مسألة:
أنا شاب أطلب العلم ولله الحمد، وأحرص على إخلاص النية لله بقدر المستطاع، ولكن ينتابني شعور بأني لا أخلص لله عزّ وجل، مع أني أستغفر الله ليلاً ونهاراً، وأدعوه أن يوفقني للإخلاص، والآن ينتابني خوف من هذا الأمر وجّهوني جزاكم الله خيراً؟
الجواب:
نقول: هذا من وساوس الشيطان، والشيطان عدوٌّ لنا كما قال ربنا عزّ وجل: {{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا}} [فاطر: 6] . الشيطان يأتي الإنسانَ الحريصَ على الطاعة من هذا الباب، يقول: أنت إنما صلّيت رياء، إنما طلبت العلم رياء، إنما طلبت العلم للراتب، إنما طلبت العلم للمرتبة، ويفسد عليه عبادته بمثل هذه التقديرات، فليستعذ بالله ولينته، ولا يضره ذلك شيئاً، ويأتي الشيطان للشخص المتهاون فيثبطه عن الطاعة؛ ويقول: لا تفعل هذه الطاعة هذه سهلة، هذه نفل، افعل الطاعة في وقت آخر، أو يهوّن عليه الذنب ويقول: إن الله غفور رحيم، ورحمته سبقت غضبه، وما أشبه ذلك، فهذه من الوساوس الشيطانية التي يجب على الإنسان أن يكف عنها، وأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.
وقد شكا الصحابة إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم مثل ذلك، فقال عليه الصلاة والسلام: «ذاك صريح الإيمان»، وأمر بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والانتهاء عن ذلك. فامض في عبادتك، ولو قال لك الشيطان إنك مُراءٍ، أو إنك تريد الدنيا فلا يهمك.
عن حذيفة رضى الله عنه، أنه أخذ حجرين، فوضع أحدهما على الآخر، ثم قال لأصحابه:
هل ترون ما بين هذين الحجرين من النور؟
قالوا: يا أبا عبد الله، ما نرى بينهما من النور إلا قليلا.
قال: والذي نفسي بيده، لتظهرن البدع حتى لا يُــرى من الحق إلا قدر ما بين هذين الحجرين من النور،والله، لتفشون البدع حتى إذا ترك منها شيء،
قالوا: تُركت السنة !.
.
[البدع لابن وضاح ١٢٤]