04-03-18, 03:19 AM | المشاركة رقم: 34 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
كاتب الموضوع :
الشـــامـــــخ
المنتدى :
باب علــم الحــديـث وشرحــه
الموسوعة العقدية الكتاب السادس: الإيمان باليوم الآخر الباب الثالث: القيامة الكبرى الفصل العاشر: الحساب والجزاء المبحث الرابع: متى يكون الحساب؟ وأين يكون المحاسبون؟ --------------------------------- حينما يبعث الله العباد من قبورهم يخرجون وهم لا يذكرون شيئاً من أعمالهم التي قدموها في حياتهم الدنيا كما ذكر الله ذلك عنهم في كتابه العزيز في قوله عز وجل: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ [المجادلة: 6] وما أسرع نسيان الإنسان لأعماله التي يعملها هو غافل لا يدري أن هناك من يراقبه مراقبة دقيقة يسجل عليه كل ما يصدر عنه من قول أو فعل. قال الطبري عن معنى الآية: (يقول تعالى ذكره أحصى الله ما عملوا، فعده عليهم, وأثبته, وحفظه, ونسيه عاملوه، والله على كل شيء شهيد) (1) . فإذا جمعهم الله في الموقف, وأذن بفصل القضاء فيهم أعطاهم الله تلك الكتب ليقفوا على ما فيها، ثم بعد ذلك تبدأ المحاسبة: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنقَلِبُ إلى أَهْلِهِ مَسْرُورًا وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا [ الانشقاق: 7-10 ] وفي تقديم الله تعالى ذكر الكتاب- أو صحف الأعمال – على ذكر الحساب دلالة على تقديم أخذ الصحف على الحساب, وفي هذا يقول القرطبى: (فإذا وقف الناس على أعمالهم, من الصحف التي يؤثرها بعد البعث حوسبوا عليها) (2) . وقبل حسابهم يمتاز كل فريق عن الأخر, المؤمنون في مكان, و غيرهم من الكفار كل فرقة في مكان, قال الحافظ ابن كثير: (فإذا نصب كرسي فصل القضاء, انماز الكافرون عن المؤمنين في الموقف إلى ناحية الشمال وبقي المؤمنون عن يمين العرض, ومنهم من يكون بين يديه, قال تعالى: وَامْتَازُوا اليوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ [ يس: 59]) (3) قال الطبري في معناها: (أي تميزوا) (4) . وقال ابن كثير في معناها: (يقول الله تعالى مخبراً عما يؤول إليه حال الكفار يوم القيامة, من أمره لهم أن يمتازوا, بمعنى يميزون عن المؤمنين في موقفهم، كقوله تعالى: وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ [يونس: 28]. وقال عز وجل: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ [الروم: 14] أي يصيرون صدعين فرقتين) (5) ويقول مقاتل: (معناه: اعتزلوا اليوم – بمعنى في الآخرة – من الصالحين)، وقال السدي: (كونوا على حدة)، و قال الزجاج: (انفردوا عن المؤمنين) وقال الضحاك: (يمتاز المجرمون بعضهم من بعض, فيمتاز اليهود فرقة, والنصاري فرقة, و المجوس فرقة, و الصابئون فرقة, و عبدة الأوثان فرقة) وقال داود بن الجراح: (يمتاز المسلمون عن المجرمين, إلا أصحاب الأهواء فإنهم يكونون مع المجرمين) (6) . وقد أخرج الطبري بسنده إلى أبي هريرة أن الرسول صلي الله عليه وسلم قال: ((إذا كان يوم القيامة, أمر الله جهنم، فيخرج منها عنق ساطع مظلم, ثم يقول: أَلَمْ أَعْهَدْ إليكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ... [يس: 60] الآية إلى قوله: هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ. .. [ يس: 63 ] وَامْتَازُوا اليوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ [ يس: 59 ] فيتميز الناس و يجثون وهي قوله تعالى: وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً. [ الجاثية: 28 ])) (7) . فالثابت هنا هو تميز كل فريق عن الفريق الآخر, دون تحديد للجهات التي ذكرها الحافظ ابن كثير رحمه الله, كما في الآية السابقة, وكذا في قوله تعالى: وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ [ يونس: 28 ]. قال ابن كثير في معني الآية: ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ [ يونس: 28 ]: (الزموا أنتم وهم مكانا معينا، امتازوا فيه عن مقام المؤمنين). (4) وقال تعالى: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ. [ الروم: 14 ] وفسر الرازي هذا التفرق بأنه: (يجعل فريق في الجنة, وفريق في السعير) (5). وقال تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ [ الروم: 43 ] أي يصيرون فرقتين وبمثل ما فسر الرازي هذا التفرق فسره كذلك الشوكاني حيث قال: (والمراد بتفرقهم هاهنا: أن أهل الجنة يصيرون إلى الجنة وأهل النار يصيرون إلى النار) (8) . و قال تعالى: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إلى صِرَاطِ الْجَحِيمِ [الصافات: 22 -23] وهذه الآية فسرها بعضهم بأن كل صنف يتميز مع مثله, فقد جاء عن عمر بن الخطاب في قول الله: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ [الصافات: 22] قال: (أمثالهم, الذين هم مثلهم, يجيء أصحاب الربا مع أصحاب الربا, وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر, أزواج في الجنة, وأزواج في النار). وفي رواية عن ابن عباس: قال: (أشباههم), و في لفظ: (نظراءهم)، وفي رواية عن عكرمة مثله. وعن مجاهد قال: (أمثالهم, القتلة مع القتلة, والزناة مع الزناة, وأكلة الربا مع أكلة الربا) (9) . وخلاصة ما قيل عن تميز المؤمنين عن غيرهم, وتميز كل فرقة بمفردها: أن الله تعالى أمر بأن يتميز أهل محبته ورضوانه عن أهل عداوته وعصيانه, إلى حيث يشاء سبحانه وتعالى كما أمر أن ينفرد أهل عصيانه عن أهل طاعته, ليكون لكل فرقة من الفرق موضع يليق بها, وليعرف كل فريق حاله. (10) ------ المصدر
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 35 ( الأعضاء 0 والزوار 35) | |
(مشاهدة الكل) عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 3 : | |
الشـــامـــــخ, خواطر موحدة, omloay |
|
|