أيتها (اللوتس)، لي فترة أراكِ من على بعد، ويسعدني معرفتك وقربك. فردت عليها: أهلا وسهلا أيتها (الياقوت) لي سنة كاملة أرتاد النهر وتشرفني معرفتك أيضا، سمعت عنكِ ويسعدني لقائي بكِ، فقالت الياقوت: أنا لي السنة والنصف هنا، كم أحب هذا المكان بنهره وأزهاره وأرضه وسمائه، فقالت: يسعدني أنكِ تعرفين المكان أكثر مني وهذا سيريحني في أمور كثيرة بإذن الله، فقالت (الياقوت) : أنا في خدمتك، تعالي أعرفك على صديقة دربي (التوليب) قالت (اللوتس) نعم رأيتها مرارا مشغولة لوحدها على ضفة النهر فلم أشأ إزعاجها. وهكذا قدر الله تعالى أن يجمع هذه الأزهار ببعضها حول هذا النهر الرقراق. وفي يوم جاءت على الضفة زهرة (النرجس) فقد كانت من أوائل من التحق بالنهر غير أني لم أعرفها إلا يوم ذاك، فقامت بدعوة عامة لبقية الزهرات فاجتمعن إليها جميعا فقالت لهن: كم يسرُّني منظركن البهيج وأنتن على حافة النهر، تنْهلنَ من مائه، وتصنعن الأكاليل من ورده، فكم راقني تألّق قطراته على محيّاكنّ كأنها اللؤلؤ، وكم يبهج روحي حين أرى سلاسل الذهب حين تعانق أشعة الشمس صفحة النهر، كأنها قصائد تتراقص احتفاءً بكنَّ، فاسمحن لي أن ننضمَّ جميعا في طاقة ورد واحدة، لتتوحد الجهود، وتنضمّ الأرواح، وتأنس النفوس ببعضها، فتارة نستذكر سويا، وتارة نمرح، يشارك بعضنا بعضا سعادته وهناءه، وحزنه وآلامه، نعم لنكن أصدقاء، لا شيء في الدّنيـا أحـبّ لناظـري مـن منظـر الخـلاّن والأصحـاب فرحب الجميع بالفكرة بكل سعادة، وانضممن جميعا في باقة الورد التي سُمِّيتْ بـــ (الخط الساخن)، قالت (اللوتس) : ما أبَشَّ قلبي وما أسعده بهذه الثلة الوضّاءة، فباجتماعي معكن مزقت ثوب الوحدة الذي كان يلفني بضيق وكدر، باجتماعي معكن ذُقتُ للحياة طعما ألذَّ من رحيق النحل الصافي، حقا إنَّ "الأصدقاء هم من يمكنك الاتصال بهم في الساعة4 فجراً"[1] [1]مارلين ديترتش وبينما كانت (اللوتس) سعيدة بإكليل الصداقة الذي توّج حياتها خرجت مساء تيك الليلة تنظر في صفحة السماء، تتأمل نجومها وهي تتراقص في أفلاكها، وتتهامس بينها بكلمات أضاءت لها ظلمةَ الليل فهذا نجم منها يقول: "الصديق هو الذي إذا حضر رأيت كيف تظهر لك نفسك لتتأمّل فيها، وإذا غاب أحسستَ أنَّ جزءاً منك ليس فيك، فسائرك يحنُّ إليك، فإذا أصبحَ من ماضيك بعد أنْ كان من حاضرك، وإذا تحوّل عنك ليصلك بغير المحدود كما وصلك بالمحدود، وإذا مات.. يومئذٍ لا تقول: إنّه مات لك ميّت، بل مات فيك ميت!ذلك هو الصديق"[1]. ثم همس الذي بجانبه وقال: "من الرائع أن يكون لديك صديق، كُلما أتيت إليه متكدرًا رجعت منه صافيًا، وكلما قَدِمت إليه ضعيفًا، عدت منه أقوى."[2] وأخذت النجوم تنثال بدررها تتحدث عن الصديق فهذا نجم ثالث يقول"الأخ نسيب الجسد والصديق نسيب الروح، وإخوان الصدق خير مكاسب الدنيا ، هم زينة في الرخاء وعدة في البلاء "[3]. ورابع يقول: "الصداقة الحقيقية هي التي يشترك فيها العقل والقلب والضمير"[4]. وهكذا قضت ليلها ساهرة على وشوشة النجوم. (الأزهار والنهر والنجوم كنايات) إلى الفصل الثاني بإذن الله قريبا [1]الرافعي [2]الطنطاوي [3]ابن المقفع [4]أمين الريحاني تألق الموضوع الأصلي: قصة زهرة (اللوتس) وطاقة الورد على النهر || الكاتب: تألق || المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد
المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد rwm .ivm (hgg,js) ,'hrm hg,v] ugn hgkiv
التعديل الأخير تم بواسطة تألق ; 02-12-15 الساعة 06:24 PM |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 4 : | |
مخالف 3, الشـــامـــــخ, تألق, خواطر موحدة |
|
|