بيت موسوعة طالب العلم كـل مايخص طالب العلم ومنها الفتــاوى |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
03-10-15, 12:16 AM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
القوادح في العقيدة قسمان:
قسم ينقض هذه العقيدة ويبطلها، فيكون صاحبه كافرًا، نعوذ بالله. وقسم يُنقِص هذه العقيدة ويُضعفها. فالأول: يسمى: ناقضًا، وهو: الذي يبطلها ويفسدها، ويكون صاحبه كافرًا مرتدًّا عن الإسلام، وهذا النوع هو: القوادح المكفرة، وهي نواقض الإسلام، وهي الموجبة للرّدة، هذه تسمى: نواقض. والناقض: يكون قولاً، ويكون عملاً، ويكون اعتقادًا، ويكون شكًّا. فقد يرتدُّ الإِنسان بقول يقوله أو بعمل يعمله، أو باعتقاد يعتقده، أو بشكٍّ يطرأ عليه، هذه الأمور الأربعة كلُّها يأتي منها الناقض الذي يقدح في العقيدة ويبطلها، وقد ذكرها أهل العلم في كتبهم وسمَّوا بابها: (باب حكم المرتد)، فكلُّ مذهب من مذاهب العلماء، وكلُّ ففيه من الفقهاء ألَّف كتبًا - في الغالب - عندما يذكر الحدود يذكر (باب حكم المرتد): وهو الذي يكفر بعد الإسلام، ويسمى هذا: مرتدًّا، يعني: أنه رجع عن دين الله وارتد عنه، قال فيه النبي : "من بدَّل دينه فاقتلوه" (خرجه البخاري في الصحيح). وفي الصحيحين أن النبي بعث أبا موسى الأشعري إِلى اليمن، ثم أتبعه معاذ بن جبل ا، فلما قدم عليه قال: انزل، وألقى له وسادة، وإذا رجلٌ عنده مُوثق، قال: ما هذا؟ قال: هذا كان يهوديًّا فأسلم ثم راجع دينه - دين السوء - فتهوَّد، فقال معاذ: لا أنزل حتى يُقتل، قضاء الله ورسوله، فقال: انزل، قال: لا أنزل حتى يقتل، قضاء الله ورسوله، ثلاث مرات، فأمر به أبو موسى فقُتل. فدل ذلك على أن المرتد عن الإسلام يقتل، إِذا لم يتب، يستتاب فإِن تاب ورجع فالحمد لله، وإِن لم يرجع وأصر على كفره وضلاله يقتل، ويعجل به إلى النار؛ لقوله : "من بدَّل دينه فاقتلوه". فالنواقض التي تنقض الإسلام كثيرة منها: الردَّة بالقول: مثل: سبّ الله، هذا قول ينقض الدين، وهكذا سبّ الرسول ، يعني: اللعن والسبُّ لله ولرسوله، أو العيب والتنقُّص، مثل أن يقول: إِنَّ الله ظالم، إن الله بخيل، إن الله فقير، إن الله جل وعلا لا يعلم بعض الأمور، أو لا يقدر على بعض الأمور، كُلُّ هذه الأقوال وأشباهها سبٌّ وردَّةٌ عن الإِسلام. فمن انتقص الله أو سبَّه أو عابه بشيء فهو كافر مرتد عن الإِسلام - نعوذ بالله من ذلك - وهذه ردة قولية، إِذا سب الله أو استهزأ به أو تنقصه أو وصفه بأمر لا يليق، كما تقول اليهود: إِن الله بخيل، إِن الله فقير ونحن أغنياء، وهكذا لو قال: إِن الله لا يعلم بعض الأمور، أو لا يقدر على بعض الأمور، أو نفى صفات الله ولم يؤمن بها، فهذا يكون مرتدًّا بأقواله السيئة. أو قال مثلاً: إن الله لم يوجب علينا الصلاة، فهذه ردة عن الإسلام، فمن قال: إِن الله لم يوجب الصلاة فقد ارتدَّ عن الإِسلام بإِجماع المسلمين، إِلا إذا كان جاهلاً بعيدًا عن المسلمين لا يعرف، فيعلَّم، فإِن أصرَّ كفر، وأما إِذا كان بين المسلمين، ويعرف أمور الدِّين، ثمَّ قال: ليست الصلاة بواجبة؛ فهذه ردَّة، يستتاب منها، فإِن تاب وإِلا قتل، أو قال: الزكاة غير واجبة على الناس، أو قال: صوم رمضان غير واجب على الناس، أو الحج مع الاستطاعة غير واجب على الناس، من قال هذه المقالات كفر إِجماعًا، ويستتاب فإِن تاب وإِلا قتل - نعوذ بالله من ذلك - وهذه الأمور ردَّةٌ قولية. ومنها: الردَّة بالفعل: والردة الفعلية مثل: ترك الصلاة، فكونه لا يصلي وإِن قال: إِنها واجبة - لكن لا يصلي - هذه ردَّة على الأصح من أقوال العلماء؛ لقول النبي : "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر"(رواه الإِمام أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه بإِسناد صحيح) ، وقوله : "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" (أخرجه مسلم في صحيحه). وقال عبد الله بن شقيق العُقَيلي - التابعي المتفق على جلالة قدره رحمه الله: "كان أصحاب محمد لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفرٌ غير الصلاة" رواه الترمذي، وإِسناده صحيح. وهذه ردَّة فعلية، وهي ترك الصلاة عمدًا. ومن ذلك: لو استهان بالمصحف الشريف وقعد عليه مستهينًا به، أو لطَّخه بالنجاسة عمدًا، أو وطأه بقدمه يستهين به، فإنه يرتد بذلك عن الإِسلام. ومن الردة الفعلية: كونه يطوف بالقبور يتقرب لأهلها بذلك، أو يصلي لهم أو للجن، وهذه ردَّة فعلية. أما دعاؤه لهم والاستعانة بهم والنذر لهم: فَرِدَّة قولية. أما من طاف بالقبور، يقصد بذلك عبادة الله، فهو بدعة قادحة في الدين، ووسيلة من وسائل الشرك، ولا يكون ردَّة، إِنما يكون بدعة قادحة في الدين إِذا لم يقصد التقرب إِليهم بذلك، وإِنما فعل ذلك تقربًا إِلى الله سبحانه جهلاً منه. ومن الكفر الفعلي: كونه يذبح لغير الله، ويتقرب لغيره سبحانه بالذبائح، يذبح البعير أو الشاة أو الدجاجة أو البقرة لأصحاب القبور تقربًا إِليهم يعبدهم بها، أو للجن يعبدهم بها، أو للكواكب يتقرب إِليها بذلك، وهذا مما أُهِلَّ به لغير الله، فيكون ميتة، ويكون كفرًا أكبر، نسأل الله العافية من ذلك، هذه كلُّها من أنواع الردَّة والنواقض عن الإِسلام الفعلية. ومنها: الردَّة بالاعتقاد: ومن أنواع الردَّة العقدية التي يعتقدها بقلبه وإِن لم يتكلم بها ولم يفعل، بل بقلبه يعتقد: إِذا اعتقد بقلبه أن الله جل وعلا فقير، أو أنه بخيل، أو أنه ظالم، ولو أنه ما تكلم، ولو لم يفعل شيئًا، هذا كفر - بمجرد هذه العقيدة - بإِجماع المسلمين. أو اعتقد بقلبه أنه لا يوجد بعث ولا نشور، وأن كل ما جاء في هذا ليس له حقيقة، أو اعتقد بقلبه أنه لا يوجد جنة أو نار، ولا حياة أخرى، إِذا اعتقد ذلك بقلبه ولو لم يتكلم بشيء، هذا كفر وردَّة عن الإِسلام - نعوذ بالله من ذلك - وتكون أعماله باطلة، ويكون مصيره إِلى النار بسبب هذه العقيدة. وهكذا لو اعتقد بقلبه - ولو لم يتكلم - أن محمدًا ليس بصادق، أو أنه ليس بخاتم الأنبياء وأن بعده أنبياء، أو اعتقد أن مسيلمة الكذاب نبي صادق، فإِنه يكون كافرًا بهذه العقيدة. أو اعتقد بقلبه أن نوحًا، أو موسى، أو عيسى، أو غيرهم من الأنبياء عليهم السلام أنهم كاذبون أو أحدًا منهم، هذا رِدَّة عن الإِسلام. أو اعتقد أنه لا بأس أن يدعى مع الله غيره؛ كالأنبياء أو غيرهم من الناس، أو الشمس والكواكب أو غيرها، إِذا اعتقد بقلبه ذلك صار مرتدًّا عن الإِسلام؛ لأن الله تعالى يقول: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ}، وقال سبحانه: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}، وقال:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، وقال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ}، وقال: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}، وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}، والآيات في هذا المعنى كثيرة. فمن زعم أو اعتقد أنَّه يجوز أن يعبد مع الله غيره؛ من ملكٍ، أو نبيٍّ، أو شجر، أو جِنٍّ، أو غير ذلك فهو كافر، وإِذا نطق وقال بلسانه ذلك صار كافرًا بالقول والعقيدة جميعًا، وإِن فعل ذلك ودعا غير الله واستغاث بغير الله صار كافرًا بالقول والعمل والعقيدة جميعًا، نسأل الله العافية من ذلك. ومما يدخل في هذا: ما يفعله عُبَّاد القبور اليوم في كثير من الأمصار من دعاء الأموات، والاستغاثة بهم، وطلب المدد منهم، فيقول بعضهم: يا سيدي، المدد المدد، يا سيدي، الغوث الغوث، أنا بجوارك، اشف مريضي، ورُدَّ غائبي، وأصلح قلبي.يخاطبون الأموات الذين يسمونهم: الأولياء، ويسألونهم هذا السؤال، نسوا الله وأشركوا معه غيره - تعالى الله عن ذلك - فهذا كفرٌ قوليٌّ وعقديٌّ وفعليٌّ. وبعضهم ينادي من مكان بعيد وفي أمصار متباعدة: يا رسول الله، انصرني... ونحو هذا، وبعضهم يقول عند قبره: يا رسول الله، اشف مريضي، يا رسول الله، المدد المدد، انصرنا على أعدائنا، أنت تعلم ما نحن فيه، انصرنا على أعدائنا. والرسول لا يعلم الغيب، إِذْ لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه، هذا من الشرك القوليّ والعملي، وإِذا اعتقد مع ذلك أن هذا جائز، وأنه لا بأس به صار شركًا قوليًّا وفعليًّا وعقدِيًّا، نسأل الله العافية من ذلك. وهذا واقع في دولٍ وبلدان كثيرة، وكان واقعًا في هذه البلاد، كان واقعًا في الرياض والدرعية قبل قيام دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، فقد كانت لهم آلهة في الرياض والدرعية وغيرهما، أشجار تعبد من دون الله، وأناس يقال: إِنهم من الأولياء يعبدونهم مع الله، وقبور تعبد مع الله. وكان قبر زيد بن الخطاب موجودًا في الجُبَيْلة حيث قُتِل في حروب الرِّدَّة أيام مسيلمة ، كان قبره يعبد من دون الله حتى هدم ذلك القبر، ونُسي اليوم والحمد لله، بأسباب دعوة الشيخ محمد ، قدَّس الله روحه وجزاه عنَّا وعن المسلمين أفضل الجزاء. وقد كان في نجد والحجاز من الشرك العظيم والاعتقادات الباطلة، ودعوة غير الله ما لا يعد ولا يحصى، فلما جاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في النصف الثاني من القرن الثاني عشر، أي: قبل ما يزيد عن مائتي سنة، دعا إِلى الله وأرشد الناس، فعاداه كثير من العلماء الجهلة وأهل الهوى، لكن الله أيَّدَه بعلماء الحق، وبآل سعود - رحم الله الجميع - فدعا إلى الله، وأرشد الناس إِلى توحيد الله، وبيَّن لهم أن عبادة الجن والأحجار والأولياء والصالحين وغيرهم شرك من عمل الجاهلية، وأنها أعمال أبي جهل وأمثاله من كفار قريش في عبادتهم اللاَّت، والعزى، ومناة، وعبادة القبور، هذه هي أعمالهم. فبين - رحمه الله- للناس وهَدَى الله على يديه من هدى، ثم عمَّت الدعوة بلاد نجد والحجاز وبقية الجزيرة العربية، وانتشر فيها التوحيد والإِيمان، وترك الناس الشرك بالله وعبادة القبور والأولياء بعد أن كانوا يعبدونها إِلا من رحم الله، بل كان بعضهم يعبد أناسًا مجانين لا عقول لهم، ويسمونهم: أولياء، وهذا من عظيم جهلهم الذي كانوا واقعين فيه. ومنها: الردّة بالشك: عرضنا للردَّة التي تكون بالقول، والردَّة بالعمل، والردة بالعقيدة، أما الردَّة بالشك: فمثل الذي يقول: أنا لا أدري هل الله حق أم لا؟.. أنا شاك. هذا كافر كفر شك، أو قال: أنا لا أعلم هل البعث حق أم لا؟ أو قال: أنا لا أدري هل الجنة والنار حق أم لا؟ أنا لا أدري، أنا شاك. فمثل هذا يستتاب، فإن تاب وإِلا قتل كافرًا لشكه فيما هو معلوم من الدِّين بالضرورة وبالنص والإِجماع. فالذي يشك في دينه ويقول: أنا لا أدري هل الله حق؟ أو هل الرسول حق؟ وهل هو صادق أم كاذب؟ أو قال: لا أدري هل هو خاتم النبيين؟ أو قال: لا أدري مسيلمة كاذب أم لا؟ أو قال: ما أدري هل الأسود العنسي - الذي ادعى النبوة في اليمن - كاذب أم لا؟ هذه الشكوك كلُّها رِدَّةٌ عن الإِسلام، يستتاب صاحبها ويبين له الحق، فإِن تاب وإِلاَّ قتل. ومثل لو قال: أشك في الصلاة هل هي واجبة أم لا؟ أو الزكاة هل هي واجبة أم لا؟ وصيام رمضان هل هو واجب أم لا؟ أو شك في الحج مع الاستطاعة هل هو واجب في العمر مرة أم لا؟ فهذه الشكوك كلها كفر أكبر يستتاب صاحبها، فإِن تاب وآمن وإِلا قتل؛ لقول النبي : "من بدَّل دينه فاقتلوه" (رواه البخاري في الصحيح). فلا بدَّ من الإِيمان بأن هذه الأمور - أعني: الصلاة والزكاة والصيام والحج - كلها حق وواجبة على المسلمين بشروطها الشرعية. هذا الذي تقدم هو القسم الأول من القوادح، وهو القسم الذي ينقض الإِسلام ويبطله، ويكون صاحبه مرتدًّا يستتاب، فإِن تاب وإِلا قتل. أما النوع الثاني: فهو وجود القوادح دون الكفر، لكنها تضعف الإِيمان وتنقصه، وتجعل صاحبها معرَّضًا للنار وغضب الله، لكن لا يكون صاحبها كافرًا. وأمثلة ذلك كثيرة منها: الزنا إِذا آمن أنه حرام ولم يستحلَّه، بل يزني ويعلم أنه عاصٍ، هذا لا يكون كافرًا وإنما يكون عاصيًا، لكن إيمانه ناقص. وهذه المعصية قَدَحَتْ في عقيدته لكن دون الكفر. فلو اعتقد أن الزنا حلال صار بذلك كافرًا. وهكذا لو قال: السرقة حلال، أو ما أشبه ذلك، يكون كافرًا؛ لأنه استحل ما حرَّم الله. وكذلك الغيبة والنميمة وعقوق الوالدين وأكل الربا وأشباه ذلك، كل هذه من القوادح في العقيدة المضعفة للدين والإِيمان. وهكذا البدع، وهي أشد من المعاصي، فالبدع في الدين تضعف الإيمان ، ولا تكون ردَّة ما لم يوجد فيها شرك. ومن أمثلة ذلك: بدعة البناء على القبور ، كأن يبني على القبر مسجدًا أو قبَّة، فهذه بدعة تقدح في الدين وتضعف الإِيمان، لكن إِذا بناها وهو لا يعتقد جواز الكفر بالله، ولم يقترن بذلك دعاء الميِّتين والاستغاثة بهم والنذر لهم، بل ظن أنه بفعله هذا يحترمهم ويقدرهم، فهذا العمل حينئذ ليس كفرًا، بل بدعة قادحة في الدين تضعف الإِيمان وتنقصه، ووسيلة إِلى الشرك. ومن أمثلة البدع: بدعة الاحتفال بالمولد النبوي؛ حيث يحتفل بعض الناس في الثاني عشر من ربيع الأول بمولد النبي ، فهذا العمل بدعة، لم يفعله النبي ولا أصحابه ولا خلفاؤه الراشدون، ولم يفعلها أهل القرن الثاني ولا الثالث، بل هذه بدعة محدثة. أو الاحتفال بمولد البدوي، أو عبد القادر الجيلاني، أو غيرهما. فالاحتفال بالموالد بدعة من البدع، ومنكر من المنكرات التي تقدح في العقيدة؛ لأن الله ما أنزل بها من سلطان، وقد قال النبي : "وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة" (رواه مسلم)، وقال عليه الصلاة والسلام: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ" (متفق على صحته)، أي: فهو مردود عليه، وقال عليه الصلاة والسلام: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ" (خرجه مسلم في صحيحه)، وقال: "إِيَّاكمومحدثات الأمور؛ فإِن كُلَّ محدثةٍ بدعة، وكُلَّ بدعةٍ ضلالة". فالبدع من القوادح في الدين التي دون الكفر، إِذا لم يكن فيها كفر. أما إِذا كان في الاحتفال بالمولد دعوة الرسول والاستغاثة به وطلبه النصر صار شركًا بالله، وكذا دعاؤهم: يا رسول الله انصرنا، المدد المدد يا رسول الله.. الغوث الغوث، أو اعتقادهم أن الرسول يعلم الغيب أو غيره، كاعتقاد بعض الشيعة في عليّ والحسن والحسين أنهم يعلمون الغيب، كل هذا شرك وردَّة عن الدين، سواء كان في المولد أو في غير المولد. ومثل هذا قول بعض الرافضة : إِن أئمتهم الاثني عشر يعلمون الغيب، وهذا كفر وضلال وردة عن الإِسلام؛ لقوله تعالى: {قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ}. أما إِذا كان الاحتفال بمجرد قراءة السِّيرة النبوية، وذكر ما جرى في مولده وغزواته، فهذا بدعة في الدِّين تنقصه ولكن لا تنقضه. ومن البدع: ما يعتقده بعض الجهال في شهر صفر من أنه لا يسافر فيه، فيتشاءمون به، وهذا جهل وضلال، فقد قال النبي : "لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة." (متفق على صحته)، وزاد مسلم: "ولا نوء ولا غول"؛ لأن اعتقاد العدوى والطيرة والتعلق بالأنواء، أو الغُول، كل هذه من أمور الجاهلية التي تقدح في الدين. ومن زعم أن هناك عدوى فهذا باطل، ولكن الله جعل المخالطة لبعض المرضى قد تكون سببًا لوجود المرض في الصحيح، ولكن لا تُعدي بطبعها، ولمَّا سمع بعض العرب قول النبي : "لا عدوى..." قال: يا رسول الله، الإِبل تكون في الرمال كأنها الظباء، فإذا دخلها الأجرب أجربها، قال : "فمن أعدى الأول؟" أي: من الذي أنزل الجرب في الأول؟ فالأمر بيد الله سبحانه وتعالى إِذا شاء أجربها بسبب هذا الجرب، وإِن شاء لم يُجْرِبْها، وقد قال : "لا يوردنَّ مُمْرِضٌ على مُصِحّ"، يعني: لا توردوا الإِبل المريضة على الصحيحة، بل تكون هذه على حدة وهذه على حدة، وذلك من باب اتقاء الشر والبعد عن أسبابه، وإلا فالأمور بيد الله، لا يعدي شيء بطبعه، إِنما هو بيد الله: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا}، فالخلطة من أسباب وجود المرض فلا تنبغي الخلطة، فالأجرب لا يخالط الصحيح، هكذا أمرنا الرسول من باب الاتقاء والحذر من أسباب الشر، لكن ليس المعنى: أنه إِذا خالط فإِنه سيعدي، لا، قد يعدي وقد لا يعدي، والأمر بيد الله سبحانه وتعالى؛ ولهذا قال : "فمن أعدى الأول؟" ومن هذا الباب قوله : "فِرَّ من المجذوم فرارك من الأسد". والمقصود: أن تشاؤم أهل الجاهلية بالعدوى وبالتطير أو الهامة - وهي: روح الميت، يقولون: إِنها تكون كأنها طائر حول قبره يتشاءمون بها - وهذا باطل لا أصل له، وروح الميت مرتهنة بعمله إِما في الجنة أو النار. والطيرة والتشاؤم بالمرئيات والسمعيات من عمل الجاهلية، حيث كانوا يتشاءمون إِذا رأوا شيئًا لا يناسبهم مثل الغراب، أو الحمار الأسود، أو مقطوع الذنب، أو ما أشبه ذلك، فيتشاءمون به، هذا من جهلهم وضلالهم، قال الله جل وعلا في الرد عليهم: {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ}، فالله بيده الضر والنفع، وبيده العطاء والمنع، والطيرة لا أصل لها، ولكنه شيء يجدونه في صدورهم ولا حقيقة له، بل هو شيء باطل، ولهذا قال : "لا طيرة". ولذا يجب على المسلم إِذا رأى ما يتشاءم به: ألاَّ يرجع عن حاجته، فلو خرج ليسافر، وصادفه حمار غير مناسب أو رجُلٌ غير مناسب أو ما أشبه ذلك، فلا يرجع، بل يمضي في حاجته ويتوكل على الله، فإِن رجع فهذه هي الطيرة، والطيرة قادحة في العقيدة ولكنها دون الشرك الأكبر، بل هي من الشرك الأصغر. وهكذا سائر البدع، كلُّها من القوادح في العقيدة، لكنها دون الكفر، إِن لم يصاحبها كفر. فهذه البدع مثل: بدعة الموالد، والبناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، ومثل صلاة الرغائب هذه كلُّها بدع، والاحتفال بليلة الإِسراء والمعراج التي يحددونها بسبع وعشرين من رجب، هذه بدعة ليس لها أصل، وبعض الناس يحتفل بليلة النصف من شعبان ويعمل فيها أعمالاً يتقرب بها، وربما أحيا ليلها أو صام نهارها يزعم أن هذا قربة، فهذا لا أصل له، والأحاديث فيه غير صحيحة، بل هو من البدع. والجامع في هذا: أن كل شيء من العبادات يحدثه الناس ولم يأمر به الرسول ولم يفعله ولم يقرَّه فهو بدعة؛ لأن الرسول قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ"، وقال: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، وكان يقول في خطبة الجمعة: "وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة"، يُحَذِّر الناس من البدع ويدعوهم إلى لزوم السنَّة . فالواجب على أهل الإِسلام أن يلزموا الإِسلام ويستقيموا عليه، وفي هذا كفايتهم وكمالهم، فليسوا بحاجة إلى بدع، يقول الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا}، فالله أكمل الدين وأتمه بحمده وفضله، فليس الناس بحاجة إِلى بدع يأتون بها، وقد قال النبي : "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ". فليس الناس بحاجة إِلى بِدَع زيد وعمرو، بل يجب التمسُّك بما شرعه الله، والسير على منهج الله، والوقوف عند حدوده، وترك ما أحدثه الناس، كما قال الله سبحانه وتعالى ذمًّا للبدع وأهلها: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}. وفق الله الجميع لما فيه الخير، وأصلح أحوال المسلمين، ووفقهم للفقه في دينه، وجنبهم أسباب الزَّيغ والضلال والانحراف، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه وأتباعهم بإِحسان إِلى يوم الدين. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الموضوع الأصلي: القوادح في العقيدة ووسائل السلامة منها || الكاتب: عقيدتي نجاتي || المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد
المصدر: شبكــة أنصــار آل محمــد hgr,h]p td hgurd]m ,,shzg hgsghlm lkih
التعديل الأخير تم بواسطة الشـــامـــــخ ; 21-04-18 الساعة 02:49 AM |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 2 : | |
الشـــامـــــخ, عزتي بديني |
|
|