السؤال:
امرأةٌ معتادةٌ، عادتها في الحيض سبعة أيَّامٍ، حاضت أربعة أيَّامٍ، ثمَّ انقطع الدم أربعة أيَّامٍ، ثمَّ عاد الدم أربعة أيَّامٍ أخرى، فهل الدم في الأربعة الأيَّام الأخيرة يُعتبر حيضًا أم استحاضةً ؟ وهل يجوز التلفيق حتَّى تنتهيَ أيَّام الحيض وتعتبر اليوم الزائد استحاضةً، عِلمًا بأنها لم تميِّز الدم ؟
الجواب: الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإنه إذا انقطع عن المرأة دمُ الحيض ورأت علامةَ الطهر فهو طُهْرٌ ولو كان دون أيَّام عادتها، إذ لا حَدَّ لأقلِّ الحيض ولا لأكثره -على أظهر أقوال أهل العلم- وإنما مردُّه إلى العادة، إذ لم يَرِدْ دليلٌ صحيحٌ من نصٍّ أو إجماعٍ أو قياسٍ يُعتمَد عليه أو يَصلُح للاحتجاج به على التقديرات والتفصيلات التي أوردها الفقهاء، مع أنَّ الضرورة داعيةٌ للبيان، و«تَأْخِيرُهُ عَنْ وَقْتِ الحَاجَةِ لاَ يَجُوزُ»، لذلك وجب التمسُّك بمُسمَّى الحيض الذي عُلِّقت عليه الأحكام وجودًا وعدمًا.
قال ابن تيمية -رحمه الله-: «وأمَّا الذين يقولون: أكثر الحيض خمسة عشر كما يقوله الشافعيُّ وأحمد، ويقولون: أقلُّه يومٌ كما يقوله الشافعيُّ وأحمد، أو لا حدَّ له كما يقوله مالكٌ، فهُم يقولون: لم يثبت عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ولا عن أصحابه في هذا شيءٌ، والمرجع في ذلك إلى العادة كما قلنا»(١). وعليه، فإن وُجِد الدم وكان ذلك في أيَّام حيضها فهو حيضٌ، وإن انقطع في أيَّام حيضها كأن يأتيَ يومين ثمَّ ينقطعَ في الثالث ثم يعودَ في الرابع فإنه يُعَدُّ حيضًا أيضًا، لأنَّ العبرة بإدبار المحيض وانتهائه، أي: برؤية علامة الطهر وهي القصَّةُ البيضاء، وهي ماءٌ أبيض، يدفعه الرحم عند انقطاع الحيض، فلا عبرة بانقطاع الدم، أمَّا إذا استمرَّ الدم بالمرأة أكثر من عادتها: فإمَّا أن تكون ممَّن تستطيع تمييزَ دم الحيض عن غيره فعليها العمل بالتمييز حيضًا كان حالُها أم طهرًا بحسب ما آل إليه تمييزُها مع ترتُّب لوازم كلٍّ منهما، فإن لم تكن قادرةً على تمييز دم الحيض عن غيره فإنها تستصحب الحيضَ حتى تُثبت غيرَه لأنَّ الأصل في كُلِّ ما يخرج من الرحم من دمٍ طبيعيٍّ أنه حيضٌ حتَّى يقوم الدليل على أنه ليس كذلك، ولأنه من جهةٍ أخرى لا يوجد حدٌّ لأكثر الحيض. والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.
عن حذيفة رضى الله عنه، أنه أخذ حجرين، فوضع أحدهما على الآخر، ثم قال لأصحابه:
هل ترون ما بين هذين الحجرين من النور؟
قالوا: يا أبا عبد الله، ما نرى بينهما من النور إلا قليلا.
قال: والذي نفسي بيده، لتظهرن البدع حتى لا يُــرى من الحق إلا قدر ما بين هذين الحجرين من النور،والله، لتفشون البدع حتى إذا ترك منها شيء،
قالوا: تُركت السنة !.
.
[البدع لابن وضاح ١٢٤]