21-08-16, 04:20 PM
|
المشاركة رقم: 1
|
المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
عضو |
الرتبة |
|
البيانات |
التسجيل: |
Apr 2011 |
العضوية: |
2735 |
المشاركات: |
6,427 [+] |
الجنس: |
انثى |
المذهب: |
سني |
بمعدل : |
1.29 يوميا |
اخر زياره : |
[+] |
معدل التقييم: |
33 |
نقاط التقييم: |
729 |
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
المنتدى :
بيت الـلـغـة العــربـيـة
مقدمة في علاقة النحو بالفقه
لقدْ دَأَبَ العُلماءُ على أنْ يربطُوا بينَ العُلومِ اللُّغويَّةِ خاصةً النَّحوَ أبا العلوم العربية وبين العُلومِ الشَّرعيَّةِ بأوثقِ الصِّلاتِ لارتباطِهِمْ جَميعاً بِلُغةِ القُرآنِ الكريمِ دُستُورِ اللهِ القَويْمِ؛ حتَّى إنَّ بعضَهُمْ يُقدِّمُ معرفةَ العُلومِ اللُّغويَّةِ - وفِي مُقدِّمتِها النَّحو - في التَّعليمِ علَى جميعِ العُلُومِ؛ مِنْ أَجْلِ أَنَّ فَهمَ الأَحْكَامِ وأَخْذَهَا مِنْ الأُصُولِ مُتوقِّفٌ على التَّفقُّهِ فِي فُنُونِ الإِعْرابِ. وللنَّحوِ أثرٌ كبيرٌ في مَسَائِلِ الفِقْهِ، لذلكَ لا بُدَّ لِمَنْ يُريدُ أنْ يتخصَّصَ فِي العِلُومِ الشَّرعيَّةِ مِنْ معرفةِ النَّحوِ، وَالْمَعرفةُ اللُّغويَّةُ العَربيَّةُ مِنْ أَهَمِّ الأَدَوَاتِ التي استندَ إِلْيهَا العُلماءُ فِي تأسيسِ العُلومِ الشَّرعيَّةِ وتَطْوِيرهَا. ولَمْ تَزَلْ الأُسُسُ اللُّغويَّةُ مُعتمَدَةً فيها، وإِنَّ اَلْمَعرفةَ اللُّغويَّةَ العربيَّةَ مِنْ أَهَمِّ الأَدَوَاتِ التي اسْتَعَانَ بِهَا العُلَمَاءُ فِي فَهْمِ النُّصُوصِ القُرْآنيَّةِ وَالْـحَدِيثيَّةِ واسْتنباطِ الأَحْكامِ الشَّرعيَّةِ مِنْهَا، وقدْ جُعِلَ العِلْمُ بأَسْرَارِ العَربِيَّةِ شَرْطاً أَسَاساً من شُرُوْطِ الاجْتِهَادِ. وَتَحْتَلُّ اَلْمَبَاحثُ اللّغويَّةُ حَيّزاً مَلْحُوظاً فِي مَبَاحِثِ العُلُومِ الشَّرعيَّةِ، وإنَّ اَلْمَسَائِلَ اللُّغويَّةَ أَسَاسِيَّةٌ فِي كثيرٍ مِنْ العُلُومِ الشَّرعيَّةِ الفِقْهِيَّةِ والعَقَدِيَّةِ.
أمّا عَنْ مَبْلغِ اَلْمَبَاحِثِ اللُّغويَّةِ فِي العُلومِ الشَّرعيَّةِ فِإنَّنَا نَلْحَظُ أَنَّ اَلْمُحتويَاتِ الأَسَاسِيَّةَ لِعِلْمِ أُصُولِ الفِقْهِ تتألفُ مِنْ عِلْمِ الكَلامِ، واَلْمَنْطِقِ، وعِلْمِ العَربيَّةِ، والعِلمِ بِالْمَقَاصِدِ والأَحْكَامِ الشَّرعيَّةِ. وأَمَّا عَنْ تَأَلُّفِهِ مِنْ عِلْمِ العربيَّةِ فَلِتَوَقُّفِ مَعْرفةِ دَلالاتِ الألفاظِ مِنْ الكِتَابِ والسُّنَّةِ، وأَقْوالِ أَهْلِ اَلْـحَلِّ والْعَقْدِ مِنْ الأُمَّةِ عَلَى مَعْرِفَةِ مَوْضُوعَاتِـهَا لُغَـةً، مِنْ جِهَةِ الحقيقةِ، واَلْمَجَازِ، والعُمُومِ، واَلْـخُصُوصِ، والإطْلاقِ، والتَّقييدِ، والْـحَذْفِ، والإِضْمَارِ، واَلْمَنْطُوقِ، واَلْمَفهُومِ، والاقْتِضَاءِ، والإِشَارَةِ... وغيره، مِـمَّا لا يُعْرَفُ فِي غيرِ العَرَبيَّةِ[1].
وَلَقَدْ "حَمَلَ حُبُّ اللُّغةِ والنَّحوِ بعضَ الأُصُوليين علَى مَزْجِ جُـمْلةٍ مِنْ النَّحوِ بالأُصُولِ، فذَكَرُوا فيه من مَعَانِـي اَلْحُرُوفِ وَمَعَانِي الإِعْرَابِ جُملاً هي مِنْ عِلْمِ النَّحْوِ خَاصَّةً" [2].
وَيَـجِدُ اَلْمُطَالِعُ فِي العُلُومِ الشَّرعيَّةِ اِهْتِمَاماً بَالِغاً بِالْمَسَائِلِ اللُّغويَّةِ، وَيُلْحَظُ أنَّ الأَسَاسَ اللُّغويَّ كَانَ مُوجِّهاً لِمَسَائِلَ كثيرةٍ مِنْ هَذِهِ العُلُومِ، سَوَاءً أَكَانَ ذلك مُبَاشِراً أَمْ غيرَ مُبَاشِرٍ؛ وذلك لارْتِبَاطِ هذه اَلْمَسَائِلِ بِتَحلِيلِ النُّصُّوصِ الشَّرعيَّةِ وَمَعْرِفَةِ وُجُوْهِ دِلالاتِهَا. وَيَدُوْرُ كثيرٌ مِنْ اَلْمُدَاولاتِ حَوْلَ اَلْمَفَاهِيْمِ اَلْفِقْهِيَّةِ واَلْعَقَدِيَّةِ، والدَّلالاتِ اَلْعُرفِيَّةِ لِلألْفَاظِ وَالتَّراكيبِ اَلْمُستنبَّطَةِ مِنْ اَلْخِطِابِ القُرآنِيِّ والنَّبويِّ. وَتَجْدُرُ الإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ اَلْمَبَاحِثَ والقَواعِدَ اللُّغويَّةَ كانَتْ مُستفَادَةً مِنْ إِنْتَاجِ اللُّغويِّين والبيانِيين، إِضَافَةً إِلَى مُعْطَياتِ أَبْحاثِ عُلَمَاءِ الشَّريعةِ الَّذينَ كانَ الكَثِيْرُ مُنْهُمْ عُلَمَاءَ نَابِغِينَ فِي اللُّغَةِ العَربيَّةِ وَآدَابِهَا[3].
وَلَقَدْ ذَكَرَ الغَزَالِي (ت 505هـ) أَنَّ أَعْظَمَ عُلُومِ الاجْتِهَادِ تَشْتَمِلُ عَلَى ثَلاثَةِ فُنُونٍ: اَلْحَدِيْثِ، واللُّغةِ، وأُصُوْلِ اَلْفِقْهِ[4]. وقرَّر الشَّاطِبي (ت 590 هـ) أَهَمِيَّةَ اَلْمَعْرِفَةِ اللُّغويَّةِ فِي هَذِه اَلْعُلُومِ بِأَنَّهُ لا غِنَى لِمِجْتَهِدٍ فِي الشَّريعةِ عَنْ بُلُوغِ دَرَجَةِ الاجْتِهِادِ فِي كَلامِ اَلْعَرَبِ [5].
وَلَعَلَّ نَظْرَةً فِي تَفَاعُلِ العُلُومِ اللُّغَوِيَّةِ مَعَ العُلُومِ الشَّرعيَّةِ مِنْ حَيْثُ اَلْمُصْطَلَحَاتِ، والأُسُسِ، وَالْمَنَاهِجِ، وَالْمُوْضُوْعَاتِ الَّتِـي تُعَالَجُ فِي سِيَاقِ الفَهْمِ اللُّغويِّ لِلنَّصِّ تُنْبِئُ بِـهَذَا اَلتَّأثِيْـرِ اَلْمُحْتَمَلِ. وَلِلْقَوَاعَدِ اللُّغَويَّةِ صِلَةٌ بِبِنَاءِ الأَحْكَامِ الشَّرعيَّةِ وَاسْتِنْبَاطِ أَدِلَّتِهَا مِمَّا يُسْتَفَادُ مِنْ التَّحليلِ التَّركيبي، وتَـحديدِ مَعَانِي حُرُوْفِ اَلْمَعَانِي، وَالْمَسَائِلِ اللُّغويَّةِ الدِّلاليَّةِ وَالْمَسَائِلِ اللُّغويَّةِ العُرفيَّةِ العَامَّةِ، والقضايا اَلْمُتعلِّقَةِ بِالقِيَاسِ وَالعِلَّةِ[6].
وَفِي السِّياقِ ذَاتِهِ نَجِدُ عِلْمَ النَّحْوِ الشَّرعِيّ: الذي يَعْتَنِـي بِأَهَمِّ اَلْقَوَاعِدِ النَّحويَّةِ الشَّائِعَةِ فِي تَـحْدِيْدِ الأَحْكَامِ الفِقْهِيَّةِ، وَأَثرِ اَلْـخِلافِ النَّحويّ فِي تَقْرِيرِ اَلْحُكْمِ الشَّرعيّ، وَفِي التَّـرجِيحِ وَالتَّعَارُضِ، وَأَثَـرِ اَلْـخَصَائِصِ النَّحويَّةِ لِلألْفَاظِ والأَدَوَاتِ والتَّراكيبِ فِي تَحديدِ الأَحْكَامِ وَتَطْبِيْقِهَا، وَأَوْجُهِ التَّفاعُلِ بينَ أُصُولِ النَّحْوِ وَأُصُولِ الفِقْهِ، وَمَدَى تَأَثُّرِ التَّحليلِ النَّحْوِيِّ بالعَقِيْدَةِ، واِلْفِقْهِ، وَأَصُوْلِهِ.
وَيَظْهَرُ هَذَا التَّلاقُحُ بَيْـنَ النَّحْوِ وعُلُومِ الشَّريعةِ وَفِي مُقَدِّمَتِهَا اَلْفِقْهُ وَالعَقِيْدَةُ فِي كتابِ "الكَوَاكِبِ الدُّرِيَّةِ فِي تَنْزيلِ الفُرُوعِ الفِقْهِيَّةِ عَلَى القَوَاعِدِ النَّحْوِيَّةِ" لجمال الدين الإسنوي (ت 772هـ)، وكذلك كِتَابُ "إِعْرَابِ مُشْكِلِ القُرْآَنِ" لابن قتيبة (ت 276هـ)، ويظهرُ ذلك أَيْضَاً فِي مَنْهَجِ الطُّوفِي (ت 716هـ) فِي تَـخريجِ الفُرُوعِ الفِقْهِيَّةِ عَلَى الأُصُولِ اللُّغويَّةِ مِنْ كتابه "الصَّعقةِ الغَضَبِيَّةِ فِي الرَّدِّ عَلَى مُنكِرِي العَربيَّة"، وكذلك في كتابِ "زِيْنَةِ العَرَائِسِ مِنْ الطُّرفِ والنَّفائِسِ" ليوسف بن حسن بن عبدالهادي (ت 909هـ)، هذا الكِتَابُ الذي يشتملُ على مائةٍ وعشر قواعدَ نَـحويَّةً، مُوزَّعةً عَلَى أبوابِ النَّحوِ وفُصُولِهِ، مِنْ أَسْـماءٍ وأَفْعالٍ وحُرُوفٍ وتَرَاكيبَ ومَعَانٍ مُتعلَّقةٍ بَـها، وكُلُّ قاعِدَةٍ مَذْكُورَةٍ بِتَفَاصِيلِهَا، وَتَـحتَ كُلِّ قَاعِدَةٍ يُبَيِّـنُ اَلْمُؤَلِّفُ مَا يَتَخَرَّجُ عليها مِنْ فُرُوعٍ فِقْهِيَّةٍ مُعْتَمِداً فِي ذَلك على مصادِرِ فِقْهِ اَلْـحَنَابِلَةِ، وَذَلك بِـحُكْمِ اِنْتِسَابِهِ إِلَـى مَذْهَبِهِمْ، وَإِنْ رَجَعَ أَحْياناً إِلَـى بعضِ مَصَادِرِ فِقْهِ الشَّافِعيَّةِ. وَقَدْ جَاءَتْ الفُرُوعُ اَلْمُنزَّلَةُ عَلَى اَلْقَوَاعِدِ مُتنوِّعَةً؛ بِـحيثُ اِسْتَوْعَبَتْ أبْوابَ الفِقْهِ دُوْنَ استثناءٍ.
وَتَنْدَرِجُ فِي هَذَا الدَّرسِ أيضاً اَلْمَسَائِلُ اَلْفِقْهِيَّةُ والعَقَدِيَّةُ اَلْمُبنيَّةُ عَلَى اَلْقَضَايَا النَّحويَّةِ، وَالدِّلالاتُ اللُّغويَّةُ اَلْمُستفادةُ مِنْ دَلالةِ اَلْمُفْرَدَاتِ، وَالتَّراكيبِ، وَالأَدَوَاتِ، وَالصِّيغِ، وَأَثَرِ أَسَالِيبِ الكَلامِ، وَأَوْجُهِ الاستخدامِ اللُّغويِّ فِي الأَحْكَامِ الفِقْهِيَّةِ.
lr]lm td ughrm hgkp, fhgtri hgkp, fhgtri
|
|
|